جوده وكرمه

- الإربلي : قال أنس : كنت عند الحسين فدخلت عليه جارية ، فحيته بطاقة ريحان ، فقال لها : أنت حرة لوجه الله . فقلت : تحييك بطاقة ريحان لا خطر لها فتعتقها ؟ قال : كذا أدبنا الله ، قال الله تعالى : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) وكان أحسن منها عتقها .

- الخوارزمي : خرج الحسن إلى سفر فأضل طريقه ليلا ، فمر براعي غنم فنزل عنده فألطفه وبات عنده ، فلما أصبح دله على الطريق ، فقال له الحسن : إني ماض إلى ضيعتي ثم أعود إلى المدينة ، ووقت له وقتا وقال له : تأتيني به . فلما جاء الوقت شغل الحسن بشيء من أموره عن قدوم المدينة ، فجاء الراعي وكان عبدا لرجل من أهل المدينة فصار إلى الحسين وهو يظنه الحسن فقال : أنا العبد الذي بت عندي ليلة كذا ، ووعدتني أن أصير إليك في هذا الوقت ، وأراه علامات عرف الحسين أنه الحسن ، فقال الحسين له : لمن أنت يا غلام ؟ ! فقال : لفلان ، فقال : كم غنمك ؟ قال : ثلاثمائة ، فأرسل إلى الرجل فرغبه حتى باعه الغنم والعبد ، فأعتقه ووهب له الغنم مكافأة لما صنع مع أخيه ، وقال : إن الذي بات عندك أخي وقد كافأتك بفعلك معه .

- ابن سعد : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا ابن أبي غنية ، عن يحيى بن سالم الموصلي ، عن مولى الحسين بن علي قال : كنت مع الحسين بن علي فمر بباب فاستسقى ، فخرجت إليه جارية بقدح مفضض ، فجعل ينزع الفضة فيرمي بها إليها ، قال : إذهبي بها إلى أهلك ، ثم شرب .

- الجويني : أخبرنا العدل أبو طالب علي بن أنجب بن عبيد الله إجازة قال : أنبأنا الشيخ محب الدين أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبراوي إجازة قال : أنبأنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان سماعا - يوم الأحد سلخ رجب ، سنة خمس وخمسين وخمس ماءة

- قال : أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أيوب البزار ، قال : أنبأنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن بن إسحاق الصواف قراءة عليه ، أنا أسمع فأقر به ، قال : أنبأنا بشر ، حدثني أبو علي محمد بن موسى ، حدثني يعلى بن عبد الرحمان الوشاء الكوفي ، أنبأنا محمد بن إسماعيل بن عمرو ، عن جده ، قال : كان حسين بن علي يمر بنا من الكتاب ، ومعه لوحه فنأخذه [ منه ] فنقول : هذا لنا ، فيقول : لا ، هذا لي . فنقول [ له ] : إحلف ، فيدعه في أيدينا ويذهب حتى نصيح به فندفعه اليه

- ابن شهرآشوب : عن عمرو بن دينار قال : دخل الحسين على أسامة بن زيد وهو مريض ، وهو يقول : وا غماه ! فقال له الحسين : وما غمك يا أخي ؟ ! قال : ديني ، وهو ستون ألف درهم . فقال الحسين : هو على .

قال : أخشى أن أموت .

فقال الحسين : لن تموت حتى أقضيها عنك .

قال : فقضاها قبل موته .

- وعنه : وقدم أعرابي المدينة ، فسأل عن أكرم الناس بها ، فدل على الحسين ، فدخل المسجد فوجده مصليا ، فوقف بإزائه وأنشأ : لم يخب الآن من رجاك ومن * حرك من دون بابك الحلقه أنت جواد وأنت معتمد * أبوك قد كان قاتل الفسقه لولا الذي كان من أوائلكم * كانت علينا الجحيم منطبقه قال : فسلم الحسين وقال : يا قنبر ! هل بقي شيء من مال الحجاز ؟ قال : نعم ، أربعة آلاف دينار .

فقال : هاتها قد جاء من هو أحق بها منا ، ثم نزع برديه ولف الدنانير فيهما وأخرج يده من شق الباب حياء من الأعرابي ، وأنشأ : خذها فإني إليك معتذر * واعلم بأني عليك ذو شفقه لو كان في سيرنا الغداة عصا * أمست سمانا عليك مند فقه لكن ريب الزمان ذو غير * والكف مني قليلة النفقه قال : فأخذها الأعرابي وبكى ، فقال له : لعلك استقللت ما أعطيناك ؟ قال : لا . ولكن كيف يأكل التراب جودك " ؟

- ابن عساكر : أخبرنا أبو البركات محفوظ بن الحسن بن محمد بن صصري ، أنبأنا أبو القاسم نصر بن أحمد الهمداني ، أنبأنا رشا [ ء ] بن نظيف المقرئ إجازة ، أنبأنا القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن إسحاق بن يزيد الحلبي ، أنبأنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله الناقد ، حدثني أبو القاسم مسعود - يعني ابن عبد الله - حدثني حميد بن إبراهيم المعافري ، قال : سمعت عبد الله بن عبد الله المديني يذكر عن أبيه عن جده - وكان مولى للحسين بن علي بن أبي طالب - أن سائلا خرج ذات ليلة يتخطى .

وأخبرنا أبو القاسم بن السوسي ، أنبأنا أبو الفضل أحمد بن علي بن الفرات قراءة عليه ، أنبأنا أبي إجازة ، أنبأنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد بن عمر بن الحسن الطرسوسي بمصر ، أنبأنا أبو محمد الحسن بن إبراهيم الليثي الشافعي ، أنبأنا محمد بن أحمد ، أنبأنا هارون بن محمد ، أنبأنا قعنب بن المحرز ، أنبأنا الأصمعي ، عن أبي عمرو بن العلاء ، عن الذيال بن حرملة ، قال : خرج سائل يتخطي أزقة المدينة حتى أتى باب الحسين بن علي ، فقرع الباب وأنشأ يقول : لم يخب اليوم من رجاك ومن * حرك من خلف بابك الحلقه  فأنت ذو الجود أنت معدنه * أبوك قد كان قاتل الفسقه قال : وكان الحسين بن علي واقفا يصلي فخفف من صلاته وخرج إلى الأعرابي ، فرأى عليه أثر ضر وفاقة ، فرجع ونادى بقنبر ! فأجابه : لبيك يا ابن رسول الله ! قال : ما تبقى معك من نفقتنا ؟ قال : مائتا درهم أمرتني بتفريقها في أهل بيتك .

فقال : فهاتها فقد أتى من هو أحق بها منهم ، فأخذها [ من قنبر ] وخرج فرفعها إلى الأعرابي وأنشأ يقول : خذها فإني إليك معتذر * واعلم بأني عليك ذو شفقه لو كان في سيرنا الغداة عصا * كانت سمانا عليك مندفقه لكن ريب الزمان ذو نكد * والكف منا قليلة النفقه فأخذها الأعرابي وولى ، وهو يقول : مطهرون نقيات جيوبهم * تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا وأنتم ، أنتم الأعلون عندكم * علم الكتاب وما جاءت به السور من لم يكن علويا حين تنسبه * فما له في جميع الناس مفتخر .

- الخوارزمي : وفي رواية : سأل رجل الحسين حاجة .

فقال له : يا هذا سؤالك إياي يعظم لدى ، ومعرفتي بما يجب لك يكبر علي ، ويدي تعجز عن نيلك بما أنت أهله ، والكثير في ذات الله قليل ، وما في ملكي وفاء بشكرك ، فإن قبلت بالميسور ، دفعت عني مرارة الاحتيال لك ، والاهتمام بما أتكلف من واجب حقك .

فقال الرجل : أقبل يا ابن رسول الله ! اليسير ، وأشكر العطية ، واعذر على المنع ، فدعا الحسين بوكيله ، وجعل يحاسبه على نفقاته حتى استقصاها .

ثم قال له : هات الفاضل من الثلثمائة ألف .

فأحضر خمسين ألفا ، قال : فما فعلت الخمسمائة دينار ؟ قال : هي عندي . قال : أحضرها .

قال : فدفع الدراهم والدنانير إلى الرجل وقال : هات من يحمل معك هذا المال . فأتاه بالحمالين ، فدفع إليهم الحسين رداءه لكراء حملهم حتى حملوه معه ، فقال مولى له : والله ! ما بقي عندنا درهم واحد . فقال : لكني أرجو أن يكون لي بفعلي هذا أجر عظيم .

- الصدوق : حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الشاه الفقيه المروزي بمرو الرود في داره قال : حدثنا أبو بكر بن محمد بن عبد الله النيسابوري قال : حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي بالبصرة قال : حدثنا أبي في سنة ستين ومائتين ، قال : حدثني علي بن موسى الرضا ، سنة أربع وتسعين ومائة .

وحدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوري بنيسابور قال : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن هارون بن محمد الخوري قال : حدثنا جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخوري بنيسابور قال : حدثنا أحمد بن عبد الله الهروي الشيباني ، عن الرضا علي بن موسى .

وحدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد الأشناني الرازي العدل ببلخ قال : حدثنا علي بن محمد بن مهرويه القزويني ، عن داود بن سليمان الفراء ، عن علي بن موسى الرضا قال : حدثني أبي موسى بن جعفر قال : حدثني أبي جعفر بن محمد ، قال : حدثني أبي محمد بن علي قال : حدثني أبي علي بن الحسين قال : حدثني أبي الحسين بن علي دخل المستراح فوجد لقمة ملقاة فدفعها إلى غلام له ، فقال : يا غلام ! أذكرني بهذه اللقمة إذا خرجت .

فأكلها الغلام ، فلما خرج الحسين بن علي قال : يا غلام ! اللقمة ؟ قال : أكلتها يا مولاي ! قال : أنت حر لوجه الله ! قال له رجل : أعتقته يا سيدي ؟ ! قال : نعم ، سمعت جدي رسول الله يقول : من وجد لقمة فسمح منها أو غسل منها ثم أكلها لم تستقر في جوفه إلا أعتقه الله من النار ، [ ولم أكن لأستعبد رجلا أعتقه الله من النار ] .

- الخوارزمي : وقال الحسن البصري : كان الحسين بن علي سيدا ورعا صالحا ، حسن الخلق ، فذهب ذات يوم مع أصحابه إلى بستانه ، وكان في ذلك البستان غلام له ، اسمه صافي ، فلما قرب من البستان رأى الغلام قاعدا يأكل خبزا ، فنظر الحسين إليه ، وجلس عند نخلة مستترا لا يراه [ الغلام ] ، فكان يرفع الرغيف فيرمي بنصفه إلى الكلب ويأكل نصفه الآخر ، فتعجب الحسين من فعل الغلام ، فلما فرغ من أكله ، قال : الحمد لله رب العالمين ، أللهم اغفر لي واغفر لسيدي ، وبارك له كما باركت على أبويه برحمتك يا أرحم الراحمين .

فقام الحسين وقال : يا صافي ! فقام الغلام فزعا وقال : يا سيدي ! وسيد المؤمنين ! إني ما رأيتك ، فأعف عني .

فقال الحسين : إجعلني في حل يا صافي ! لأني دخلت بستانك بغير إذنك .

فقال صافي : بفضلك يا سيدي ! وكرمك وسؤددك تقول هذا .

فقال الحسين : رأيتك ترمي بنصف الرغيف للكلب ، وتأكل نصفه الآخر ، فما معنى ذلك ؟ ! فقال الغلام : إن هذا الكلب ينظر إلى حين آكل ، فأستحي منه يا سيدي لنظره إلي ، وهذا كلبك يحرس بستانك من الأعداء ، وأنا عبدك وهذا كلبك ، فأكلنا رزقك معا ، فبكى الحسين وقال : أنت عتيق لله تعالى ، ووهبت لك ألفي دينار بطيبة من قلبي .

فقال الغلام : إن أعتقتني فأنا أريد القيام ببستانك .

فقال الحسين : إن الرجل إذا تكلم بكلام فينبغي أن يصدق بالفعل ، فأنا قد قلت دخلت بستانك بغير إذنك ، فصدقت قولي ووهبت البستان وما فيه لك ، غير أن أصحابي هؤلاء جاؤوا لأكل الثمار والرطب ، فاجعلهم أضيافا لك وأكرمهم من أجلي أكرمك الله يوم القيامة ، وبارك لك في حسن خلقك وأدبك .

فقال الغلام : إن وهبت لي بستانك فإني قد سبلته لأصحابك وشيعتك . قال الحسن : فينبغي للمؤمن أن يكون كنافلة رسول الله .

- ابن شهرآشوب : روي عن الحسين بن علي أنه قال : صح عندي قول النبى : أفضل الأعمال بعد الصلاة إدخال السرور في قلب المؤمن بما لا إثم فيه ، فإني رأيت غلاما يؤاكل كلبا ، فقلت له في ذلك ، فقال : يا ابن رسول الله ! إني مغموم أطلب سرورا بسروره ، لأن صاحبي يهودي أريد أفارقه .

فأتى الحسين إلى صاحبه بمائتي دينار ثمنا له ، فقال اليهودي : الغلام فداء لخطاك ، وهذا البستان له ، ورددت عليك المال ، فقال وأنا قد وهبت لك المال .

قال : قبلت المال ووهبته للغلام .

فقال الحسين : أعتقت الغلام ووهبته له جميعا .

فقالت امرأته : قد أسلمت ووهبت زوجي مهري .

فقال اليهودي : وأنا أيضا أسلمت وأعطيتها هذه الدار .

الإنفاق من ما تحب

- الحويزي : في غوالي اللئالي : ونقل عن الحسين أنه كان يتصدق بالسكر ، فقيل له في ذلك فقال : إني أحبه ، وقد قال الله تعالى : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا ) .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>