في حدود فدك

- مناقب ابن شهرآشوب : في كتاب أخبار الخلفاء أن هارون الرشيد كان يقول لموسى بن جعفر : خذ فدكا حتى أردها إليك ، فيأبى حتى ألح عليه فقال لا آخذها إلا بحدودها قال : وما حدودها ؟ قال : إن حددتها لم تردها قال : بحق جدك إلا فعلت ؟ قال : أما الحد الأول فعدن ، فتغير وجه الرشيد وقال : أيها ، قال : والحد الثاني سمرقند ، فأربد وجهه قال : والحد الثالث إفريقية فاسود وجهه وقال : هيه قال : والرابع سيف البحر مما يلي الجزر وأرمينية قال الرشيد : فلم يبق لنا شئ ، فتحول إلى مجلسي ، قال موسى : قد أعلمتك أنني إن حددتها لم تردها فعند ذلك عزم على قتله .

وفي رواية ابن أسباط أنه قال : أما الحد الأول : فعريش مصر ، والثاني دومة الجندل ، والثالث : أحد والرابع : سيف البحر ، فقال هذا كله ، هذه الدنيا فقال هذا كان في أيدي اليهود بعد موت أبي هالة فأفاءه الله على رسوله ، بلا خيل ولا ركاب ، فأمره الله أن يدفعه إلى فاطمة .

بيان : قال الفيروزآبادي إيه بكسر الهمزة والهاء وفتحها ، وتنون المكسورة ، كلمة استزادة واستنطاق ، وقال : هيه بالكسر كلمة استزادة وقال : الربدة بالضم لون إلى الغبرة وقد أربد وارباد .

- كتاب النجوم : من كتاب نزهة الكرام وبستان العوام تأليف محمد بن الحسين ابن الحسن الرازي وهذا الكتاب خطه بالعجمية تكلفنا من نقله إلى العربية فذكر في أواخر المجلد الثاني منه ما هذا لفظ من أعربه .

وروي أن هارون الرشيد أنفذ إلى موسى بن جعفر فأحضره ، فلما حضر عنده قال : إن الناس ينسبونكم يا بني فاطمة إلى علم النجوم ، وإن معرفتكم بها معرفة جيدة ، وفقهاء العامة يقولون : إن رسول الله قال : إذا ذكرني أصحابي فاسكتوا ، وإذا ذكروا القدر فاسكتوا ، وإذا ذكروا النجوم فاسكتوا وأمير المؤمنين كان أعلم الخلائق بعلم النجوم وأولاده وذريته الذين يقول الشيعة بإمامتهم كانوا عارفين بها .

فقال له الكاظم : هذا حديث ضعيف ، وأسناده مطعون فيه والله تبارك وتعالى قد مدح النجوم ، ولولا أن النجوم صحيحة ما مدحها الله عز وجل والأنبياء كانوا عالمين بها ، وقد قال الله تعالى في حق إبراهيم خليل الرحمن " وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين " .

وقال في موضع آخر " فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم " فلو لم يكن عالما بعلم النجوم ما نظر فيها ، وما قال إني سقيم ، وإدريس كان أعلم أهل زمانه بالنجوم ، والله تعالى قد أقسم بمواقع النجوم " وإنه لقسم لو تعلمون عظيم " وقال في موضع " والنازغات غرقا " إلى قوله " فالمدبرات أمرا " يعني بذلك اثني عشر برجا ، وسبعة سيارات ، والذي يظهر بالليل والنهار بأمر الله عز وجل ، و بعد علم القرآن ما يكون أشرف من علم النجوم ، وهو علم الأنبياء والأوصياء ، و ورثة الأنبياء الذين قال الله عز وجل " وعلامات وبالنجم هم يهتدون " ونحن نعرف هذا العلم وما نذكره .

فقال له هارون : بالله عليك يا موسى هذا العلم لا تظهره عند الجهال وعوام الناس ، حتى لا يشنعوا عليك وأنفس عن العوام به ، وغط هذا العلم ، وارجع إلى حرم جدك .

ثم قال له هارون وقد بقي مسألة أخرى بالله عليك أخبرني بها قال له : سل فقال : بحق القبر والمنبر ، وبحق قرابتك من رسول الله أخبرني أنت تموت قبلي ؟ أو أنا أموت قبلك ؟ لأنك تعرف هذا من علم النجوم فقال له موسى : آمني حتى أخبرك فقال : لك الأمان فقال : أنا أموت قبلك ، وما كذبت ولا أكذب ، ووفاتي قريب ، فقال له هارون : قد بقي مسألة تخبرني بها ولا تضجر فقال له : سل فقال : خبروني أنكم تقولون إن جميع المسلمين عبيدنا ، و جوارينا ، وأنكم تقولون من يكون لنا عليه حق ولا يوصله إلينا فليس بمسلم ؟ فقال له موسى ؟ كذب الذين زعموا أننا نقول ذلك ، وإذا كان الامر كذلك ، فكيف يصح البيع والشراء عليهم ، ونحن نشتري عبيدا وجواري ونعتقهم ونقعد معهم ، ونأكل معهم ، ونشتري المملوك ، ونقول له : يا بني وللجارية يا بنتي ، ونقعدهم يأكلون معنا تقربا إلى الله سبحانه فلو أنهم عبيدنا وجوارينا ، ما صح البيع والشراء وقد قال النبي لما حضرته الوفاة : الله الله في الصلاة وما ملكت أيمانكم ، يعني : صلوا وأكرموا مماليككم ، وجواريكم ، ونحن نعتقهم وهذا الذي سمعته غلط من قائله ، ودعوى باطلة ، ولكن نحن ندعي أن ولاء جميع الخلائق لنا ، يعني ولاء الدين ، وهؤلاء الجهال يظنونه ولاء الملك ، حملوا دعواهم على ذلك ، ونحن ندعي ذلك لقول النبي يوم غدير خم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وما كان يطلب بذلك إلا ولاء الدين ، والذي يوصلونه إلينا من الزكاة والصدقة ، فهو حرام علينا مثل الميتة والدم ولحم الخنزير .

وأما الغنائم والخمس من بعد موت رسول الله صلى الله عليه وآله فقد منعونا ذلك ونحن محتاجون إلى ما في يد بني آدم ، الذين لنا ولاؤهم بولاء الدين ليس بولاء الملك فإن نفذ إلينا أحد هدية ولا يقول إنها صدقة نقبلها لقول النبي لو دعيت إلى كراع لأجبت ، ولو أهدي لي كراع لقبلت - والكراع اسم القرية ، والكراع يد الشاة - وذلك سنة إلى يوم القيامة ، ولو حملوا إلينا زكاة وعلمنا أنها زكاة رددناها ، وإن كانت هدية قبلناها ، ثم إن هارون أذن له في الانصراف فتوجه إلى الرقة ثم تقولوا عليه أشياء فاستعاده هارون وأطعمه السم فتوفي .

بيان : إذا ذكرني أصحابي فاسكنوا بالنون أي فاسكنوا إلى قولهم وفي الآخرين فاسكتوا بالتاء إما على بناء المجرد أو على بناء الأفعال ، قوله : وأنفس العوام به أي لا تعلمهم ، من قولهم نفست عليه الشئ نفاسة إذا لم تره له أهلا ، قوله فكيف يصح البيع والشراء عليهم أي كيف يصح بيع الناس العبيد لنا ، وشراؤنا منهم .

- كشف الغمة : قال محمد بن طلحة : نقل عن الفضل بن الربيع أنه أخبر عن أبيه أن المهدي لما حبس موسى بن جعفر ففي بعض الليالي رأى المهدي في منامه علي بن أبي طالب وهو يقول له : يا محمد " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم " قال الربيع : فأرسل إلي ليلا فراعني وخفت من ذلك وجئت إليه ، وإذا هو يقرأ هذه الآية وكان أحسن الناس صوتا فقال : علي الآن بموسى بن جعفر ! فجئته به فعانقه وأجلسه إلى جانبه وقال : يا أبا الحسن رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في النوم فقرأ علي كذا فتؤمنني أن تخرج علي أو على أحد من ولدي ، فقال : والله لا فعلت ذلك ولا هو من شأني ، قال : صدقت يا ربيع أعطه ثلاثة آلاف دينار وزوده إلى أهله إلى المدينة . قال الربيع : فأحكمت أمره ليلا فما أصبح إلا وهو في الطريق خوف العوايق ، ورواه الجنابذي وذكر أنه وصله بعشرة آلاف دينار .

وقال الحافظ عبد العزيز : حدث أحمد بن إسماعيل قال : بعث موسى بن جعفر إلى الرشيد من الحبس برسالة كانت : إنه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلا انقضى عنك معه يوم من الرخاء ، حتى نقضي جميعا إلى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون  .

- الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن البرقي ، عن محمد بن يحيى عن حماد بن عثمان قال : بينا موسى بن عيسى في داره التي في المسعى تشرف على المسعى إذ رأى أبا الحسن موسى مقبلا من المروة على بغلة ، فأمر ابن هياج - رجلا من همدان منقطعا إليه - أن يتعلق بلجامه ويدعي البغلة ، فأتاه فتعلق باللجام وادعى البغلة ، فثنى أبو الحسن رجله فنزل عنها وقال لغلمانه : خذوا سرجها وادفعوها إليه ، فقال : والسرج أيضا لي ، فقال له أبو الحسن : كذبت عندنا البينة بأنه سرج محمد بن علي ، وأما البغلة فأنا اشتريتها منذ قريب وأنت أعلم وما قلت .

- الكافي : أبو علي الأشعري ، عن بعض أصحابنا وعلي ، عن أبيه جميعا ، عن ابن البطائني ، عن أبيه ، عن علي بن يقطين قال : سأل المهدي أبا الحسن عن الخمر هل هي محرمة في كتاب الله عز وجل ؟ فان الناس إنما يعرفون النهي عنها ولا يعرفون التحريم لها ، فقال له أبو الحسن : بل هي محرمة في كتاب الله عز وجل يا أمير المؤمنين ، فقال له : في أي موضع هي محرمة في كتاب الله عز وجل يا أبا الحسن ؟ فقال : قول الله عز وجل " إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق " .

فأما قوله ما ظهر منها يعني الزنا المعلن ، ونصب الرايات التي كانت ترفعها الفواجر للفواحش في الجاهلية ، وأما قوله عز وجل " وما بطن " يعني ما نكح الآباء لان الناس كانوا قبل أن يبعث النبي إذا كان للرجل زوجة ومات عنها تزوجها ابنه من بعده إذا لم تكن أمه ، فحرم الله عز وجل ذلك .

وأما الاثم فإنها الخمرة بعينها ، وقد قال الله تبارك وتعالى في موضع آخر " يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس " فأما الاثم في كتاب الله فهي الخمر والميسر وإثمهما كبير كما قال الله عز وجل قال : فقال المهدي يا علي بن يقطين هذه والله فتوى هاشمية قال : فقلت له : صدقت والله يا أمير المؤمنين الحمد لله الذي لم يخرج هذا العلم منكم أهل البيت ، قال : فوالله ما صبر المهدي أن قال لي : صدقت يا رافضي .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>