مقتل علي الأكبر ابن الحسين

- السيد محسن الأمين : أول من خرج من أهل بيت الحسين ، علي الأكبر ، وكان من أصبح الناس وجها وأحسنهم خلقا ، وكان عمره تسع عشرة سنة ، أو ثماني عشرة سنة ، أو خمسا وعشرين سنة ، وهو أول قتيل يوم كربلاء من آل أبي طالب ، فاستأذن أباه في القتال ، فأذن له ثم نظر إليه نظر آئس منه وأرخى عينيه فبكى !

- الخوارزمي : فلما رآه الحسين رفع شيبته نحو السماء ، وقال : أللهم اشهد على هولاء القوم ! فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقا وخلقا ومنطقا برسولك محمد ، كنا إذا اشتقنا إلى وجه رسولك نظرنا إلى وجهه ، أللهم فامنعهم بركات الأرض ، وإن منعتهم ففرقهم تفريقا ، ومزقهم تمزيقا ، واجعلهم طرائق قددا ، ولا ترض الولاة عنهم أبدا ، فإنهم دعونا لينصرونا ، ثم عدوا علينا يقاتلونا ويقتلونا .

ثم صاح الحسين بعمر بن سعد : ما لك ؟ قطع الله رحمك ! ولا بارك لك في أمرك ، وسلط عليك من يذبحك على فراشك كما قطعت رحمي ، ولم تحفظ قرابتي من رسول الله .

ثم رفع الحسين صوته وقرأ : ( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العلمين * ذرية بعضها منم بعض والله سميع عليم ) .

ثم حمل علي بن الحسين ، وهو يقول :

أنا علي بن الحسين بن علي نحن وبيت الله أولى بالنبي
والله لا يحكم فينا ابن الدعي أطعنكم بالرمح حتى ينثني
أضربكم بالسيف حتى يلتوي ضرب غلام هاشمي علوي

فلم يزل يقاتل حتى ضج أهل الكوفة لكثرة من قتل منهم ، حتى روي انه على عطشه قتل مائة وعشرين رجلا ، ثم رجع إلى أبيه وقد أصابته جراحات كثيرة فقال : يا أبت ! العطش قد قتلني وثقل الحديد قد أجهدني ، فهل إلى شربة من ماء سبيل أتقوى بها على الأعداء ؟ فبكى الحسين وقال : يا بني ! عز على محمد وعلى علي وعلى أبيك ، أن تدعوهم فلا يجيبونك ، وتستغيث بهم فلا يغيثونك ، يا بني ! هات لسانك .

فأخذ لسانه ، فمصه ، ودفع إليه خاتمه وقال له : خذ هذا الخاتم في فيك وارجع إلى قتال عدوك ، فإني أرجو أن لا تمسي حتى يسقيك جدك بكأسه الأوفى ، شربة لا تظمأ بعدها أبدا .

- السيد ابن طاووس : وفي رواية قال : واغوثاه ! يا بني ! قاتل قليلا ، فما أسرع ما تلقى جدك محمدا ، فيسقيك بكأسه الأوفى ، شربة لا تظمأ بعدها أبدا .

- أبو الفرج : حدثني أحمد بن سعيد ، عن يحيى بن الحسن العلوي ، عن بكر بن عبد الوهاب ، عن إسماعيل بن أبي إدريس ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه : . . . أن أول قتيل قتل من ولد أبي طالب مع الحسين ابنه علي . . . . وحدثني أحمد بن سعيد ، قال : حدثني يحيى بن الحسن العلوي ، قال : حدثنا غير واحد ، عن محمد بن عمير ، عن أحمد بن عبد الرحمان البصري ، عن عبد الرحمان بن مهدي ، عن حماد بن سلمة ، عن سعيد بن ثابت ، قال : لما برز علي بن الحسين إليهم ، أرخى الحسين عينيه ، فبكى ثم قال : أللهم كن أنت الشهيد عليهم ، فبرز إليهم غلام أشبه الخلق برسول الله ، فجعل يشد عليهم ثم يرجع إلى أبيه فيقول : يا أبه ! العطش ! فيقول له الحسين : اصبر حبيبي ، فإنك لا تمسي حتى يسقيك رسول الله بكأسه ! وجعل يكر كرة بعد كرة ، حتى رمي بسهم فوقع في حلقه فخرقه ، وأقبل يتقلب في دمه ، ثم نادى : يا أبتاه ! عليك السلام ، هذا جدي رسول الله يقرئك السلام ويقول : عجل القدوم إلينا ، وشهق شهقة وفارق الدنيا .

- الخوارزمي : فرجع علي بن الحسين إلى القتال وحمل وهو يقول :

الحرب قد بانت لها حقائق وظهرت من بعدها مصادق
والله ! رب العرش لا نفارق جموعكم أو تغمد البوارق

وجعل يقاتل حتى قتل تمام المائتين ، ثم ضربه منقذ بن مرة العبدي على مفرق رأسه ضربة صرعه فيها ، وضربه الناس بأسيافهم ، فاعتنق الفرس ، فحمله الفرس إلى عسكر عدوه فقطعوه بأسيافهم إربا إربا .

فلما بلغت روحه التراقي نادي بأعلى صوته : يا أبتاه ! هذا جدي رسول الله قد سقاني بكأسه الأوفى شربة لا أظمأ بعدها أبدا ، وهو يقول لك : العجل العجل ! فإن لك كأسا مذخورة .

فصاح الحسين : قتل الله قوما قتلوك ، يا بني ! ما أجرأهم على الله ، وعلى انتهاك حرمة رسول الله ، على الدنيا بعدك العفا .

قال حميد بن مسلم : لكأني أنظر إلى امرأة خرجت مسرعة كأنها الشمس الطالعة تنادي بالويل والثبور ، تصيح : وا حبيباه ! وا ثمرة فؤاداه ! وا نور عيناه ! فسألت عنها ، فقيل : هي زينب بنت علي ، ثم جاءت حتى انكبت عليه ، فجاء إليها الحسين حتى أخذ بيدها وردها إلى الفسطاط ، ثم أقبل مع فتيانه إلى ابنه وقال : احملوا أخاكم ، فحملوه من مصرعه ، حتى وضعوه عند الفسطاط الذي يقاتلون أمامه .

- البهبهاني : وقال أبو مخنف : ثم إنه وضع ولده في حجره ، وجعل يمسح الدم عن ثناياه ، وجعل يلثمه ويقول : يا ولدي ! أما أنت فقد استرحت من هم الدنيا وغمها وشدائدها وصرت إلى روح وريحان وقد بقي أبوك ، وما أسرع اللحوق بك .

- القندوزي الحنفي : : أنه قال : لعن الله قوما قتلوك يا ولدي ! ما أشد جرأتهم على الله ، وعلى انتهاك حرم رسول الله . وأهملت عيناه بالدموع ، وصرخن النساء فسكتهن الإمام ، وقال لهن : اسكتن ، فإن البكاء أمامكن !

وفي رواية : أنه حين رآى ولده الشهيد قال : يا ثمرة فؤاداه ! ويا قرة عيناه !

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>