إخراجه الروضات بخان الصعاليك ، وفيه : بيان وتحقيق وتأييد

- إعلام الورى ، الكليني ، عن الحسين ، بصائر الدرجات : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن أحمد بن محمد بن عبد الله ، عن محمد ابن بحر ، عن صالح بن سعيد قال : دخلت على أبي الحسن فقلت : جعلت فداك في كل الأمور أرادوا إطفاء نورك والتقصير بك ، حتى أنزلوك هذا الخان الأشنع خان الصعاليك ، فقال : ههنا أنت يا ابن سعيد ؟ ثم أومأ بيده فقال : انظر فنظرت فإذا بروضات آنقات ، وروضات ناضرات ، فيهن خيرات عطرات ، وولدان كأنهن اللؤلؤ المكنون ، وأطيار ، وظباء ، وأنهار تفور ، فحار بصري والتمع وحسرت عيني ، فقال : حيث كنا فهذا لنا عتيد ، ولسنا في خان الصعاليك .

 بيان : " الصعلوك " الفقير أو اللص قوله " ههنا أنت " أي أنت في هذا المقام من معرفتنا " خيرات " مخفف خيرات لان خير الذي بمعنى أخير لا يجمع " كأنهن اللؤلؤ المكنون " أي المصون عما يضر به في الصفاء والنقاء " عتيد " : أي حاضر مهيأ . أقول : لما قصر علم السائل وفهمه عن إدراك اللذات الروحانية ودرجاتهم المعنوية ، وتوهم أن هذه الأمور مما يحط من منزلتهم ، ولم يعلم أن تلك الأحوال مما يضاعف منازلهم ودرجاتهم الحقيقية ، ولذاتهم الروحانية ، وأنهم اجتووا لذات الدنيا ونعيمها وكان نظره مقصورا على اللذات الدنية الفانية فلذا أراه ذلك لأنه كان مبلغه من العلم وأما كيفية رؤيته لها فهي محجوبة عنا والخوض فيها لا يهمنا لكن خطر لنا بقدر فهمنا وجوه :

الأول أنه تعالى أو جد في هذا الوقت لاظهار إعجازه عليه السلام هذه الأشياء .

في الهواء ليراه فيعلم أن عروض تلك الأحوال لهم لتسليمهم ورضاهم بقضاء الله تعالى وإلا فهم قادرون على إحداث هذه الغرائب ، وأن إمامتهم الواقعية وقدرتهم العلية ، ونفاذ حكمهم في العالم الأدنى والأعلى وخلافتهم الكبرى ، لم تنقص بما يرى فيهم من الذلة والمغلوبية والمقهورية .

الثاني أن تلك الاشكال أو جدها الله سبحانه في حسه المشترك إيذانا بأن اللذات الدنيوية عندهم بمثل تلك الخيالات الوهمية كما يرى النائم في طيفه ما يلتذ به كالتذاذه في اليقظة ، ولذا قال النبي : الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا .

الثالث أنه عليه السلام أراه صور اللذات الروحانية التي معهم دائما بما يوافق فهمه ، فإنه كان في منام طويل وغفلة عظيمة عن درجات العارفين ولذاتهم ، كما يرى النائم العلم بصورة الماء الصافي أو اللبن اليقق والمال بصورة الحية وأمثالها وهذا قريب من السابق وهذا على مذاق الحكماء والمتألهين .

الرابع ما حققته في بعض المواضع وملخصه أن النشآت مختلفة والحواس في إدراكها متفاوتة ، كما أن النبي كان يرى جبرئيل وسائر الملائكة والصحابة لم يكونوا يرونهم ، وأمير المؤمنين كان يرى الأرواح في وادي السلام وحبة وغيره لا يرونهم فيمكن أن يكون جميع هذه الأمور في جميع الأوقات حاضرة عندهم ، ويرونها ويلتذون بها لكن لما كانت أجساما لطيفة روحانية ملكوتية لم يكن سائر الخلق يرونها فقوى الله بصر السائل باعجازه عليه السلام حتى رآها .

فعلى هذا لا يبعد أن يكون في وادي السلام جنات ، وأنهار ، ورياض ، وحياض تتمتع بها أرواح المؤمنين بأجسادهم المثالية اللطيفة ، ونحن لا نراها .

وبهذا الوجه تنحل كثير من الشبه عن المعجزات ، وأخبار البرزخ والمعاد وهذا قريب من عالم المثال الذي أثبته الاشراقيون من الحكماء والصوفية لكن بينهما فرق بين . هذه هي التي خطرت ببالي وأرجو من الله أن يسددني في مقالي وفعالي .

- بصائر الدرجات : محمد بن أحمد ، عن بعض أصحابنا ، عن معاوية بن حكيم ، عن أبي المفضل الشيباني عن هارون بن الفضل قال : رأيت أبا الحسن عليه السلام في اليوم .

الذي توفي فيه أبو جعفر فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون مضى أبو جعفر فقيل له : وكيف عرفت ذلك ؟ قال تداخلني ذلة لله لم أكن أعرفها .

- مناقب ابن شهرآشوب ، الخرائج ، إعلام الورى : قال أبو عبد الله بن عياش : حدثني علي بن حبشي بن قوني ، عن جعفر: جعفر الفزاري ، عن أبي هاشم الجعفري قال : دخلت على أبي الحسن فكلمني بالهندية فلم أحسن أن أرد عليه ، وكان بين يديه ركوة ملأى حصا فتناول حصاة واحدة وضعها في فيه ومصها مليا ثم رمى بها إلي فوضعتها في فمي فوالله ما برحت من عنده حتى تكلمت بثلاثة وسبعين لسانا أو لها الهندية .

- الخرائج : روي عن أبي هاشم قال كنت عند أبي الحسن وهو مجدر فقلت للمتطبب : " آب گرفت " ثم التفت إلي وتبسم وقال : تظن أن لا يحسن الفارسية غيرك ؟ فقال له المتطبب : جعلت فداك تحسنها ؟ فقال : أما فارسية هذا فنعم ، قال لك : احتمل الجدري ماء .

- الخرائج : روي عن أبي هاشم قال : قال لي أبو الحسن وعلى رأسه غلام : كلم الغلام بالفارسية وأعرب له فيها ، فقلت للغلام ، " نام تو چيست " فسكت الغلام فقال له أبو الحسن : يسألك ما اسمك  .

- الخرائج إعلام الورى : محمد بن الحسين الحسيني ، عن أبيه عن طاهر بن محمد الجعفري ، عن أحمد بن محمد بن عياش في كتابه عن الحسن بن عبد القاهر الطاهري ، عن محمد بن الحسن ، روي عن محمد بن الحسن بن الأشتر العلوي قال : كنت مع أبي بباب المتوكل ، وأنا صبي في جمع الناس ما بين طالبي إلى عباسي إلى جندي إلى غير ذلك ، وكان إذا جاء أبو الحسن ترجل الناس كلهم حتى يدخل .

فقال بعضهم لبعض : لم نترجل لهذا الغلام ؟ وما بأشرفنا ولا بأكبرنا ولا بأسننا ولا بأعلمنا ؟ فقالوا : والله لا ترجلنا له فقال لهم أبو هاشم : والله لترجلن له صغارا وذلة إذا رأيتموه ، فما هو إلا أن أقبل وبصروا به فترجل له الناس كلهم فقال لهم أبو هاشم : أليس زعمتم أنكم لا تترجلون له ؟ فقالوا : والله ما ملكنا أنفسنا حتى ترجلنا .

- الخرائج ، إعلام الورى : بالاسناد عن ابن عياش ، عن عبد الله بن عبد الرحمان الصالحي ، عن أبي هاشم ، مناقب ابن شهرآشوب : عن عبد الله الصالحي :  روي أن أبا هاشم الجعفري كان منقطعا إلى أبي الحسن بعد أبيه أبي جعفر وجده الرضا فشكى إلى أبي الحسن ما يلقى من الشوق إليه إذا انحدر من عنده إلى بغداد ثم قال : يا سيدي ادع الله لي فربما لم أستطع ركوب الماء فسرت إليك على الظهر ومالي مركوب سوى برذوني هذا على ضعفه فادع الله أن يقويني على زيارتك ، فقال : قواك الله يا أبا هاشم وقوى برذونك .

قال الراوي : وكان أبو هاشم يصلي الفجر ببغداد ويسير على ذلك البرذون فيدرك الزوال من يومه ذلك في عسكر سر من رأى ، يعود من يومه إلى بغداد إذا شاء على ذلك البرذون ، فكان هذا من أعجب الدلائل التي شوهدت .

- الخرائج ، إعلام الورى : قال ابن عياش : وحدثني علي بن محمد المقعد ، عن يحيى بن زكريا : روي عن يحيى بن زكريا الخزاعي ، عن أبي هاشم الجعفري قال : خرجت مع أبي الحسن إلى ظاهر سر من رأى يتلقى بعض القادمين فأبطأوا فطرح لأبي الحسن غاشية السرج فجلس عليها ، ونزلت عن دابتي وجلست بين يديه وهو يحدثني ، فشكوت إليه قصر يدي وضيق حالي فأهوى بيده إلى رمل كان عليه جالسا فناولني منه كفا وقال : اتسع بهذا يا أبا هاشم واكتم ما رأيت فخبأته معي ورجعنا فأبصرته فإذا هو يتقد كالنيران ذهبا أحمر .

فدعوت صائغا إلى منزلي وقلت له : اسبك لي هذه السبيكة فسبكها وقال لي : ما رأيت ذهبا أجود من هذا ، وهو كهيئة الرمل فمن أين لك هذا ؟ فما رأيت أعجب منه ؟ قلت : كان عندي قديما .

- الخرائج : روي عن أبي يعقوب ، قال : رأيت أبا الحسن مع أحمد بن الخصيب يتسايران ، وقد قصر عنها أبو الحسن فقال له ابن الخصيب : سر ! فقال أبو الحسن أنت المقدم ، فما لبثنا إلا أربعة أيام حتى وضع الوهق على ساق ابن الخصيب وقتل .

وقد ألح قبل هذا ابن الخصيب على أبي الحسن في الدار التي نزلها وطالبه بالانتقال منها ، وتسليمها إليه .

فقال أبو الحسن : لأقعدن لك من الله مقعدا لا تبقى لك معه باقية ، فأخذه الله في تلك الأيام وقتل .

بيان : " الوهق " بالتحريك وقد يسكن حبل وفي بعض النسخ الدهق بالدال وهو خشبتان يغمز بهما الساق فارسيته اشكنجه .

- مناقب ابن شهرآشوب : أبو يعقوب قال : رأيت محمد بن الفرج ينظر إليه أبو الحسن نظرا شافيا فاعتل من الغد ، فدخلت عليه فقال : أن أبا الحسن قد أنفذ إليه بثوب فأرانيه مدرجا تحت ثيابه ، قال : فكفن فيه والله .

- الخرائج : روي عن محمد بن الفرج أنه قال : إن قال : إن أبا الحسن كتب إلي : أجمع أمرك ، وخذ حذرك ، قال : فأنا في جمع أمري لست ما الذي أراد فيما كتب به إلي حتى ورد علي رسول حملني من مصر مقيدا مصفدا بالحديد ، وضرب على كل ما أملك .

فمكثت في السجن ثماني سنين ثم ورد علي كتاب من أبي الحسن وأنا في الحبس " لا تنزل في ناحية الجانب الغربي " فقرأت الكتاب فقلت في نفسي : يكتب إلي أبو الحسن بهذا وأنا في الحبس إن هذا العجيب ! فما مكثت إلا أياما يسيرة حتى أفرج عني ، وحلت قيودي ، وخلي سبيلي . ولما رجع إلى العراق لم يقف ببغداد لما أمره أبو الحسن وخرج إلى سر من رأى .

قال : فكتبت إليه بعد خروجي أسأله أن يسأل الله ليرد علي ضياعي فكتب إلي سوف يرد عليك ، وما يضرك أن لا ترد عليك . قال علي بن محمد النوفلي : فلما شخص محمد بن الفرج إلى العسكر كتب له برد ضياعه ، فلم يصل الكتاب إليه حتى مات .

ثم قال : قال علي بن محمد النوفلي : كتب أحمد بن الخصيب إلى محمد بن الفرج بالخروج إلى العسكر فكتب إلى أبي الحسن يشاوره فكتب إليه أبو الحسن : اخرج فان فيه فرجك إنشاء الله . فخرج فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>