علمه بحوائج رجل من أهل إصفهان

- الخرائج : حدث جماعة من أهل إصفهان منهم أبو العباس أحمد بن النضر وأبو جعفر محمد بن علوية قالوا : كان بإصفهان رجل يقال له : عبد الرحمان وكان شيعيا قيل له : ما السبب الذي أوجب عليك القول بإمامة علي النقي دون غيره من أهل الزمان ؟ قال : شاهدت ما أوجب علي وذلك أني كنت رجلا فقيرا وكان لي لسان وجرأة ، فأخرجني أهل إصفهان سنة من السنين مع قوم آخرين إلى باب المتوكل متظلمين .

فكنا بباب المتوكل يوما إذا خرج الامر باحضار علي بن محمد بن الرضا فقلت لبعض من حضر : من هذا الرجل الذي قد أمر باحضاره ؟ فقيل : هذا رجل علوي تقول الرافضة بإمامته ، ثم قال : ويقدر أن المتوكل يحضره للقتل فقلت : لا أبرح من ههنا حتى أنظر إلى هذا الرجل أي رجل هو ؟ قال : فأقبل راكبا على فرس ، وقد قام الناس يمنة الطريق ويسرتها صفين ينظرون إليه ، فلما رأيته وقع حبه في قلبي فجعلت أدعو في نفسي بأن يدفع الله عنه شر المتوكل ، فأقبل يسير بين الناس وهو ينظر إلى عرف دابته لا ينظر يمنة ولا يسرة ، وأنا دائم الدعاء .

فلما صار إلي أقبل بوجهه إلي وقال : استجاب الله دعاءك ، وطول عمرك ، وكثر مالك وولدك قال : فارتعدت ووقعت بين أصحابي فسألوني وهم يقولون : ما شأنك ؟ فقلت : خير ولم أخبر بذلك .

فانصرفنا بعد ذلك إلى إصفهان ، ففتح الله علي وجوها من المال ، حتى أنا اليوم أغلق بابي على ما قيمته ألف ألف درهم ، سوى مالي خارج داري ، ورزقت عشرة من الأولاد ، وقد بلغت الآن من عمري نيفا وسبعين سنة وأنا أقول بامامة الرجل على الذي علم ما في قلبي ، واستجاب الله دعاءه في ولي .

- الخرائج : روي يحيى بن هرثمة ، قال : دعاني المتوكل قال : اختر ثلاث مائة رجل ممن تريد واخرجوا إلى الكوفة ، فخلفوا أثقالكم فيها ، واخرجوا إلى طريق البادية إلى المدينة ، فأحضروا علي بن محمد بن الرضا إلى عندي مكرما معظما مبجلا .

قال : ففعلت وخرجنا وكان في أصحابي قائد من الشراة وكان لي تكاتب يتشيع وأنا على مذهب الحشوية وكان ذلك الشاري يناظر ذلك الكاتب وكنت أستريح إلى مناظر تهما لقطع الطريق .

فلما صرنا إلى وسط الطريق قال الشاري للكاتب : أليس من قول صاحبكم علي بن أبي طالب أنه ليس من الأرض بقعة إلا وهي قبر أو سيكون قبرا ؟ فانظر إلى هذه التربة أين من يموت فيها حتى يملاها الله قبورا كما يزعمون ؟ .

قال : فقلت للكاتب : هذا من قولكم ؟ قال : نعم : قلت : صدق أين يموت في هذه التربة العظيمة حتى يمتلئ قبورا وتضاحكنا ساعة إذ انخذل الكاتب في أيدينا .

قال : وسرنا حتى دخلنا المدينة ، فقصدت باب أبي الحسن علي بن محمد بن الرضا فدخلت عليه فقرأ كتاب المتوكل فقال : أنزلوا وليس من جهتي خلاف ، قال : فلما صرت إليه من الغد وكنا في تموز أشد ما يكون من الحر فإذا بين يديه ، خياط وهو يقطع من ثياب غلاظ خفاتين له ولغلمانه ، ثم قال للخياط : أجمع عليها جماعة من الخياطين ، واعمد على الفراغ منها يومك هذا وبكر بها إلي في هذا الوقت ثم نظر إلي وقال : يا يحيى اقضوا وطركم من المدينة في هذا اليوم واعمد على الرحيل غدا في هذا الوقت .

قال : فخرجت من عنده وأنا أتعجب من الخفاتين وأقول في نفسي : نحن في تموز وحر الحجاز وإنما بيننا وبين العراق مسيرة عشرة أيام فما يصنع بهذه الثياب ؟ ثم قلت في نفسي : هذا رجل لم يسافر ، وهو يقدر أن كل سفر يحتاج فيه إلى مثل هذه الثياب والعجب من الرافضة حيث يقولون بامامة هذا مع فهمه هذا .

فعدت إليه في الغد في ذلك الوقت ، فإذا الثياب قد أحضرت ، فقال لغلمانه : ادخلوا وخذوا لنا معكم لبابيد وبرانس ثم قال : ارحل يا يحيى فقلت : في نفسي هذا أعجب من الأول أيخاف أن يلحقنا الشتاء في الطريق حتى أخذ معه اللبابيد والبرانس ؟ .

فخرجت وأنا أستصغر فهمه ، فعبرنا حتى إذا وصلنا ذلك الموضع الذي وقعت المناظرة في القبور ارتفعت سحابة واسودت وأرعدت وأبرقت حتى إذا صارت على رؤسنا أرسلت علينا بردا مثل الصخور وقد شد على نفسه وعلى غلمانه الخفاتين ولبسوا اللبابيد والبرانس ، قال لغلمانه ادفعوا إلى يحيى لبادة وإلى الكاتب برنسا وتجمعنا والبرد يأخذنا حتى قتل من أصحابي ثمانين رجلا وزالت ورجع الحر كما كان فقال لي : يا يحيى أنزل من بقي من أصحابك ليدفن من قد مات من أصحابك فهكذا يملا الله البرية قبورا قال : فرميت نفسي عن دابتي وعدوت إليه وقبلت ركابه ورجله وقلت : أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، وأنكم خلفاء الله في أرضه ، وقد كنت كافرا وإنني الآن قد أسلمت على يديك يا مولاي قال يحيى : وتشيعت ولزمت خدمته إلى أن مضى .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>