العلة التي من أجلها بعث الله موسى بالعصا وعيسى بابراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى ، وبعث محمدا بالقرآن والسيف ، ومعنى قوله تعالى : " قال الذي عنده علم من الكتاب " ، وسجود يعقوب لولده يوسف ومعنى قوله تعالى : " فان كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب "

- مناقب ابن شهرآشوب : قال أبو عبد الله الزيادي : لما سم المتوكل ، نذر الله إن رزقه الله العافية أن يتصدق بمال كثير ، فلما عوفي اختلف الفقهاء في المال الكثير فقال له الحسن حاجبه : إن أتيتك يا أمير المؤمنين بالصواب فما لي عندك ؟ قال : عشرة آلاف درهم وإلا ضربتك مائة مقرعة قال : قد رضيت فأتى أبا الحسن فسأله عن ذلك فقال : قال له : يتصدق بثمانين درهما فأخبر المتوكل فسأله ما العلة ؟ فأتاه فسأله قال : إن الله تعالى قال لنبيه : " لقد نصركم الله في مواطن كثيرة " فعددنا مواطن رسول الله فبلغت ثمانين موطنا ، فرجع إليه فأخبر ففرح و أعطاه عشرة آلاف درهم .

وقال المتوكل لابن السكيت : سل ابن الرضا مسألة عوصاء بحضرتي فسأله فقال : لم بعث الله موسى بالعصا وبعث عيسى بابراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى ، وبعث محمدا بالقرآن والسيف ؟ .

فقال أبو الحسن : بعث الله موسى بالعصا واليد البيضاء في زمان الغالب على أهله السحر ، فأتاهم من ذلك ما قهر سحرهم وبهرهم ، أثبت الحجة عليهم ، وبعث عيسى بابراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله في زمان الغالب على أهله الطب فأتاهم من إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله فقهرهم وبهزهم ، وبعث محمدا بالقرآن والسيف في زمان الغالب على أهله السيف والشعر فأتاهم من القرآن الزهر والسيف القاهر ما بهر به شعرهم وبهر سيفهم وأثبت الحجة به عليهم .

فقال ابن السكيت : فما الحجة الآن ؟ قال : العقل يعرف به الكاذب على الله فيكذب . فقال يحيى بن أكثم : ما لابن السكيت ومناظرته ؟ وإنما هو صاحب نحو وشعر ولغة ، ورفع قرطاسا فيه مسائل فأملا علي بن محمد على ابن السكيت جوابها وأمره أن يكتب .

سألت عن قول الله تعالى " قال الذي عنده علم من الكتاب " فهو آصف بن برخيا ولم يعجز سليمان عن معرفة ما عرف آصف ، ولكنه أحب أن يعرف أمته من الجن والإنس أنه الحجة من بعده ، وذلك من علم سليمان أودعه آصف بأمر الله ففهمه ذلك ، لئلا يختلف في إمامته وولايته من بعده ، ولتأكيد الحجة على الخلق وأما سجود يعقوب لولده فان السجود لم يكن ليوسف وإنما كان ذلك من يعقوب وولده طاعة لله تعالى وتحية ليوسف كما أن السجود من الملائكة لم يكن لآدم فسجود يعقوب وولده ويوسف معهم شكرا لله تعالى باجتماع الشمل ألم تر أنه يقول في شكره في ذلك الوقت : " رب قد آتيتني من الملك " الآية .

وأما قوله " فان كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤن الكتاب " فان المخاطب بذلك رسول الله ولم يكن في شك مما أنزل الله إليه ، ولكن قالت الجهلة : كيف لم يبعث الله نبيا من الملائكة ولم لم يفرق بينه وبين الناس في الاستغناء عن الماء كل والمشرب ، والمشي في الأسواق ، فأوحى الله إلى نبيه فاسأل الذين يقرؤن الكتاب بمحضر من الجهلة هل بعث الله نبيا قبلك إلا وهو يأكل الطعام ، ويشرب الشراب ، ولك بهم أسوة يا محمد .

وإنما قال : " فان كنت في شك " ولم يكن للنصفة كما قال : " قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم " ولو قال : " تعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم " لم يكونوا يجيبوا إلى المباهلة ، وقد علم الله أن نبيه مؤد عنه رسالته وما هو من الكاذبين وكذلك عرف النبي بأنه صادق فيما يقول ولكن أحب أن ينصف من نفسه .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>