تشرف مولانا أحمد الأردبيلي قدس سره

بحار الأنوار ، العلامة المجلسي : ولنلحق بتلك الحكاية ، بعض الحكايات التي سمعتها عمن قرب من زماننا .

فمنها ما أخبرني جماعة عن السيد الفاضل أمير علام قال : كنت في بعض الليالي في صحن الروضة المقدسة بالغري على مشرفها السلام وقد ذهب كثير من الليل ، فبينا أنا أجول فيها ، إذ رأيت شخصا مقبلا نحو الروضة المقدسة فأقبلت إليه فلما قربت منه عرفت أنه أستاذنا الفاضل العالم التقي الذكي مولانا أحمد الأردبيلي قدس الله روحه .

فأخفيت نفسي عنه ، حتى أتى الباب ، وكان مغلقا ، فانفتح له عند وصوله إليه ، ودخل الروضة ، فسمعته يكلم كأنه يناجي أحدا ثم خرج ، وأغلق الباب فمشيت خلفه حتى خرج من الغري وتوجه نحو مسجد الكوفة .

فكنت خلفه بحيث لا يراني حتى دخل المسجد وصار إلى المحراب الذي استشهد أمير المؤمنين عنده ، ومكث طويلا ثم رجع وخرج من المسجد وأقبل نحو الغري . فكنت خلفه حتى قرب من الحنانة فأخذني سعال لم أقدر على دفعه ، فالتفت إلي فعرفني ، وقال : أنت مير علام ؟ قلت : نعم ، قال : ما تصنع ههنا ؟ قلت : كنت معك حيث دخلت الروضة المقدسة إلى الآن واقسم عليك بحق صاحب القبر أن تخبرني بما جرى عليك في تلك الليلة ، من البداية إلى النهاية .

فقال : أخبرك على أن لا تخبر به أحدا ما دمت حيا فلما توثق ذلك مني قال : كنت أفكر في بعض المسائل وقد أغلقت علي ، فوقع في قلبي أن آتي أمير المؤمنين وأسأله عن ذلك ، فلما وصلت إلى الباب فتح لي بغير مفتاح كما رأيت فدخلت الروضة وابتهلت إلى الله تعالى في أن يجيبني مولاي عن ذلك ، فسمعت صوتا من القبر : أن ائت مسجد الكوفة وسل عن القائم فإنه إمام زمانك فأتيت عند المحراب ، وسألته عنها وأجبت وها أنا أرجع إلى بيتي . ومنها ما أخبرني به والدي رحمه الله قال : كان في زماننا رجل شريف صالح كان يقال له : أمير إسحاق الأسترآبادي ، وكان قد حج أربعين حجة ماشيا وكان قد اشتهر بين الناس أنه تطوى له الأرض .

فورد في بعض السنين بلدة إصفهان ، فأتيته وسألته عما اشتهر فيه ، فقال : كان سبب ذلك أني كنت في بعض السنين مع الحاج متوجهين إلى بيت الله الحرام فلما وصلنا إلى موضع كان بيننا وبين مكة سبعة منازل أو تسعة تأخرت عن القافلة لبعض الأسباب حتى غابت عني ، وضللت عن الطريق ، وتحيرت وغلبني العطش حتى أيست من الحياة .

فناديت : يا صالح يا أبا صالح أرشدونا إلى الطريق يرحمكم الله فتراءى لي في منتهى البادية شبح ، فلما تأملته حضر عندي في زمان يسير فرأيته شابا حسن الوجه نقي الثياب ، أسمر ، على هيئة الشرفاء ، راكبا على جمل ، ومعه أداوة ، فسلمت عليه فرد علي السلام وقال : أنت عطشان ؟ قلت : نعم فأعطاني الأداوة فشربت ثم قال : تريد أن تلحق القافلة ؟ قلت : نعم ، فأردفني خلفه ، وتوجه نحو مكة .

وكان من عادتي قراءة الحرز اليماني في كل يوم ، فأخذت في قراءته فقال عليه السلام في بعض المواضع : اقرأ هكذا ، قال : فما مضى إلا زمان يسير حتى قال لي : تعرف هذا الموضع ؟ فنظرت فإذا أنا بالأبطح فقال : انزل ، فلما نزلت رجعت وغاب عني .

فعند ذلك عرفت أنه القائم فندمت وتأسفت على مفارقته ، وعدم معرفته فلما كان بعد سبعة أيام أتت القافلة ، فرأوني في مكة بعد ما أيسوا من حياتي فلذا اشتهرت بطي الأرض .

قال الوالد - رحمه الله - : فقرأت عنده الحرز اليماني وصححته وأجازني والحمد لله .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>