في كتاب كتبه لرجل إلى والي سجستان

- الكافي : محمد بن يحيى ومحمد بن أحمد ، عن السياري ، عن أحمد بن زكريا الصيدلاني ، عن رجل من بني حنيفة من أهل بست وسجستان قال : رافقت أبا جعفر في السنة التي حج فيها في أول خلافة المعتصم ، فقلت له وأنا معه على المائدة وهناك جماعة من أولياء السلطان : إن والينا جعلت فداك رجل يتولاكم أهل البيت ويحبكم وعلي في ديوانه خراج ، فان رأيت جعلني الله فداك أن تكتب إليه بالاحسان إلي ، فقال لا أعرفه ، فقلت : جعلت فداك إنه على ما قلت من محبيكم أهل البيت وكتابك ينفعني عنده فأخذ القرطاس فكتب : بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فان موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهبا جميلا وإن مالك من عملك ما أحسنت فيه ، فأحسن إلى إخوانك واعلم أن الله عز وجل سائلك عن مثاقيل الذر والخردل .

قال : فلما وردت سجستان سبق الخبر إلى الحسين بن عبد الله النيشابوري وهو الوالي فاستقبلني على فرسخين من المدينة فدفعت إليه الكتاب فقبله ووضعه على عينيه ، وقال لي : حاجتك ؟ فقلت : خراج علي في ديوانك قال : فأمر بطرحه عني وقال : لا تؤد خراجا ما دام لي عمل ، ثم سألني عن عيالي فأخبرته بمبلغهم ، فأمر لي ولهم بما يقوتنا وفضلا ، فما أديت في عمله خراجا ما دام حيا ، ولا قطع عني صلته حتى مات .

- الخرائج : روي عن محمد بن الوليد الكرماني قال : أتيت أبا جعفر ابن الرضا فوجدت بالباب الذي في الفناء قوما كثيرا فعدلت إلى سافر فجلست إليه حتى زالت الشمس ، فقمنا للصلاة فلما صلينا الظهر وجدت حسا من ورائي فالتفت فإذا أبو جعفر فسرت إليه حتى قبلت كفه ، ثم جلس وسأل عن مقدمي ثم قال : سلم فقلت جعلت فداك قد سلمت فأعاد القول ثلاث مرات : " سلم ! " فتداركتها وقلت : سلمت ورضيت يا ابن رسول الله فأجلى الله عما كان في قلبي حتى لو جهدت ورمت لنفسي أن أعود إلى الشك ما وصلت إليه .

فعدت من الغد باكرا فارتفعت عن الباب الأول وصرت قبل الخيل وما ورأي أحد أعلمه ، وأنا أتوقع أن آخذ السبيل إلى الارشاد إليه ، فلم أجد أحدا أخذ حتى اشتد الحر والجوع جدا ، حتى جعلت أشرب الماء أطفئ به حرما أجد من الجوع والجوى ، فبينما أنا كذلك إذ أقبل نحوي غلام قد حمل خوانا عليه طعام وألوان ، وغلام آخر عليه طست وإبريق ، حتى وضع بين يدي وقالا أمرك أن تأكل فأكلت .

فلما فرغت أقبل فقمت إليه فأمرني بالجلوس وبالأكل ، فأكلت ، فنظر إلى الغلام فقال : كل معه ينشط ! حتى إذا فرغت ورفع الخوان ، وذهب الغلام ليرفع ما وقع من الخوان ، من فتات الطعام ، فقال : مه ومه ما كان في الصحراء فدعه ، ولو فخذ شاة ، وما كان في البيت فالقطه ثم قال : سل ! قلت : جعلني الله فداك ما تقول في المسك ؟ .

فقال : إن أبي أمر أن يعمل له مسك في فارة فكتب إليه الفضل يخبره أن الناس يعيبون ذلك عليه فكتب يا فضل أما علمت أن يوسف كان يلبس ديباجا مزرورا بالذهب ويجلس على كراسي الذهب فلم ينتقص من حكمته شيئا وكذلك سليمان ثم أمر أن يعمل له غالية بأربعة آلاف درهم .

ثم قلت : ما لمواليكم في موالاتكم ؟ فقال : إن أبا عبد الله كان عنده غلام يمسك بغلته إذا هو دخل المسجد فبينما هو جالس ومعه بغلة إذ أقبلت رفقة من خراسان ، فقال له رجل من الرفقة : هل لك يا غلام أن تسأله أن يجعلني مكانك و أكون له مملوكا وأجعل لك مالي كله ؟ فاني كثير المال من جميع الصنوف اذهب فاقبضه ، وأنا أقيم معه مكانك فقال : أسأله ذلك .

فدخل على أبي عبد الله فقال : جعلت فداك تعرف خدمتي وطول صحبتي فان ساق الله إلى خيرا تمنعنيه ؟ قال : أعطيك من عندي وأمنعك من غيري فحكى له قول الرجل فقال : إن زهدت في خدمتنا ورغب الرجل فينا قبلناه وأرسلناك فلما ولى عنه دعاه ، فقال له : أنصحك لطول الصحبة ، ولك الخيار ، فإذا كان يوم القيامة كان رسول الله متعلقا بنور الله ، وكان أمير المؤمنين متعلقا برسول الله ، وكان الأئمة متعلقين بأمير المؤمنين وكان شيعتنا متعلقين بنا يدخلون مدخلنا ، ويردون موردنا .

فقال الغلام : بل أقيم في خدمتك وأؤثر الآخرة على الدنيا وخرج الغلام إلى الرجل فقال له الرجل : خرجت إلى بغير الوجه الذي دخلت به ، فحكى له قوله وأدخله على أبي عبد الله عليه السلام فقبل ولاءه وأمر للغلام بألف دينار ثم قام إليه فودعه وسأله أن يدعو له ففعل .

فقلت : يا سيدي لولا عيال بمكة وولدي سرني أن أطيل المقام بهذا الباب فأذن لي وقال لي : توافق غما ثم وضعت بين يديه حقا كان له فأمرني أن أحملها فتأبيت وظننت أن ذلك موجدة ، فضحك إلي وقال : خذها إليك فإنك توافق حاجة ، فجئت وقد ذهبت نفقتنا شطر منها فاحتجت إليه ساعة قدمت مكة .

- إعلام الورى ، الإرشاد : لما توجه أبو جعفر عليه السلام من بغداد منصرفا من عند المأمون ومعه أم الفضل قاصدا بها إلى المدينة صار إلى شارع باب الكوفة ، ومعه الناس يشيعونه ، فانتهى إلى دار المسيب عند مغيب الشمس نزل ودخل المسجد وكان في صحنه نبقة لم تحمل بعد ، فدعا بكوز من الماء فتوضأ في أصل النبقة فصلى بالناس صلاة المغرب فقرأ في الأولى منها الحمد ، وإذا جاء نصر الله ، وقرأ في الثانية الحمد وقل هو الله أحد ، وقنت قبل ركوعه فيها ، وصلى الثالثة وتشهد ثم جلس هنيئة يذكر الله جل اسمه وقام من غير أن يعقب وصلى النوافل أربع ركعات وعقب بعدها ، وسجد سجدتي الشكر ثم خرج .

فلما انتهى إلى النبقة رآها الناس وقد حملت حملا حسنا فتعجبوا من ذلك وأكلوا منها فوجدوه نبقا حلوا لا عجم له ، وودعوه ومضى من وقته إلى المدينة فلم يزل بها إلى أن أشخصه المعتصم في أول سنة خمس وعشرين ومائتين إلى بغداد وأقام بها حتى توفي في آخر ذي القعدة ، من هذه السنة ، فدفن في ظهر جده أبي الحسن موسى .

- مناقب ابن شهرآشوب : الجلا والشفا في خبر أنه لما مضى الرضا جاء محمد بن جمهور العمي والحسن بن راشد وعلي بن مدرك وعلي بن مهزيار وخلق كثير من سائر البلدان إلى المدينة ، وسألوا عن الخلف بعد الرضا فقالوا : بصريا - وهي قرية أسسها موسى بن جعفر على ثلاثة أميال من المدينة - فجئنا ودخلنا القصر فإذا الناس فيه متكابسون فجلسنا معهم إذ خرج علينا عبد الله بن موسى شيخ فقال الناس : هذا صاحبنا ؟ ! فقال الفقهاء : قد روينا عن أبي جعفر وأبي عبد الله أنه لا تجتمع الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين فليس هذا صاحبنا فجاء حتى جلس في صدر المجلس .

فقال رجل : ما تقول أعزك الله في رجل أتى حمارة فقال : تقطع يده ويضرب الحد وينفى من الأرض سنة ، ثم قام إليه آخر فقال : ما تقول آجلك الله في رجل طلق امرأته عدد نجوم السماء ؟ قال : بانت منه بصدر الجوزاء والنسر الطائر والنسر الواقع .

فتحيرنا في جرأته على الخطاء إذا خرج علينا أبو جعفر وهو ابن ثمان سنين ، فقمنا إليه فسلم على الناس ، وقام عبد الله بن موسى من مجلسه فجلس بين يديه وجلس أبو جعفر في صدر المجلس ، ثم قال : سلوا رحمكم الله .

فقام إليه الرجل الأول وقال : ما تقول أصلحك الله في رجل أتى حمارة قال : يضرب دون الحد ويغرم ثمنها ويحرم ظهرها ونتاجها وتخرج إلى البرية . حتى تأتي عليها منيتها سبع أكلها ذئب أكلها ثم قال بعد كلام : يا هذا ذاك الرجل ينبش عن ميتة يسرق كفنها ، ويفجر بها ، ويوجب عليه القطع بالسرق والحد بالزناء والنفي إذا كان عزبا ، فلو كان محصنا لوجب عليه القتل والرجم .

فقال الرجل الثاني : يا ابن رسول الله ما تقول في رجل طلق امرأته عدد نجوم السماء ؟ قال : تقرأ القرآن ؟ قال ، نعم ، قال اقرأ سورة الطلاق إلى قوله " وأقيموا الشهادة لله " يا هذا لا طلاق إلا بخمس : شهادة شاهدين عدلين ، في طهر ، من غير جماع ، بإرادة عزم ، ثم قال بعد كلام : يا هذا هل ترى في القرآن عدد نجوم السماء ؟ قال : لا ، الخبر .

وقد روى عنه المصنفون نحو أبي بكر أحمد بن ثابت في تاريخه وأبي إسحاق الثعلبي في تفسيره ومحمد بن مندة بن مهربذ في كتابه .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>