شهادة الزهراء

الإربلي : فلما توفيت فاطمة الزهراء دخل الحسن والحسين فقالا : يا أسماء ! ما ينيم أمنا في هذه الساعة ؟ قالت : يا بني رسول الله ! ليست أمكما نائمة ، قد فارقت الدنيا ، فوقع عليها الحسن يقبلها مرة ويقول : يا أماه ! كلميني قبل أن تفارق روحي بدني .

قال : وأقبل الحسين يقبل رجلها ويقول : يا أماه ! أنا ابنك الحسين ، كلميني قبل أن ينصدع قلبي فأموت .

قالت لهما أسماء : يا بني رسول الله ! انطلقا إلى أبيكما علي فأخبراه بموت أمكما ، فخرجا حتى إذا كانا قرب المسجد رفعا أصواتهما بالبكاء ، فابتدرهم جميع الصحابة فقالوا : ما يبكيكما يا ابني رسول الله ، لا أبكى الله أعينكما ؟ لعلكما نظرتما إلى موقف جدكما فبكيتما شوقا إليه ؟ فقالا : لا ، أو ليس قد ماتت أمنا فاطمة صلوات الله عليها .

قال : فوقع علي على وجهه يقول : بمن العزاء يا بنت محمد ؟ !

البحراني : وهب بن منبه ، عن ابن عباس : أنها بقيت أربعين يوما بعده - أي بعد أبيها - وفي رواية : ستة أشهر ، وساق ابن عباس الحديث إلى أن قال : لما توفيت ، شقت أسماء جيبها وخرجت ، فتلقاها الحسن والحسين فقالا : أين امنا ؟ فسكتت ، فدخلا البيت ، فإذا هي ممتدة ، فحركها الحسين ، فإذا هي ميتة .

فقال : يا أخاه ! آجرك الله في الوالدة ، وخرجا يناديان : يا محمداه ! يا أحمداه ! اليوم جدد لنا موتك إذ ماتت أمنا ! ثم أخبرا عليا وهو في المسجد ، فغشي عليه حتى رش عليه الماء ، ثم أفاق ، فحملهما حتى أدخلهما بيت فاطمة ، وعند رأسها أسماء تبكي وتقول : وا يتامى محمد ! كنا نتعزى بفاطمة بعد موت جدكما ، فبمن نتعزى بعدها ؟ فكشف علي عن وجهها ، فإذا برقعة عند رأسها ، فنظر فيها ، فإذا فيها : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أوصت به فاطمة بنت رسول الله ، أوصت وهي تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن الجنة حق ، والنار حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ، يا علي ! أنا فاطمة بنت محمد ، زوجني الله منك لأكون لك في الدنيا والآخرة ، أنت أولى بي من غيري ، حنطني وغسلني وكفني بالليل وصل علي ، وادفني بالليل ، ولا تعلم أحدا ، واستودعك الله ، وأقرأ على ولدي السلام إلى يوم القيامة .

فلما جن الليل غسلها علي ووضعها على السرير ، وقال للحسن : ادع لي أبا ذر .

فدعاه ، فحملاه إلى المصلى ، فصلى عليها ، ثم صلى ركعتين ، ورفع يديه إلى السماء فنادى : هذه بنت نبيك فاطمة ، أخرجتها من الظلمات إلى النور ، فأضاءت الأرض ميلا في ميل ! ! فلما أرادوا أن يدفنوها نودوا من بقعة من البقيع : إلي ، إلي ، فقد رفع تربتها مني ، فنظروا فإذا هي بقبر محفور ، فحملوا السرير إليها ، فدفنوها فجلس علي على شفير القبر ، فقال : يا أرض ! استودعتك وديعتي ، هذه بنت رسول الله ! فنودي منها : يا علي ! أنا أرفق بها منك ، فارجع ولا تهتم ! فرجع ، وانسد القبر واستوى بالأرض ، فلم يعلم أين كان إلى يوم القيامة .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>