في الخبر الذي روي : يا محمد : سل أبا بكر هل هو عني راض فاني عنه راض

- الإحتجاج : وروي أن المأمون بعدما زوج ابنته أم الفضل أبا جعفر كان في مجلس وعنده أبو جعفر ويحيى بن أكثم وجماعة كثيرة فقال له يحيى بن أكثم : ما تقول يا ابن رسول الله في الخبر الذي روي أنه نزل جبرئيل على رسول الله وقال يا محمد : إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك : سل أبا بكر هل هو عني راض فاني عنه راض .

فقال أبو جعفر : لست بمنكر فضل أبي بكر ، ولكن يجب على صاحب هذا الخبر أن يأخذ مثال الخبر الذي قاله رسول الله في حجة الوداع " قد كثرت علي الكذابة ، وستكثر ، فمن كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار ، فإذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله وسنتي ، فما وافق كتاب الله وسنتي فخذوا به ، وما خالف كتاب الله وسنتي فلا تأخذوا به " وليس يوافق هذا الخبر كتاب الله قال الله تعالى " ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد " فالله عز وجل خفي عليه رضا أبي بكر من سخطه حتى سأل من مكنون سره ؟ هذا مستحيل في العقول .

ثم قال يحيى بن أكثم : وقد روي أن مثل أبي بكر وعمر في الأرض كمثل جبرئيل وميكائيل في السماء ، فقال : وهذا أيضا يجب أن ينظر فيه لان جبرئيل وميكائيل ملكان مقربان لم يعصيا الله قط ولم يفارقا طاعته لحظة واحدة ، وهما قد أشركا بالله عز وجل وإن أسلما بعد الشرك ، وكان أكثر أيامهما في الشرك بالله فمحال أن يشبههما بهما .

قال يحيى : وقد روي أيضا أنهما سيدا كهول أهل الجنة ، فما تقول فيه ؟ فقال : وهذا الخبر محال أيضا لان أهل الجنة كلهم يكونون شبابا ، ولا يكون فيهم كهل ، وهذا الخبر وضعه بنو أمية لمضادة الخبر الذي قال رسول الله في الحسن والحسين بأنهما سيدا شباب أهل الجنة .

فقال يحيى بن أكثم : وروي أن عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة ، فقال : وهذا أيضا محال لان في الجنة ملائكة الله المقربين ، وآدم ومحمد وجميع الأنبياء والمرسلين لا تضيئ بأنوارهم حتى تضيئ بنور عمر .

فقال يحيى : وقد روي أن السكينة تنطق على لسان عمر ، فقال : لست بمنكر فضائل عمر ، ولكن أبا بكر أفضل من عمر فقال على رأس المنبر : إن لي ‹ صفحة 82 › شيطانا يعتريني فإذا ملت فسددوني .

فقال يحيى : قد روي أن النبي صلى الله عليه وآله قال : لو لم ابعث لبعث عمر ، فقال : كتاب الله أصدق من هذا الحديث ، يقول الله في كتابه " وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح " فقد أخذ الله ميثاق النبيين فكيف يمكن أن يبدل ميثاقه ، وكان الأنبياء لم يشركوا طرفة عين فكيف يبعث بالنبوة من أشرك وكان أكثر أيامه مع الشرك بالله ، وقال رسول الله : نبئت وآدم بين الروح والجسد .

فقال يحيى بن أكثم : وقد روي أن النبي قال : ما احتبس الوحي عني قط إلا ظننته قد نزل على آل الخطاب ، فقال : وهذا محال أيضا لأنه لا يجوز أن يشك النبي في نبوته ، قال الله تعالى : " الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس " فكيف يمكن أن تنتقل النبوة ممن اصطفاه الله تعالى إلى من أشرك به .

قال يحيى بن أكثم : روي أن النبي قال : لو نزل العذاب لما نجا منه إلا عمر ، فقال : وهذا محال أيضا إن الله تعالى يقول : " وما كان الله ليعذبهم و أنت فيهم ، وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون " فأخبر سبحانه أن لا يعذب أحدا ما دام فيهم رسول الله وما داموا يستغفرون الله تعالى .

- البرسي في مشارق الأنوار : عن أبي جعفر الهاشمي قال : كنت عند أبي جعفر الثاني ببغداد فدخل عليه ياسر الخادم يوما وقال : يا سيدنا إن سيدتنا أم جعفر تستأذنك أن تصير إليها ، فقال للخادم : ارجع فاني في الأثر ثم قام وركب البغلة وأقبل حتى قدم الباب ، قال : فخرجت أم جعفر أخت المأمون وسلمت عليه وسألته الدخول على أم الفضل بنت المأمون وقالت : يا سيدي أحب أن أراك مع ابنتي في موضع واحد فتقر عيني .

قال : فدخل والستور تشال بين يديه ، فما لبث أن خرج راجعا وهو يقول : " فلما رأينه أكبرنه " قال : ثم جلس فخرجت أم جعفر تعثر في ذيولها ، فقالت : يا سيدي أنعمت علي بنعمة فلم تتمها ، فقال لها : " أتى أمر الله فلا تستعجلوه " إنه قد حدث ما لم يحسن إعادته ، فارجعي إلى أم الفضل فاستخبريها عنه .

فرجعت أم جعفر فأعادت عليها ما قال ، فقالت : يا عمة وما أعلمه بذاك ؟ ثم قالت : كيف لا أدعو على أبي وقد زوجني ساحرا ثم قالت والله يا عمة إنه لما طلع علي جماله ، حدث لي ما يحدث للنساء فضربت يدي إلى أثوابي وضممتها .

قال : فبهتت أم جعفر من قولها ثم خرجت مذعورة ، وقالت : يا سيدي وما حدثت لها ؟ قال : هو من أسرار النساء فقالت : يا سيدي تعلم الغيب ؟ قال : لا قالت : فنزل إليك الوحي ؟ قال : لا ، قالت : فمن أين لك علم مالا يعلمه إلا الله وهي ؟ فقال : وأنا أيضا أعلمه من علم الله ، قال : فلما رجعت أم جعفر قلت : يا سيدي وما كان إكبار النسوة ؟ قال هو ما حصل لام الفضل من الحيض .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>