تجهيزه لأبيه

قال المجلسي : قال محمد بن الحنفية ، ثم أخذنا في جهازه ليلا وكان الحسن يغسله والحسين يصب الماء عليه ، وكان لا يحتاج إلى من يقلبه ، بل كان يتقلب كما يريد الغاسل يمينا وشمالا وكانت رائحته أطيب من رائحة المسك والعنبر ، ثم نادى الحسن بأخته زينب وأم كلثوم وقال : يا أختاه هلمي بحنوط جدي رسول الله ، فبادرت زينب مسرعة حتى أتته به . قال الراوي : فلما فتحته فاحت الدار وجميع الكوفة وشوارعها لشدة رائحة ذلك الطيب ، ثم لفوه بخمسة أثواب كما أمر ثم وضعوه على السرير .

قال ابن شهر آشوب : روى أبو بكر الشيرازي في كتابه عن الحسن البصري ، قال : أوصى علي عند موته للحسن والحسين وقال لهما : إن أنا مت فإنكما ستجدان عند رأسي حنوطا من الجنة وثلاثة أكفان من إستبرق الجنة ، فغسلوني وحنطوني بالحنوط وكفنوني ؛ قال الحسن فوجدنا عند رأسه طبقا من الذهب عليه خمس شمامات من كافور الجنة وسدرا من سدر الجنة ، فلما فرغوا من غسله وتكفينه أتى البعير فحملوه على البعير بوصية منه ، وكان قال : فسيأتي البعير إلى قبري فيقيم عنده ، فأتى البعير حتى وقف على شفير القبر ، فوالله ما علم أحد من حفره ، فألحد فيه بعد ما صلى عليه ، وأظلت الناس غمامة بيضاء وطيور بيض ، فلما دفن ذهبت الغمامة والطيور .

قال المجلسي : روى البرسي في " مشارق الأنوار " عن محدثي أهل الكوفة أن أمير المؤمنين لما حمله الحسن والحسين على سريره إلى مكان البئر المختلف فيه إلى نجف الكوفة وجدوا فارسا يتضوع منه رائحة المسك ، فسلم عليهما ثم قال للحسن : أنت الحسن بن علي رضيع الوحي والتنزيل وفطيم العلم والشرف الجليل خليفة أمير المؤمنين وسيد الوصيين ؟ قال : نعم ، قال : وهذا الحسين بن أمير المؤمنين وسيد الوصيين سبط الرحمة ورضيع العصمة وربيب الحكمة ووالد الأئمة ؟ قال : نعم ، قال : سلماه إلي وامضيا في دعة الله ، فقال له الحسن : إنه أوصى إلينا أن لا نسلم إلا إلى أحد رجلين : جبرئيل أو الخضر فمن أنت منهما ؟ فكشف النقاب فإذا هو أمير المؤمنين ثم قال للحسن : يا أبا محمد إنه لا تموت نفس إلا ويشهدها أفما يشهد جسده ؟ .

قال : وروى عن الحسن بن علي أن أمير المؤمنين قال للحسن والحسين إذا وضعتماني في الضريح فصليا ركعتين قبل أن تهيلا علي التراب ، وانظرا ما يكون ، فلما وضعاه في الضريح المقدس فعلا ما أمرا به ، ونظرا وإذا الضريح مغطى بثوب من سندس ، فكشف الحسن مما يلي وجه أمير المؤمنين ، فوجد رسول الله وآدم وإبراهيم يتحدثون مع أمير المؤمنين ، وكشف الحسين مما يلي رجليه فوجد الزهراء وحواء ومريم وآسية عليهن السلام ينحن على أمير المؤمنين ويندبنه .

قال ابن سعد : مكث علي يوم الجمعة وليلة السبت وتوفى ، رحمة الله عليه وبركاته ، ليلة الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة أربعين ، وغسله الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر ، وكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص .

وقال أيضا : أخبرنا وكيع بن الجراح ، عن يحيى بن مسلم أبي الضحاك ، عن عاصم بن كليب عن أبيه قال : وأخبرنا عبد الله بن نمير عن عبد السلام رجل من بني مسيلمة عن بيان عن عامر الشعبي قال : وأخبرنا عبد الله بن نمير ، عن سفيان عن أبي روق عن رجل قال : وأخبرنا الفضل بن دكين قال : أخبرنا خالد بن إلياس عن إسماعيل بن عمرو ابن سعيد بن العاص قال : وأخبرنا شبابة بن سوار الفزاري قال : أخبرنا قيس بن الربيع ، عن بيان عن الشعبي أن الحسن بن علي صلى على علي بن أبي طالب فكبر عليه أربع تكبيرات ، ودفن علي بالكوفة عند مسجد الجماعة في الرحبة مما يلي أبواب كندة قبل أن ينصرف الناس من صلاة الفجر ، ثم انصرف الحسن بن علي من دفنه فدعا الناس إلى بيعته فبايعوه .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>