الجهل بحقيقة الموت

- روى الشيخ الصدوق بالإسناد عن الإمام أبي الحسن الهادي ، قال : قيل لمحمد بن علي بن موسى : ما بال هؤلاء المسلمين يكرهون الموت ؟ فقال : لأنهم جهلوه فكرهوه ، ولو عرفوه وكانوا من أولياء الله عز وجل لأحبوه ، ولعلموا أن الآخرة خير من الدنيا .

ثم قال : يا أبا عبد الله ، ما بال الصبي والمجنون يمتنعان عن الدواء المنقي لبدنهما ، والنافي للألم عنهما ؟ قال : لجهلهما بنفع الدواء .

فقال : والذي بعث محمدا بالحق نبيا ، إن من استعد للموت حق الاستعداد ، فهو أنفع له من هذا الدواء لهذا المتعالج ، أما إنهم لو عرفوا ما يؤدي إليه الموت من النعيم لاستدعوه وأحبوه أشد ما يستدعي العاقل الحازم الدواء لدفع الآفات وجلب السلامة .

- وأعرب الإمام في حديث آخر عن واقع الموت وحقيقته ، وأنه ينبغي للمؤمن إذا نزل بساحته أن لا يحزن ولا يجزع ، فقد روى الشيخ الصدوق ( رحمه الله ) بالإسناد عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري ، قال : دخل علي بن محمد على مريض من أصحابه ، وهو يبكي ويجزع من الموت ، فقال له : يا عبد الله ، تخاف من الموت لأنك لا تعرفه ، أرأيتك إذا اتسخت وتقذرت وتأذيت من كثرة القذر والوسخ عليك ، وأصابك قروح وجرب ، وعلمت أن الغسل في حمام يزيل ذلك كله ، أما تريد أن تدخله فتغسل ذلك عنك ، أو تكره أن تدخله فيبقى ذلك عليك ؟ فقال : بلى يا بن رسول الله .

قال الإمام : فذلك الموت هو ذلك الحمام ، وهو آخر ما بقي عليك من تمحيص ذنوبك وتنقيتك من سيئاتك ، فإذا أنت وردت عليه وحاورته ، فقد نجوت من كل هم وغم وأذى ، ووصلت إلى كل سرور وفرح .

فسكن الرجل ونشط واستسلم ، وغمض عين نفسه ، ومضى لسبيله . 

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>