ابن شهر آشوب : أبو عبد
الله ، المفيد النيسابوري في أماليه ، قال الرضا
: عري الحسن الحسين
، وأدركهما
العيد ، فقالا لأمهما : قد زينوا صبيان المدينة إلا نحن ،
فما لك لا تزينينا ؟ ! فقالت : ثيابكما عند الخياط ، فإذا
أتاني زينتكما ، فلما كانت ليلة العيد أعادا القول على
أمهما ، فبكت ورحمتهما فقالت لهما ما قالت في الأولى ،
فردا عليها .
فلما أخذ الظلام قرع الباب قارع ؛ فقالت
فاطمة
: من هذا ؟ فقال : يا
بنت رسول الله ! أنا الخياط قد جئت بالثياب ، ففتحت الباب
؛ فإذا رجل ومعه من لباس العيد ، قالت فاطمة
: والله ! لم أر رجلا أهيب شيمة منه ، فناولها
منديلا مشدودا وانصرف ، فدخلت فاطمة
ففتحت المنديل فإذا فيه قميصان ودراعتان ، وسروالان ،
ورداءان ، وعمامتان ، وخفان أسودان معقبان بحمرة ،
فأيقظتهما ، وألبستهما ، ودخل رسول الله
، وهما مزينان فحملهما وقبلهما ، ثم قال : رأيت
الخياط ؟ قالت : نعم ، والذي أنفذته من الثياب . قال : يا
بنية ! ما هو خياط ، إنما هو رضوان خازن الجنة . قالت
فاطمة
: فمن أخبرك يا رسول الله ؟ ! قال
: ما عرج حتى جائني
وأخبرني بذلك .
المجلسي : روي في المراسيل : أن الحسن والحسين
كان عليهما ثياب خلق وقد قرب العيد ، فقالا
لأمهما فاطمة
: إن بني فلان خيطت لهم
الثياب الفاخرة أفلا تخيطين لنا ثيابا للعيد يا أماه ؟ !
فقالت : يخاط لكما إن شاء الله ، فلما أن جاء العيد جاء جبرئيل بقميصين من حلل الجنة إلى رسول الله
، فقال له رسول الله
:
ما هذا يا أخي جبرئيل ! فأخبره بقول الحسن والحسين
لفاطمة
، وبقول فاطمة
: يخاط لكما إن شاء الله ، ثم قال جبرائيل : قال الله
تعالى لما سمع قولها : لا نستحسن أن نكذب فاطمة بقولها :
يخاط لكما إن شاء الله .
الطريحي : روي عن بعض الثقات الأخيار : أن الحسن
والحسين
دخلا يوم عيد على حجرة جدهما
رسول الله
فقالا : يا جداه ! اليوم
يوم العيد وقد تزين أولاد العرب بألوان اللباس ولبسوا جديد
الثياب وليس لنا ثوب جديد ، وقد توجهنا لجنابك لنأخذ
عيديتنا منك ، ولا نريد سوى ثياب نلبسها . فتأمل النبى
إلى حالهما وبكى ، ولم يكن عنده في
البيت ثياب تليق بهما ، ولا رأى أن يمنعهما فيكسر خاطرهما
، فتوجه إلى الأحدية وعرض الحال على الحضرة الصمدية وقال :
إلهي أجبر قلبهما وقلب أمهما ، فنزل جبرائيل من السماء تلك
الحال ومعه حلتان بيضاوتان من حلل الجنة ، فسر النبى
وقال لهما : يا سيدي شباب أهل الجنة ! ها
كما أثوابكما خاطهما خياط القدرة على طولكما ، أتتكما مخيطة من عالم الغيب .
فلما رأيا الخلع بيضا قالا
: يا جداه ! كيف هذا وجميع صبيان العرب لابسون ألوان
الثياب ، فأطرق النبى
ساعة متفكرا في أمرهما فقال جبرائيل : يا محمد ! طب نفسا
وقر عينا إن صابغ صبغة الله عزوجل يقضي لهما هذا الأمر ،
ويفرح قلوبهما بأي لون شاء ، فأمر يا محمد ! بإحضار الطشت
والإبريق ، فحضرا فقال جبرائيل : يا رسول الله ! أنا أصب
الماء على هذه الخلع وأنت تفركهما بيدك فتصبغ بأي لون شاءا
، فوضع النبى
حلة الحسن
في الطشت فأخذ جبرائيل يصب الماء ، ثم أقبل النبى على
الحسن
وقال : يا قرة عيني ! بأي لون تريد حلتك . فقال : أريدها
خضراء ، ففركها النبى
بيده في ذلك الماء فأخذت بقدرة الله لونا أخضر فابقا [
فائقا ] كالزبرجد الأخضر ، فأخرجها النبى
وأعطاها للحسن
فلبسها .
ثم وضع حلة الحسين
في الطشت وأخذ جبرائيل يصب الماء فالتفت النبى
إلى نحو الحسين
- وكان له من العمر خمس سنين - وقال له : يا قرة عيني ! أي
لون تريد حلتك .
فقال الحسين
: يا جداه ! أريدها حمراء ، ففركها النبى
بيده في ذلك الماء فصارت حمراء كالياقوت الأحمر ، فلبسها
الحسين
فسر النبى
بذلك .
وتوجه الحسن والحسين
إلى أمهما فرحين مسرورين ، فبكى جبرائيل لما شاهد تلك
الحال ، فقال النبى
: يا أخي ! في مثل هذا اليوم الذي فرح فيه ولداي تبكي
وتحزن ، فبالله عليك إلا ما أخبرتني ؟ فقال جبرائيل : اعلم
يا رسول الله ! إن اختيار ابنيك على اختلاف اللون فلابد
للحسن أن يسقوه السم ويخضر لون جسده من عظم السم ، ولابد
للحسين أن يقتلوه ويذبحوه ويخضب بدنه من دمه ، فبكى النبى
، وزاد حزنه لذلك . |