الغلاة وأهل البدع

اتخذ الأئمة الأطهار من أهل البيت وشيعتهم مواقف صريحة وصلبة من الغلو والغلاة ، فقد أعلنوا عن كفرهم وإلحادهم والبراءة منهم ، حفاظا على الخط الرسالي الذي دافع عنه الأئمة بكل ما أتيح لهم من وسائل ، ولم يدخروا في هذا السبيل وسعا وجهدا .

ولقد اندس في صفوف شيعة أهل البيت زمرة خبيثة من أهل الدجل والبدع والأضاليل إلى حد الإلحاد والكفر ، حاملين معاول الهدم في صرح مبادئ الإسلام وتعاليمه السامية ، فأغروا بعض السذج الذين لا يملكون أي وعي وتدبر .

فلقد انتحل الغلاة بعض الأحاديث ودسوها في أقوال الأئمة وذلك لكسب الأنصار والمؤيدين من جهة ، وتهديم الشريعة وتشويهها من جهة أخرى .

قال الإمام الرضا : إن مخالفينا وضعوا أخبارا في فضائلنا ، وجعلوها على ثلاثة أقسام : أحدها الغلو ، وثانيها التقصير في أمرنا ، وثالثها التصريح بمثالب أعدائنا ، فإذا سمع الناس الغلو فينا كفروا شيعتنا ونسبوهم إلى القول بربوبيتنا ، وإذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا ، وإذا سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم ثلبونا بأسمائنا .

ومن رؤوس هؤلاء الغلاة المعاصرين للإمام الهادي علي بن حسكة ، والقاسم بن يقطين ، والحسن بن محمد بن باب القمي ، وفارس بن حاتم بن ماهويه القزويني ، ومحمد بن نصير الفهري النميري .

لقد اختلق هؤلاء الأحاديث على لسان الأئمة التي تشمئز منها النفوس ، ومن بدعهم التي حاولوا فيها الكيد للإسلام وتشويه واقع الأئمة من أهل البيت ادعاؤهم أن الصلاة والزكاة والصيام وسائر الفرائض جميعها رجل ، فاستهتروا بسائر السنن الإلهية ، وأسقطوا الفرائض عمن دان بمذهبهم ، بل وأباحوا نكاح المحارم واللواط وقالوا بالتناسخ وما إلى ذلك من المحرمات .

والأنكى من جميع ذلك أنهم ادعوا أن الإمام الهادي هو الرب الخالق والمدبر للكون ، وأنه بعث ابن حسكة ومحمد بن نصير الفهري وابن بابا وغيرهم أنبياء يدعون الناس إليهم ويهدونهم ، وكان هدفهم الأساس هو الاستحواذ على أموال الناس والحقوق والوجوه الشرعية التي تحمل إلى الإمام كما هو ظاهر بعض الروايات الآتية .

وعلى الرغم من الإقامة الجبرية التي فرضت على الإمام الهادي في ظل خلفاء بني العباس ، وملاحقة مواليه وشيعته ومحبيه ، فإنه وأصحابه رضوان الله عليهم لم يدخروا جهدا في سبيل التصدي لهذه الحركة المنحرفة ، ضمن المسؤولية الشرعية والعلمية المناطة به لتصحيح المسار الإسلامي بكل ما حوى من علوم ومعارف واتجاهات ، فقد لعنهم الإمام وأعلن البراءة منهم ، ودعا إلى نبذ أتباعهم ، وحذر أصحابه وسائر المسلمين من الاتصال بهم أو الانخداع بمفترياتهم ودسائسهم ، بل وأمر بقتل زعيم الغلاة في وقته فارس بن حاتم ، وضمن لقاتله الجنة ، كما سيأتي بيانه في الروايات .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>