ذكر أمر أبي بكر البغدادي ابن أخي الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه وأبي دلف المجنون

أخبرني الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان عن أبي الحسن علي بن بلال المهلبي قال : سمعت أبا القاسم جعفر بن محمد بن قولويه يقول : أما أبو دلف الكاتب لا حاطه الله فكنا نعرفه ملحدا ثم أظهر الغلو ثم جن وسلسل ثم صار مفوضا وما عرفناه قط إذا حضر في مشهد إلا استخف به ولا عرفته الشيعة إلا مدة يسيرة والجماعة تتبرأ عنه وممن يومي إليه وينمس به .

وقد كنا وجهنا إلى أبي بكر البغدادي لما ادعى له هذا ما ادعاه فأنكر ذلك وحلف عليه فقبلنا ذلك منه فلما دخل بغداد مال إليه وعدل من الطائفة و أوصى إليه لم نشك أنه على مذهبه فلعناه وبرئنا منه لان عندنا أن كل من ادعى الامر بعد السمري فهو كافر منمس ضال مضل وبالله التوفيق .

وذكر أبو عمرو محمد بن محمد بن نصر السكري قال : لما قدم ابن محمد بن الحسن ابن الوليد القمي من قبل أبيه والجماعة وسألوه عن الامر الذي حكي فيه من النيابة أنكر ذلك وقال : ليس إلي من هذا الامر شئ ولا ادعيت شيئا من هذا وكنت حاضرا لمخاطبته إياه بالبصرة .

وذكر ابن عياش قال : اجتمعت يوما مع أبي دلف فأخذنا في ذكر أبي بكر البغدادي فقال لي : تعلم من أين كان فضل سيدنا الشيخ قدس الله روحه وقدس به على أبي القاسم الحسين بن روح وعلى غيره ؟ فقلت له : ما أعرف .

قال : لان أبا جعفر محمد بن عثمان قدم اسمه على اسمه في وصيته قال : فقلت له : فالمنصور إذا أفضل من مولانا أبي الحسن موسى قال : وكيف ؟ قلت : لان الصادق قدم اسمه على اسمه في الوصية .

فقال لي : أنت تتعصب على سيدنا وتعاديه ، فقلت : الخلق كلهم تعادي أبا بكر البغدادي وتتعصب عليه ، غيرك وحدك ، وكدنا نتقاتل ونأخذ بالأزياق .

وأمر أبي بكر البغدادي في قلة العلم والمروءة أشهر وجنون أبي دلف أكثر من أن يحصى لانشغل كتابنا بذلك ولا نطول بذكره ذكر ابن نوح طرفا من ذلك .

وروى أبو محمد هارون بن موسى عن أبي القاسم الحسين بن عبد الرحيم الابرارورى قال : أنفذني أبي عبد الرحيم إلى أبي جعفر محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه في شئ كان بيني وبينه فحضرت مجلسه وفيه جماعة من أصحابنا وهم يتذاكرون شيئا من الروايات وما قاله الصادقون حتى أقبل أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان المعروف بالبغدادي ابن أخي جعفر العمري فلما بصر به أبو جعفر رضي الله عنه قال للجماعة : أمسكوا فان هذا الجائي ليس من أصحابكم .

وحكى أنه توكل لليزيدي بالبصرة فبقي في خدمته مدة طويلة وجمع مالا عظيما فسعي به إلى اليزيدي فقبض عليه وصادره وضربه على أم رأسه حتى نزل الماء في عينيه فمات أبو بكر ضريرا .

وقال أبو نصر هبة الله بن محمد بن أحمد الكاتب ابن بنت أم كلثوم بنت أبي جعفر محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه : إن أبا دلف محمد بن مظفر الكاتب كان في ابتداء أمره مخمسا مشهورا بذلك لأنه كان تربية الكرخيين وتلميذهم وصنيعتهم و كان الكرخيون مخمسة لا يشك في ذلك أحد من الشيعة ، وقد كان أبو دلف يقول ذلك ويعترف به ويقول : نقلي سيدنا الشيخ الصالح قدس الله روحه ونور ضريحه عن مذهب أبي جعفر الكرخي إلى المذهب الصحيح يعني أبا بكر البغدادي .

وجنون أبي دلف وحكايات فساد مذهبه أكثر من أن تحصى فلا نطول بذكره هاهنا .

قد ذكرنا جملا من أخبار السفراء والأبواب في زمان الغيبة لان صحة ذلك مبني على ثبوت إمامة صاحب الزمان ، وفي ثبوت وكالتهم ، وظهور المعجزات على أيديهم ، دليل واضح على إمامة من ائتموا إليه فلذلك ذكرنا هذا ، فليس لأحد أن يقول : ما الفائدة في ذكر أخبارهم فيما يتعلق بالكلام في الغيبة ، لأنا قد بينا فائدة ذلك ، فسقط هذا الاعتراض .

بيان : زيق القميص بالكسر ما أحاط بالعنق منه .

- الإحتجاج : روى أصحابنا أن أبا محمد الحسن الشريعي كان من أصحاب أبي الحسن علي بن محمد ثم الحسن بن علي وهو أول من ادعى مقاما لم يجعله الله فيه من قبل صاحب الزمان ، وكذب على الله وعلى حججه ونسب إليهم مالا يليق بهم ، وما هم منه براء .

ثم ظهر منه القول بالكفر والالحاد ، وكذلك كان محمد بن نصير النميري من أصحاب أبي محمد الحسن عليه السلام فلما توفي ادعى النيابة لصاحب الزمان عليه السلام ففضحه الله تعالى بما ظهر منه من الالحاد والغلو والقول بالتناسخ ، وقد كان يدعي أنه رسول نبي أرسله علي بن محمد عليه السلام ويقول فيه بالربوبية : ويقول بالإجابة للمحارم .

وكان أيضا من جملة الغلاة أحمد بن هلال الكرخي وقد كان من قبل في عداد أصحاب أبي محمد ثم تغير عما كان عليه وأنكر نيابة أبي جعفر محمد بن عثمان ، فخرج التوقيع بلعنه من قبل صاحب الامر بالبراءة منه في جملة من لعن وتبرأ منه .

وكذلك كان أبو طاهر محمد بن علي بن بلال : والحسين بن منصور الحلاج ومحمد بن علي الشلمغاني المعروف بابن أبي العزاقر لعنهم الله ، فخرج التوقيع بلعنهم والبراءة منهم جميعا على يد الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح نسخته : " أعرف أطال الله بقاءك ، وعرفك الخير كله ، وختم به عملك ، من تثق بدينه وتسكن إلى نيته من إخواننا أدام الله سعادتهم بأن محمد بن علي المعروف بالشلمغاني عجل الله له النقمة ولا أمهله ، قد ارتد عن الاسلام وفارقه وألحد في دين الله و ادعى ما كفر معه بالخالق جل وتعالى وافترى كذبا وزورا وقال بهتانا وإثما عظيما ، كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا ، وخسروا خسرانا مبينا ، وإنا برئنا إلى الله تعالى وإلى رسوله وآله صلوات الله وسلامه ورحمته وبركاته عليهم منه ولعناه ، عليه لعائن الله تترى ، في الظاهر منا والباطن ، في السر والجهر وفي كل وقت وعلى كل حال ، وعلى من شايعه وتابعه وبلغه هذا القول منا فأقام على توليه بعده .

وأعلمهم تولاكم الله أننا في التوقي والمحاذرة منه على مثل ما كانا عليه ممن تقدمه من نظرائه من الشريعي والنميري والهلالي والبلالي وغيرهم ، و عادة الله جل ثناؤه مع ذلك قبله وبعده عندنا جميلة ، وبه نثق وإياه نستعين ، وهو حسبنا في كل أمورنا ونعم الوكيل .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>