ما جرى بينه وبين اللا الرشيد

- عيون أخبار الرضا : أبو أحمد هاني بن محمد بن محمود العبدي رضي الله عنه عن أبيه باسناده رفعه إلى موسى بن جعفر قال : لما أدخلت على الرشيد سلمت عليه فرد علي السلام ثم قال : يا موسى بن جعفر خليفتين يجبى إليهما الخراج ؟ !

فقلت : يا أمير المؤمنين أعيذك بالله أن تبوء بإثمي وإثمك ، وتقبل الباطل من أعدائنا علينا ، فقد علمت أنه قد كذب علينا منذ قبض رسول الله بما علم ذلك عندك ، فان رأيت بقرابتك من رسول الله أن تأذن لي أحدثك بحديث أخبرني به أبي عن آبائه عن جدي رسول الله ؟ فقال : قد أذنت لك .

فقلت : أخبرني أبي عن آبائه عن جدي رسول الله قال : إن الرحم إذا مست الرحم تحركت واضطربت ، فناولني يدك جعلني الله فداك فقال : ادن فدنوت منه ، فأخذ بيدي ، ثم جذبني إلى نفسه وعانقني طويلا ، ثم تركني وقال : اجلس يا موسى فليس عليك بأس ، فنظرت إليه فإذا أنه قد دمعت عيناه ، فرجعت إلى نفسي فقال : صدقت وصدق جدك لقد تحرك دمي ، واضطربت عروقي حتى غلبت علي الرقة وفاضت عيناي ، وأنا أريد أن أسألك عن أشياء تتلجلج في صدري منذ حين ، لم أسأل عنها أحدا فان أنت أجبتني عنها خليت عنك ، ولم أقبل قول أحد فيك ، وقد بلغني أنك لم تكذب قط فأصدقني عما أسألك مما في قلبي فقلت : ما كان علمه عندي فإني مخبرك به إن أنت آمنتني ؟ قال : لك الأمان إن صدقتني وتركت التقية التي تعرفون بها معشر بني فاطمة ، فقلت ليسأل أمير المؤمنين عما شاء ؟ .

قال : أخبرني لم فضلتم علينا ونحن وأنتم من شجرة واحدة وبنو عبد المطلب ونحن وأنتم واحد ، إنا بنو العباس وأنتم ولد أبي طالب ، وهما عما رسول الله وقرابتهما منه سواء ؟ .

فقلت : نحن أقرب قال : وكيف ذلك ؟ قلت : لان عبد الله وأبا طالب لأب وأم ، وأبوكم العباس ليس هو من أم عبد الله ، ولا من أم أبي طالب قال : فلم ادعيتم أنكم ورثتم النبي ؟ والعم يحجب ابن العم ، وقبض رسول الله وقد توفي أبو طالب قبله ، والعباس عمه حي ؟ .

فقلت له : إن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني من هذه المسألة ويسألني عن كل باب سواه يريده فقال : لا أو تجيب فقلت : فآمني ؟ قال : قد آمنتك قبل الكلام فقلت : إن في قول علي بن أبي طالب إذ ليس مع ولد الصلب ذكرا كان أو أنثى لاحد سهم إلا للأبوين والزوج والزوجة ، ولم يثبت للعم مع ولد الصلب ميراث ، ولم ينطق به الكتاب ، إلا أن تيما وعديا وبني أمية قالوا : العم والد رأيا منهم بلا حقيقة ، ولا أثر عن النبي .

ومن قال بقول علي من العلماء قضاياهم خلاف قضايا هؤلاء ، هذا نوح بن دراج يقول : في هذه المسألة بقول علي وقد حكم به ، وقد ولاه أمير المؤمنين المصرين الكوفة والبصرة ، وقد قضى به فأنهي إلى أمير المؤمنين فأمر باحضاره وإحضار من يقول بخلاف قوله منهم سفيان الثوري ، وإبراهيم المدني والفضيل بن عياض فشهدوا أنه قول علي في هذه المسألة فقال لهم - فيما أبلغني بعض العلماء من أهل الحجاز : فلم لا تفتون به وقد قضى به نوح بن دراج ؟ فقالوا جسر نوح وجبنا وقد أمضى أمير المؤمنين قضيته بقول قدماء العامة عن النبي أنه قال : علي أقضاكم ، وكذلك قال عمر بن الخطاب علي أقضانا ، وهو اسم جامع لان جميع ما مدح به النبي أصحابه من القراءة والفرائض والعلم داخل في القضاء .

قال : زدني يا موسى ، قلت : المجالس بالأمانات وخاصة مجلسك ؟ فقال : لا بأس عليك فقلت : إن النبي لم يورث من لم يهاجر ، ولا أثبت له ولاية حتى يهاجر فقال : ما حجتك فيه ؟ قلت : قول الله تبارك وتعالى : " والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا " وإن عمي العباس لم يهاجر ، فقال لي : أسألك يا موسى هل أفتيت بذلك أحدا من أعدائنا ؟ أم أخبرت أحدا من الفقهاء في هذه المسألة بشئ ؟ فقلت : اللهم لا ، وما سألني عنها إلا أمير المؤمنين .

ثم قال : لم جوزتم للعامة والخاصة أن ينسبوكم إلى رسول الله و يقولون لكم : يا بني رسول الله ، وأنتم بنو علي وإنما ينسب المرء إلى أبيه وفاطمة إنما هي وعاء ، والنبي جدكم من قبل أمكم ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين لو أن النبي نشر فخطب إليك كريمتك هل كنت تجيبه ؟ فقال : سبحان الله ولم لا أجيبه ؟ ! بل أفتخر على العرب والعجم وقريش بذلك ، فقلت : لكنه لا يخطب إلي ولا أزوجه فقال : ولم ؟ فقلت : لأنه ولدني ولم يلدك فقال : أحسنت يا موسى .

ثم قال : كيف قلتم إنا ذرية النبي ، والنبي لم يعقب ؟ وإنما العقب للذكر لا للأنثى ، وأنتم ولد الابنة ، ولا يكون لها عقب ؟

فقلت : أسألك بحق القرابة والقبر ومن فيه إلا ما أعفيتني عن هذه المسألة فقال : لا أو تخبرني بحجتكم فيه يا ولد علي ، وأنت يا موسى يعسوبهم ، وإمام زمانهم ، كذا أنهي إلي ، ولست أعفيك في كل ما أسألك عنه ، حتى تأتيني فيه بحجة من كتاب الله ، فأنتم تدعون معشر ولد علي أنه لا يسقط عنكم منه شئ ألف ولا واو ، إلا وتأويله عندكم ، واحتججتم بقوله عز وجل ، " ما فرطنا في الكتاب من شئ " وقد استغنيتم عن رأي العلماء وقياسهم فقلت : تأذن لي في الجواب ؟

قال : هات فقلت : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم " ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف و موسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى " من أبو عيسى يا أمير المؤمنين ؟

فقال : ليس لعيسى أب فقلت : إنما ألحقناه بذراري الأنبياء من طريق مريم ، وكذلك ألحقنا بذراري النبي من قبل امنا فاطمة .

أزيدك يا أمير المؤمنين ؟ قال : هات ، قلت : قول الله عز وجل " فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا و نساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين " ولم يدع أحد أنه أدخل النبي تحت الكساء عند مباهلة النصارى إلا علي بن أبي طالب وفاطمة ، والحسن ، والحسين فكان تأويل قوله عز وجل أبناءنا الحسن والحسين ونساءنا فاطمة ، وأنفسنا علي بن أبي طالب ، إن العلماء قد أجمعوا على أن جبرئيل قال يوم أحد : يا محمد إن هذه لهي المواساة من علي قال : لأنه مني وأنا منه فقال جبرئيل : وأنا منكما يا رسول الله ثم قال : لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي ، فكان كما مدح الله عز وجل به خليله إذ يقول : " فتى يذكرهم يقال له إبراهيم " إنا معشر بني عمك نفتخر بقول جبرئيل إنه منا .

فقال : أحسنت يا موسى ، ارفع إلينا حوائجك فقلت له : أول حاجة أن تأذن لابن عمك أن يرجع إلى حرم جده وإلى عياله فقال : ننظر إن شاء الله .

فروي أنه أنزله عند السندي بن شاهك فزعم أنه توفي عنده والله أعلم .

- الإحتجاج : مرسلا مثله إلى قوله ننظر إن شاء الله .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>