حفظ أربعين حديثا

الصدوق : عن علي بن أحمد بن موسى الدقاق ، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب ومحمد بن أحمد السناني - رضى الله عنهم - قالوا : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الأسدي الكوفي أبو الحسين قال حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد ، عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي وإسماعيل بن أبي زياد جميعا ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي قال : إن رسول الله أوصى إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وكان فيما أوصى به أن قال له : يا علي ! من حفظ من أمتي أربعين حديثا يطلب بذلك وجه الله عزوجل والدار الآخرة حشره الله يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا . فقال علي : يا رسول الله ! أخبرني ما هذه الأحاديث ؟ فقال : أن تؤمن بالله وحده لا شريك له ، وتعبده ولا تعبد غيره ، وتقيم الصلاة بوضوء سابغ في مواقيتها ولا تؤخرها فإن في تأخيرها من غير علة غضب الله عزوجل ، وتؤدي الزكاة ، وتصوم شهر رمضان ، وتحج البيت إذا كان لك مال وكنت مستطيعا ، وأن لا تعق والديك ، ولا تأكل مال اليتيم ظلما ، ولا تأكل الربا ، ولا تشرب الخمر ولا شيئا من الأشربة المسكرة ، ولا تزني ولا تلوط ، ولا تمشي بالنميمة ، ولا تحلف بالله كاذبا ، ولا تسرق ، ولا تشهد شهادة الزور لأحد قريبا كان أو بعيدا .

وأن تقبل الحق ممن جاء به صغيرا كان أو كبيرا ، وأن لا تركن إلى ظالم وإن كان  حميما قريبا ، وأن لا تعمل بالهوى ، ولا تقذف المحصنة ، ولا ترائي فإن أيسر الرياء ، شرك بالله عزوجل ، وأن لا تقول لقصير : يا قصير ، ولا لطويل : يا طويل ! تريد بذلك عيبه ، وأن لا تسخر من أحد من خلق الله ، وأن تصبر على البلاء والمصيبة ، وأن تشكر نعم الله التي أنعم بها عليك ، وأن لا تأمن عقاب الله على ذنب تصيبه ، وأن لا تقنط من رحمة الله ، وأن تتوب إلى الله عزوجل من ذنوبك فإن التائب من ذنوبه كمن لا ذنب له ، وأن لا تصر على الذنوب مع الاستغفار فتكون كالمستهزىء بالله وآياته ورسله .

وأن تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وأن لا تطلب سخط الخالق برضى المخلوق ، وأن لا تؤثر الدنيا على الآخرة ، لأن الدنيا فانية والآخرة الباقية ، وأن لا تبخل على إخوانك بما تقدر عليه ، وأن تكون سريرتك كعلانيتك ، وأن لا تكون علانيتك حسنة وسريرتك قبيحة ، فإن فعلت ذلك كنت من المنافقين ، وأن لا تكذب ولا تخالط الكذابين ، وأن لا تغضب إذا سمعت حقا ، وأن تؤدب نفسك وأهلك وولدك وجيرانك على حسب الطاقة ، وأن تعمل بما علمت ، ولا تعاملن أحدا من خلق الله عزوجل إلا بالحق ، وأن تكون سهلا للقريب والبعيد ، وأن لا تكون جبارا عنيدا .

وأن تكثر من التسبيح والتهليل والدعاء وذكر الموت وما بعده من القيامة والجنة والنار ، وأن تكثر من قراءة القرآن وتعمل بما فيه ، وأن تستغنم البر والكرامة بالمؤمنين والمؤمنات ، وأن تنظر إلى كل ما لا ترضى فعله لنفسك فلا تفعله بأحد من المؤمنين ، ولا تمل من فعل الخير ، وأن لا تثقل على أحد ، وأن لا تمن على أحد إذا أنعمت عليه ، وأن تكون الدنيا عندك سجنا حتى يجعل الله لك جنة .

فهذه أربعون حديثا من استقام عليها وحفظها عني من أمتي دخل الجنة برحمة الله ، وكان من أفضل الناس وأحبهم إلى الله عزوجل بعد النبيين والوصيين ، وحشره الله يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .

قال المجلسي : ظاهر هذا الخبر أنه لا يشترط في حفظ الأربعين حديثا كونها منفصلة بعضها عن بعض في النقل ، بل يكفي لذلك حفظ خبر واحد يشتمل على أربعين حكما ، إذ كل منها يصلح لأن يكون حديثا برأسه ، ويحتمل أن يكون المراد بيان مورد هذه الأحاديث ، أي أربعين حديثا يتعلق بهذه الأمور .

وتصحيح عدد الأربعين إنما يتيسر بجعل بعض الفقرات المكررة ظاهرا تفسيرا وتأكيدا لبعض .

ومنه رؤيته جبرئيل سليمان الحلي : محمد بن عيسى بن عبيد ، عن أبي محمد عبد الله بن حماد الأنصاري ، عن صباح المزني ، عن الحارث بن حصيرة ، عن الأصبغ بن نباتة قال : دخلت على أمير المؤمنين والحسن والحسين عنده ، وهو ينظر إليهما نظرا شديدا .

فقلت له : بارك الله لك فيهما ، وبلغهما آمالهما في أنفسهما ، والله ! إني لأراك تنظر إليهما نظرا شديدا فتطيل النظر إليهما .

فقال : نعم ، يا أصبغ ! ذكرت لهما حديثا .

فقلت : حدثني به جعلت فداك . فقال : كنت في ضيعة لي ، فأقبلت نصف النهار في شدة الحر ، وأنا جائع فقلت لابنة محمد : أعندك شيء تطعمينيه ؟ فقامت لتهيئ لي شيئا ، حتى إذا انفلت من الصلاة قد أحضرت أقبل الحسن والحسين حتى جلسا في حجرها ، فقالت لهما : يا بني ! ما حبسكما وأبطأكما عني ؟ .

قالا : حبسنا رسول الله وجبرئيل .

فقال الحسن : أنا كنت في حجر رسول الله ، والحسين ، في حجر جبرئيل ، فكنت أنا أثب من حجر رسول الله ، إلى حجر جبرئيل ، وكان الحسين يثب من حجر جبرئيل إلى حجر رسول الله ، حتى إذا زالت الشمس قال جبرئيل : قم فصل ، إن الشمس قد زالت ، فعرج جبرئيل إلى السماء ، وقام رسول الله فجئنا .

فقلت : يا أمير المؤمنين ! في أي صورة نظر إليه الحسن والحسين ؟ فقال : في الصورة التي كان ينزل فيها على رسول الله . فلما حضرت الصلاة ، خرجت فصليت مع رسول الله ، فلما انصرف من صلاته قلت : يا رسول الله ! إني كنت في ضيعة لي ، فجئت نصف النهار وأنا جائع ، فسألت ابنة محمد هل عندك شيء فتطعمينيه ؟ فقامت لتهيئ لي شيئا حتى إذ أقبل ابناك الحسن والحسين ، حتى جلسا في حجر أمهما فسألتهما : ما أبطأكما وما حبسكما عني ؟ فسمعتهما يقولان : حبسنا جبرئيل ورسول الله ، فقلت : كيف حبسكما جبرئيل ورسول الله ؟ فقال الحسن : كنت أنا في حجر رسول الله ، والحسين في حجر جبرئيل ، فكنت أنا أثب من حجر رسول الله إلى حجر جبرئيل ، وكان الحسين يثب من حجر جبرئيل إلى حجر رسول الله . فقال رسول الله : صدق ابناي ، ما زلت أنا وجبرئيل نزهو بهما ، منذ أصبحنا إلى أن زالت الشمس .

فقلت : يا رسول الله ! فبأي صورة كانا يريان جبرئيل ؟ فقال : في الصورة التي كان ينزل فيها علي .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>