في أن عليا كان آخر من قبض روحه من الأئمة

1 - منتخب البصائر : سعد ، عن ابن هشام ، عن البرقي ، عن محمد بن سنان أو غيره عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله : قال رسول الله : لقد أسرى بي ربي عز وجل فأوحى إلي من وراء حجاب ما أوحى ، وكلمني بما كلم به وكان مما كلمني به أن قال : يا محمد إني أنا الله لا إله إلا أنا عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم إني أنا الله لا إله إلا أنا الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون ، إني أنا الله لا إله إلا أنا الخالق البارئ المصور ، لي الأسماء الحسنى ، يسبح لي من في السماوات والأرض ، وأنا العزيز الحكيم .

يا محمد إني أنا الله لا إله إلا أنا الأول فلا شئ قبلي ، وأنا الآخر فلا شئ بعدي ، وأنا الظاهر فلا شئ فوقي ، وأنا الباطن فلا شئ دوني ، وأنا الله لا إله إلا أنا بكل شئ عليم .

يا محمد ! علي أول ما آخذ ميثاقه من الأئمة ، يا محمد ! علي آخر من أقبض روحه من الأئمة ، وهو الدابة التي تكلمهم ، يا محمد ! علي أظهره على جميع ما أوحيه إليك ليس لك أن تكتم منه شيئا ، يا محمد أبطنه الذي أسررته إليك فليس ما بيني وبينك سر دونه ، يا محمد علي علي ، ما خلقت من حلال وحرام علي عليم به .

بيان : قوله تعالى : " علي علي " الأول اسم والثاني صفة أي هو عالي الشأن أو كلاهما اسمان وخبران لمبتدأ محذوف ، كما يقال : هو فلان إذا كان مشتهرا معروفا في الكمال .

2 - منتخب البصائر : من كتاب سليم بن قيس الهلالي رحمة الله عليه الذي رواه عنه أبان بن أبي عياش ، وقرأ جميعه على سيدنا علي بن الحسين بحضور جماعة أعيان من الصحابة منهم أبو الطفيل فأقره عليه زين العابدين وقال : هذه أحاديثنا صحيحة قال أبان : لقيت أبا الطفيل بعد ذلك في منزله فحدثني في الرجعة عن أناس من أهل بدر وعن سلمان والمقداد وأبي بن كعب وقال أبو الطفيل ، فعرضت هذا الذي سمعته منهم على علي بن أبي طالب بالكوفة فقال : هذا علم خاص لا يسع الأمة جهله ، ورد علمه إلى الله تعالى ثم صدقني بكل ما حدثوني وقرأ علي بذلك قراءة كثيرة فسره تفسيرا شافيا حتى صرت ما أنا بيوم القيامة أشد يقينا مني بالرجعة .

وكان مما قلت : يا أمير المؤمنين أخبرني عن حوض النبي في الدنيا أم في الآخرة ؟ فقال : بل في الدنيا ، قلت : فمن الذائد عنه ؟ فقال : أنا بيدي فليردنه أوليائي وليصرفن عنه أعدائي ، وفي رواية أخرى : ولأوردنه أوليائي ولأصرفن عنه أعدائي .

فقلت : يا أمير المؤمنين قول الله عز وجل " وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون " ما الدابة ؟ قال : يا با الطفيل اله عن هذا فقلت : يا أمير المؤمنين أخبرني به جعلت فداك ، قال : هي دابة تأكل الطعام ، وتمشي في الأسواق ، وتنكح النساء ، فقلت : يا أمير المؤمنين من هو ؟ قال : هو زر الأرض الذي تسكن الأرض به ، قلت : يا أمير المؤمنين من هو ؟ قال : صديق هذه الأمة وفاروقها وربيها وذو قرنيها قلت : يا أمير المؤمنين من هو ؟ قال : الذي قال الله تعالى " ويتلوه شاهد منه ، والذي عنده علم الكتاب والذي جاء بالصدق ، والذي صدق به " والناس كلهم كافرون غيره .

قلت : يا أمير المؤمنين فسمه لي قال : قد سميته لك يا أبا الطفيل والله لو أدخلت على عامة شيعتي الذين بهم أقاتل ، الذين أقروا بطاعتي وسموني أمير المؤمنين واستحلوا جهاد من خالفني ، فحدثتهم ببعض ما أعلم من الحق في الكتاب الذي نزل به جبرئيل على محمد لتفرقوا عني حتى أبقى في عصابة من الحق قليلة أنت وأشباهك من شيعتي ففزعت وقلت : يا أمير المؤمنين أنا وأشباهي متفرق عنك أو نثبت معك ؟ قال : بل تثبتون .

ثم أقبل علي فقال : إن أمرنا صعب مستصعب لا يعرفه ولا يقر به إلا ثلاثة ملك مقرب ، أو نبي مرسل ، أو عبد مؤمن نجيب امتحن الله قلبه للايمان ، يا أبا الطفيل إن رسول الله قبض فارتد الناس ضلالا وجهالا إلا من عصمه الله بنا أهل البيت .

ايضاح : قوله عليه السلام : " وربيها بكسر الراء إشارة إلى قوله تعالى " وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا " .

3 - تفسير العياشي : عن سلام بن المستنير عن أبي عبد الله قال : لقد تسموا باسم ما سمى الله به أحدا إلا علي بن أبي طالب ، وما جاء تأويله ، قلت : جعلت فداك متى يجئ تأويله ؟ قال : إذا جاءت جمع الله أمامه النبيين والمؤمنين حتى ينصروه وهو قول الله " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة " إلى قوله " أنا معكم من الشاهدين " فيومئذ يدفع رسول الله اللواء إلى علي بن أبي طالب فيكون أمير الخلائق كلهم أجمعين : يكون الخلائق كلهم تحت لوائه ، ويكون هو أميرهم فهذا تأويله .

4 - تفسير العياشي : عن زرارة قال أبو جعفر عليه السلام : " كل نفس ذائقة الموت " : لم يذق الموت من قتل ، وقال : لا بد من أن يرجع حتى يذوق الموت .

5 - تفسير العياشي : عن سيرين قال : كنت عند أبي عبد الله إذ قال : ما يقول الناس في هذه الآية " وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت " قال : يقولون : لا قيامة ولا بعث ولا نشور ، فقال : كذبوا والله إنما ذلك إذا قام القائم وكر معه المكرون ، فقال أهل خلافكم : قد ظهرت دولتكم يا معشر الشيعة وهذا من كذبكم تقولون : رجع فلان وفلان لا والله لا يبعث الله من يموت ، الا ترى أنهم قالوا : " وأقسموا بالله جهد أيمانهم " ؟ كانت المشركون أشد تعظيما للات والعزى من أن يقسموا بغيرها فقال الله : " بلى وعدا عليه حقا ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون .

6 - منتخب البصائر : سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن وهيب بن حفص ، عن أبي بصير قال : سألت أبا جعفر عن قول الله عز وجل " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون " إلى آخر الآية فقال : ذلك في الميثاق ثم قرأت " التائبون العابدون " فقال أبو جعفر : لا تقرأ هكذا ولكن أقرء " التائبين العابدين " إلى آخر الآية .

ثم قال : إذا رأيت هؤلاء فعند ذلك هم الذين اشترى منهم أنفسهم وأموالهم يعني [ في ] الرجعة ثم قال أبو جعفر : ما من مؤمن إلا وله ميتة وقتلة : من مات بعث حتى يقتل ، ومن قتل بعث حتى يموت .

7 - منتخب البصائر : سعد ، عن ابن عيسى وابن عبد الجبار ، وأحمد بن الحسن ابن فضال جميعا ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن حميد بن المثنى ، عن شعيب الحذاء ، عن أبي الصباح قال : سألت أبا جعفر فقلت : جعلت فداك أكره أن أسميها له ، فقال لي هو : عن الكرات تسألني ؟ فقلت : نعم ، فقال : تلك القدرة ولا ينكرها إلا القدرية ، لا تنكره تلك القدرة لا تنكرها إن رسول الله أتى بقناع من الجنة عليه عذق يقال له سنة ، فتناولها رسول الله سنة من كان قبلكم .

بيان : قوله " تلك القدرة " أي هذه من قدرة الله تعالى ، ولا ينكرها إلا القدرية من المعتزلة الذين ينكرون كثيرا من قدرة الله تعالى .

" والقناع " بالكسر طبق من عسب النخل ، وبعث هذا كان لإعلام النبي أنه يقع في أمته ما وقعت في الأمم السابقة ، وقد وقعت الرجعة في الأمم السابقة مرات شتى .

8 - منتخب البصائر : ابن عيسى ، عن الحسن ، عن الحسين بن علوان ، عن محمد بن داود العبدي ، عن الأصبغ بن نباتة أن عبد الله بن أبي بكر اليشكري قام إلى أمير المؤمنين فقال : يا أمير المؤمنين إن أبا المعتمر تكلم آنفا بكلام لا يحتمله قلبي ، فقال : وما ذاك ؟ قال : يزعم أنك حدثته أنك سمعت رسول الله يقول : إنا قد رأينا أو سمعنا برجل أكبر سنا من أبيه ؟ فقال أمير المؤمنين : فهذا الذي كبر عليك ؟ قال : نعم فهل تؤمن أنت بهذا وتعرفه ؟ فقال : نعم ، ويلك يا ابن الكواء أفقه عني أخبرك عن ذلك إن عزيرا خرج من أهله وامرأته في شهرها وله يومئذ خمسون سنة ، فلما ابتلاه الله عز وجل بذنبه أماته مائة عام ثم بعثه ، فرجع إلى أهله وهو ابن خمسين سنة ، فاستقبله ابنه وهو ابن مائة سنة ورد الله عزيرا [ إلى ] الذي كان به .

فقال : ما تزيد ؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : سل عما بدا لك ، قال : نعم إن أناسا من أصحابك يزعمون أنهم يردون بعد الموت ، فقال أمير المؤمنين نعم تكلم بما سمعت ولا تزد في الكلام ، فما قلت لهم ؟ قال : قلت : لا أؤمن بشئ مما قلتم ، فقال له أمير المؤمنين : ويلك إن الله عز وجل ابتلى قوما بما كان من ذنوبهم فأماتهم قبل آجالهم التي سميت لهم ثم ردهم إلى الدنيا ليستوفوا أرزاقهم ، ثم أماتهم بعد ذلك .

قال : فكبر على ابن الكوا ولم يهتد له فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : ويلك تعلم أن الله عز وجل قال في كتابه " واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا " فانطلق بهم معه ليشهدوا له إذا رجعوا عند الملاء من بني إسرائيل أن ربي قد كلمني فلو أنهم سلموا ذلك له ، وصدقوا به ، لكان خيرا لهم ، ولكنهم قالوا لموسى " لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة " قال الله عز وجل " فأخذتهم الصاعقة وأنتم تنظرون * ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون " أترى يا ابن الكوا أن هؤلاء قد رجعوا إلى منازلهم بعد ما ماتوا ؟ فقال ابن الكواء : وما ذاك ثم أماتهم فكأنهم ، فقال له أمير المؤمنين : لا ويلك أوليس قد أخبر الله في كتابه حيث يقول : " وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى " فهذا بعد الموت إذ بعثهم .

وأيضا مثلهم يا ابن الكوا ، الملا من بني إسرائيل حيث يقول الله عز وجل " ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم "  وقوله أيضا في عزير حيث أخبر الله عز وجل فقال : " أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها فقال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله " وأخذه بذلك الذنب " مائة عام ثم بعثه " ورده إلى الدنيا ف‍ " قال كم لبثت " ؟ ف‍ " قال لبثت يوما أو بعض يوم فقال بل لبثت مائة عام " .

فلا تشكن يا ابن الكوا في قدرة الله عز وجل .

9 - منتخب البصائر : سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن أبي خالد القماط ، عن عبد الرحمن القصير ، عن أبي جعفر قال : قرأ هذه الآية " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم " فقال : هل تدري من يعني ؟ فقلت : يقاتل المؤمنون فيقتلون ويقتلون ، فقال : لا ولكن من قتل من المؤمنين رد حتى يموت ، ومن مات رد حتى يقتل ، وتلك القدرة فلا تنكرها . تفسير العياشي : عن عبد الرحيم مثله .

10 - منتخب البصائر : بهذا الاسناد ، عن أبي خالد القماط ، عن حمران بن أعين ، عن أبي جعفر قال : قلت له : كان في بني إسرائيل شئ لا يكون ههنا مثله ؟ فقال : لا ، فقلت : فحدثني عن قول الله عز وجل " ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم " حتى نظر الناس إليهم .

ثم أماتهم من يومهم أوردهم إلى الدنيا ؟ فقال : بل ردهم إلى الدنيا حتى سكنوا الدور ، وأكلوا الطعام ، ونكحوا النساء ، ولبثوا بذلك ما شاء الله ، ثم ماتوا بالآجال .

11 - منتخب البصائر : سعد ، عن ابن عيسى ، عن اليقطيني ، عن الحسين بن سفيان عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي عبد الله قال : إن لعلي في الأرض كرة مع الحسين ابنه يقبل برايته حتى ينتقم له من بني أمية ومعاوية وآل معاوية ومن شهد حربه ، ثم يبعث الله إليهم بأنصاره يومئذ من أهل الكوفة ثلاثين ألفا ومن سائر الناس سبعين ألفا فيلقاهم بصفين مثل المرة الأولى حتى يقتلهم ، ولا يبقي منهم مخبرا ، ثم يبعثهم الله عز وجل فيدخلهم أشد عذابه مع فرعون وآل فرعون .

ثم كرة أخرى مع رسول الله حتى يكون خليفة في الأرض وتكون الأئمة عماله وحتى يبعثه الله علانية ، فتكون عبادته علانية في الأرض كما عبد الله سرا في الأرض .

ثم قال : إي والله وأضعاف ذلك - ثم عقد بيده أضعافا - يعطي الله نبيه ملك جميع أهل الدنيا منذ يوم خلق الله الدنيا إلى يوم يفنيها حتى ينجز له موعوده في كتابه كما قال " ويظهره على الدين كله ولو كره المشركون " .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>