شهادة الحسين للزهراء بفدك

المجلسي : روى العلامة - في كشكوله المنسوب إليه - عن المفضل بن عمر ، قال : قال مولاي جعفر الصادق : لما ولى أبو بكر بن أبي قحافة ، قال له عمر : إن الناس عبيد هذه الدنيا لا يريدون غيرها ، فامنع عن علي وأهل بيته الخمس والفيئ وفدكا ، فإن شيعته إذا علموا ذلك تركوا عليا وأقبلوا إليك رغبة في الدنيا وإيثارا محاباة عليها ، ففعل أبو بكر ذلك وصرف عنهم جميع ذلك . فلما قام أبو بكر بن أبي قحافة مناديه من كان له عند رسول الله دين أو عدة فليأتني حتى أقضيه ، وأنجز لجابر بن عبد الله ولجرير بن عبد الله البجلي ، قال : قال علي لفاطمة : صيري إلى أبي بكر وذكريه فدكا ، فصارت فاطمة إليه وذكرت له فدكا مع الخمس والفيء ، فقال : هاتي بينة يا بنت رسول الله ! فقالت : أما فدك ، فإن الله عزوجل أنزل على نبيه قرآنا يأمر فيه بأن يؤتيني وولدي حقي ، قال الله تعالى : ( فآت ذا القربى حقه ) ) ، فكنت أنا وولدي أقرب الخلائق إلى رسول الله فنحلني وولدي فدكا ، فلما تلا عليه جبرائيل : ( والمسكين وابن السبيل ) ، قال رسول الله : ما حق المسكين وابن السبيل ؟ فأنزل الله تعالى : ( واعلموا أنما غنمتم من شىء فأن لله خمسه وللرسول ولذى القربى واليتمى والمسكين وابن السبيل ) ، فقسم الخمس على خمسة أقسام ، فقال : ( مآ أفآء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذى القربى واليتمى والمسكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الاغنيآء ) فما لله فهو لرسوله ، وما لرسول الله فهو لذي القربى ، ونحن ذو القربى . قال الله تعالى : ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) .

فنظر أبو بكر بن أبي قحافة إلى عمر بن الخطاب وقال : ما تقول ؟ فقال عمر : ومن اليتامى والمساكين وأبناء السبيل ؟ فقالت فاطمة : اليتامى الذين يأتمون بالله وبرسوله وبذي القربى ، والمساكين الذين أسكنوا معهم في الدنيا والآخرة ، وابن السبيل الذي يسلك مسلكهم .

قال عمر : فإذا الخمس والفيء كله لكم ولمواليكم وأشياعكم ؟ ! فقالت فاطمة : أما فدك فأوجبها الله لي ولولدي دون موالينا وشيعتنا ، وأما الخمس فقسمه الله لنا ولموالينا وأشياعنا كما يقرأ في كتاب الله .

قال عمر : فما لسائر المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان ؟ قالت فاطمة : إن كانوا موالينا ومن أشياعنا فلهم الصدقات التي قسمها الله وأوجبها في كتابه ، فقال الله عزوجل : ( إنما الصدقات للفقراء والمسكين والعملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب ) إلى آخر القصة ، قال عمر : فدك لك خاصة ، والفيء لكم ولأوليائكم ؟ ما أحسب أصحاب محمد يرضون بهذا ! ؟ قالت فاطمة : فإن الله عزوجل رضي بذلك ، ورسوله رضي به ، وقسم على الموالاة والمتابعة لا على المعاداة والمخالفة ، ومن عادانا فقد عادى الله ، ومن خالفنا فقد خالف الله ، ومن خالف الله فقد استوجب من الله العذاب الأليم والعقاب الشديد في الدنيا والآخرة .

فقال عمر : هاتي بينة يا بنت محمد على ما تدعين ؟

فقالت فاطمة : قد صدقتم جابر بن عبد الله وجرير بن عبد الله ولم تسألوهما البينة ! وبينتي في كتاب الله .

فقال عمر : إن جابرا وجريرا ذكرا أمرا هينا ، وأنت تدعين أمرا عظيما يقع به الردة من المهاجرين والأنصار ! .

فقالت : إن المهاجرين برسول الله وأهل بيت رسول الله هاجروا إلى دينه ، والأنصار بالإيمان بالله ورسوله وبذي القربى أحسنوا ، فلا هجرة إلا إلينا ، ولا نصرة إلا لنا ، ولا اتباع بإحسان إلا بنا ، ومن ارتد عنا فإلى الجاهلية .

فقال لها عمر : دعينا من أباطيلك ، واحضرينا من يشهد لك بما تقولين ! فبعثت إلى علي والحسن والحسين وأم أيمن وأسماء بنت عميس - وكانت تحت أبي بكر ابن أبي قحافة - فأقبلوا إلى أبي بكر وشهدوا لها بجميع ما قالت وادعته .

فقال : أما علي فزوجها ، وأما الحسن والحسين ابناها ، وأما أم أيمن فمولاتها ، وأما أسماء بنت عميس فقد كانت تحت جعفر بن أبي طالب فهي تشهد لبني هاشم ، وقد كانت تخدم فاطمة ، وكل هؤلاء يجرون إلى أنفسهم ! فقال علي : أما فاطمة فبضعة من رسول الله ، ومن آذاها فقد آذى رسول الله ، ومن كذبها فقد كذب رسول الله ، وأما الحسن والحسين فابنا رسول الله وسيدا شباب أهل الجنة ، من كذبهما كذب رسول الله إذ كان أهل الجنة صادقين ، وأما أنا فقد قال رسول الله : أنت مني وأنا منك ، وأنت أخي في الدنيا والآخرة ، والراد عليك هو الراد علي ، ومن أطاعك فقد أطاعني ، ومن عصاك فقد عصاني ، وأما أم أيمن فقد شهد لها رسول الله بالجنة ، ودعا لأسماء بنت عميس وذريتها .

قال عمر : أنتم كما وصفتم أنفسكم ، ولكن شهادة الجار إلى نفسه لا تقبل ، فقال علي : إذا كنا كما نحن كما تعرفون ولا تنكرون ، وشهادتنا لأنفسنا لا تقبل ، وشهادة رسول الله لا تقبل ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، إذا ادعينا لأنفسنا تسألنا البينة ؟ فما من معين يعين ، وقد وثبتم على سلطان الله وسلطان رسوله ، فأخرجتموه من بيته إلى بيت غيره من غير بينة ولا حجة ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) ثم قال لفاطمة : انصرفي حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين .

قال المفضل : قال مولاي جعفر كل ظلامة حدثت في الإسلام أو تحدث ، وكل دم مسفوك حرام ، ومنكر مشهور ، وأمر غير محمود ، فوزره في أعناقهما وأعناق من شايعهما أو تابعهما ، ورضي بولايتهما إلى يوم القيامة .

الطوسي : عن السياري ، عن علي بن أسباط ، قال : لما ورد أبو الحسن موسى على المهدي وجده يرد المظالم ، فقال له : ما بال مظلمتنا يا أمير المؤمنين لا ترد ؟ ! ! فقال له : وما هي يا أبا الحسن ؟ ! فقال : إن الله عزوجل لما فتح على نبيه فدك وما والاها ، ولم يوجف عليها بخيل ولا بخيل ولا ركاب ، فأنزل الله تعالى على نبيه : ( فئات ذا القربى حقه ) فلم يدر رسول الله من هم ، فراجع في ذلك جبرئيل ، فسأل الله عزوجل عن ذلك ، فأوحى الله إليه أن ادفع فدك إلى فاطمة ، فدعاها رسول الله فقال لها : يا فاطمة ! إن الله تعالى أمرني أن أدفع إليك فدك .

فقالت : قد قبلت يا رسول الله من الله ومنك ، فلم يزل وكلاؤها فيها حياة رسول الله ، فلما ولي أبو بكر أخرج عنها وكلاءها ، فأتته فسألته أن يردها عليها فقال لها : آتيني بأسود أو أحمر ليشهد لك بذلك ، فجاءت بأمير المؤمنين والحسن الحسين وأم أيمن فشهدوا لها بذلك فكتب لها بترك التعرض ، فخرجت بالكتاب معها فلقيها عمر فقال لها : ما هذا معك يا بنت محمد ؟ ! قالت : كتاب كتبه لي ابن أبي قحافة . فقال لها : أرينيه ، فأبت ، فانتزعه من يدها فنظر فيه ، وتفل فيه ، ومحاه وخرقه وقال : هذا لأن أباك لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب وتركها ومضى .

فقال له المهدي : حدها لي ، فحدها فقال : هذا كثير فأنظر فيه .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>