في صبر النبي

1 - محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، وعلي بن محمد القاساني جميعا ، عن القاسم بن محمد الأصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، قال : قال أبو عبد الله : يا حفص إن من صبر صبر قليلا ، وإن من جزع جزع قليلا ، ثم قال : عليك بالصبر في جميع أمورك ، فإن الله عز وجل بعث محمدا ، فأمره بالصبر والرفق فقال : ( واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا وذرني والمكذبين أولي النعمة ) وقال تبارك وتعالى : ( إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ) .

فصبر رسول الله حتى نالوه بالعظائم ، ورموه بها ، فضاق صدره ، فأنزل الله عز وجل ( ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين ) .

ثم كذبوه ورموه ، فحزن لذلك ، فأنزل الله عز وجل ( قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ) فألزم النبي نفسه الصبر ، فتعدوا فذكروا الله تبارك وتعالى وكذبوه ، فقال : قد صبرت في نفسي وأهلي وعرضي ، ولا صبر لي على ذكر إلهي ، فأنزل الله عز وجل : ( ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب فاصبر على ما يقولون ) .

فصبر النبي في جميع أحواله ، ثم بشر في عترته بالأئمة عليهم السلام ووصفوا بالصبر فقال جل ثناؤه : ( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) فعند ذلك قال : الصبر من الايمان كالرأس من الجسد ، فشكر الله عز وجل ذلك له فأنزل الله عز وجل : ( وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون ) فقال : إنه بشرى وانتقام فأباح الله عز وجل له قتال المشركين ، فأنزل الله : ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد ) ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم ) فقتلهم الله على يدي رسول الله وأحبائه ، وجعل له ثواب صبره ، مع ما ادخر له في الآخرة ، فمن صبر واحتسب لم يخرج من الدنيا حتى يقر الله له عينه في أعدائه ، مع ما يدخر له في الآخرة .

2 - ابن بابويه ، عن أبيه قال : حدثنا علي بن محمد بن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان ، عن نوح بن شعيب ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن علقمة ، قال الصادق جعفر بن محمد في حديث له : ألم ينسبوه يعني رسول الله إلى الكذب في قوله : إنه رسول من الله إليهم ، حتى أنزل الله عز وجل : ( ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا )

3 - وعنه بهذا الاسناد ، عن علقمة ، عن الصادق في حديث طويل : ألم ينسبوا نبينا محمدا إلى أنه يوم بدر أخذ من المغنم قطيفة حمراء ، حتى أظهره الله على القطيفة ، وبرأ نبيه من الخيانة ، وأنزل في كتابه : ( وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ) .

4 - الطبرسي في " الاحتجاج " عن الإمام موسى بن جعفر عن آبائه عن الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام ، في حديثه مع اليهودي قال اليهودي : فهذا نوح عليه السلام صبر في ذات الله ، وأعذر قومه إذ كذب ، قال له علي : لقد كان كذلك ، ومحمد صبر في ذات الله عز وجل ، وأعذر قومه إذ كذب ورد وشرد وحصب بالحصبى ، وعلاه أبو لهب بسلا ناقة وشاة ، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى جابيل ملك الجبال : أن شق الجبال وانته إلى أمر محمد ، فأتاه فقال له : إني أمرت لك بالطاعة ، فإن أمرت أطبقت عليهم الجبال ، فأهلكتهم بها . قال : إنما بعثت رحمة ، رب اهد قومي فإنهم لا يعلمون ، ويحك يا يهودي إن نوحا لما شاهد غرق قومه رق عليهم رقة القرابة ، وأظهر عليهم شفقة ، فقال : ( رب إن ابني من أهلي ) فقال تبارك وتعالى : ( إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح ) أراد جل ذكره أن يسليه بذلك ، ومحمد لما علنت من قومه المعاندة شهر عليهم سيف النقمة ، ولم تدركه فيهم رقة القرابة ، ولم ينظر إليهم بعين مقة .

5 - وعن الفضيل بن عياض ، أن قريشا لما نالت من رسول الله ما نالت من الأذى ، أتى ملك فقال : يا محمد أنا الموكل بالجبال ، أرسلني الله إليك إن أحببت أن أطبق عليهم الأخشبين فعلت ، فقال صلى الله عليه وآله : لا إن قومي لا يعلمون .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>