حديث أبي عبد الله مع المنصور في موكبه ، وفيه بيان وتوضيح

1 - الكافي : في الروضة محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن بعض أصحابه ، وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير جميعا ، عن محمد بن أبي حمزة عن حمران قال : قال أبو عبد الله : وذكر هؤلاء عنده وسوء حال الشيعة عندهم فقال : إني سرت مع أبي جعفر [ المنصور ] وهو في موكبه ، وهو على فرس ، وبين يديه خيل ومن خلفه خيل ، وأنا على حمار إلى جانبه ، فقال لي : يا با عبد الله ! قد كان ينبغي لك أن تفرح بما أعطانا الله من القوة ، وفتح لنا من العز ، ولا تخبر الناس أنك أحق بهذا الامر منا وأهل بيتك فتغرينا بك وبهم قال : فقلت : ومن رفع هذا إليك عني فقد كذب ، فقال : أتحلف على ما تقول ؟ قال : فقلت : إن الناس سحرة يعني - يحبون أن يفسدوا قلبك علي - فلا تمكنهم من سمعك فانا إليك أحوج منك إلينا .

فقال لي : تذكر يوم سألتك : " هل لنا ملك ؟ فقلت : نعم ، طويل عريض شديد ، فلا تزالون في مهلة من أمركم ، وفسحة من دنياكم ، حتى تصيبوا منا دما حراما في شهر حرام في بلد حرام ؟ " فعرفت أنه قد حفظ الحديث فقلت : لعل الله عز وجل أن يكفيك فاني لم أخصك بهذا إنما هو حديث رويته .

ثم لعل غيرك من أهل بيتك أن يتولى ذلك فسكت عني .

فلما رجعت إلى منزلي أتاني بعض موالينا فقال : جعلت فداك والله لقد رأيتك في موكب أبي جعفر وأنت على حمار ، وهو على فرس ، وقد أشرف عليك يكلمك كأنك تحته ، فقلت بيني وبين نفسي : هذا حجة الله على الخلق ، وصاحب هذا الامر الذي يقتدى به ، وهذا الآخر يعمل بالجور ، ويقتل أولاد الأنبياء ويسفك الدماء في الأرض بما لا يحب الله وهو في موكبه ، وأنت على حمار ، فدخلني من ذلك شك حتى خفت على ديني ونفسي .

قال : فقلت : لو رأيت من كان حولي ، وبين يدي ، ومن خلفي ، وعن يميني وعن شمالي من الملائكة لاحتقرته واحتقرت ما هو فيه ، فقال : الآن سكن قلبي .

ثم قال : إلى متى هؤلاء يملكون ؟ أو متى الراحة منهم ؟ فقلت : أليس تعلم أن لكل شئ مدة ؟ قال : بلى ، فقلت : هل ينفعك علمك ؟ إن هذا الامر إذا جاء كان أسرع من طرفة العين ، إنك لو تعلم حالهم عند الله عز وجل ، وكيف هي ؟ كنت لهم أشد بغضا ، ولو جهدت وجهد أهل الأرض أن يدخلوهم في أشد ما هم فيه من الاثم لم يقدروا ، فلا يستفزنك الشيطان ، فان العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون .

ألا تعلم أن من انتظر أمرنا ، وصبر على ما يرى من الأذى والخوف ، هو غدا في زمرتنا .

فإذا رأيت الحق قد مات وذهب أهله ، ورأيت الجور قد شمل البلاد ، ورأيت القرآن قد خلق ، واحدث فيه ما ليس فيه ، ووجه على الأهواء ، ورأيت الدين قد انكفأ كما ينكفئ الاناء .

ورأيت أهل الباطل قد استعلوا على أهل الحق ، ورأيت الشر ظاهرا لا ينهى عنه ويعذر أصحابه ، ورأيت الفسق قد ظهر ، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء ، ورأيت المؤمن صامتا لا يقبل قوله ، ورأيت الفاسق يكذب ولا يرد عليه كذبه وفريته ، ورأيت الصغير يستحقر بالكبير ، ورأيت الأرحام قد تقطعت ، ورأيت من يمتدح بالفسق يضحك منه ولا يرد عليه قوله .

ورأيت الغلام يعطى ما تعطى المرأة ، ورأيت النساء يتزوجن النساء ، ورأيت الثناء قد كثر ، ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة الله فلا ينهى ولا يؤخذ على يديه ورأيت الناظر يتعوذ بالله مما يرى المؤمن فيه من الاجتهاد ، ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع .

ورأيت الكافر فرحا لما يرى في المؤمن ، مرحا لما يرى في الأرض من الفساد ورأيت الخمور تشرب علانية ويجتمع عليها من لا يخاف الله عز وجل ، ورأيت الآمر بالمعروف ذليلا ، ورأيت الفاسق فيما لا يحب الله قويا محمودا ، ورأيت أصحاب الآيات يحقرون ويحتقر من يحبهم ، ورأيت سبيل الخير منقطعا وسبيل الشر مسلوكا ورأيت بيت الله قد عطل ويؤمر بتركه ، ورأيت الرجل يقول ما لا يفعله .

ورأيت الرجال يتسمنون للرجال والنساء للنساء ، ورأيت الرجل معيشته من دبره ، ومعيشة المرأة من فرجها ، ورأيت النساء يتخذن المجالس كما يتخذها الرجال .

ورأيت التأنيث في ولد العباس قد ظهر ، وأظهروا الخضاب ، وامتشطوا كما تمتشط المرأة لزوجها ، وأعطوا الرجال الأموال على فروجهم ، وتنوفس في الرجل وتغاير عليه الرجال ، وكان صاحب المال أعز من المؤمن ، وكان الربا ظاهرا لا يعير ، وكان الزنا تمتدح به النساء .

ورأيت المرأة تصانع زوجها على نكاح الرجال ، ورأيت أكثر الناس وخير بيت من يساعد النساء على فسقهن ، ورأيت المؤمن محزونا محتقرا ذليلا ، ورأيت البدع والزنا قد ظهر ، ورأيت الناس يعتدون بشاهد الزور ، ورأيت الحرام يحلل ، ورأيت الحلال يحرم ، ورأيت الدين بالرأي ، وعطل الكتاب وأحكامه ، ورأيت الليل لا يستخفى به من الجرءة على الله .

ورأيت المؤمن لا يستطيع أن ينكر إلا بقلبه ، ورأيت العظيم من المال ينفق في سخط الله عز وجل . ورأيت الولاة يقربون أهل الكفر ، ويباعدون أهل الخير ، ورأيت الولاة يرتشون في الحكم ، ورأيت الولاية قبالة لمن زاد .

ورأيت ذوات الأرحام ينكحن ، ويكتفى بهن ، ورأيت الرجل يقتل على [ التهمة وعلى ] الظنة ويتغاير على الرجل الذكر فيبذل له نفسه وماله ، ورأيت الرجل يعير على إتيان النساء ، ورأيت الرجل يأكل من كسب امرأته من الفجور ، يعلم ذلك ويقيم عليه ، ورأيت المرأة تقهر زوجها ، وتعمل ما لا يشتهي وتنفق على زوجها .

ورأيت الرجل يكري امرأته وجاريته ، ويرضى بالدني من الطعام والشراب ورأيت الايمان بالله عز وجل كثيرة على الزور ، ورأيت القمار قد ظهر ، ورأيت الشراب تباع ظاهرا ليس عليه مانع ، ورأيت النساء يبذلن أنفسهن لأهل الكفر ورأيت الملاهي قد ظهرت يمر بها لا يمنعها أحد أحدا ، ولا يجترئ أحد على منعها ورأيت الشريف يستذله الذي يخاف سلطانه ، ورأيت أقرب الناس من الولاة من يمتدح بشتمنا أهل البيت ، ورأيت من يحبنا يزور ولا يقبل شهادته ، ورأيت الزور من القول يتنافس فيه .

ورأيت القرآن قد ثقل على الناس استماعه ، وخف على الناس استماع الباطل ورأيت الجار يكرم الجار خوفا من لسانه ، ورأيت الحدود قد عطلت وعمل فيها بالأهواء ، ورأيت المساجد قد زخرفت ، ورأيت أصدق الناس عند الناس المفتري الكذب ، ورأيت الشر قد ظهر والسعي بالنميمة ، ورأيت البغي قد فشا ، ورأيت الغيبة تستملح ويبشر بها الناس بعضهم بعضا .

ورأيت طلب الحج والجهاد لغير الله ، ورأيت السلطان يذل للكافر المؤمن ورأيت الخراب قد أديل من العمران ، ورأيت الرجل معيشته من بخس المكيال والميزان ، ورأيت سفك الدماء يستخف بها .

ورأيت الرجل يطلب الرئاسة لعرض الدنيا ، ويشهر نفسه بخبث اللسان ليتقى ، وتسند إليه الأمور ، ورأيت الصلاة قد استخف بها ، ورأيت الرجل عنده المال الكثير لم يزكه منذ ملكه ، ورأيت الميت ينشر من قبره ويؤذى وتباع أكفانه ورأيت الهرج قد كثر .

ورأيت الرجل يمسي نشوان ، ويصبح سكران لا يهتم بما [ يقول ] الناس فيه ، ورأيت البهائم تنكح ، ورأيت البهائم تفرس بعضها بعضا ، ورأيت الرجل يخرج إلى مصلاه ويرجع وليس عليه شئ من ثيابه ، ورأيت قلوب الناس قد قست وجمدت أعينهم ، وثقل الذكر عليهم ، ورأيت السحت قد ظهر يتنافس فيه ، ورأيت المصلي إنما يصلي ليراه الناس .

ورأيت الفقيه يتفقه لغير الدين يطلب الدنيا والرئاسة ، ورأيت الناس مع من غلب ، ورأيت طالب الحلال يذم ويعير ، وطالب الحرام يمدح ويعظم ، ورأيت الحرمين يعمل فيهما بما لا يحب الله ، لا يمنعهم مانع ، ولا يحول بينهم وبين العمل القبيح أحد ، ورأيت المعازف ظاهرة في الحرمين .

ورأيت الرجل يتكلم بشئ من الحق ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فيقوم إليه من ينصحه في نفسه ، فيقول : هذا عنك موضوع ، ورأيت الناس ينظر بعضهم إلى بعض ، ويقتدون بأهل الشرور ، ورأيت مسلك الخير وطريقه خاليا لا يسلكه أحد ، ورأيت الميت يهز [ ء ] به فلا يفزع له أحد .

ورأيت كل عام يحدث فيه من البدعة والشر أكثر مما كان ، ورأيت الخلق والمجالس لا يتابعون إلا الأغنياء ، ورأيت المحتاج يعطى على الضحك به ، ويرحم لغير وجه الله ، ورأيت الآيات في السماء لا يفزع لها أحد ، ورأيت الناس يتسافدون كما تسافد البهائم ، لا ينكر أحد منكرا تخوفا من الناس ، ورأيت الرجل ينفق الكثير في غير طاعة الله ، ويمنع اليسير في طاعة الله .

ورأيت العقوق قد ظهر ، واستخف بالوالدين ، وكانا من أسوء الناس حالا عند الولد ويفرح بأن يفتري عليهما .

ورأيت النساء قد غلبن على الملك ، وغلبن على كل أمر ، لا يؤتى إلا ما لهن فيه هوى ، ورأيت ابن الرجل يفتري على أبيه ، ويدعو على والديه ، ويفرح بموتهما ، ورأيت الرجل إذا مر به يوم ولم يكسب فيه الذنب العظيم ، من فجور أو بخس مكيال أو ميزان ، أو غشيان حرام ، أو شرب مسكر كئيبا حزينا يحسب أن ذلك اليوم عليه وضيعة من عمره .

ورأيت السلطان يحتكر الطعام ، ورأيت أموال ذوي القربى تقسم في الزور ويتقامر بها ويشرب بها الخمور ، ورأيت الخمر يتداوى بها ، وتوصف للمريض ويستشفى بها ، ورأيت الناس قد استووا في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و ترك التدين به ، ورأيت رياح المنافقين وأهل النفاق دائمة ، ورياح أهل الحق لا تحرك . ورأيت الأذان بالأجر ، والصلاة بالأجر ، ورأيت المساجد محتشية ممن لا يخاف الله مجتمعون فيها للغيبة وأكل لحوم أهل الحق ، ويتواصفون فيها شراب المسكر ، ورأيت السكران يصلي بالناس فهو لا يعقل ، ولا يشان بالسكر ، وإذا سكر أكرم واتقي وخيف ، وترك لا يعاقب ، ويعذر بسكره .

ورأيت من أكل أموال اليتامى يحدث بصلاحه ، ورأيت القضاة يقضون بخلاف ما أمر الله ، ورأيت الولاة يأتمنون الخونة للطمع ، ورأيت الميراث قد وضعته الولاة لأهل الفسوق والجرأة على الله ، يأخذون منهم ويخلونهم وما يشتهون ورأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوى ، ولا يعمل القائل بما يأمر .

ورأيت الصلاة قد استخف بأوقاتها ، ورأيت الصدقة بالشفاعة لا يراد بها وجه الله وتعطى لطلب الناس ، ورأيت الناس همهم بطونهم وفروجهم ، لا يبالون بما أكلوا وبما نكحوا ، ورأيت الدنيا مقبلة عليهم ، ورأيت أعلام الحق قد درست .

فكن على حذر ، واطلب من الله عز وجل النجاة ، واعلم أن الناس في سخط الله عز وجل [ وإنما يمهلهم لامر يراد بهم ، فكن مترقبا ! واجتهد ليراك الله عز وجل ] في خلاف ما هم عليه ، فان نزل بهم العذاب وكنت فيهم ، عجلت إلى رحمة الله وإن أخرت ابتلوا وكنت قد خرجت مما هم فيه ، من الجرءة على الله عز وجل .

واعلم أن الله لا يضيع أجر المحسنين وأن رحمة الله قريب من المحسنين .

بيان : " الموكب " جماعة الفرسان " والاغراء " التحريص على الشر ، قوله " إن الناس سحرة " قال الجزري : فيه إن من البيان لسحرا أي منه ما يصرف قلوب السامعين وإن كان غير حق ، والسحر في كلامهم صرف الشئ عن وجهه .

أقول : وفي بعض النسخ " شجرة بغي " .

و " الفسحة " بالضم السعة قوله " حتى تصيبوا منا دما " لعل المراد دم رجل من أولاد الأئمة سفكوها قريبا من انقضاء دولتهم ، وقد فعلوا مثل ذلك كثيرا ويحتمل أن يكون مراده هذا الملعون بعينه ، والمراد بسفك الدم القتل ولو بالسم مجازا ، و " بالبلد الحرام " مدينة الرسول فإنه سم بأمره فيها على ما روي ولم يبق بعده إلا قليلا .

قوله : " أو متى الراحة " الترديد من الراوي ، قوله " إن هذا الامر " أي انقضاء دولتهم ، أو ظهور دولة الحق .

وقال الجوهري : استفزه الخوف استخفه و " الزمرة " الجماعة من الناس و " الانكفاء " الانقلاب .

قوله : " يمتدح " أي يفتخر ويطلب المدح " والمرح " شدة الفرح والنشاط فهو مرح بالكسر .

قوله : " ورأيت أصحاب الآيات " أي العلامات والمعجزات أو الذين نزلت فيهم الآيات ، وهم الأئمة أو المفسرين والقراء ، وفي بعض النسخ " أصحاب الآثار " وهم المحدثون .

قوله : رأيت الرجال يتسمنون أي يستعملون الأغذية والأدوية للسمن ليعمل بهم القبيح ، قال الجزري فيه يكون في آخر الزمان قوم يتسمنون أي يتكثرون بما ليس فيهم ، ويدعون ما ليس لهم من الشرف ، وقيل : أراد جمعهم الأموال وقيل : يحبون التوسع في المآكل والمشارب وهي أسباب السمن ، ومنه الحديث الآخر : ويظهر فيهم السمن ، وفيه : ويل للمسمنات يوم القيامة من فترة في العظام أي اللاتي يستعملن السمنة وهي دواء يتسمن به النساء .

قوله " وأظهروا الخضاب " أي خضاب اليد والرجل فان المستحب لهم إنما هو خضاب الشعر كما سيأتي في موضعه .

قوله : " وأعطوا الرجال " أي أعطى ولد العباس أموالا ليطؤوهم أو أنهم يعطون السلاطين والحكام الأموال لفروجهم أو فروج نسائهم للدياثة ويمكن أن يقرء الرجال بالرفع وأعطوا على المعلوم أو المجهول من باب أكلوني البراغيث والأول أظهر " والمنافسة " المغالبة على الشئ .

قوله : " تصانع زوجها " المصانعة الرشوة والمداهنة ، والمراد إما المصانعة لترك الرجال ، أو للاشتغال بهم لتشتغل هي بالنساء ، أو لمعاشرتها مع الرجال قوله " يعتدون " من الاعتداد أو الاعتداء قوله " لا يستخفى به " أي لا ينتظرون دخوله لارتكاب الفضائح ، بل يعملونها في النهار علانية .

قوله : " ورأيت الولاية قبالة " أي يزيدون في المال ويشترون الولايات و " الزور " الكذب والباطل والتهمة " والزخرفة " النقش بالذهب المشهور تحريمها في المساجد ويقال : استملحه أي عده مليحا قوله " ويبشر بها الناس " كما هو الشائع في زماننا يأتي بعضهم بعضها يبشره بأني أتيتك بغيبة حسنة ، قوله : " قد أديل " الإدالة الغلبة ، والمراد كثرة الخراب وقلة العمران قوله " ورأيت الميت " لعل بيع الأكفان بيان للايذاء أي يخرج من قبره لكفنه ، ويحتمل أن يكون المراد أنه يخرجه من عليه دين فيضربه ويحرقه ويبيع كفنه لدينه .

قوله " كما تتسافد البهائم " أي علانية على ظهر الطرق ، قوله : " ورأيت رياح المنافقين " تطلق الريح على الغلبة والقوة والرحمة والنصرة والدولة والنفس ، والكل محتمل والأخير أظهر كناية عن كثرة تكلمهم وقبول قولهم قوله " لأهل الفسوق " أي للذين يولونهم على ميراث الأيتام أو الفاسق من الورثة ، حيث يعطيهم الرشوة ، فيحكمون بالمال له .

قوله عليه السلام : " بالشفاعة " أي لا يتصدقون إلا لمن يشفع له شفيع ، فيعطونها لوجه الشفيع لا لوجه الله ، أو يعطون لطلب الفقراء وابرامهم ، قوله عليه السلام : " لا يبالون بما أكلوا " أي من حل أو حرام .

2 - جامع الأخبار : روى جابر بن عبد الله الأنصاري قال : حججت مع رسول الله حجة الوداع فلما قضى النبي ما افترض عليه من الحج أتى مودع الكعبة فلزم حلقة الباب ، ونادى برفع صوته : أيها الناس ! فاجتمع أهل المسجد وأهل السوق ، فقال : اسمعوا ! إني قائل ما هو بعدي كائن فليبلغ شاهدكم غائبكم ثم بكى رسول الله حتى بكى لبكائه الناس أجمعين فلما سكت من بكائه قال : اعلموا رحمكم الله أن مثلكم في هذا اليوم كمثل ورق لا شوك فيه إلى أربعين ومائة سنة ثم يأتي من بعد ذلك شوك وورق إلى مائتي سنة ثم يأتي من بعد ذلك شوك لا ورق فيه حتى لا يرى فيه إلا سلطان جائر أو غني بخيل أو عالم مراغب في المال أو فقير كذاب ، أو شيخ فاجر ، أو صبي وقح ، أو امرأة رعناء ثم بكى رسول الله .

فقام إليه سلمان الفارسي وقال : يا رسول الله أخبرنا متى يكون ذلك ؟ فقال : يا سلمان إذا قلت علماؤكم ، وذهبت قراؤكم ، وقطعتم زكاتكم وأظهرتم منكراتكم ، وعلت أصواتكم في مساجدكم ، وجعلتم الدنيا فوق رؤوسكم والعلم تحت أقدامكم ، والكذب حديثكم ، والغيبة فاكهتكم ، والحرام غنيمتكم ولا يرحم كبيركم صغيركم ، ولا يوقر صغيركم كبيركم .

فعند ذلك تنزل اللعنة عليكم ، ويجعل بأسكم بينكم ، وبقي الدين بينكم لفظا بألسنتكم . فإذا أوتيتم هذه الخصال توقعوا الريح الحمراء أو مسخا أو قذفا بالحجارة وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل " قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون " .

فقام إليه جماعة من الصحابة ، فقالوا : يا رسول الله أخبرنا متى يكون ذلك ؟ فقال : عند تأخير الصلوات ، واتباع الشهوات ، وشرب القهوات ، وشتم الآباء والأمهات .

حتى ترون الحرام مغنما ، والزكاة مغرما ، وأطاع الرجل زوجته ، وجفا جاره ، وقطع رحمه ، وذهبت رحمة الأكابر ، وقل حياء الأصاغر ، وشيدوا البنيان وظلموا العبيد والإماء ، وشهدوا بالهوى ، وحكموا بالجور ، ويسب الرجل أباه ويحسد الرجل أخاه ، ويعامل الشركاء بالخيانة ، وقل الوفاء ، وشاع الزنا ، وتزين الرجال بثياب النساء ، وسلب عنهن قناع الحياء ، ودب الكبر في القلوب كدبيب السم في الأبدان ، وقل المعروف ، وظهرت الجرائم ، وهونت العظائم ، وطلبوا المدح بالمال ، وأنفقوا المال للغناء ، وشغلوا بالدنيا عن الآخرة ، وقل الورع ، وكثر الطمع والهرج والمرج ، وأصبح المؤمن ذليلا ، والمنافق عزيزا ، مساجدهم معمورة بالأذان ، وقلوبهم خالية من الايمان ، واستخفوا بالقرآن ، وبلغ المؤمن عنهم كل هوان .

فعند ذلك ترى وجوههم وجوه الآدميين ، وقلوبهم قلوب الشياطين ، كلامهم أحلى من العسل ، وقلوبهم أمر من الحنظل ، فهم ذئاب ، وعليهم ثياب ، ما من يوم إلا يقول الله تبارك وتعالى : أفبي تغترون ؟ أم علي تجترؤون ؟ " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون " .

فو عزتي وجلالي ، لولا من يعبدني مخلصا ما أمهلت من يعصيني طرفة عين ولولا ورع الورعين من عبادي لما أنزلت من السماء قطرة ، ولا أنبت ورقة خضراء فوا عجباه لقوم آلهتهم أموالهم ، وطالت آمالهم ، وقصرت آجالهم ، وهم يطمعون في مجاورة مولاهم ، ولا يصلون إلى ذلك إلا بالعمل ، ولا يتم العمل إلا بالعقل . بيان : الوقاحة قلة الحياء ، والرعناء الحمقاء ، والقهوة الخمر .

3 - الكافي : علي ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله قال : لا ترون ما تحبون حتى يختلف بنو فلان فيما بينهم ، فإذا اختلفوا طمع الناس وتفرقت الكلمة وخرج السفياني .

4 - الكافي : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نجران ، عن محمد بن سنان ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر قال : لا ترون الذي تنتظرون ، حتى تكونوا كالمعزى المواة التي لا يبالي الخابس أين يضع يده منها ليس لكم شرف ترقونه ولا سناد تسندون إليه أمركم .

وعنه ، عن علي بن الحكم ، عن ابن سنان ، عن أبي الجارود مثله . قال : قلت لعلي بن الحكم ما المواة من المعز ، قال : التي قد استوت لا يفضل بعضها على بعض .

5 - الكافي : العدة ، عن سهل ، عن موسى بن عمر الصيقل ، عن أبي شعيب المحاملي ، عن عبد الله بن سليمان ، عن أبي عبد الله قال : قال أمير المؤمنين ليأتين على الناس زمان يظرف فيه الفاجر ، ويقرب فيه الماجن ، ويضعف فيه المنصف قال : فقيل له : متى ذاك يا أمير المؤمنين ؟ فقال : [ إذا اتخذت الأمانة مغنما والزكاة مغرما ، والعبادة استطالة ، والصلة منا ، قال : فقيل له : متى ذلك يا أمير المؤمنين ؟ فقال ] إذا تسلطن النساء وسلطن الإماء ، وأمر الصبيان .

بيان : المجون أن لا يبالي الانسان بما صنع .

6 - الكافي : العدة ، عن سهل ، عن إسماعيل بن مهران ، عن محمد بن منصور الخزاعي ، عن علي بن سويد ، ومحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن بزيع عن عمه حمزة ، عن علي بن سويد ، والحسن بن محمد ، عن محمد بن أحمد النهدي عن إسماعيل بن مهران ، عن محمد بن منصور ، عن علي بن سويد أنه كتب إلى أبي الحسن موسى في الحبس وسأله عن مسائل فكان فيما أجابه : إذا رأيت المشوه الأعرابي في جحفل جرار فانتظر فرجك ولشيعتك المؤمنين ، وإذا انكسفت الشمس فارفع بصرك إلى السماء وانظر ما فعل الله عز وجل بالمؤمنين ، فقد فسرت لك جملا جملا وصلى الله على محمد وآله الأخيار .

7 - الكافي : حميد بن زياد ، عن عبيد الله الدهقان ، عن الطاطري ، عن محمد بن زياد ، عن أبان ، عن صباح بن سيابة ، عن ابن خنيس قال : ذهبت بكتاب عبد السلام بن نعيم ، وسدير وكتب غير واحد إلى أبي عبد الله حين ظهرت المسودة قبل أن يظهر ولد العباس بأنا قد قدرنا أن يؤول هذا الامر إليك ، فما ترى ؟ قال : فضرب بالكتب الأرض ، ثم قال : أف أف ما أنا لهؤلاء بامام أما يعلمون أنه إنما يقتل السفياني .

8 - الكفاية : بالاسناد المتقدم في باب النص على الاثني عشر ، عن جابر الأنصاري عن النبي قال : منا مهدي هذه الأمة إذا صارت الدنيا هرجا ومرجا ، وتظاهرت الفتن ، وتقطعت السبل ، وأغار بعضهم على بعض ، فلا كبير يرحم صغيرا ، ولا صغير يوقر كبيرا ، فيبعث الله عند ذلك مهدينا ، التاسع من صلب الحسين يفتح حصون الضلالة ، وقلوبا غفلا يقوم في الدين في آخر الزمان كما قمت به في أول الزمان ويملا الأرض عدلا كما ملئت جورا .

9 - الكفاية : بالاسناد المتقدم في الباب المذكور ، عن علقمة بن قيس ، قال : خطبنا أمير المؤمنين على منبر الكوفة خطبة اللؤلؤة فقال فيما قال في آخرها : ألا وإني ظاعن عن قريب ، ومنطلق إلى المغيب ، فارتقبوا الفتنة الأموية والمملكة الكسروية ، وإماتة ما أحياه الله ، وإحياء ما أماته الله ، واتخذوا صوامعكم بيوتكم ، وعضوا على مثل جمر الغضا ، واذكروا الله كثيرا فذكره أكبر لو كنتم تعلمون .

ثم قال : وتبنى مدينة يقال لها الزوراء ، بين دجلة ودجيل والفرات ، فلو رأيتموها مشيدة بالجص والآجر ، مزخرفة بالذهب والفضة ، واللازورد والمرمر والرخام ، وأبواب العاج ، والخيم ، والقباب ، والستارات .

وقد عليت بالساج ، والعرعر والصنوبر والشب ، وشيدت بالقصور ، وتوالت عليها ملك بني شيصبان أربعة وعشرون ملكا ، فيهم السفاح ، والمقلاص ، والجموح والخدوع ، والمظفر ، والمؤنث ، والنظار ، والكبش ، والمهتور ، والعثار ، والمصطلم والمستصعب ، والعلام ، والرهباني ، والخليع ، والسيار ، والمترف ، والكديد والأكتب ، والمسرف ، والأكلب ، والوسيم ، والصيلام ، والعينوق .

وتعمل القبة الغبراء ، ذات الفلاة الحمراء ، وفي عقبها قائم الحق يسفر عن وجهه بين الأقاليم ، كالقمر المضئ بين الكواكب الدرية . ألا وإن لخروجه علامات عشرة أولها طلوع الكوكب ذي الذنب ، ويقارب من الحادي ويقع فيه هرج ومرج وشغب ، وتلك علامات الخصب . ومن العلامة إلى العلامة عجب ، فإذا انقضت العلامات العشرة إذ ذاك يظهر القمر الأزهر ، وتمت كلمة الاخلاص لله على التوحيد .

10 - التهذيب : بإسناده عن سالم أبي خديجة ، عن أبي عبد الله قال : سأله رجل وأنا أسمع فقال : إني أصلي الفجر ثم أذكر الله بكلما أريد أن أذكره مما يجب علي فأريد أن أضع جنبي فأنام قبل طلوع الشمس ، فأكره ذلك ، قال : ولم ؟ قال : أكره أن تطلع الشمس من غير مطلعها ، قال : ليس بذلك خفاء ، انظر من حيث يطلع الفجر ، فمن ثم تطلع الشمس ، ليس عليك من حرج أن تنام إذا كنت قد ذكرت الله .

أقول : قد مضى بعض الأخبار المناسبة للباب في كتاب المعاد .

11 - كتاب الإمامة والتبصرة : لعلي بن بابويه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عمن ذكره ، عن صفوان بن يحيى ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبيدة الحذاء قال : سألت أبا جعفر عن هذا الامر متى يكون ؟ قال : إن كنتم تؤملون أن يجيئكم من وجه فلا تنكرونه .

 ومنه ، عن هارون بن موسى ، عن محمد بن موسى ، عن محمد بن علي بن خلف عن موسى بن إبراهيم ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله : ظهور البواسير وموت الفجاءة والجذام من اقتراب الساعة .

12 - إقبال الأعمال : وجدت في كتاب الملاحم للبطائني ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله قال : قال : الله أجل وأكرم وأعظم من أن يترك الأرض بلا إمام عادل قال : قلت له : جعلت فداك فأخبرني بما أستريح إليه ، قال : يا أبا محمد ليس يرى أمة محمد فرجا أبدا ما دام لولد بني فلان ملك حتى ينقرض ملكهم ، فإذا انقرض ملكهم ، أتاح الله لامة محمد برجل منا أهل البيت ، يشير بالتقى ، ويعمل بالهدى ولا يأخذ في حكمه الرشا .

والله إني لأعرفه باسمه واسم أبيه ، ثم يأتينا الغليظ القصرة ، ذو الخال والشامتين القائد العادل ، الحافظ لما استودع ، يملاها عدلا وقسطا كما ملأها الفجار جورا وظلما .

13 - أقول : وروى في كتاب سرور أهل الايمان عن السيد علي بن عبد الحميد باسناده ، عن جابر ، عن أبي عبد الله قال : الزم الأرض ولا تحرك يدا ولا رجلا حتى ترى علامات أذكرها لك ، وما أراك تدرك ذلك ، اختلاف بين العباد ، ومناد ينادي من السماء ، وخسف في قرية من قرى الشام بالجابية ، ونزول الترك الجزيرة ونزول الروم الرملة ، واختلاف كثير عند ذلك في كل أرض حتى تخرب الشام ويكون سبب ذلك اجتماع ثلاث رايات فيه : راية الأصهب ، وراية الأبقع ، وراية السفياني .

14 - وبإسناده عن أحمد بن محمد الأيادي رفعه إلى بريد ، عن أبي جعفر قال : يا بريد اتق جمع الأصهب قلت : وما الأصهب ؟ قال : الأبقع قلت : وما الأبقع ؟ قال : الأبرص ، واتق السفياني واتق الشريدين من ولد فلان يأتيان مكة ، يقسمان بها الأموال ، يتشبهان بالقائم .

واتق الشذاذ من آل محمد .

قلت : ويريد بالشذاذ الزيدية ، لضعف مقالتهم وأما كونهم من آل محمد لأنهم من بني فاطمة .

15 - وبإسناده عن أحمد بن عمير بن مسلم ، عن محمد بن سنان ، عن أبي الجارود عن محمد بن بشر الهمداني قال : قلنا لمحمد بن الحنفية : جعلنا الله فداك بلغنا أن لآل فلان راية ، ولآل جعفر راية ، فهل عندكم في ذلك شئ ؟ قال : أما راية بني جعفر فليست بشئ وأما راية بني فلان [ فان ] لهم ملكا يقربون فيه البعيد ، ويبعدون فيه القريب ، عسر ليس فيهم يسر ، تصيبهم فيه فزعات ورعدات كل ذلك ينجلي عنهم كما ينجلي السحاب حتى إذا أمنوا واطمأنوا وظنوا أن ملكهم لا يزول فيصيح فيهم صيحة فلم يبق لهم راع يجمعهم ، ولا داع يسمعهم ، وذلك قوله تعالى : " حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون " .

قلت : جعلت فداك هل لذلك وقت ؟ قال : لا لان علم الله غلب وقت الموقتين إن الله تعالى وعد موسى ثلاثين ليلة فأتمها بعشر ، ولم يعلمها موسى ولم تعلمها بنو إسرائيل ، فلما جاز الوقت قالوا : غرنا موسى ، فعبدوا العجل ، ولكن إذا كثرت الحاجة ، والفاقة في الناس ، وأنكر بعضهم بعضا فعند ذلك توقعوا أمر الله صباحا ومساء .

قلت : جعلت فداك أما الفاقة فقد عرفتها فما إنكار الناس بعضهم بعضا ؟ قال : يلقى الرجل صاحبه في الحاجة بغير الوجه الذي كان يلقاه فيه ، ويكلمه بغير اللسان الذي كان يكلمه فيه ، والخبر طويل وقد روي عن أئمتنا مثل ذلك .

وبإسناده ، عن عثمان بن عيسى ، عن بكر بن محمد الأزدي ، عن سدير قال : قال لي أبو عبد الله : يا سدير الزم بيتك وكن حلسا من أحلاسه واسكن ما سكن الليل والنهار فإذا بلغ أن السفياني قد خرج فارحل إلينا ولو على رجلك قلت : جعلت فداك هل قبل ذلك شئ ؟ قال : نعم ، وأشار بيده بثلاث أصابعه إلى الشام وقال : ثلاث رايات : راية حسنية ، وراية أموية ، وراية قيسية ، فبينا هم [ على ذلك ] إذ قد خرج السفياني فيحصدهم حصد الزرع ما رأيت مثله قط .

16 - وبإسناده إلى ابن محبوب رفعه إلى جابر ، عن أبي جعفر قال : يا جابر لا يظهر القائم حتى يشمل أهل البلاد فتنة يطلبون منها المخرج ، فلا يجدونه ، فيكون ذلك بين الحيرة والكوفة ، قتلاهم فيها على السرى وينادي مناد من السماء .

17 - وباسناده إلى أبي عبد الله في خبر طويل أنه قال : لا يكون ذلك حتى يخرج خارج من آل أبي سفيان يملك تسعة أشهر كحمل المرأة ، ولا يكون حتى يخرج من ولد الشيخ ، فيسير حتى يقتل ببطن النجف ، فوالله كأني أنظر إلى رماحهم وسيوفهم وأمتعتهم إلى حائط من حيطان النجف ، يوم الاثنين ، ويستشهد يوم الأربعاء .

18 - وبإسناده ، عن ابن محبوب ، عن ابن عاصم الحافظ ، عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر يقول : إذا سمعتم باختلاف الشام فيما بينهم فالهرب من الشام فان القتل بها والفتنة ، قلت : إلى أي البلاد ؟ فقال : إلى مكة ، فإنها خير بلاد يهرب الناس إليها ، قلت : فالكوفة ؟ قال : الكوفة ما ذا يلقون ؟ يقتل الرجال إلا شامي ولكن الويل لمن كان في أطرافها ، ماذا يمر عليهم من أذى بهم ، وتسبى بها رجال ونساء وأحسنهم حالا من يعبر الفرات ، ومن لا يكون شاهدا بها ، قال : فما ترى في سكان سوادها ؟ فقال بيده يعني لا .

ثم قال : الخروج منها خير من المقام فيها ، قلت : كم يكون ذلك ؟ قال : ساعة واحدة من نهار ، قلت : ما حال من يؤخذ منهم ؟ قال : ليس عليهم بأس أما إنهم سينقذهم أقوام ما لهم عند أهل الكوفة يومئذ قدر ، أما لا يجوزون بهم الكوفة .

19 - وبإسنادهعن الحسين بن أبي العلا ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله قال : سألته عن رجب ، قال : ذلك شهر كانت الجاهلية تعظمه ، وكانوا يسمونه الشهر الأصم قلت : شعبان قال : تشعبت فيه الأمور قلت : رمضان قال : شهر الله تعالى وفيه ينادى باسم صاحبكم واسم أبيه ، قلت : فشوال قال : فيه يشول امر القوم قلت : فذو القعدة ؟ قال : يقعدون فيه ، قلت : فذو الحجة ؟ قال : ذلك شهر الدم قلت : فالمحرم ؟ قال : يحرم فيه الحلال ويحل فيه الحرام قلت : صفر وربيع ؟ قال : فيها خزي فظيع ، وأمر عظيم ، قلت : جمادى ؟ قال فيها الفتح من أولها إلى آخرها .

20 - وبإسناده عن إسماعيل بن مهران ، عن ابن عميرة ، عن الحضرمي قال : قلت : لأبي عبد الله كيف نصنع إذا خرج السفياني قال : تغيب الرجال وجوهها منه ، وليس على العيال بأس ، فإذا ظهر على الأكوار الخمس يعنى كور الشام فانفروا إلى صاحبكم .

21 - وبإسناده عن إسحاق يرفعه إلى الأصبغ بن نباتة قال : سمعت أمير المؤمنين يقول للناس : سلوني قبل أن تفقدوني لأني بطرق السماء أعلم من العلماء ، وبطرق الأرض أعلم من العالم ، أنا يعسوب الدين ، أنا يعسوب المؤمنين وإمام المتقين ، وديان الناس يوم الدين ، أنا قاسم النار ، وخازن الجنان ، وصاحب الحوض والميزان ، وصاحب الأعراف فليس منا إمام إلا وهو عارف بجميع أهل ولايته ، وذلك قوله عز وجل " إنما أنت منذر ولكل قوم هاد " .

ألا أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني [ فان بين جوانحي علما جما فسلوني قبل أن ] تشغر برجلها فتنة شرقية وتطأ في خطامها بعد موتها وحياتها وتشب نار بالحطب الجزل من غربي الأرض ، رافعة ذيلها ، تدعو يا ويلها لرحله ومثلها ، فإذا استدار الفلك ، قلتم مات أو هلك ، بأي واد سلك ، فيومئذ تأويل هذه الآية " ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا " .

ولذلك آيات وعلامات ، أولهن إحصار الكوفة بالرصد والخندق ، وتخريق الروايا في سكك الكوفة ، وتعطيل المساجد أربعين ليلة ، وكشف الهيكل ، وخفق رايات حول المسجد الأكبر تهتز ، القاتل والمقتول في النار ، وقتل سريع ، وموت ذريع ، وقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين ، والمذبوح بين الركن والمقام وقتل الأسقع صبرا في بيعة الأصنام .

وخروج السفياني براية حمراء أميرها رجل من بني كلب واثني عشر ألف عنان من خيل السفياني يتوجه إلى مكة والمدينة أميرها رجل من بني أمية يقال له : خزيمة ، أطمس العين الشمال ، على عينه ظفرة غليظة يتمثل بالرجال لا ترد له راية حتى ينزل المدينة في دار يقال لها : دار أبي الحسن الأموي ويبعث خيلا في طلب رجل من آل محمد وقد اجتمع إليه ناس من الشيعة يعود إلى مكة ، أميرها رجل من غطفان إذا توسط القاع الأبيض خسف بهم فلا ينجو إلا رجل يحول الله وجهه إلى قفاه لينذرهم ، ويكون آية لمن خلفهم ، ويومئذ تأويل هذه الآية " ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت واخذوا من مكان قريب " .

ويبعث مائة وثلاثين ألفا إلى الكوفة ، وينزلون الروحاء والفارق ، فيسير منها ستون ألفا حتى ينزلوا الكوفة موضع قبر هود بالنخيلة ، فيهجمون إليهم يوم الزينة وأمير الناس جبار عنيد ، يقال له : الكاهن الساحر ، فيخرج من مدينة الزوراء إليهم أمير في خمسة آلاف من الكهنة ، ويقتل على جسرها سبعين ألفا حتى تحمي الناس من الفرات ثلاثة أيام من الدماء ونتن الأجساد ، ويسبي من الكوفة سبعون ألف بكر ، لا يكشف عنها كف ولا قناع ، حتى يوضعن في المحامل ، ويذهب بهن إلى الثوية وهي الغري .

ثم يخرج من الكوفة مائة ألف ما بين مشرك ومنافق ، حتى يقدموا دمشق لا يصدهم عنها صاد ، وهي إرم ذات العماد ، وتقبل رايات من شرقي الأرض غير معلمة ، ليست بقطن ولا كتان ولا حرير ، مختوم في رأس القناة بخاتم السيد الأكبر يسوقها رجل من آل محمد تظهر بالمشرق ، وتوجد ريحها بالمغرب كالمسك الأذفر يسير الرعب أمامها بشهر حتى ينزلوا الكوفة طالبين بدماء آبائهم .

فبينما هم على ذلك إذ أقبلت خيل اليماني والخراساني يستبقان كأنهما فرسي رهان شعث غبر جرد أصلاب نواطي وأقداح إذا نظرت أحدهم برجله باطنه فيقول : لا خير في مجلسنا بعد يومنا هذا اللهم فانا التائبون ، وهم الابدال الذين وصفهم الله في كتابه العزيز " إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين " ونظراؤهم من آل محمد .

ويخرج رجل من أهل نجران يستجيب للامام ، فيكون أول النصارى إجابة فيهدم بيعته ، ويدق صليبه ، فيخرج بالموالي وضعفاء الناس ، فيسيرون إلى النخيلة بأعلام هدى ، فيكون مجمع الناس جميعا في الأرض كلها بالفاروق فيقتل يومئذ ما بين المشرق والمغرب ثلاثة آلاف ألف يقتل بعضهم بعضا فيومئذ تأويل هذه الآية " فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين " بالسيف .

وينادي مناد في شهر رمضان من ناحية المشرق عند الفجر : يا أهل الهدى اجتمعوا ! وينادي مناد من قبل المغرب بعد ما يغيب الشفق : يا أهل الباطل اجتمعوا ! ومن الغد عند الظهر تتلون الشمس وتصفر فتصير سوداء مظلمة ، ويوم الثالث يفرق الله بين الحق والباطل ، وتخرج دابة الأرض ، وتقبل الروم إلى ساحل البحر عند كهف الفتية ، فيبعث الله الفتية من كهفهم ، مع كلبهم ، منهم رجل يقال له : مليخا وآخر خملاها ، وهما الشاهدان المسلمان للقائم .

22 - العدد : قال سلمان الفارسي رضي الله عنه : أتيت أمير المؤمنين خاليا فقلت : يا أمير المؤمنين متى القائم من ولدك ؟ فتنفس الصعداء وقال : لا يظهر القائم حتى يكون أمور الصبيان ، ويضيع حقوق الرحمان ، ويتغنى بالقرآن فإذا قتلت ملوك بني العباس أولي العمى والالتباس ، أصحاب الرمي عن الأقواس بوجوه كالتراس ، وخربت البصرة ، هناك يقوم القائم من ولد الحسين .

23 - العدد : قد ظهر من العلامات عدة كثيرة مثل خراب حائط مسجد الكوفة ، وقتل أهل مصر أميرهم ، وزوال ملك بني العباس على يد رجل خرج عليهم من حيث بدا ملكهم ، وموت عبد الله آخر ملوك بني العباس ، وخراب الشامات ، ومد الجسر مما يلي الكرخ ببغداد ، كل ذلك في مدة يسيرة ، وانشقاق الفرات وسيصل الماء إن شاء الله إلى أزقة الكوفة .

23 - أمالي الطوسي : الحسين بن إبراهيم القزويني ، عن محمد بن وهبان ، عن أحمد بن إبراهيم ، عن الحسن بن علي الزعفراني ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم قال : قال أبو عبد الله وذكر السفياني فقال : أما الرجال فتواري وجوهها عنه ، وأما النساء فليس عليهن بأس . وبهذا الاسناد ، عن هشام ، عن أبي عبد الله قال : لما خرج طالب الحق .

قيل لأبي عبد الله ترجو أن يكون هذا اليماني فقال : لا ، اليماني يتوالى عليا وهذا يبرأ منه . وبهذا الاسناد عن هشام ، عن أبي عبد الله قال : اليماني والسفياني كفرسي رهان .

24 - أقول : روى الشيخ أحمد بن فهد في كتاب المهذب وغيره في غيره بأسانيدهم ، عن المعلى بن خنيس ، عن أبي عبد الله قال : يوم النيروز هو اليوم الذي يظهر فيه قائمنا أهل البيت وولاة الامر ، ويظفره الله تعالى بالدجال فيصلبه على كناسة الكوفة .

25 - كتاب المحتضر : للحسن بن سليمان نقلا من كتاب المعراج للشيخ الصالح أبي محمد الحسن ، باسناده ، عن الصدوق ، عن ابن إدريس ، عن أبيه ، عن سهل ، عن محمد بن آدم النسائي ، عن أبيه آدم بن أبي أياس ، عن المبارك بن فضالة عن وهب بن منبه رفعه عن ابن عباس قال : قال رسول الله : إنه لما عرج بي ربي جل جلاله ، أتاني النداء : يا محمد ! قلت : لبيك رب العظمة لبيك فأوحى إلى : يا محمد ! فيم اختصم الملا الأعلى ؟ قلت : إلهي لا علم لي ، فقال لي : يا محمد ! هل اتخذت من الآدميين وزيرا وأخا ووصيا من بعدك ؟ فقلت : إلهي ومن أتخذ ؟ تخير أنت لي يا إلهي .

فأوحى إلي : يا محمد ! قد اخترت لك من الآدميين علي بن أبي طالب فقلت : إلهي ابن عمي ؟ فأوحى إلي : يا محمد ! إن عليا وارثك ووارث العلم من بعدك ، وصاحب لوائك لواء الحمد يوم القيامة ، وصاحب حوضك ، يسقي من ورد عليه من مؤمني أمتك .

ثم أوحى إلي أني قد أقسمت على نفسي قسما حقا لا يشرب من ذلك الحوض مبغض لك ولأهل بيتك وذريتك الطيبين ، حقا [ حقا ] أقول يا محمد ! لأدخلن الجنة جميع أمتك إلا من أبى .

فقلت : إلهي وأحد يأبى دخول الجنة ؟ فأوحى إلي : بلى يأبى ، قلت : وكيف يأبى ؟ فأوحى إلي يا محمد اخترتك من خلقي واخترت لك وصيا من بعدك وجعلته منك بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدك ، وألقيت محبته في قلبك ، وجعلته أبا لولدك ، فحقه بعدك على أمتك ، كحقك عليهم في حياتك فمن جحد حقه جحد حقك ، ومن أبى أن يواليه فقد أبى أن يدخل الجنة .

فخررت لله عز وجل ساجدا شكرا لما أنعم علي ، فإذا مناد ينادي : يا محمد ! ارفع رأسك ! سلني أعطك ، فقلت : إلهي أجمع أمتي من بعدي على ولاية علي بن أبي طالب ، ليردوا علي جميعا حوضي يوم القيامة .

فأوحى إلي : يا محمد ! إني قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم ، وقضائي ماض فيهم ، لأهلك به من أشاء ، وأهدي به من أشاء ، وقد آتيته علمك من بعدك وجعلته وزيرك ، وخليفتك من بعدك على أهلك وأمتك ، عزيمة مني : لا يدخل الجنة من أبغضه وعاداه وأنكر ولايته من بعدك ، فمن أبغضه أبغضك ، ومن أبغضك أبغضني ، ومن عاداه فقد عاداك ، ومن عاداك فقد عاداني ، ومن أحبه فقد أحبك ، ومن أحبك فقد أحبني .

وقد جعلت [ له ] هذه الفضيلة ، وأعطيتك أن اخرج من صلبه أحد عشر مهديا ، كلهم من ذريتك ، من البكر البتول ، آخر رجل منهم يصلي خلفه عيسى ابن مريم ، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما . أنجي به من الهلكة واهدي به من الضلالة ، وأبرئ به الأعمى ، وأشفي به المريض .

قلت : إلهي فمتى يكون ذلك ؟ فأوحى إلي عز وجل : يكون ذلك إذا رفع العلم ، وظهر الجهل ، وكثر القراء ، وقل العمل ، وكثر الفتك وقل الفقهاء الهادون ، وكثر فقهاء الضلالة الخونة ، وكثر الشعراء .

واتخذ أمتك قبورهم مساجد ، وحليت المصاحف ، وزخرفت المساجد ، وكثر الجور والفساد ، وظهر المنكر ، وأمر أمتك به ، ونهوا عن المعروف ، واكتفى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، وصارت الأمراء كفرة ، وأولياؤهم فجرة وأعوانهم ظلمة ، وذوو الرأي منهم فسقه . وعند [ ذلك ] ثلاثة خسوف : خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، وخراب البصرة على يدي رجل من ذريتك يتبعه الزنوج ، وخروج ولد من ولد الحسن بن علي عليهما السلام وظهور الدجال يخرج بالمشرق من سجستان ، وظهور السفياني .

فقلت : إلهي وما يكون بعدي من الفتن ؟ فأوحى إلي وأخبرني ببلاء بني أمية ، وفتنة ولد عمي ، وما هو كائن إلى يوم القيامة ، فأوصيت بذلك ابن عمي حين هبطت إلى الأرض ، وأديت الرسالة ، فلله الحمد على ذلك ، كما حمده النبيون ، وكما حمده كل شئ قبلي ، وما هو خالقه إلى يوم القيامة .

26 - نهج البلاغة : قال أمير المؤمنين : يأتي على الناس زمان لا يقرب فيه إلا الماحل ولا يطرف فيه إلا الفاجر ، ولا يضعف فيه إلا المنصف يعدون الصدقة فيه غرما ، وصلة الرحم منا ، والعبادة استطالة على الناس . فعند ذلك يكون السلطان بمشورة الإماء ، وإمارة الصبيان ، وتدبير الخصيان .

بيان : قوله : " إلا الماحل " أي يقرب الملوك وغيرهم إليهم السعاة إليهم بالباطل ، والواشين والنمامين مكان أصحاب الفضائل ، وفي بعض النسخ " الماجن " وهو أن لا يبالي ما صنع .

" ولا يطرف " بالمهملة أي لا يعد طريفا ، فان الناس يميلون إلى الطريف المستحدث ، وبالمعجمة أي لا يعد ظريفا كيسا ، " ولا يضعف " أي يعدونه ضعيف الرأي والعقل ، أو يتسلطون عليه ، وفي النهاية : في حديث أشراط الساعة : " والزكاة مغرما " أي يرى رب المال أن اخراج زكاته غرامة يغرمها .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>