الجبر والتفويض

لقد انبرى الإمام الهادي كآبائه الهداة الميامين لخدمة مبادئ الإسلام الحقة والدفاع عن أصوله ونشر فروعه انطلاقا من مسؤوليته الرسالية في دفع شبهات المخالفين وأهل البدع والأهواء في مجال العقائد والكلام كالتوحيد والنبوة والإمامة وغيرها من البحوث العقائدية ، دفاعا عن العقيدة الإسلامية المقدسة ومبادئها السامية ومكافحة الكفر والإلحاد . . .

وفي ما يلي نعرض لبعض ما أثر عن الإمام أبي الحسن الهادي في هذا الخصوص : الجبر والتفويض في رسالة الإمام إلى أهل الأهواز تعرض للرد على فكرة الجبر ، وهي التي تبناها الأشاعرة ، والمجبرة ينسبون أفعالهم إلى الله تعالى ، ويقولون : ليس لنا صنع ، أي لسنا مخيرين في أفعالنا التي نفعلها ، بل إننا مجبورون بإرادته ومشيئته تعالى .

ورد أيضا فكرة المفوضة ، وهي التي تبناها المعتزلة ، وهم يعتقدون بأن الله سبحانه وتعالى لا صنع له ولا دخل في أفعال العباد ، سوى أنه خلقهم وأقدرهم ، ثم فوض أمر أفعالهم إلى سلطانهم وإرادتهم ، ولا دخل لأي إرادة أو سلطان عليهم . وبعد أن أبطل الإمام هاتين الفكرتين أثبت بالأدلة العلمية الواضحة فكرة الأمر بين الأمرين ، وهي الفكرة التي تبناها أهل البيت وشيعتهم ، بعد أن قررها الإمام الصادق .

وهذه المسألة وغيرها ذكرها الإمام في رسالته إلى أهل الأهواز ، وتحتوي هذه الرسالة على أخصب الدراسات العلمية في المسائل العقائدية التي كانت مدار الجدل والكلام في ذلك الزمان .

وقد أورد الطبرسي هذه الرسالة في الاحتجاج ، والحراني في تحف العقول ، واللفظ الذي أخرجناه هو من تحف العقول .

وفي ما يلي نورد متن الرسالة التي صدرها الإمام بمقدمة أورد فيها فضائل جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأدلة إمامته بعد رسول الله ، وبالنظر لطول الرسالة ، فقد جعلنا مطالبها جملة عناوين ليسهل الاستفادة منها وإدراك مضامينها :

في بيان السبب الباعث لإرسالها :

1 - من علي بن محمد : سلام عليكم وعلى من اتبع الهدى ورحمة الله وبركاته ، فإنه ورد علي كتابكم ، وفهمت ما ذكرتم من اختلافكم في دينكم ، وخوضكم في القدر ، ومقالة من يقول منكم بالجبر ، ومن يقول بالتفويض ، وتفرقكم في ذلك وتقاطعكم ، وما ظهر من العداوة بينكم ، ثم سألتموني عنه وبيانه لكم ، وفهمت ذلك كله .

القرآن حق لا ريب فيه :

اعلموا - رحمكم الله - أنا نظرنا في الآثار ، وكثرة ما جاءت به الأخبار ، فوجدناها عند جميع من ينتحل الإسلام ممن يعقل عن الله جل وعز ، لا تخلو عن معنيين : إما حق فيتبع ، وإما باطل فيجتنب .

وقد اجتمعت الأمة قاطبة لا اختلاف بينهم أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع أهل الفرق ، وفي حال اجتماعهم مقرون بتصديق الكتاب وتحقيقه ، مصيبون ، مهتدون ، وذلك بقول رسول الله : " لا تجتمع أمتي على ضلالة " ، فأخبر أن جميع ما اجتمعت عليه الأمة كلها حق ، هذا إذا لم يخالف بعض بعضا .

والقرآن حق لا اختلاف بينهم في تنزيله وتصديقه ، فإذا شهد القرآن بتصديق خبر وتحقيقه ، وأنكر الخبر طائفة من الأمة ، لزمهم الإقرار به ضرورة حين اجتمعت في الأصل على تصديق الكتاب ، فإن هي جحدت وأنكرت ، لزمها الخروج من الملة .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>