عبد الله بن عمير الكلبي

- الطبري : قال أبو مخنف : عن الصقعب بن زهير وسليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم قال : وزحف عمر بن سعد نحوهم ، ثم نادى : يا ذو يد ! أدن رأيتك ، فأدناها ، ثم وضع سهمه في كبد قوسه ثم رمى ، فقال : أشهدوا أني أول من رمى ! قال أبو مخنف : حدثني أبو جناب ، قال : كان منا رجل يدعى عبد الله بن عمير من بني عليم كان قد نزل الكوفة ، واتخذ عند بئر الجعد من همدان دارا وكانت معه امرأة له من النمر بن قاسط يقال لها : أم وهب بنت عبد ، فرأى القوم بالنخيلة يعرضون ليسرحوا إلى الحسين قال : فسأل عنهم ، فقيل له : يسرحون إلى حسين بن فاطمة بنت رسول الله !

فقال : والله ! لقد كنت على جهاد أهل الشرك حريصا ، وإني لأرجو ألا يكون جهاد هؤلاء الذين يغزون ابن بنت نبيهم أيسر ثوابا عند الله من ثوابه إياي في جهاد المشركين . فدخل إلى امرأته فأخبرها بما سمع ، وأعلمها بما يريد ، فقالت : أصبت أصاب الله بك أرشد أمورك ، إفعل وأخرجني معك .

قال : فخرج بها ليلا حتى أتى حسينا ، فأقام معه .

فلما دنا عمر بن سعد ورمى بسهم ارتمى الناس ، فلما ارتموا خرج يسار مولى زياد بن أبي سفيان ، وسالم مولى عبيد الله بن زياد ، فقالا : من يبارز ؟ ليخرج إلينا بعضكم ؟ فوثب حبيب بن مظاهر ، وبرير بن حضير ، فقال لهما حسين : اجلسا .

فقام عبد الله بن عمير الكلبي فقال : أبا عبد الله - رحمك الله - إئذن لي فلأخرج إليهما .

فرأى الحسين رجلا آدم طويلا ، شديد الساعدين ، بعيد ما بين المنكبين ، فقال حسين : إني لأحسبه للاقران قتالا ! اخرج إن شئت .

فخرج إليهما . فقالا له : من أنت ؟ فانتسب لهما ، فقالا : لا نعرفك ، ليخرج إلينا زهير بن القين ، أو حبيب بن مظاهر ، أو برير بن حضير ! .

ويسار مستنتل أمام سالم ، فقال له الكلبي : يا ابن الزانية ! وبك رغبة عن مبارزة أحد من الناس ! ؟ وما يخرج إليك أحد من الناس إلا وهو خير منك ! ثم شد عليه فضربه بسيفه حتى برد ، فإنه لمشتغل به يضربه بسيفه إذ شد عليه سالم ، فصاح به [ أصحاب الحسين : ] قد رهقك العبد ! فلم يأبه له حتى غشيه فبدره الضربة ، فاتقاه الكلبي بيده اليسرى فأطار أصابع كفه اليسرى ، ثم مال عليه الكلبي فضربه حتى قتله .

وأقبل الكلبي مرتجزا ، وهو يقول وقد قتلهما جميعا :

إن تنكروني فأنا ابن كلب حسبي بيتي في عليم حسبي
إني امرؤ ذو مرة وعصب ولست بالخوار عند النكب
إني زعيم لك أم وهب بالطعن فيهم مقدما والضرب
ضرب غلام مؤمن بالرب

فأخذت أم وهب امرأته عمودا ، ثم أقبلت نحو زوجها تقول له : فداك أبي وأمي ، قاتل دون الطيبين ذرية محمد ! فأقبل إليها يردها نحو النساء ، فأخذت تجاذب ثوبه ، ثم قالت : إني لن أدعك دون أن أموت معك ! فناداها حسين فقال : جزيتم من أهل بيت خيرا ، ارجعي رحمك الله إلى النساء ، فاجلسي معهن ، فإنه ليس على النساء قتال .

فانصرفت إليهن .

محمد بن أبي طالب ورأيت حديثا : أن وهب هذا كان نصرانيا فأسلم هو وأمه على يدي الحسين ، فقتل في المبارزة أربعة وعشرين راجلا واثني عشر فارسا ، ثم أخذ أسيرا فأتي به عمر بن سعد ، فقال : ما أشد صولتك ؟ ثم أمر فضربت عنقه ورمى برأسه إلى عسكر الحسين ، فأخذت أمه الرأس فقبلته ، ثم رمت بالرأس إلى عسكر ابن سعد فأصابت به رجلا فقتلته ، ثم شدت بعمود الفسطاط فقتلت رجلين ! فقال لها الحسين : ارجعي يا أم وهب ! أنت وابنك مع رسول الله ، فإن الجهاد مرفوع عن النساء .

فرجعت وهي تقول : إلهي لا تقطع رجائي ! فقال الحسين : لا يقطع الله رجاك ، يا أم وهب !

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>