في أن السندي بن شاهك جمع ثمانين رجلا لينظروا إليه بعد ما سقي من السم

- عيون أخبار الرضا أمالي الصدوق : أبي ، عن سعد ، عن اليقطيني ، عن الحسن بن محمد بن بشار قال : حدثني شيخ من أهل قطيعة الربيع من العامة ممن كان يقبل قوله قال : قال لي : قد رأيت بعض من يقرون بفضله من أهل هذا البيت فما رأيت مثله قط في نسكه وفضله قال : قلت : من ؟ وكيف رأيته ؟ قال : جمعنا أيام السندي بن شاهك ثمانين رجلا من الوجوه ممن ينسب إلى الخير ، فأدخلنا على موسى بن جعفر فقال لنا السندي : يا هؤلاء انظروا إلى هذا الرجل هل حدث به حدث ؟ فإن الناس يزعمون أنه قد فعل مكروه به ، ويكثرون في ذلك ، وهذا منزله وفرشه موسع عليه غير مضيق ولم يرد به أمير المؤمنين سوءا ، وإنما ينتظره أن يقدم فيناظره أمير المؤمنين ، وها هو ذا صحيح ، موسع عليه في جميع أمره فاسألوه .

قال : ونحن ليس لنا هم إلا النظر إلى الرجل ، وإلى فضله وسمته فقال : أما ما ذكر من التوسعة وما أشبه ذلك فهو على ما ذكر غير أني أخبركم أيها النفر أني قد سقيت السم في تسع تمرات وإني أخضر غدا وبعد غد أموت .

قال : فنظرت إلى السندي بن شاهك يرتعد ويضطرب مثل السعفة ، قال الحسن : وكان هذا الشيخ من خيار العامة شيخ صديق ، مقبول القول ، ثقة ثقة جدا عند الناس .

- عيون أخبار الرضا : الطالقاني ، عن محمد بن يحيى الصولي ، عن أحمد بن عبد الله عن علي بن محمد بن سليمان ، عن إبراهيم بن أبي البلاد قال : كان يعقوب بن داود يخبرني أنه قد قال بالإمامة ، فدخلت إليه بالمدينة في الليلة التي اخذ فيها موسى بن جعفر في صبيحتها فقال لي : كنت عند الوزير الساعة - يعني يحيى بن خالد - فحدثني أنه سمع الرشيد يقول عند رسول الله كالمخاطب له : " بأبي أنت وأمي يا رسول الله إني أعتذر إليك من أمر عزمت عليه ، وإني أريد أن آخذ موسى بن جعفر فأحبسه ، لأني قد خشيت أن يلقي بين أمتك حربا تسفك فيها دماؤهم " وأنا أحسب أنه سيأخذه غدا فلما كان من الغد أرسل إليه الفضل بن الربيع وهو قائم يصلي في مقام رسول الله فأمر بالقبض عليه وحبسه .

- عيون أخبار الرضا : الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن عبيد الله بن صالح قال : حدثني حاجب الفضل بن الربيع عن الفضل بن الربيع قال : كنت ذات ليلة في فراشي مع بعض جواري فلما كان في نصف الليل سمعت حركة باب المقصورة فراعني ذلك فقالت الجارية : لعل هذا من الريح ، فلم يمض إلا يسير حتى رأيت باب البيت الذي كنت فيه قد فتح وإذا مسرور الكبير قد دخل علي فقال لي : أجب الأمير ، ولم يسلم علي .

فيئست من نفسي وقلت : هذا مسرور ودخل إلي بلا إذن ولم يسلم ، ما هو إلا القتل ، وكنت جنبا فلم أجسر أن أسأله انظاري حتى أغتسل فقالت لي الجارية : لما رأت تحيري وتبلدي : ثق بالله عز وجل وانهض ، فنهضت ، ولبست ثيابي ، وخرجت معه حتى أتيت الدار فسلمت على أمير المؤمنين وهو في مرقده فرد علي السلام فسقطت فقال : تداخلك رعب ؟ قلت : نعم يا أمير المؤمنين فتركني ساعة حتى سكنت ثم قال لي : صر إلى حبسنا فأخرج موسى بن جعفر بن محمد وادفع إليه ثلاثين ألف درهم ، واخلع عليه خمس خلع ، واحمله على ثلاثة مراكب ، وخيره بين المقام معنا أو الرحيل عنا إلى أي بلد أراد وأحب .

فقلت : يا أمير المؤمنين تأمر باطلاق موسى بن جعفر ؟ قال : نعم فكررت ذلك عليه ثلاث مرات فقال لي : نعم ويلك أتريد أن أنكث العهد ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين وما العهد ؟ قال : بينا أنا في مرقدي هذا إذ ساورني أسود ما رأيت من السودان أعظم منه ، فقعد على صدري وقبض على حلقي وقال لي : حبست موسى ابن جعفر ظالما له ؟ فقلت : فأنا أطلقه وأهب له ، وأخلع عليه ، فأخذ علي عهد الله عز وجل وميثاقه ، وقام عن صدري ، وقد كادت نفسي تخرج .

فخرجت من عنده ووافيت موسى بن جعفر وهو في حبسه فرأيته قائما يصلي فجلست حتى سلم ثم أبلغته سلام أمير المؤمنين وأعلمته بالذي أمرني به في أمره ، وأني قد أحضرت ما وصله به ، فقال : إن كنت أمرت بشئ غير هذا فافعله ؟ فقلت : لا وحق جدك رسول الله ما أمرت إلا بهذا فقال : لا حاجة لي في الخلع والحملان والمال إذ كانت فيه حقوق الأمة فقلت : ناشدتك بالله أن لا ترده فيغتاظ فقال : اعمل به ما أحببت ، وأخذت بيده وأخرجته من السجن .

ثم قلت له : يا ابن رسول الله أخبرني بالسبب الذي نلت به هذه الكرامة من هذا الرجل ، فقد وجب حقي عليك لبشارتي إياك ، ولما أجراه الله عز وجل على يدي من هذا الامر فقال : رأيت النبي ليلة الأربعاء في النوم فقال لي : يا موسى أنت محبوس مظلوم ؟ فقلت : نعم يا رسول الله محبوس مظلوم ، فكرر علي ذلك ثلاثا ثم قال : " وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين " أصبح غدا صائما وأتبعه بصيام الخميس والجمعة ، فإذا كان وقت الافطار فصل اثنتي عشرة ركعة تقرأ في كل ركعة الحمد واثنتي عشرة مرة قل هو الله أحد ، فإذا صليت منها أربع ركعات فاسجد ثم قل : يا سابق الفوت يا سامع كل صوت يا محيي العظام وهي رميم بعد الموت أسألك باسمك العظيم الأعظم أن تصلي على محمد عبدك ورسولك وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين وأن تعجل لي الفرج مما أنا فيه ، ففعلت فكان الذي رأيت .

بيان : ساوره واثبه .

- الاختصاص : حمدان بن الحسين النهاوندي ، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي عن أحمد بن إسماعيل ، عن عبيد الله بن صالح مثله ، وفيه فسرت إليه مرعوبا فقال لي : يا فضل أطلق موسى بن جعفر الساعة وهب له ثمانين ألف درهم ، واخلع عليه خمس خلع ، واحمله على خمسة من الظهر .

- عيون أخبار الرضا : الهمداني عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن الحسين المدني ، عن عبد الله بن الفضل ، عن أبيه الفضل قال : كنت أحجب للرشيد فأقبل علي يوما غضبانا وبيده سيف يقلبه فقال لي : يا فضل بقرابتي من رسول الله لئن لم تأتني بابن عمي لآخذن الذي فيه عيناك ، فقلت : بمن أجيئك ؟ فقال : بهذا الحجازي قلت : وأي الحجازيين ؟ قال موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب .

قال الفضل : فخفت من الله عز وجل إن جئت به إليه ثم فكرت في النقمة فقلت له : أفعل فقال : ائتني بسواطين وهبنازين وجلادين قال : فأتيته بذلك ومضيت إلى منزل أبي إبراهيم موسى بن جعفر . فأتيت إلى خربة فيها كوخ من جرائد النخل فإذا أنا بغلام أسود فقلت له : استأذن لي على مولاك يرحمك الله فقال لي : لج ليس له حاجب ولا بواب ، فولجت إليه ، فإذا أنا بغلام أسود بيده مقص يأخذ اللحم من جبينه وعرنين أنفه من كثرة سجوده فقلت له : السلام عليك يا ابن رسول الله أجب الرشيد فقال : ما للرشيد و مالي ؟ أما تشغله نعمته عني ؟ ثم قام مسرعا ، وهو يقول : لولا أني سمعت في خبر عن جدي رسول الله : أن طاعة السلطان للتقية واجبة إذا ما جئت .

فقلت له : استعد للعقوبة يا أبا إبراهيم رحمك الله فقال : أليس معي من يملك الدنيا والآخرة ، ولن يقدر اليوم على سوء بي إنشاء الله قال الفضل بن الربيع : فرأيته وقد أدار يده يلوح على رأسه ثلاث مرات فدخلت إلى الرشيد فإذا هو كأنه امرأة ثكلى قائم حيران فلما رآني قال لي : يا فضل فقلت : لبيك فقال : جئتني بابن عمي ؟ قلت : نعم قال : لا تكون أزعجته ؟ فقلت : لا قال : لا تكون أعلمته أني عليه غضبان ؟ فاني قد هيجت على نفسي ما لم أرده ائذن له بالدخول فأذنت له .

فلما رآه وثب إليه قائما وعانقه وقال له : مرحبا بابن عمي وأخي ، ووارث نعمتي ، ثم أجلسه على فخذه وقال له : ما الذي قطعك عن زيارتنا ؟ فقال : سعة ملكك وحبك للدنيا فقال : ائتوني بحقة الغالية ، فاتي بها فغلفه بيده ثم أمره أن يحمل بين يديه خلع وبدرتان دنانير فقال موسى بن جعفر : والله لولا أني أرى من أزوجه بها من عزاب بني أبي طالب لئلا ينقطع نسله أبدا ما قبلتها ثم تولى عليه السلام وهو يقول : الحمد لله رب العالمين .

فقال الفضل : يا أمير المؤمنين أردت أن تعاقبه فخلعت عليه وأكرمته ؟ فقال لي : يا فضل إنك لما مضيت لتجيئني به رأيت أقواما قد أحدقوا بداري بأيديهم حراب قد غرسوها في أصل الدار يقولون : إن آذى ابن رسول الله خسفنا به وإن أحسن إليه انصرفنا عنه وتركناه .

فتبعته فقلت له : ما الذي قلت حتى كفيت أمر الرشيد ؟ فقال : دعاء جدي علي بن أبي طالب كان إذا دعا به ما برز إلى عسكر إلا هزمه ، ولا إلى فارس إلا قهره ، وهو دعاء كفاية البلاء قلت : وما هو ؟ قال : قلت : اللهم بك أساور ، وبك أحاول ، وبك أحاور ، وبك أصول ، وبك أنتصر ، وبك أموت ، وبك أحيى أسلمت نفسي إليك وفوضت أمري إليك ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اللهم إنك خلقتني ورزقتني وسترتني ، وعن العباد بلطف ما خولتني أغنيتني ، وإذا هويت رددتني ، وإذا عثرت قومتني ، وإذا مرضت شفيتني ، وإذا دعوت أجبتني يا سيدي ارض عني فقد أرضيتني .

بيان : الكوخ بالضم بيت من قصب بلا كوة ، ولوح الرجل بثوبه وبسيفه لمع به وحركه .

- عيون أخبار الرضا : يحيى بن المكتب عن الوراق ، عن علي بن هارون الحميري ، عن علي بن محمد بن سليمان النوفلي ، عن أبيه ، عن علي بن يقطين قال : أنهي الخبر إلى أبي الحسن موسى بن جعفر وعنده جماعة من أهل بيته ، بما عزم عليه موسى ابن المهدي في أمره فقال لأهل بيته : ما تشيرون ؟ قالوا : نرى أن تتباعد عنه ، وأن تغيب شخصك منه ، فإنه لا يؤمن شره ، فتبسم أبو الحسن ثم قال : زعمت سخينة أن ستغلب ربها * وليغلبن مغلب الغلاب ثم رفع يده إلى السماء فقال : اللهم كم من عدو شحذ لي ظبة مديته ، وأرهف لي شبا حده وداف لي قواتل سمومه ، ولم تنم عني عين حراسته فلما رأيت ضعفي عن احتمال الفوادح ، وعجزي عن ملمات الجوايح صرفت عني ذلك بحولك وقوتك ، لا بحولي وقوتي ، فألقيته في الحفير الذي احتفره لي خائبا مما أمله في دنياه متباعدا مما رجاه في آخرته فلك الحمد على ذلك قدر استحقاقك سيدي اللهم فخذه بعزتك وافلل حده عني بقدرتك ، واجعل له شغلا فيما يليه وعجزا عمن يناويه ، اللهم وأعدني عليه عدوى حاضرة تكون من غيظي شفاءا ومن حقي عليه وفاءا وصل اللهم دعائي بالإجابة ، وانظم شكايتي بالتغيير ، وعرفه عما قليل ما وعدت الظالمين ، وعرفني ما وعدت في إجابة المضطرين ، إنك ذو الفضل العظيم ، والمن الكريم " .

قال : ثم تفرق القوم فما اجتمعوا إلا لقراءة الكتاب الوارد عليه بموت موسى بن المهدي ، ففي ذلك يقول بعض من حضر موسى من أهل بيته :

وسارية لم تسر في الأرض تبتغي   محلا ولم يقطع بها البعد قاطع
سرت حيث لم تحد الركاب ولم تنخ   لورد ولم يقصر لها البعد مانع
تمر وراء الليل والليل ضارب   بجثمانه فيه سمير وهاجع
تفتح أبواب السماء ودونها   إذا قرع الأبواب منهن قارع
إذا وردت لم يردد الله وفدها   على أهلها والله راء وسامع
وإني لأرجو الله حتى كأنما     أرى بجميل الظن ما الله صانع  

- أمالي الطوسي : الغضائري ، عن الصدوق ، عن ابن المتوكل ، عن علي ، عن أبيه عن الحسين بن علي بن يقطين قال : وقع الخبر إلى موسى بن جعفر وعنده جماعة من أهل بيته إلى قوله : فما اجتمعوا إلا لقراءة الكتب الواردة بموت موسى بن المهدي .

بيان : وسارية أي ورب سارية من السرى ، وهو السير بالليل أي رب دعوة لم تجر في الأرض تطلب محلا ، بل صعدت إلى السماء ، ولم يقطعها قاطع لبعد المسافة جرت حيث لم تحد الركاب ، من حدى الإبل ، ولم تنخ من إناخة الإبل لورد أي ورود على الماء ، قوله : تمر وراء الليل أي تمر هذه الدعوة وراء ستر الليل بحيث لا يطلع عليها أحد .

قوله : والليل ضارب بجثمانه أي ضرب بجسده الأرض ، وسكن واستقر فيها وقال الجوهري الضارب : الليل الذي ذهبت ظلمته يمينا وشمالا وملأت الدنيا قوله : لم يردد الله وفدها أي لم يرددها وافدة .

- عيون أخبار الرضا : ماجيلويه ، عن علي ، عن أبيه قال : سمعت رجلا من أصحابنا يقول : لما حبس الرشيد موسى بن جعفر جن عليه الليل فخاف ناحية هارون أن يقتله ، فجدد موسى طهوره واستقبل بوجهه القبلة وصلى لله عز وجل أربع ركعات ثم دعا بهذه الدعوات فقال : يا سيدي نجني من حبس هارون ، وخلصني من يده ، يا مخلص الشجر من بين رمل وطين وماء ، ويا مخلص اللبن من بين فرث ودم ، ويا مخلص الولد من بين مشيمة ورحم ، ويا مخلص النار من بين الحديد والحجر ، ويا مخلص الروح من بين الأحشاء والأمعاء ، خلصني من يدي هارون .

قال : فلما دعا موسى بهذه الدعوات أتى هارون رجل أسود في منامه وبيده سيف قد سله ، فوقف على رأس هارون وهو يقول : يا هارون أطلق عن موسى بن جعفر وإلا ضربت علاوتك بسيفي هذا ، فخاف هارون من هيبته ثم دعا الحاجب فجاء الحاجب فقال له : اذهب إلى السجن فأطلق عن موسى بن جعفر قال : فخرج الحاجب فقرع باب السجن فأجابه صاحب السجن فقال : من ذا ؟ قال : إن الخليفة يدعو موسى بن جعفر فأخرجه من سجنك ، وأطلق عنه ، فصاح السجان يا موسى : إن الخليفة يدعوك .

فقام موسى مذعورا فزعا وهو يقول : لا يدعوني في جوف هذا الليل إلا لشر يريد بي ، فقام باكيا حزينا مغموما آيسا من حياته فجاء إلى هارون وهو ترتعد فرائصه فقال : سلام على هارون فرد ثم قال له هارون : ناشدتك بالله هل دعوت في جوف هذه الليلة بدعوات ؟ فقال : نعم ، قال : وما هن ؟ قال : جددت طهورا وصليت لله عز وجل أربع ركعات ، ورفعت طرفي إلى السماء و قلت : يا سيدي خلصني من يد هارون وذكره وشره ، وذكر له ما كان من دعائه فقال هارون قد استجاب الله دعوتك يا حاجب أطلق عن هذا ، ثم دعا بخلع فخلع عليه ثلاثا وحمله على فرسه وأكرمه وصيره نديما لنفسه ، ثم قال : هات الكلمات فعلمه فأطلق عنه وسلمه إلى الحاجب ليسلمه إلى الدار ويكون معه ، فصار موسى بن جعفر كريما شريفا عند هارون ، وكان يدخل عليه في كل خميس إلى أن حبسه الثانية فلم يطلق عنه حتى سلمه إلى السندي بن شاهك وقتله بالسم .

- مناقب ابن شهرآشوب : مرسلا مثله مع اختصار ثم قال : وفي رواية الفضل بن الربيع أنه قال : صر إلى حبسنا وأخرج موسى بن جعفر وادفع إليه ثلاثين ألف درهم و اخلع عليه خمس خلع ، واحمله على ثلاث مراكب ، وخيره إما المقام معنا ، أو الرحيل إلى أي البلاد أحب ، فلما عرض الخلع عليه أبى أن يقبلها .

بيان : العلاوة بالكسر أعلا الرأس .

- عيون أخبار الرضا : محمد بن علي بن محمد بن حاتم ، عن عبد الله بن بحر الشيباني قال : حدثني الخرزي أبو العباس بالكوفة قال : حدثني الثوباني قال : كانت لأبي الحسن موسى بن جعفر - بضع عشرة سنة - كل يوم سجدة بعد ابيضاض الشمس إلى وقت الزوال قال : فكان هارون ربما صعد سطحا يشرف منه على الحبس الذي حبس فيه أبا الحسن فكان يرى أبا الحسن عليه السلام ساجدا فقال للربيع : ما ذاك الثوب الذي أراه كل يوم في ذلك الموضع ؟ قال : يا أمير المؤمنين ما ذاك بثوب و إنما هو موسى بن جعفر ، له كل يوم سجدة بعد طلوع الشمس إلى وقت الزوال قال الربيع : فقال لي هارون : أما إن هذا من رهبان بني هاشم ، قلت : فما لك فقد ضيقت عليه في الحبس ! ؟ قال : هيهات لا بد من ذلك .

- عيون أخبار الرضا : الطالقاني ، عن محمد بن يحيى الصولي ، عن أحمد بن عبد الله ، عن علي بن محمد بن سليمان النوفلي قال : سمعت أبي يقول : لما قبض الرشيد على موسى ابن جعفر وهو عند رأس النبي قائما يصلي فقطع عليه صلاته وحمل وهو يبكي ويقول : إليك أشكو يا رسول الله ما القى وأقبل الناس من كل جانب يبكون ويضجون فلما حمل إلى بين يدي الرشيد شتمه وجفاه ، فلما جن عليه الليل أمر ببيتين فهيئا له فحمل موسى بن جعفر إلى أحدهما في خفاء ودفعه إلى حسان السروي وأمره أن يصير به في قبة إلى البصرة فيسلمه إلى عيسى بن جعفر بن أبي جعفر ، وهو أميرها ، ووجه قبة أخرى علانية نهارا إلى الكوفة معها جماعة ليعمي على الناس أمر موسى بن جعفر .

فقدم حسان البصرة قبل التروية بيوم ، فدفعه إلى عيسى بن جعفر بن أبي جعفر نهارا علانية حتى عرف ذلك ، وشاع أمره ، فحبسه عيسى في بيت من بيوت المحبس الذي كان يحبس فيه ، وأقفل عليه وشغله عنه العيد فكان لا يفتح عنه الباب إلا في حالتين حال يخرج فيها إلى الطهور ، وحال يدخل إليه فيها الطعام .

قال أبي : فقال لي الفيض بن أبي صالح : - وكان نصرانيا ثم أظهر الاسلام وكان زنديقا ، وكان يكتب لعيسى بن جعفر ، وكان بي خاصا - فقال : يا أبا عبد الله لقد سمع هذا الرجل الصالح في أيامه هذه في هذه الدار التي هو فيها من ضروب الفواحش والمناكير ما أعلم ولا أشك أنه لم يخطر بباله قال أبي : وسعي بي في تلك الأيام إلى عيسى بن جعفر بن أبي جعفر علي بن يعقوب بن عون بن العباس ابن ربيعة في رقعة دفعها إليه أحمد بن أسيد حاجب عيسى قال : وكان علي بن يعقوب من مشايخ بني هاشم ، وكان أكبرهم سنا ، وكان مع سنه يشرب الشراب ويدعو أحمد بن أسيد إلى منزله فيحتفل له ويأتيه بالمغنين والمغنيات ، ويطمع في أن يذكره لعيسى فكان في رقعته التي دفعها إليه إنك تقدم علينا محمد بن سليمان في إذنك وإكرامك وتخصه بالمسك ، وفينا من هو أسن منه ، وهو يدين بطاعة موسى بن جعفر المحبوس عندك .

قال أبي : فإني لقائل  في يوم قائظ إذ حركت حلقة الباب علي فقلت : ما هذا ؟ فقال لي الغلام : قعنب بن يحيى على الباب يقول : لا بد من لقائك الساعة فقلت : ما جاء إلا لأمر ائذنوا له ، فدخل فخبرني عن الفيض بن أبي صالح بهذه القصة والرقعة ، وقد كان قال لي الفيض بعد ما أخبرني : لا تخبر أبا عبد الله فتخوفه فإن الرافع عند الأمير لم يجد فيه مساغا وقد قلت للأمير : أفي نفسك من هذا شئ حتى أخبر أبا عبد الله فيأتيك فيحلف على كذبه ؟ فقال : لا تخبره فتغمه فإن ابن عمه إنما حمله على هذا لحسد له فقلت له : أيها الأمير أنت تعلم إنك لا تخلو بأحد خلوتك به ، فهل حملك على أحد قط ؟ قال : معاذ الله قلت : فلو كان له مذهب يخالف فيه الناس لأحب أن يحملك عليه قال : أجل ومعرفتي به أكثر . قال أبي : فدعوت بدابتي وركبت إلى الفيض من ساعتي فصرت إليه ومعي قعنب في الظهيرة فاستأذنت عليه ، فأرسل إلي : جعلت فداك قد جلست مجلسا أرفع قدرك عنه ، وإذا هو جالس على شرابه فأرسلت إليه لا بد من لقائك فخرج إلي في قميص دقيق وإزار مورد فأخبرته بما بلغني فقال لقعنب : لا جزيت خيرا ألم أتقدم إليك أن لا تخبر أبا عبد الله فتغمه ثم قال : لا بأس فليس في قلب الأمير من ذلك شئ قال : فما مضت بعد ذلك إلا أيام يسيرة حتى حمل موسى بن جعفر سرا إلى بغداد وحبس ثم أطلق ، ثم حبس وسلم إلى السندي بن شاهك ، فحبسه وضيق عليه ثم بعث إليه الرشيد بسم في رطب وأمره أن يقدمه إليه ويحتم عليه في تناوله منه ففعل ، فمات .

ايضاح : احتفل القوم اجتمعوا وما احتفل به : ما بالى .

- عيون أخبار الرضا : تميم القرشي ، عن أبيه ، عن أحمد بن علي الأنصاري ، عن سليمان ابن جعفر البصري ، عن عمر بن واقد قال : إن هارون الرشيد لما ضاق صدره مما كان يظهر له من فضل موسى بن جعفر ، وما كان يبلغه عنه من قول الشيعة بإمامته ، واختلافهم في السر إليه بالليل والنهار خشية على نفسه وملكه ، ففكر في قتله بالسم فدعا برطب فأكل منه ثم أخذ صينية فوضع فيها عشرين رطبة ، وأخذ سلكا فعركه في السم ، وأدخله في سم الخياط ، وأخذ رطبة من ذلك الرطب فأقبل يردد إليها ذلك السم بذلك الخيط ، حتى علم أنه قد حصل السم فيها فاستكثر منه ثم ردها في ذلك الرطب وقال لخادم له : احمل هذه الصينية إلى موسى بن جعفر وقل له : إن أمير المؤمنين أكل من هذا الرطب وتنغص لك به ، وهو يقسم عليك بحقه لما أكلتها عن آخر رطبة فإني اخترتها لك بيدي ، ولا تتركه يبقي منها شيئا ولا يطعم منها أحدا . فأتاه بها الخادم وأبلغه الرسالة فقال له : ائتني بخلال فناوله خلالا ، وقام بإزائه وهو يأكل من الرطب وكانت للرشيد كلبة تعز عليه فجذبت نفسها وخرجت تجر سلاسلها من ذهب وجوهر حتى حاذت موسى بن جعفر فبادر بالخلال إلى الرطبة المسمومة ورمى بها إلى الكلبة فأكلتها فلم تلبث أن ضربت بنفسها الأرض وعوت وتهرت قطعة قطعة واستوفى عليه السلام باقي الرطب ، وحمل الغلام الصينية حتى صار بها إلى الرشيد .

فقال له : قد أكل الرطب عن آخره ؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين قال : فكيف رأيته ؟ قال : ما أنكرت منه شيئا يا أمير المؤمنين قال : ثم ورد عليه خبر الكلبة وأنها قد تهرت وماتت ، فقلق الرشيد لذلك قلقا شديدا ، واستعظمه ، ووقف على الكلبة فوجدها متهرئة بالسم فأحضر الخادم ودعا له بسيف ونطع وقال له : لتصدقني عن خبر الرطب أو لأقتلنك فقال : يا أمير المؤمنين إني حملت الرطب إلى موسى بن جعفر وأبلغته سلامك ، وقمت بإزائه فطلب مني خلالا فدفعته إليه فأقبل يغرز في الرطبة بعد الرطبة ويأكلها حتى مرت الكلبة فغرز الخلال في رطبة من ذلك الرطب فرمى بها فأكلتها الكلبة وأكل هو باقي الرطب ، فكان ما ترى يا أمير المؤمنين .

فقال الرشيد : ما ربحنا من موسى إلا أنا أطعمناه جيد الرطب ، وضيعنا سمنا ، وقتل كلبتنا ما في موسى حيلة . ثم إن سيدنا موسى دعا بالمسيب وذلك قبل وفاته بثلاثة أيام وكان موكلا به فقال له : يا مسيب فقال : لبيك يا مولاي قال : إني ظاعن في هذه الليلة إلى المدينة ، مدينة جدي رسول الله لأعهد إلى علي ابني ما عهده إلي أبي وأجعله وصيي وخليفتي ، وآمره بأمري قال المسيب : فقلت : يا مولاي كيف تأمرني أن أفتح لك الأبواب وأقفالها ، والحرس معي على الأبواب ؟ فقال : يا مسيب ضعف يقينك في الله عز وجل وفينا ؟ فقلت : لا يا سيدي قال : فمه ؟ قلت : يا سيدي ادع الله أن يثبتني فقال : اللهم ثبته .

ثم قال : إني أدعو الله عز وجل باسمه العظيم الذي دعا به آصف حتى جاء بسرير بلقيس فوضعه بين يدي سليمان قبل ارتداد طرفه إليه حتى يجمع بيني وبين ابني علي بالمدينة ، قال المسيب : فسمعته يدعو ففقدته عن مصلاه ، فلم أزل قائما على قدمي حتى رأيته قد عاد إلى مكانه وأحاد الحديد إلى رجليه فخررت لله ساجدا لوجهي شكرا على ما أنعم به علي من معرفته .

فقال لي : ارفع رأسك يا مسيب واعلم أني راحل إلى الله عز وجل في ثالث هذا اليوم قال : فبكيت فقال لي : لا تبك يا مسيب فان عليا ابني هو إمامك ، و مولاك بعدي فاستمسك بولايته ، فإنك لا تضل ما لزمته فقلت : الحمد لله .

قال : ثم إن سيدي دعاني في ليلة اليوم الثالث فقال لي : إني على ما عرفتك من الرحيل إلى الله عز وجل فإذا دعوت بشربة من ماء فشربتها ، ورأيتني قد انتفخت وارتفع بطني ، واصفر لوني ، واحمر واخضر ، وتلون ألوانا فخبر الطاغية بوفاتي ، فإذا رأيت بي هذا الحدث فإياك أن تظهر عليه أحدا ، ولا على من عندي إلا بعد وفاتي .

قال المسيب بن زهير : فلم أزل أرقب وعده حتى دعا بالشربة فشربها ثم دعاني فقال لي : يا مسيب إن هذا الرجس السندي بن شاهك سيزعم أنه يتولى غسلي ، ودفني ، وهيهات هيهات أن يكون ذلك أبدا فإذا حملت إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش فألحدوني بها ولا ترفعوا قبري فوق أربع أصابع مفرجات ولا تأخذوا من تربتي شيئا لتتبركوا به ، فان كل تربة لنا محرمة إلا تربة جدي الحسين بن علي فان الله عز وجل جعلها شفاء لشيعتنا وأوليائنا .

قال : ثم رأيت شخصا أشبه الاشخاص به جالسا إلى جانبه ، وكان عهدي بسيدي الرضا وهو غلام فأردت سؤاله فصاح بي سيدي موسى وقال لي : أليس قد نهيتك يا مسيب ؟ فلم أزل صابرا حتى مضى ، وغاب الشخص ثم أنهيت الخبر إلى الرشيد فوافى السندي بن شاهك فوالله لقد رأيتهم بعيني وهم يظنون أنهم يغسلونه فلا تصل أيديهم إليه ، ويظنون أنهم يحنطونه ويكفنونه و أراهم لا يصنعون به شيئا ، ورأيت ذلك الشخص يتولى غسله وتحنيطه وتكفينه وهو يظهر المعاونة لهم ، وهم لا يعرفونه .

فلما فرغ من أمره قال لي ذلك الشخص : يا مسيب مهما شككت فيه فلا تشكن في فاني إمامك ومولاك ، وحجة الله عليك بعد أبي يا مسيب مثلي مثل يوسف الصديق ومثلهم مثل إخوته حين دخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون ، ثم حمل عليه السلام حتى دفن في مقابر قريش ، ولم يرفع قبره أكثر مما أمر به ثم رفعوا قبره بعد ذلك وبنوا عليه .

بيان : العرك الدلك ، وتنغصت عيشه أي تكدرت ، وهرأت اللحم وهرأته تهرئة إذا أجدت إنضاجه فتهرأ حتى سقط عن العظم .

- إكمال الدين * عيون أخبار الرضا : الطالقاني ، عن أحمد بن محمد بن عامر ، عن الحسن بن محمد القطعي ، عن الحسن بن علي النخاس العدل ، عن الحسن بن عبد الواحد الخزاز عن علي بن جعفر بن عمر ، عن عمر بن واقد قال : أرسل إلى السندي بن شاهك في بعض الليل وأنا ببغداد يستحضرني فخشيت أن يكون ذلك لسوء يريده بي فأوصيت عيالي بما احتجت إليه وقلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ثم ركبت إليه . فلما رآني مقبلا قال : يا أبا حفص لعلنا أرعبناك وأفزعناك ؟ قلت : نعم قال : فليس هنا إلا خير قلت : فرسول تبعثه إلى منزلي يخبرهم خبري فقال : نعم ثم قال : يا أبا حفص أتدري لم أرسلت إليك ؟ فقلت : لا فقال : أتعرف موسى بن جعفر ؟ فقلت : إي والله إني لأعرفه ، وبيني وبينه صداقة منذ دهر فقال : من ههنا ببغداد يعرفه ممن يقبل قوله ؟ فسميت له أقواما ، ووقع في نفسي أنه قد مات قال : فبعث وجاء بهم كما جاء بي فقال : هل تعرفون قوما يعرفون موسى بن جعفر ؟ فسموا له قوما فجاء بهم فأصبحنا ونحن في الدار نيف وخمسون رجلا ممن يعرف موسى بن جعفر عليه السلام وقد صحبه .

قال : ثم قام فدخل وصلينا ، فخرج كاتبه ومعه طومار فكتب أسماءنا ومنازلنا وأعمالنا وحلانا ثم دخل إلى السندي قال : فخرج السندي فضرب يده إلي فقال لي : قم يا أبا حفص فنهضت ونهض أصحابنا ، ودخلنا فقال لي : يا أبا حفص اكشف الثوب عن وجه موسى بن جعفر ، فكشفته فرأيته ميتا فبكيت واسترجعت ثم قال للقوم : انظروا إليه فدنا واحد بعد واحد فنظروا إليه ثم قال : تشهدون كلكم أن هذا موسى بن جعفر بن محمد ؟ فقلنا : نعم نشهد أنه موسى بن جعفر بن محمد ثم قال : يا غلام اطرح على عورته منديلا واكشفه قال : ففعل فقال : أترون به أثرا تنكرونه ؟ فقلنا : لا ما نرى به شيئا ولا نراه إلا ميتا قال : فلا تبرحوا حتى تغسلوه وأكفنه وأدفنه قال : فلم نبرح حتى غسل وكفن وحمل فصلى عليه السندي بن شاهك ودفناه ورجعنا فكان عمر بن واقد يقول : ما أحد هو أعلم بموسى بن جعفر مني كيف يقولون إنه حي وأنا دفنته .

- عيون أخبار الرضا : الطالقاني ، عن الحسن بن علي بن زكريا ، عن محمد بن خليلان قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن عتاب بن أسيد ، عن جماعة ، عن مشايخ أهل المدينة قالوا : لما مضى خمس عشرة سنة من ملك الرشيد استشهد ولي الله موسى ابن جعفر مسموما سمه السندي بن شاهك بأمر الرشيد في الحبس المعروف بدار المسيب بباب الكوفة ، وفيه السدرة ، ومضى إلى رضوان الله وكرامته يوم الجمعة لخمس خلون من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة من الهجرة ، وقد تم عمره أربعا وخمسين سنة ، وتربته بمدينة السلام في الجانب الغربي بباب التين في المقبرة المعروفة بمقابر قريش .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>