لقاؤه مع سفير عمر بن سعد

- ابن أعثم : وبعث عبيد الله بن زياد عمر بن سعد في أربعة آلاف من أهل الكوفة إلى كربلاء ، ثم دعا عمر بن سعد رجلا من أصحابه يقال له : عروة بن قيس ، فقال له : امض يا هذا ! إلى الحسين ، فقل له : ما تصنع في هذا الموضع ؟ وما الذي أخرجه عن مكة ، وقد كان مستوطنا بها ؟ فقال عروة بن قيس : أيها الأمير ! إني كنت اليوم ، أكاتب الحسين ويكاتبني ، وأنا أستحي أن أسير إليه ، فإن رأيت أن تبعث غيري فابعث .

قال فبعث إليه رجلا يقال له : فلان [ كثير ] بن عبد الله السبيعي [ الشعبي ] ، وكان فارسا بطلا شجاعا لا يرد وجه [ وجهه ] عن شيء ، فقال له عمر بن سعد : امض إلى الحسين فسله ما الذي أخرجه عن مكة ، وما يريد ؟ قال : فأقبل السبيعي نحو الحسين ، ثم قال له الحسين لما رآه : ضع سيفك حتى نكلمك ! فقال : لا ولا كرامة لك ، إنما أنا رسول عمر بن سعد ، فإن سمعت مني بلغتك ما أرسلت به ، وإن أبيت انصرفت عنك . فقال له أبو ثمامة الصائدي : فإني آخذ سيفك .

فقال : لا والله ! لا يمس سيفي أحد ؛ فقال أبو ثمامة : فتكلم بما تريد ولا تدن من الحسين ، فإنك رجل فاسق .

قال : فغضب السبيعي ورجع إلى عمر بن سعد ، وقال : إنهم لم يتركوني أصل إلى الحسين فأبلغه الرسالة . فأرسل إليه قرة بن قيس الحنظلي ، فأقبل ، فلما رأى معسكر الحسين ، قال الحسين لأصحابه : هل تعرفون هذا ؟ فقال حبيب بن مظاهر الأسدي : نعم ، هذا من بني تميم ، وقد كنت أعرفه بحسن الرأي ، وما ظننت أنه يشهد هذا المشهد ! وتقدم الحنظلي حتى وقف بين يدي الحسين فسلم عليه وأبلغه رسالة عمر بن سعد ، فقال : يا هذا ! أعلم صاحبك عني ، أني لم أرد إلى ههنا حتى كتب إلي أهل مصركم أن يبايعوني ولا يخذلوني وينصروني ، فإن كرهوني أنصرف عنهم من حيث جئت .

- أبو مخنف : فدعا ابن سعد بكثير بن شهاب وقال له : انطلق إلى الحسين وقل له : ما الذي جاء بك إلينا ، وأقدمك علينا ؟ فأقبل حتى وقف بإزاء الحسين ونادى : يا حسين ! ما الذي جاء بك إلينا وأقدمك علينا ؟ فقال الحسين : أتعرفون هذا الرجل ؟ فقال له أبو ثمامة الصيداوي : هذا من أشر أهل الأرض .

فقال : سلوه ما يريد ؟ فقال : أريد الدخول على الحسين .

فقال له زهير بن القين : ألق سلاحك وادخل .

فقال : لست أفعل .

فقال : انصرف من حيث أتيت ، فانصرف إلى ابن سعد وأخبره بذلك ، فأنفذ برجل آخر من خزيمة وقال له : امض إلى الحسين وقل له : ما الذي جاء بك إلينا وأقدمك علينا ؟ فأقبل حتى وقف بإزاء الحسين فنادى ، فقال الحسين : أتعرفون هذا الرجل ؟ فقالوا : هذا رجل فيه الخير إلا أنه شهد هذا الموضع ! فقال : سلوه ما يريد ؟ فقال : أريد الدخول على الحسين .

فقال له زهير : ألق سلاحك وادخل .

فقال : حبا وكرامة .

ثم ألقى سلاحه ودخل عليه فقبل يديه ورجليه وقال : يا مولاي ! ما الذي جاء بك إلينا وأقدمك علينا ؟ فقال : كتبكم .

فقال : الذين كاتبوك هم اليوم من خواص ابن زياد ! فقال له : ارجع إلى صاحبك وأخبره بذلك .

فقال : يا مولاي ! من الذي يختار النار على الجنة ، فوالله ! ما أفارقك حتى ألقى حمامي بين يديك ! فقال له الحسين : واصلك الله كما واصلتنا بنفسك . ثم أقام عند الحسين حتى قتل .

- الدينوري : أنه قال : أبلغه عني أن أهل هذا المصر كتبوا إلي يذكرون أن لا إمام لهم ، ويسألونني القدوم عليهم ، فوثقت بهم ، فغدروا بي ، بعد أن بايعني منهم ثمانية عشر ألف رجل ، فلما دنوت ، فعلمت غرور ما كتبوا به إلي أردت الانصراف إلى حيث منه أقبلت ، فمنعني الحر بن يزيد ، وسار حتى جعجع بي في هذا المكان ، ولي بك قرابة قريبة ، ورحم ماسة ، فأطلقني حتى أنصرف ! فانصرف [ قرة بن قيس الحنظلي ] إلى عمر بن سعد فأخبره الخبر ، فقال له عمر ابن سعد : إني لأرجو أن يعافيني الله من حربه وقتاله .

وكتب إلى ابن زياد بذلك ، وأجاب ابن زياد : أعرض على الحسين أن يبايع ليزيد بن معاوية هو وجميع أصحابه ، فإذا فعل ذلك رأينا رأينا .

فلما انتهى كتابه إلى عمر بن سعد قال : ما أحسب ابن زياد يريد العافية ! فأرسل عمر بن سعد بكتاب ابن زياد إلى الحسين ، فقال الحسين للرسول : لا أجيب ابن زياد بذلك أبدا ، فهل هو إلا الموت ، فمرحبا به .  

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>