الثعلبية

- الدينوري : وسار الحسين من الخزيمية يريد الثعلبية ، فمر في طريقه بزرود ، فنظر إلى فسطاط مضروب فسأل عنه ، فقيل له : هو لزهير بن القين ، وكان حاجا أقبل من مكة يريد الكوفة ، فأرسل إليه الحسين ، أن ألقني أكلمك ، فأبى أن يلقاه ، وكانت مع زهير زوجته ، فقالت له : سبحان الله ، يبعث إليك ابن رسول الله فلا تجيبه ؟ فقام إلى الحسين فلم يلبث أن انصرف وقد أشرق وجهه ! فأمر بفسطاطه فقلع ، وضرب إلى لزق فسطاط الحسين ولحق بالحسين .

الثعلبية

- الطبري : قال أبو مخنف : حدثني أبو جناب الكلبي ، عن عدي بن حرملة الأسدي ، عن عبد الله بن سليم ، والمذري بن المشمعل الأسديين ، قالا : لما قضينا حجنا لم يكن لنا همة إلا اللحاق بالحسين في الطريق ، لننظر ما يكون من أمره وشأنه ، فأقبلنا ترقل بنا ناقتانا مسرعين حتى لحقنا بزرود ، فلما دنونا منه إذا نحن برجل من أهل الكوفة ، قد عدل عن الطريق حين رأى الحسين ، فوقف الحسين كأنه يريده ، ثم تركه ومضى ، ومضينا نحوه ، فقال أحدنا لصاحبه : إذهب بنا إلى هذا فلنسأله ، فإن كان عنده خبر الكوفة علمناه . فمضينا حتى انتهينا إليه ، فقلنا : السلام عليك .

قال : وعليكم السلام ورحمة الله .

ثم قلنا : فمن الرجل ؟ قال : أسدي .

فقلنا : فنحن أسديان ، فمن أنت ؟ قال : أنا بكير بن المثعبة . فانتسبنا له ، ثم قلنا : أخبرنا عن الناس وراءك ؟ قال : نعم ، لم أخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة ، فرأيتهما يجران بأرجلهما في السوق ! قالا : فأقبلنا حتى لحقنا بالحسين فسايرناه حتى نزل الثعلبية  ممسيا .

فجئناه حين نزل ، فسلمنا عليه ، فرد علينا ، فقلنا له : يرحمك الله ، إن عندنا خبرا ، فإن شئت حدثنا علانية ، وإن شئت سرا . فنظر إلى أصحابه وقال : ما دون هؤلاء سر .

فقلنا له : أرأيت الراكب الذي استقبلك عشاء أمس ؟ قال : نعم ، وقد أردت مسألته .

فقلنا : قد استبرأنا لك خبره وكفيناك مسألته ، وهو امرؤ من أسد منا ذو رأي وصدق وفضل وعقل ، وأنه حدثنا : إنه لم يخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة ، وحتى رآهما يجران في السوق بأرجلهما ! فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ! رحمة الله عليهما .

فردد ذلك مرارا .

فقلنا : ننشدك الله في نفسك وأهل بيتك إلا انصرفت من مكانك هذا ، فإنه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة ، بل نتخوف أن تكون عليك ! فوثب عند ذلك بنو عقيل بن أبي طالب .

قال أبو مخنف : حدثني عمر بن خالد ، عن زيد بن علي بن حسين ، وعن داود ابن علي بن عبد الله بن عباس أن بني عقيل قالوا : لا والله ! لا نبرح حتى ندرك ثأرنا ، أو نذوق ما ذاق أخونا ! الأسديان قالا : فنظر إلينا الحسين فقال : لا خير في العيش بعد هؤلاء ! فعلمنا أنه قد عزم له رأيه على المسير ، فقلنا : خار الله لك .

فقال : رحمكما الله . . . .

ثم انتظر حتى إذا كان السحر قال لفتيانه وغلمانه : أكثروا من الماء . فاستقوا وأكثروا .

- ابن أعثم : وسار الحسين حتى نزل الثعلبية ، وذلك في وقت الظهيرة ، ونزل أصحابه ، فوضع الحسين رأسه فأغفى ، ثم انتبه باكيا من نومه ، فقال له ابنه علي بن الحسين : ما يبكيك يا أبه ! لا أبكى الله عينيك ؟ فقال الحسين : يا بني ! هذه ساعة لا تكذب فيها الرؤيا ، فأعلمك أني خفقت برأسي خفقة فرأيت فارسا على فرس وقف علي ، فقال : يا حسين ! إنكم تسرعون والمنايا تسرع بكم إلى الجنة ؛ فعلمت أن أنفسنا نعيت إلينا .

فقال له ابنه علي : يا أبه ! أفلسنا على الحق ؟ قال : بلى يا بني ! والذي إليه مرجع العباد .

فقال ابنه علي : إذا لا نبالي بالموت . فقال الحسين : جزاك الله عني يا بني ! خير ما جزى به ولدا عن والده .

وعنه : فلما أصبح الحسين وإذا برجل من الكوفة يكنى أبا هرة الأزدي أتاه فسلم عليه ثم قال : يا ابن بنت رسول الله ! ما الذي أخرجك عن حرم الله وحرم جدك محمد ؟ فقال الحسين : يا أبا هرة ! إن بني أمية أخذوا مالي فصبرت ، وشتموا عرضي فصبرت ، وطلبوا دمي فهربت ، وأيم الله يا أبا هرة ! لتقتلني الفئة الباغية وليلبسهم الله ذلا شاملا وسيفا قاطعا ، وليسلطن الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من قوم سبأ إذ ملكتهم امرأة منهم فحكمت في أموالهم وفي دمائهم .

- البحراني : وفي رواية عن الرياشي ، بإسناده عن راوي حديثه ، قال : حججت فتركت أصحابي وانطلقت أتعسف الطريق وحدي ، فبينما أنا أسير إذ رفعت طرفي إلى أخبية وفساطيط ، فانطلقت نحوها حتى أتيت أدناها ، فقلت : لمن هذه الأبنية ؟ فقالوا : للحسين قلت : ابن علي وابن فاطمة ؟ قالوا : نعم قلت : في أيها هو ؟ قالوا : في ذلك الفسطاط فانطلقت نحوه ، فإذا الحسين متك على باب الفسطاط يقرأ كتابا بين يديه ، فسلمت فرد علي ، فقلت : يا ابن رسول الله ! بأبي أنت وأمي ! ما أنزلك في هذه الأرض القفراء التي ليس فيها ريف ولا منعة ؟ قال : إن هؤلاء أخافوني ، وهذه كتب أهل الكوفة وهم قاتلي ! فإذا فعلوا ذلك ولم يدعوا لله محرما إلا انتهكوه ، بعث الله إليهم من يقتلهم حتى يكونوا أذل من قوم الأمة .

- ابن عساكر : أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنبأنا أبو بكر بن الطبري ، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، أنبأنا يعقوب ، أنبأنا أبو بكر الحميدي ، حدثني سفيان ، حدثني رجل من بني أسد يقال له : بحير - بعد الخمسين والمائة - وكان من أهل الثعلبية ولم يكن في الطريق رجل أكبر منه .

فقلت له : مثل من كنت حين مر بكم حسين بن علي ؟ قال : غلام يفعت .

قال : فقام إليه أخ لي كان أكبر مني ، يقال له : زهير وقال : أي ابن بنت رسول الله ! إني أراك في قلة من الناس ! ؟ فأشار الحسين بسوط في يده هكذا فضرب حقيبة وراءه فقال : ها إن هذه مملوءة كتبا . فكأنه شد من منة أخي .

قال سفيان : فقلت له : ابن كم أنت ؟ قال : ابن ست عشرة وماءة . قال [ سفيان ] : وكنا استودعناه طعاما لنا ومتاعا ، فلما رجعنا طلبناه منه ، فقال : إن كان طعاما فلعل الحي قد أكلوه .

فقلنا : إنا لله ! ذهب طعامنا .

فإذا هو يمزح معي ، فأخرج إلينا طعامنا ومتاعنا .

- ابن سعد : أخبرنا محمد بن علي ، عن حباب بن موسى ، عن الكلبي ، عن بحير بن شداد الأسدي ، قال : مر بنا الحسين بالثعلبية ، فخرجت إليه مع أخي ، فإذا عليه جبة صفراء لها جيب في صدرها ، فقال له أخي : إني أخاف عليك ! فضرب بالسوط على عيبة قد حقبها خلفه ، وقال : هذه كتب وجوه أهل المصر .

- وعنه : وأخبرنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا جعفر بن سليمان ، عن يزيد الرشك قال : حدثني من شافه الحسين قال : رأيت أبنية مضروبة بفلاة من الأرض ، فقلت : لمن هذه ؟ قالوا : هذه لحسين .

قال : فأتيته فإذا شيخ يقرأ القرآن والدموع تسيل على خديه ولحيته . قال : فقلت : بأبي وأمي ، يا ابن رسول الله ! ما أنزلك هذه البلاد والفلاة التي ليس بها أحد ؟ فقال : هذه كتب أهل الكوفة إلي ولا أراهم إلا قاتلي ! فإذا فعلوا ذلك لم يدعو الله حرمة إلا انتهكوها فيسلط الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من فرم الأمة ، يعني مقنعتها .

- الصفار : حدثنا إبراهيم بن إسحاق ، عن عبد الله بن حماد ، عن صباح المزني ، عن الحارث بن حصيرة ، عن الحكم بن عتيبة قال : لقي رجل الحسين بن علي بالثعلبية وهو يريد كربلا ، فدخل عليه فسلم عليه ، فقال له الحسين : من أي البلدان أنت ؟ فقال : من أهل الكوفة ، قال : يا أخا أهل الكوفة ! أما والله لو لقيتك بالمدينة لأريتك أثر جبرئيل من دارنا ونزوله على جدي بالوحي ، يا أخا أهل الكوفة ! مستقى العلم من عندنا ، أفعلموا وجهلنا ؟ هذا ما لا يكون .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>