في حرب الصفين والجمل ، والرجل الذي أقر باللواط ، وفي الذيل ما يناسب

وأما قولك إن عليا قاتل أهل صفين مقبلين ومدبرين ، وأجهز على جريحهم وأنه يوم الجمل ألم يتبع موليا ولم يجهز على جريحهم ، وكل من ألقى سيفه وسلاحه آمنه ، فان أهل الجمل قتل إمامهم ولم يكن لهم فئة يرجعون إليها ، وإنما رجع القوم إلى منازلهم غير محاربين ، ولا محتالين ، ولا متجسسين ولا مبارزين ، فقد رضوا بالكف عنهم ، فكان الحكم فيه رفع السيف والكف عنهم إذ لم يطلبوا عليه أعوانا .

وأهل صفين يرجعون إلى فئة مستعدة وإمام منتصب ، يجمع لهم السلاح من الرماح ، والدروع ، والسيوف ، ويستعد لهم ، ويسني لهم العطاء ويهيئ لهم الأموال ، ويعقب مريضهم ، يجبر كسيرهم ، ويداوي جريحهم ، ويحمل راجلهم ويكسو حاسرهم ، ويردهم فيرجعون إلى محاربتهم وقتالهم .

فان الحكم في أهل البصرة الكف عنهم لما ألقوا أسلحتهم إذ لم تكن لهم فئة يرجعون إليها ، والحكم في أهل صفين أن يتبع مدبرهم ، ويجهز على جريحهم فلا يساوى بين الفريقين في الحكم ، ولولا أمير المؤمنين وحكمه في أهل صفين والجمل ، لما عرف الحكم في عصاة أهل التوحيد فمن أبى ذلك عرض على السيف .

وأما الرجل الذي أقر باللواط فإنه أقر بذلك متبرعا من نفسه ، ولم تقم عليه بينة ولا أخذه سلطان وإذا كان للامام الذي من الله أن يعاقب في الله فله أن يعفو في الله ، أما سمعت الله يقول لسليمان " هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب " فبدأ بالمن قبل المنع .

فلما قرأه ابن أكثم قال للمتوكل : ما نحب أن تسأل هذا الرجل عن شئ بعد مسائلي ، فإنه لا يرد عليه شئ بعدها إلا دونها ، وفي ظهور علمه تقوية للرافضة .

جعفر بن رزق الله قال : قدم إلى المتوكل رجل نصراني فجر بامرأة مسلمة فأراد أن يقيم عليه الحد فأسلم فقال يحيى بن أكثم : الايمان يمحو ما قبله ، وقال بعضهم : يضرب ثلاثة حدود ، فكتب المتوكل إلى علي بن محمد النقي يسأله فلما قرأ الكتاب كتب : يضرب حتى يموت ، فأنكر الفقهاء ذلك ، فكتب إليه يسأله عن العلة فقال : " بسم الله الرحمن الرحيم فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين " السورة قال : فأمر المتوكل فضرب حتى مات .

أبو الحسن بن سهلويه البصري المعروف بالملاح قال : دلني أبو الحسن وكنت واقفيا فقال : إلى كم هذه النومة ؟ أما آن لك أن تنتبه منها ، فقدح في قلبي شيئا وغشي علي وتبعت الحق .

- مناقب ابن شهرآشوب : داود بن القاسم الجعفري قال : دخلت عليه بسر من رأى وأنا أريد الحج لأودعه ، فخرج معي ، فلما انتهى إلى آخر الحاجز نزل ، فنزلت معه ، فخط بيده الأرض خطة شبيهة بالدائرة ، ثم قال لي : يا عم خذ ما في هذه يكون في نفقتك ، وتستعين به على حجك ، فضربت بيدي فإذا سبيكة ذهب فكان فيها مائتا مثقال .

دخل أبو عمرو عثمان بن سعيد وأحمد بن إسحاق الأشعري وعلي بن جعفر الهمداني على أبي الحسن العسكري ، فشكى إليه أحمد بن إسحاق دينا عليه فقال يا [ أبا ] عمرو - وكان وكيله - ادفع إليه ثلاثين ألف دينار ، وإلى علي بن جعفر ثلاثين ألف دينار ، وخذ أنت ثلاثين ألف دينار ، فهذه معجزة لا يقدر عليها إلا الملوك ، وما سمعنا بمثل هذا العطاء .

- مناقب ابن شهرآشوب : وجه المتوكل عتاب بن أبي عتاب إلى المدينة يحمل علي بن محمد إلى سر من رأى ، وكانت الشيعة يتحدثون أنه يعلم الغيب وكان في نفس عتاب من هذا شئ فلما فصل من المدينة رآه وقد لبس لبادة ، والسماء صاحية ، فما كان بأسرع من أن تغيمت وأمطرت فقال عتاب : هذا واحد .

ثم لما وافى شط القاطول ، رآه مقلق القلب ، فقال له : مالك يا أبا أحمد ؟ فقال : قلبي مقلق بحوائج التمستها من أمير المؤمنين ، قال له : فان حوائجك قد قضيت ، فما كان بأسرع من أن جاءته البشارات بقضاء حوائجه ، فقال : الناس يقولون : إنك تعلم الغيب وقد تبينت من ذلك خلتين .

المعتمد في الأصول قال علي بن مهزيار : وردت العسكر وأنا شاك في الإمامة فرأيت السلطان قد خرج إلى الصيد في يوم من الربيع إلا أنه صائف ، والناس عليهم ثياب الصيف ، وعلى أبي الحسن لبادة وعلى فرسه تجفاف لبود ، وقد عقد ذنب الفرسة والناس يتعجبون منه ، ويقولون : ألا ترون إلى هذا المدني وما قد فعل بنفسه ؟ فقلت في نفسي : لو كان هذا إماما ما فعل هذا .

فلما خرج الناس إلى الصحراء لم يلبثوا إلا أن ارتفعت سحابة عظيمة هطلت فلم يبق أحد إلا ابتل حتى غرق بالمطر ، وعاد وهو سالم من جميعه فقلت في نفسي : يوشك أن يكون هو الامام ، ثم قلت : أريد أن أسأله عن الجنب إذا عرق في الثوب ، فقلت في نفسي إن كشف وجهه فهو الامام ، فلما قرب مني كشف وجهه ثم قال : إن كان عرق الجنب في الثوب وجنابته من حرام لا يجوز الصلاة فيه ، و إن كان جنابته من حلال فلا بأس فلم يبق في نفسي بعد ذلك شبهة .

- مناقب ابن شهرآشوب : في كتاب البرهان عن الدهني أنه لما ورد به سر من رأى كان المتوكل برا به ووجه إليه يوما بسلة فيها تين ، فأصاب الرسول المطر فدخل إلى المسجد ثم شرهت نفسه إلى التين ، ففتح السلة وأكل منها ، فدخل وهو قائم يصلي فقال له بعض خدمه : ما قصتك فعرفه القصة قال له : أو ما علمت أنه قد عرف خبرك وما أكلت من هذا التين فقامت على الرسول القيامة ، ومضى مبادرا إلى منزله حتى إذا سمع صوت البريد ارتاع هو ومن في منزله بذلك ، الخبر .

الحسين بن علي : أنه أتى النقي عليه السلام رجل خائف وهو يرتعد ويقول : إن ابني اخذ بمحبتكم والليلة يرمونه من موضع كذا ويدفنونه تحته ، قال : فما تريد ؟ قال : ما يريد الأبوان ، فقال : لا بأس عليه اذهب فان ابنك يأتيك غدا .

فلما أصبح أتاه ، ابنه فقال : يا بني ما شأنك ؟ قال : لما حفروا القبر و شدوا لي الأيدي أتاني عشرة أنفس مطهرة معطرة ، وسألوا عن بكائي فذكرت لهم ، فقالوا : لو جعل الطالب مطلوبا تجرد نفسك وتخرج وتلزم تربة النبي ؟ قلت : نعم فأخذوا الحاجب فرموه من شاهق الجبل ولم يسمع أحد جزعه ولا رأوا الرجال وأوردوني إليك وهم ينتظرون خروجي إليهم ، وودع أباه وذهب .

فجاء أبوه إلى الامام وأخبره بحاله فكان الغوغاء تذهب وتقول : وقع كذا وكذا والإمام يتبسم ويقول : إنهم لا يعلمون ما نعلم .

بيان : " الغوغاء " السفلة من الناس ، والمتسرعين إلى الشر .

- كشف الغمة : قال محمد بن طلحة : خرج يوما من سر من رأى إلى قرية لمهم عرض له ، فجاء رجل من الاعراب يطلبه فقيل له قد ذهب إلى الموضع الفلاني فقصده فلما وصل إليه قال له ما حاجتك ؟ فقال : أنا رجل من أعراب الكوفة المتمسكين بولاية جدك علي بن أبي طالب وقد ركبني دين فادح أثقلني حمله ، ولم أر من أقصده لقضائه سواك .

فقال له أبو الحسن : طب نفسا وقر عينا ثم أنزله فلما أصبح ذلك اليوم قال له أبو الحسن : أريد منك حاجة الله الله أن تخالفني فيها ، فقال الأعرابي لا أخالفك فكتب أبو الحسن ورقة بخطه معترفا فيها أن عليه للأعرابي مالا عينه فيها يرجح على دينه ، وقال : خذ هذا الخط فإذا وصلت إلى سر من رأى أحضر إلي وعندي جماعة ، فطالبني به وأغلظ القول علي في ترك إبقائك إياه الله الله في مخالفتي فقال : أفعل ، وأخذ الخط .

فلما وصل أبو الحسن إلى سر من رأى ، وحضر عنده جماعة كثيرون من أصحاب الخليفة وغيرهم ، حضر ذلك الرجل وأخرج الخط وطالبه وقال كما أوصاه فألان أبو الحسن له القول ورفقه ، وجعل يعتذر ، ووعده بوفائه و طيبة نفسه ، فنقل ذلك إلى الخليفة المتوكل فأمر أن يحمل إلى أبي الحسن ثلاثون ألف درهم .

فلما حملت إليه تركها إلى أن جاء الرجل فقال : خذ هذا المال واقض منه دينك ، وأنفق الباقي على عيالك وأهلك ، واعذرنا ، فقال له الأعرابي : يا ابن رسول الله والله إن أملي كان يقصر عن ثلث هذا ، ولكن الله أعلم حيث يجعل رسالته ، وأخذ المال وانصرف .

ومن كتاب الدلائل للحميري عن الحسن بن علي الوشاء قال : حدثتني أم محمد مولاة أبي الحسن الرضا بالحير وهي مع الحسن بن موسى قالت : جاء أبو الحسن قد رعب حتى جلس في حجر أم أبيها بنت موسى ، فقالت له : مالك ؟ فقال لها : مات أبي والله الساعة ، فقالت له : لا تقل هذا ، قال : هو والله كما أقول لك ، فكتبنا ذلك اليوم فجاءت وفاة أبي جعفر في ذلك اليوم .

وكتب إليه محمد بن الحسين بن مصعب المدائني يسأله عن السجود على الزجاج ، قال : فلما نفذ الكتاب حدثت نفسي أنه مما أنبتت الأرض ، وأنهم قالوا لا بأس بالسجود على ما أنبتت الأرض قال : فجاء الجواب : لا تسجد عليه وإن حدثت نفسك أنه مما تنبت الأرض ، فإنه من الرمل والملح ، والملح سبخ .

وعن علي بن محمد النوفلي قال : سمعته يقول : اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفا وإنما كان عند آصف منه حرف واحد ، فتكلم به فانخرقت له الأرض فيما بينه وبين سبا ، فتناول عرش بلقيس حتى صيرة إلى سليمان ثم بسطت له الأرض في أقل من طرفة عين ، وعندنا منه اثنان وسبعون حرفا ، وحرف واحد عند الله عز وجل استأثر به في علم الغيب .

وعن فاطمة ابنة الهيثم قالت : كنت في دار أبي الحسن في الوقت الذي ولد فيه جعفر فرأيت أهل الدار قد سروا به ، فقلت : يا سيدي مالي أراك غير مسرور ؟ فقال : هوني عليك فسيضل به خلق كثير .

حدث محمد بن شرف قال : كنت مع أبي الحسن أمشي بالمدينة فقال لي : ألست ابن شرف ؟ قلت : بلى ، فأردت أن أسأله عن مسألة فابتدأني من غير أن أسأله فقال : نحن على قارعة الطريق وليس هذا موضع مسألة .

محمد بن الفضل البغدادي قال : كتبت إلى أبي الحسن أن لنا حانوتين .

خلفهما لنا والدنا رضي الله عنه ، وأردنا بيعهما وقد عسر ذلك علينا ، فادع الله يا سيدنا أن ييسر الله لنا بيعهما باصلاح الثمن ، ويجعل لنا في ذلك الخيرة ، فلم يجب عنهما بشئ ، وانصرفنا إلى بغداد والحانوتان قد احترقا . أيوب بن نوح قال كتبت إلى أبي الحسن أن لي حملا فادع الله أن يرزقني ابنا فكتب إلي : إذا ولد فسمه محمدا ، قال : فولد ابن فسميته محمدا .

قال : وكان ليحيى بن زكريا حمل فكتب إليه : أن لي حملا فادع الله أن يرزقني ابنا فكتب إليه : رب ابنة خير من ابن ، فولدت له ابنة .

أيوب بن نوح قال : كتبت إلى أبي الحسن : قد تعرض لي جعفر بن عبد الواحد القاضي وكان يؤذيني بالكوفة أشكو إليه ما ينالني منه من الأذى ، فكتب إلي : تكفى أمره إلى شهرين ، فعزل عن الكوفة في شهرين واسترحت منه .

الخرائج : عن أيوب مثل الخبرين .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>