بحث وتحقيق حول : ابن الرضا

- الإرشاد : روى الحسين بن الحسن الحسيني ، عن يعقوب بن ياسر قال : كان المتوكل يقول : ويحكم قد أعياني أمر ابن الرضا ، وجهدت أن يشرب معي و ينادمني فامتنع ، وجهدت أن أجد فرصة في هذا المعنى فلم أجدها ، فقال له بعض من حضر : إن لم تجد من ابن الرضا ( 1 ) ما تريده من هذا الحال ، فهذا أخوه موسى ( 2 ) قصاف عزاف ، يأكل ويشرب ويعشق ويتجالع فأحضره وأشهره فان الخبر يشيع عن " ابن الرضا " بذلك ، ولا يفرق الناس بينه وبين أخيه ، ومن عرفه اتهم أخاه بمثل فعاله .

فقال : اكتبوا بإشخاصه مكرما ، فأشخص مكرما ، فتقدم المتوكل أن يتلقاه جميع بني هاشم والقواد وسائر الناس وعمل على أنه إذا رآه أقطعه قطيعة وبنى له فيها ، وحول إليه الخمارين والقيان ، وتقدم لصلته وبره ، وأفرد له منزلا سريا أن يصلح أن يزوره هو فيه . فلما وافى موسى تلقاه أبو الحسن في قنطرة وصيف ، وهو موضع يتلقى فيه القادمون ، فسلم عليه ووفاه حقه ، ثم قال له : إن هذا الرجل قد أحضرك ليهتكك ويضع منك ، فلا تقر له أنك شربت نبيذا واتق الله يا أخي أن ترتكب محظورا ، فقال له موسى : إنما دعاني لهذا فما حيلتي ؟ قال : ولا تضع من قدرك ولا تعص ربك ، ولا تفعل ما يشينك ، فما غرضه إلا هتكك .

فأبى عليه موسى ، وقرر عليه أبو الحسن القول والوعظ وهو مقيم على خلافه ، فلما رأى أنه لا يجيب قال له : أما إن المجلس الذي تريد الاجتماع معه عليه ، لا تجتمع عليه أنت وهو أبدا . قال : فأقام موسى ثلاث سنين يبكر كل يوم إلى باب المتوكل فيقال : قد تشاغل اليوم ، فيروح فيبكر فيقال له قد سكر ، فيبكر فيقال له : قد شرب دواء فما زال على هذا ثلاث سنين حتى قتل المتوكل ، ولم يجتمع معه على شراب ( 3 ) .

بيان : " القصف " اللهو واللعب ، والمعازف الملاهي ومرأة جالعة أي قليلة الحياء تتكلم بالفحش ، وكذلك الرجل جلع وجالع ، ومجالعة القوم مجاوبتهم بالفحش ، وتنازعهم عند الشرب والقمار ، وفي بعض النسخ بالخاء المعجمة وهو أيضا كناية عن قلة الحياء .
ــــــــــــــــ

( 1 ) كان يطلق " ابن الرضا " على أبي جعفر محمد الجواد خاصة ، ثم أطلق من بعده على أحفاد الرضا عامة وهما الإمام أبو الحسن الهادي ، وموسى المبرقع حتى كان يطلق على أبي محمد الحسن العسكري كما ستعرف ذلك في حديث أحمد ابن عبيد الله بن الخاقان في باب وفاته عليه السلام تحت الرقم : 1 .

لكن الظاهر بل المقطوع أن المراد بابن الرضا في هذا الحديث هو أبو الحسن الهادي ، ولذلك رواه المفيد في الارشاد ص 312 باب دلائل أبى الحسن علي بن محمد الهادي ورواه الكليني في الكافي ج 1 ص 502 باب مولده ، وهكذا ابن شهرآشوب في المناقب ج 4 ص 409 في معجزاته والطبرسي في إعلام الورى .

كما أن المصنف - قدس سره - أخرج الحديث من الكافي باب معجزات أبى الحسن الهادي تحت الرقم 47 ، فذكر الحديث هنا مقتحم .

( 2 ) لم يخلف أبو جعفر الجواد من الذكور الا أبا الحسن عليا الهادي وموسى المبرقع ، وهو لام ولد مات بقم وقبره بها واليه ينتهى نسب الرضويين من السادات .

وهو المراد في هذا الحديث كما يصرح بعد ذلك بأنه قد تلقاه أبو الحسن الهادي أخوه بقنطرة وصيف . ولعل تلامذة المصنف - قدس سره - ألحقوا هذا الحديث بالباب توهما منهم أن المراد بموسى أخي ابن الرضا هو أخو محمد الجواد ابن علي بن موسى الرضا كما زعمه بعض المؤرخين على ما مر في ج 49 ص 222 .

( 3 ) الارشاد ص 312 .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>