لقاؤه مع عمر بن سعد

- الخوارزمي : وأرسل الحسين إلى ابن سعد : إني أريد أن أكلمك فالقني الليلة بين عسكري وعسكرك . فخرج إليه عمر بن سعد في عشرين فارسا ، والحسين في مثل ذلك ، ولما التقيا أمر الحسين أصحابه فتنحوا عنه ، و بقي معه أخوه العباس وابنه علي الأكبر ، وأمر عمر بن سعد أصحابه فتنحوا عنه و بقي معه ابنه حفص وغلام له يقال له : لاحق .

فقال الحسين لابن سعد : ويحك أما تتقي الله الذي إليه معادك ؟ أتقاتلني وأنا ابن من علمت ؟ يا هذا ! ذر هؤلاء القوم وكن معي ، فإنه أقرب لك من الله .

فقال له عمر : أخاف أن تهدم داري ! فقال الحسين : أنا أبنيها لك ! فقال عمر : أخاف أن تؤخذ ضيعتي ! فقال : أنا أخلف عليك خيرا منها من مالي بالحجاز .

فقال : لي عيال أخاف عليهم ! فقال : أنا أضمن سلامتهم . ثم سكت فلم يجبه عن ذلك ، فانصرف عنه الحسين ، وهو يقول : مالك ، ذبحك الله على فراشك سريعا عاجلا ، ولا غفر لك يوم حشرك ونشرك ، فوالله ! إني لأرجو أن لا تأكل من بر العراق إلا يسيرا .

فقال له عمر : يا أبا عبد الله ! في الشعير عوض عن البر ! ثم رجع عمر إلى معسكره .

- ابن شهر آشوب : وروي أن الحسين بن علي قال لعمر بن سعد : إن مما يقر لعيني أنك لا تأكل من بر العراق بعدي إلا قليلا . فقال مستهزئا : يا أبا عبد الله ! في الشعير خلف ! فكان كما قال ، لم يصل إلى الري وقتله المختار .

- الطبري : قال أبو مخنف : حدثني أبو جناب ، عن هاني بن ثبيت الحضرمي - وكان قد شهد قتل الحسين - قال : بعث الحسين إلى عمر بن سعد ، عمرو بن قرظة بن كعب الأنصاري : أن ألقني الليل بين عسكري وعسكرك . فخرج عمر بن سعد في نحو من عشرين فارسا ، وأقبل حسين في مثل ذلك ، فلما التقوا أمر حسين أصحابه : أن يتنحوا عنه ، وأمر عمر بن سعد أصحابه بمثل ذلك . فانكشفنا عنهما بحيث لا نسمع أصواتهما ولا كلامهما ، فتكلما فأطالا حتى ذهب من الليل هزيع ، ثم انصرف كل واحد منهما إلى عسكره بأصحابه .

وتحدث الناس فيما بينهما ظنا يظنونه أن حسينا قال لعمر بن سعد : اخرج معي إلى يزيد بن معاوية وندع العسكرين ، قال عمر : إذن تهدم داري ! قال : أنا أبنيها لك . قال : إذن تؤخذ ضياعي ! قال : إذن أعطيك خيرا منها من مالي بالحجاز .

فتكره ذلك عمر ، تحدث الناس بذلك وشاع فيهم ، من غير أن يكونوا سمعوا من ذلك شيئا ولا علموه ! قال أبو مخنف : وأما ما حدثنا به المجالد بن سعيد ، والصقعب بن زهير الأزدي وغيرهما من المحدثين فهو ما عليه جماعة المحدثين ، قالوا : إنه قال : اختاروا مني خصالا ثلاثا :

1 - إما أن أرجع إلى المكان الذي أقبلت منه .

2 - وإما أن أضع يدي في يد يزيد بن معاوية فيرى فيما بيني وبينه رأيه .

3 - وإما أن تسيروني إلى أي ثغر من ثغور المسلمين شئتم ، فأكون رجلا من أهله لي ما لهم وعلي ما عليهم .

فأما عبد الرحمن بن جندب فحدثني ، عن عقبة بن سمعان أنه قال : صحبت حسينا فخرجت معه من المدينة إلى مكة ، ومن مكة إلى العراق ، ولم أفارقه حتى قتل ، وليس من مخاطبته الناس كلمة بالمدينة ولا بمكة ، ولا في الطريق ولا بالعراق ولا في عسكره إلى يوم مقتله إلا سمعتها ، ألا - والله ! - ما أعطاهم ما يتذاكر الناس وما يزعمون : من أن يضع يده في يد يزيد بن معاوية ! ولا أن يسيروه إلى ثغر من ثغور المسلمين ! ولكنه قال : دعوني فلأذهب في هذه الأرض العريضة حتى ننظر ما يصير أمر الناس .

- أبو الفرج الأصبهاني : فوجه إلى عمر بن سعد ( لعنه الله ) ، فقال : ماذا تريدون مني ! ؟ إني مخيركم ثلاثا بين أن تتركوني ألحق بيزيد ! أو أرجع من حيث جئت ! أو أمضي إلى بعض ثغور المسلمين فأقيم فيها .

ففرح ابن سعد بذلك وظن أن ابن زياد لعنه الله يقبله منه ، فوجه إليه رسولا يعلمه ذلك ويقول : لو سألك هذا بعض الديلم ولم تقبله ظلمته ! فوجه إليه ابن زياد : طمعت يا ابن سعد في الراحة وركنت إلى دعة ! ؟ ناجز الرجل وقاتله ولا ترض منه إلا أن ينزل على حكمي ! فقال الحسين : معاذ الله أن أنزل على حكم ابن مرجانة أبدا .

فكتب عمر بن سعد إلى ابن زياد ، وطلب إصلاح الأمر بينه وبين الحسين ، فلما قرأ ابن زياد كتاب عمر بن سعد ، قال : هذا كتاب رجل ناصح لأميره . لكن قال شمر بن ذي الجوشن : أتقبل هذا منه ، وقد نزل بأرضك إلى جنبك ؟ والله ! لئن رحل من بلدك ليكونن أولى بالقوة ، ولتكونن أولى بالضعف ! فقال ابن زياد : نعم ما رأيت ! الرأي رأيك .

ثم كتب إلى عمر بن سعد : إني لم أبعثك إلى حسين لتكف عنه . . . انظر فإن نزل حسين وأصحابه على الحكم فابعث بهم إلى سلما ، وإلا فازحف إليهم حتى تقتلهم وتمثل بهم ، فإنهم لذلك مستحقون ! فإن قتل حسين فأوطئ الخيل صدره وظهره ! ! وإن أبيت فاعتزل عملنا وجندنا ، وخل بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر ، فإنا قد أمرناه أمرنا .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>