في مروءته

- الخوارزمي : أخبرني الإمام الأجل مجد الدين قوام السنة أبو الفتوح محمد ابن أبي جعفر الطائي فيما كتب إلى من همدان ، أخبرنا شيخ القضاة أبو علي إسماعيل بن أحمد البيهقي ، سنة اثنتين وخمسمائة بباب المدينة بمرو في الجامع ، أخبرنا الإمام حقا وشيخ الإسلام صدقا أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن محمد بهرات ، أخبرنا أبو علي أحمد ابن محمد بن علي ، حدثنا علي بن خشرم ، سمعت يحيى بن عبد الله بن بشير الباهلي ، حدثنا ابن المبارك أو غيره - شك الباهلي - قال : بلغني أن معاوية قال ليزيد : هل بقيت لذة من الدنيا لم تنلها ؟ قال : نعم ، أم أبيها هند بنت سهيل بن عمرو خطبتها ، وخطبها عبد الله بن عامر ابن كريز ، فتزوجته وتركتني .

فأرسل معاوية إلى عبد الله بن عامر ، وهو عامله على البصرة ، فلما قدم عليه قال : أنزل عن أم أبيها لولي عهد المسلمين يزيد .

قال : ما كنت لأفعل .

قال : أقطعك البصرة ، فإن لم تفعل عزلتك عنها .

قال : وإن فلما خرج من عنده قال له مولاه : امرأة بامرأة ، أتترك البصرة بطلاق امرأة ! ؟ فرجع إلى معاوية فقال : هي طلاق ، فرده إلى البصرة ، فلما دخل تلقته أم أبيها فقال : استتري .

فقالت : فعلها اللعين ، واستترت .

قال : فعد معاوية الأيام حتى إذا نقضت العدة وجه أبا هريرة يخطبها ليزيد ، وقال له : أمهرها بألف ألف .

فخرج أبو هريرة فقدم المدينة ، فمر بالحسين بن علي فقال : ما أقدمك المدينة يا أبا هريرة ؟ ! قال : أريد البصرة أخطب أم أبيها لولي عهد المسلمين يزيد .

قال : فترى أن تذكرني لها .

قال : إن شئت .

قال : قد شئت .

فقدم أبو هريرة البصرة ، فقال لها : يا أم أبيها إن أمير المؤمنين يخطبك لولي عهد المسلمين يزيد ، وقد بذل لك في الصداق ألف ألف ، ومررت بالحسين بن علي فذكرك .

قالت : فما ترى يا أبا هريرة ! ؟ قال : ذلك إليك .

قالت : فشفة قبلها رسول الله أحب إلي .

قال : فتزوجت الحسين بن علي ، ورجع أبو هريرة فأخبر معاوية ، قال : فقال له : يا حمار ! ليس لهذا وجهناك .

قال : فلما كان بعد ذلك حج عبد الله بن عامر فمر بالمدينة فلقي الحسين بن علي فقال له : يا ابن رسول الله ! تأذن لي في كلام أم أبيها . فقال : إذا شئت .

فدخل معه البيت ، واستأذن على أم أبيها فأذنت له ، ودخل معه الحسين ، فقال لها عبد الله بن عامر : يا أم أبيها ! ما فعلت الوديعة التي استودعتك ؟ قالت : عندي ، يا جارية ! هاتي سفط كذا ، فجائت به ، ففتحته وإذا هو مملوء ، لآلئ وجوهر يتلألأ ، فبكى ابن عامر .

فقال الحسين : ما يبكيك ؟ فقال : يا ابن رسول الله ! أتلومني على أن أبكي على مثلها في ورعها ، وكمالها ، ووفائها .

قال : يا ابن عامر ! نعم المحلل كنت لكما ، هي طلاق .

فحج فلما رجع تزوج بها .

قلت : وأورد هذه الحكاية أبو العلاء الحافظ ، وساقها عن الحسن بن علي ، على ما أخبرني إجازة ، قال : أخبرني عبد القادر بن محمد اليوسفي ، أخبرني الحسن ابن علي الجوهري ، أخبرني محمد بن العباس ، أخبرني أحمد بن معروف الخشاب ، أخبرني حسين بن محمد ، أخبرني محمد بن سعد ، أخبرني علي بن محمد ، عن الهذلي ، عن ابن سيرين ، قال : كانت هند بنت سهيل بن عمرو عند عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد ، وكان أبا عذرتها ، ثم طلقها فتزوجها عبد الله بن عامر بن كريز ثم طلقها ، فكتب معاوية إلى أبي هريرة أن يخطبها ليزيد بن معاوية ، فلقيه الحسن بن علي فقال : أين تريد ؟ قال : أخطب هند بنت سهيل ليزيد بن معاوية . قال فاذكرني لها ، فأتاها أبو هريرة فأخبرها الخبر فقالت : اخترلي . قال : أختار لك الحسن ، فتزوجها . قال فقدم عبد الله بن عامر المدينة فقال للحسن : إن لي عندها وديعة ، فدخل إليها والحسن معه ، وجلست بين يديه فرق ابن عامر ، فقال الحسن : ألا أنزل لك عنها ؟ فلا أراك تجد محللا خيرا لكما مني .

فقال : وديعتي فأخرجت سفطين فيهما جوهر ، ففتحهما وأخذ من كل واحدة قبضة وترك الباقي ، وكانت تقول : سيدهم حسن ، وأسخاهم ابن عامر ، وأحبهم إلى عبد الرحمن بن عتاب .

ونقل ابن قتيبة الدينوري هذه القضية مفصلا مرفوعا مع اختلاف في أسماء الأشخاص ، وقد روى عنه كثير من المصنفين ، ولما رأينا ضعف نقل ابن قتيبة اجتنبنا عن ذكره .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>