مواعظ الإمام الحسن (1)

روى الحراني : . . . عن الحسن إنه قال : إعلموا أن الله لم يخلقكم عبثا وليس بتارككم سدى كتب آجالكم وقاسم بينكم معائشكم ليعرف كل ذي لب منزلته وأن ما قدر له أصابه ، وما صرف عنه فلن يصيبه ، قد كفاكم مؤونة الدنيا وفرغكم لعبادته ، وحثكم على الشكر وافترض عليكم الذكر ، وأوصاكم بالتقوى ، وجعل التقوى منتهى رضاه ، والتقوى باب كل توبة ورأس كل حكمة وشرف كل عمل ، بالتقوى فاز من فاز من المتقين .

قال الله تبارك وتعالى : ( إن للمتقين مفازا ) وقال : ( وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون ) فاتقوا الله عباد الله واعلموا أنه من يتق الله يجعل له مخرجا من الفتن ويسدده في أمره ويهيئ له رشده ويفلجه بحجته ويبيض وجهه ويعطه رغبته ، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .

وقال الحراني : وسأله [ الحسن ] رجل أن يخيله قال : إياك أن تمدحني فأنا أعلم بنفسي منك أو تكذبني فإنه لا رأي لمكذوب أو تغتاب عندي أحدا ، فقال له الرجل : إئذن لي في الانصراف ، فقال : نعم إذا شئت .

وقال : إن من طلب العبادة تزكى لها .

إذا أضرت النوافل بالفريضة فارفضوها ، اليقين معاذ للسلامة ، من تذكر بعد السفر إعتد ، ولا يغش العاقل من إستنصحه ، بينكم وبين الموعظة حجاب العزة ، قطع العلم عذر المتعلمين ، كل معاجل يسأل النظرة ، وكل مؤجل يتعلل بالتسويف .

وقال : اتقوا الله عباد الله وجدوا في الطلب وتجاه الهرب ، وبادروا العمل قبل مقطعات النقمات وهادم اللذات فإن الدنيا لا يدوم نعيمها ولا تؤمن فجيعها ولا تتوقى مساويها ، غرور حائل ، وسناد مائل ، فاتعظوا عباد الله بالعبر ، واعتبروا بالأثر ، وازدجروا بالنعيم ، وانتفعوا بالمواعظ ، فكفى بالله معتصما ونصيرا ، وكفى بالكتاب حجيجا وخصيما ، وكفى بالجنة ثوابا ، وكفى بالنار عقابا ووبالا .

وقال أيضا : أيها الناس إنه من نصح لله وأخذ قوله دليلا هدى للتي هي أقوم ووفقه الله للرشاد وسدده للحسنى فإن جار الله آمن محفوظ وعدوه خائف مخذول ، فاحترسوا من الله بكثرة الذكر ، واخشوا الله بالتقوى ، وتقربوا إلى الله بالطاعة فإنه قريب مجيب ، قال الله تبارك وتعالى : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) فاستجيبوا لله وآمنوا به فإنه لا ينبغي لمن عرف عظمة الله أن يتعاظم ، فإن رفعة الذين يعلمون عظمة الله أن يتواضعوا و ( عز ) الذين يعرفون ما جلال الله أن يتذللوا ( له ) ، وسلامة الذين يعلمون ما قدرة الله أن يستسلموا له ، ولا ينكروا أنفسهم بعد المعرفة ، ولا يضلوا بعد الهدى ، واعلموا علما يقينا أنكم لن تعرفوا التقى حتى تعرفوا صفة الهدى ، ولن تمسكوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نبذه ، ولن تتلوا الكتاب حق تلاوته حتى تعرفوا الذي حرفه ، فإذا عرفتم ذلك عرفتم البدع والتكلف ورأيتم الفرية على الله والتحريف ورأيتم كيف يهوى من يهوى ، ولا يجهلنكم الذين لا يعلمون ، والتمسوا ذلك عند أهله ، فإنهم خاصة نور يستضاء بهم وأئمة يقتدى بهم ، بهم عيش العلم وموت الجهل ، وهم الذين أخبركم حلمهم عن جهلهم وحكم منطقهم عن صمتهم ، وظاهرهم عن باطنهم ، لا يخالفون الحق ولا يختلفون فيه ، وقد خلت لهم من الله سنة ومضى فيهم من الله حكم ، إن في ذلك لذكرى للذاكرين واعقلوه إذا سمعتموه عقل رعاية ولا تعقلوه عقل رواية ، فإن رواة الكتاب كثير ورعاته قليل والله المستعان .

قال الإربلي : قال الحسن بن علي : لا أدب لمن لا عقل له ولا مروة لمن لا همة له ، ولا حياء لمن لا دين له ، ورأس العقل معاشرة الناس بالجميل ، وبالعقل تدرك الداران جميعا ، ومن حرم من العقل حرمهما جميعا .

وقال : علم الناس علمك وتعلم علم غيرك فتكون قد أتقنت علمك وعلمت ما لم تعلم .

وسئل عن الصمت فقال : هو ستر الغي ، وزين العرض وفاعله في راحة ، وجليسه آمن .

وقال : هلاك الناس في ثلاث : الكبر والحرص والحسد ، فالكبر هلاك الدين وبه لعن إبليس ، والحرص عدو النفس وبه أخرج آدم من الجنة والحسد رائد السوء ومنه قتل قابيل هابيل .

وقال : لا تأت رجلا إلا أن ترجوا نواله وتخاف يده أو يستفيد من علمه أو ترجو بركة دعائه أو تصل رحما بينك وبينه .

وروى أيضا : قال : دخلت على أمير المؤمنين وهو يجود بنفسه لما ضربه ابن ملجم فجزعت لذلك فقال لي : أتجزع ؟ فقلت وكيف لا أجزع وأنا أراك على حالك هذه ؟ فقال : ألا أعلمك خصالا أربع إن أنت حفظتهن نلت بهن النجاة ، وإن أنت ضيعتهن فاتك الداران ، يا بني لا غنى أكبر من العقل ، ولا فقر مثل الجهل ، ولا وحشة أشد من العجب ، ولا عيش ألذ من حسن الخلق فهذه سمعت عن الحسن يرويها عن أبيه فأروها إن شئت في مناقبه أو مناقب أبيه .

وروى أيضا : إنه قال : ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من حاسد وقال : اجعل ما طلبت من الدنيا فلن تظفر به بمنزلة ما لم يخطر ببالك ، واعلم أن مروة القناعة والرضا أكثر من مروة الإعطاء وتمام الصنيعة خير من إبتدائها .

وسئل عن العقوق فقال : ان تحرمهما وتهجرهما .

روى المجلسي : إنه قال : العقل حفظ قلبك ما استودعته ، والحزم أن تنتظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك ، والمجد حمل المغارم وإبتناء المكارم ، والسماحة إجابة السائل وبذل النائل ، والرقة طلب اليسير ومنع الحقير ، والكلفة التمسك لمن لا يؤاتيك والنظر بما لا يعنيك ، والجهل سرعته الوثوب على الفرصة قبل الاستمكان منها ، والامتناع عن الجواب ، ونعم العون الصمت في مواطن كثيرة ، وإن كنت فصيحا .

وقال : ما فتح الله عزوجل على أحد باب مسألة فخزن عنه باب الإجابة ولا فتح الرجل باب عمل فخزن عنه باب القبول ولا فتح لعبد باب شكر فخزن عنه باب المزيد .

وقيل له كيف أصبحت يا بن رسول الله قال : أصبحت ولي رب فوقي ، والنار أمامي ، والموت يطلبني ، والحساب محدق بي ، وأنا مرتهن بعملي لا أجد ما أحب ، ولا أدفع ما أكره ، والأمور بيد غيري فإن شاء عذبني وإن شاء عفا عني فأي فقير أفقر مني .

وقال المعروف ما لم يتقدمه مطل ولا يتبعه من والإعطاء قبل السؤال من أكبر السؤدد .

وسئل عن البخل فقال : هو أن يرى الرجل ما أنفقه تلفا وما أمسكه شرفا .

وقال : من عدد نعمه محق كرمه .

وقال : الوحشة من الناس على قدر الفطنة بهم .

وقال : الوعد مرض في الجود والإنجاز دواؤه .

وقال ( عليه السلام ) : الإنجاز دواء الكرم .

وقال : لا تعاجل الذنب بالعقوبة ، واجعل بينهما للاعتذار طريقا .

وقال : المزاح يأكل الهيبة وقد أكثر من الهيبة الصامت .

وقال : المسؤول حر حتى يعد ، ومسترق المسؤول حتى ينجز .

وقال : المصائب مفاتيح الأجر .

وقال : النعمة محنة فإن شكرت كانت نعمة ، فإن كفرت صارت نقمة .

وقال : الفرصة سريعة الفوت بطيئة العود .

وقال : لا يعرف الرأي إلا عند الغضب .

وقال : من قل ذل وخير الغنى القنوع ، وشر الفقر الخضوع .

وقال : كفاك من لسانك ما أوضح لك سبيل رشدك من غيك .

قال ابن عساكر : أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنبأنا أبو الحسن رشاء بن نظيف ، أنبأنا الحسن بن إسماعيل ، أنبأنا أحمد بن مروان ، أنبأنا محمد بن موسى ، أنبأنا محمد ابن الحارث عن المدائني : قال : قال معاوية للحسن بن علي بن أبي طالب ما المروءة يا أبا محمد ؟ فقال : فقه الرجل في دينه وإصلاح معيشته وحسن مخالقته .

قال : فما النجدة ؟ قال : الذب عن الجار والإقدام على الكريهة ، والصبر على النائبة .

قال : فما الجود ؟ قال : التبرع بالمعروف ، والإعطاء قبل السؤال والإطعام في المحل .

وقال أيضا : أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبد الله بن رضوان ، أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي ، أنبأنا أبو عمر بن حيويه ، أنبأنا محمد بن خلف بن المرزبان ، أنبأنا أحمد بن منصور - وليس بالرمادي - أنبأنا العتبي ، قال : سأل معاوية الحسن بن علي عن الكرم والمروءة ؟ ! فقال الحسن : أما الكرم فالتبرع بالمعروف ، والإعطاء قبل السؤال ، والإطعام في المحل ، وأما المروءة فحفظ الرجل دينه وإحراز نفسه من الدنس وقيامه بضيفه وأداء الحقوق وإفشاء السلام .

وقال أيضا : أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين ابن النقور ، وأبو منصور ابن العطار ، قالا : أنبأنا أبو طاهر المخلص ، أنبأنا أبو محمد عبيد الله بن عبد الرحمن ، أنبأنا أبو يعلى زكريا بن يحيى ، أنبأنا الأصمعي ، أخبرني عيسى بن سليمان ، قال : سأل معاوية الحسن بن علي عن الكرم والنجدة والمروءة ؟ فقال الحسن : الكرم : التبرع بالمعروف والعطاء قبل السؤال ، وإطعام الطعام في المحل .

وأما النجدة : فالذب عن الجار والصبر في المواطن ، والإقدام عند الكريهة . وأما المروءة : فحفظ الرجل دينه وإحراز نفسه من الدنس وقيامه بضيفه وأداء الحقوق وإفشاء السلام .

وقال الصدوق : حدثنا أبي ( رحمه الله ) قال حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن حفص الجوهري ولقبه القرشي ، عن رجل من الكوفيين من أصحابنا يقال له : إبراهيم قال : سئل الحسن عن المروءة فقال : العفاف في الدين ، وحسن التقدير في المعيشة ، والصبر على النائبة .

قال اليعقوبي : وقال معاوية للحسن : يا أبا محمد ثلاث خصال ما وجدت من يخبرني عنهن . قال : وما هن ؟ قال : المروة ، والكرم ، والنجدة . قال أما المروة فإصلاح الرجل أمر دينه ، وحسن قيامه على ماله ، ولين الكف ، وإفشاء السلام والتحبب إلى الناس ، والكرم العطية قبل السؤال ، والتبرع بالمعروف ، والإطعام في المحل ، ثم النجدة الذب عن الجار ، والمحاماة في الكريهة ، والصبر عند الشدائد .

وقال أيضا : قال جابر : سمعت الحسن يقول : مكارم الأخلاق عشر : صدق اللسان ، وصدق البأس ، وإعطاء السائل ، وحسن الخلق ، والمكافأة بالصنائع ، وصلة الرحم ، والتذمم على الجار ، ومعرفة الحق للصاحب ، وقرى الضيف ، ورأسهن الحياء .

قال الطبراني : حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، حدثنا علي بن المنذر الطريقي ، حدثنا عثمان بن سعيد الزيات ، حدثنا محمد بن عبد الله أبو رجاء الحبطي التستري ، حدثنا شعبة بن الحجاج ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث إن عليا سأل ابنه الحسن بن علي عن أشياء من أمر المروءة فقال : يا بني ما السداد ؟ قال : يا أبه السداد دفع المنكر بالمعروف .

قال : فما الشرف ؟ قال : اصطناع العشيرة وحمل الجريرة وموافقة الإخوان وحفظ الجيران .

قال : فما المروءة ؟ قال : العفاف وإصلاح المال .

قال : فما الدقة ؟ قال : النظر في اليسير ومنع الحقير .

قال : فما اللؤم ؟ قال : إحراز المرء نفسه وبذله عرسه .

قال : فما السماحة ؟ قال : البذل من العسير واليسير .

قال : فما الشح ؟ قال : أن ترى ما أنفقته تلفا .

قال : فما الإخاء ؟ قال : المواساة في الشدة والرخاء .

قال : فما الجبن ؟ قال : الجرأة على الصديق والنكول عن العدو .

قال : فما الغنيمة ؟ قال : الرغبة في التقوى ، والزهادة في الدنيا هي الغنيمة الباردة .

قال : فما الحلم ؟ قال : كظم الغيظ وملك النفس .

قال : فما الغنى ؟ قال : رضى النفس بما قسم الله تعالى لها وإن قل ، وإنما الغنى غنى النفس .

قال : فما الفقر ؟ قال : شره النفس في كل شيء .

قال : فما المنعة ؟ قال : شدة البأس ، ومنازعة أعزاء الناس .

قال : فما الذل ؟ قال : الفزع عند المصدوقة [ الصدمة ] .

قال : فما العي ؟ قال : العبث باللحية وكثرة البزق عند المخاطبة .

قال : فما الجرأة ؟ قال : موافقة الأقران .

قال : فما الكلفة ؟ قال : كلامك فيما لا يعنيك .

قال : فما المجد ؟ قال : أن تعطي في الغرم وتعفو عن الجرم .

قال : فما العقل ؟ قال : حفظ القلب كلما استوعيته .

قال : فما الخرق ؟ قال : معاداتك إمامك ورفعك عليه كلامك .

قال : فما حسن الثناء ؟ قال : إتيان الجميل وترك القبيح .

قال : فما الحزم ؟ قال : طول الأناة والرفق بالولاة .

قال : فما السفه ؟ قال : إتباع الدناءة ومصاحبة الغواة .

قال : فما الغفلة ؟ قال : تركك المسجد ، وطاعتك المفسد .

قال : فما الحرمان ؟ قال : تركك حظك وقد عرض عليك .

قال : فما المفسد ؟ قال : الأحمق في ماله المتهاون في عرضه .

قال الحراني : روى عن الإمام السبط التقي أبي محمد الحسن بن علي صلوات الله عليهما ورحمته وبركاته في طوال هذه المعاني في أجوبته عن مسائل سأله عنها أمير المؤمنين أو غيره في معان مختلفة .

قيل له ما الزهد ؟ قال : الرغبة في التقوى والزهادة في الدنيا .

قيل : فما الحلم ؟ قال : كظم الغيظ وملك النفس .

قيل : ما السداد ؟ قال : دفع المنكر بالمعروف .

قيل : فما الشرف ؟ قال : اصطناع العشيرة وحمل الجريرة .

قيل : فما النجدة ؟ قال : الذب عن الجار والصبر في المواطن والإقدام عند الكريهة .

قيل : فما المجد ؟ قال : أن تعطي في الغرم وأن تعفو عن الجرم .

قيل : فما المروءة ؟ قال : حفظ الدين وإعزاز النفس ولين الكنف وتعهد الصنيعة وأداء الحقوق والتحبب إلى الناس .

قيل : فما الكرم ؟ قال : الابتداء بالعطية قبل المسألة وإطعام في المحل .

قيل : فما الدنيئة ؟ قال : النظر في اليسير ومنع الحقير .

قيل : فما اللؤم ؟ قال : قلة الندى وأن ينطق بالخنى .

قيل : فما السماح ؟ قال : البذل في السراء والضراء .

قيل : فما الشح ؟ قال : أن ترى ما في يديك شرفا وما أنفقته تلفا .

قيل : فما الإخاء ؟ قال : الإخاء في الشدة والرخاء .

قيل : فما الجبن ؟ قال : الجرأة على الصديق والنكول عن العدو .

قيل : فما الغنى ؟ قال : رضى النفس بما قسم لها وإن قل .

قيل : فما الفقر ؟ قال : شره النفس إلى كل شيء .

قيل : فما الجود ؟ قال : بذل المجهود . قيل : فما الكرم ؟ قال : الحفاظ في الشدة والرخاء .

قيل : فما الجرأة ؟ قال : موافقة الأقران .

قيل : فما المنعة ؟ قال : شدة البأس ومنازعة أعزاء الناس .

قيل : فما الذل ؟ قال : الفرق عند المصدوقة .

قيل : فما الخرق ؟ قال : مناوأتك أميرك ومن يقدر على ضرك .

قيل : فما السناء ؟ قال : إتيان الجميل وترك القبيح .

قيل : فما الحزم ؟ قال : طول الأناة والرفق بالولاة والإحتراس من جميع الناس .

قيل : فما الشرف ؟ قال : موافقة الإخوان وحفظ الجيران .

قيل : فما الحرمان ؟ قال : تركك حظك وقد عرض عليك .

قيل : فما السفه ؟ قال : إتباع الدناة ومصاحبة الغواة .

قيل : فما العي ؟ قال : العبث باللحية وكثرة التنحنح عند المنطق .

قيل : فما الشجاعة ؟ قال : موافقة الأقران والصبر عند الطعان .

قيل : فما الكلفة ؟ قال : كلامك فيما لا يعنيك .

قيل : وما السفاه ؟ قال : الأحمق في ماله المتهاون بعرضه .

قيل : فما اللؤم ؟ قال : إحراز المرء نفسه وإسلامه عرسه .

قال الإربلي : وقال الحسن : التبرع بالمعروف والإعطاء قبل السؤال من أكبر السؤدد .

وسئل عن البخل فقال : هو أن يرى الرجل ما أنفقه تلفا وما أمسكه شرفا ؟ .

روى المجلسي : عن الحسن بن علي قال : المعروف ما لم يتقدمه مطل ولم يتعقبه من ، والبخل أن يرى الرجل ما أنفقه تلفا وما أمسكه شرفا وقال : من عدد نعمه محق كرمه وقال : الإنجاز دوام الكرم .

قال الصدوق : قال أبي ( رحمه الله ) حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، قال : حدثني العوني الجوهري ، عن إبراهيم الكوفي ، عن رجل من أصحابنا رفعه ، قال : سئل الحسن بن علي عن العقل فقال : التجرع للغصة ومداهنة الأعداء .

قال الحراني : وسئل عن المروءة ؟ فقال : شح الرجل على دينه ، وإصلاحه ماله ، وقيامه بالحقوق .

وقال : إن أبصر الأبصار ما نفذ في الخير مذهبه ، وأسمع الأسماع ما وعى التذكير وانتفع به .

وأسلم القلوب ما طهر من الشبهات .

قال الصدوق : حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق - ( رضي الله عنه ) - قال : حدثنا محمد بن سعيد بن يحيى البزوفري ، قال : حدثنا إبراهيم بن الهيثم [ عن أمية ] البلدي ، قال : حدثنا أبي ، عن المعافا بن عمران ، عن إسرائيل ، عن المقدام بن شريح بن هانىء ، عن أبيه شريح ، قال : سأل أمير المؤمنين ابنه الحسن بن علي فقال : يا بني ما العقل ؟ قال : حفظ قلبك ما إستودعته .

قال : فما الحزم ؟ قال : أن تنتظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك .

قال : فما المجد ؟ قال : حمل المغارم وإبتناء المكارم .

قال : فما السماحة ؟ قال : إجابة السائل وبذل النائل .

قال : فما الشح ؟ قال : أن ترى القليل سرفا وما أنفقت تلفا .

قال : فما الرقة ؟ قال : طلب اليسير ومنع الحقير .

قال فما الكلفة ؟ قال التمسك بمن لا يؤمنك والنظر فيما لا يعنيك .

قال : فما الجهل ؟ قال : سرعة الوثوب على الفرصة قبل الإستمكان منها والامتناع عن الجواب ، ونعم العون الصمت في مواطن كثيرة وإن كنت فصيحا . . .

قال الديلمي : وروى أن الحسن بن على قال في خطبة له : إعلموا أن العقل حرز والحلم زينة والوفاء مروءة والعجلة سفه والسفه ضعف ، ومجالسة أهل الدنيا شين ، ومخالطة أهل الفسوق ريبة ، ومن استخف بإخوانه فسدت مروءته ولا يهلك إلا المرتابون وينجو المهتدون الذين لم يتهموا الله في آجالهم طرفة عين ولا في أرزاقهم فمروتهم كاملة وحياؤهم كامل يصبرون حتى يأتي لهم الله برزق ولا يبيعون شيئا من دينهم ومروءتهم بشيء من الدنيا ، ولا يطلبون منه شيئا منها بمعاصي الله ، ومن عقل المرء [ و ] مروءته أن يسرع إلى قضاء حوائج إخوانه ، وإن لم ينزلوها به والعقل أفضل ما وهبه الله تعالى للعبد إذ به نجاته في الدنيا من آفاتها وسلامته في الآخرة من عذابها .

قال المجلسي : قال الحسن بن علي إذا سمعت أحدا يتناول أعراض الناس فاجتهد أن لا يعرفك فإن أشقى الأعراض به معارفه .

قال الحراني : قال الحسن : ما تشاور قوم إلا هدوا إلى رشدهم .

وقال : اللؤم أن لا تشكر النعمة .

وقال لبعض ولده : يا بني لا تؤاخ أحدا حتى تعرف موارده ومصادره فإذا استنبطت الخبرة ورضيت العشرة فآخه على إقالة العثرة والمواساة في العسرة . وقال : لا تجاهد الطلب جهاد الغالب ولا تتكل على القدر إتكال المستسلم فإن ابتغاء الفضل من السنة ، والإجمال في الطلب من العفة وليست العفة بدافعة رزقا ولا الحرص بجالب فضلا ، فإن الرزق مقسوم واستعمال الحرص استعمال المأثم .

وقال أيضا : قال : من اتكل على حسن الاختيار من الله له لم يتمن أنه في غير الحال التي اختارها الله له .

وقال : العار أهون من النار .

وقال : الخير الذي لا شر فيه : الشكر مع النعمة والصبر على النازلة .

وقال لرجل أبل من علة : إن الله قد ذكرك فاذكره وأقالك فاشكره .

وقال عند صلحه مع معاوية : إنا والله ما ثنانا عن أهل الشام [ شك ولا ندم إنما كنا نقاتل أهل الشام ] بالسلامة والصبر ، فسلبت السلامة بالعداوة والصبر بالجزع وكنتم في منتدبكم إلى صفين ودينكم أمام دنياكم ، وقد أصبحتم اليوم و دنياكم أمام دينكم .

وقال : ما أعرف أحدا إلا وهو أحمق فيما بينه وبين ربه .

قال الفتال النيسابوري : قال أبو ليلى : شيعنا الحسن بن علي فلما ذهبنا ننصرف قلنا له أوصنا قال : إتقوا الله وإياكم والطمع فإن الطمع يصير طبعا .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>