دعاؤه والرجفة في المدينة

- عيون أخبار الرضا : الوراق والمكتب وحمزة العلوي والهمداني جميعا ، عن علي عن أبيه ، عن الهروي وحدثنا جعفر بن نعيم بن شاذان ، عن أحمد بن إدريس ، عن إبراهيم بن هاشم عن الهروي قال : رفع إلى المأمون أن أبا الحسن علي بن موسى الرضا يعقد مجالس الكلام ، والناس يفتتنون بعلمه ، فأمر محمد بن عمرو الطوسي حاجب المأمون فطرد الناس عن مجلسه وأحضره ، فلما نظر إليه زبره واستخف به فخرج أبو الحسن الرضا من عنده مغضبا وهو يدمدم بشفتيه ويقول : وحق المصطفى والمرتضى وسيدة النساء لأستنزلن من حول الله عز وجل بدعائي عليه ما يكون سببا لطرد كلاب أهل هذه الكورة إياه واستخفافهم به ، و بخاصته وعامته .

ثم إنه انصرف إلى مركزه واستحضر الميضأة وتوضأ وصلى ركعتين وقنت في الثانية فقال : اللهم يا ذا القدرة الجامعة ، والرحمة الواسعة ، والمنن المتتابعة والآلاء المتوالية ، والأيادي الجميلة ، والمواهب الجزيلة ، يا من لا يوصف بتمثيل ، ولا يمثل بنظير ، ولا يغلب بظهير ، يا من خلق فرزق ، وألهم فأنطق ، وابتدع فشرع ، وعلا فارتفع ، وقدر فأحسن وصور فأتقن ، واحتج فأبلغ ، وأنعم فأسبغ ، وأعطى فأجزل يا من سما في العز ففات خواطر الابصار ، ودنا في اللطف فجاز هواجس الأفكار ، يا من تفرد بالملك فلا ند له في ملكوت سلطانه وتوحد بالكبرياء فلا ضد له في جبروت شأنه ، يا من حارت في كبرياء هيبته دقائق لطائف الأوهام ، وحسرت دون إدراك عظمته خطائف أبصار الأنام ، يا عالم خطرات قلوب العالمين ، ويا شاهد لحظات أبصار الناظرين ، يا من عنت الوجوه لهيبته ، وخضعت الرقاب لجلالته ، ووجلت القلوب من خيفته ، وارتعدت الفرائص من فرقه يا بدئ يا بديع يا قوي يا منيع يا علي يا رفيع ، صل على من شرفت الصلاة بالصلاة عليه ، وانتقم لي ممن ظلمني ، واستخف بي وطرد الشيعة عن بابي ، وأذقه مرارة الذل والهوان كما أذاقنيها ، واجعله طريد الأرجاس ، وشريد الأنجاس .

قال أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي : فما استتم مولاي دعاءه حتى وقعت الرجفة في المدينة ، وارتج البلد ، وارتفعت الزعقة والصيحة ، واستفحلت النعرة ، وثارت الغبرة ، وهاجت القاعة ، فلم أزايل مكاني إلى أن سلم مولاي فقال لي : يا أبا الصلت اصعد السطح فإنك سترى امرأة بغية عثة رثة ، مهيجة الأشرار ، متسخة الاطمار ، يسميها أهل هذه الكورة سمانة ، لغباوتها وتهتكها قد أسندت مكان الرمح إلى نحرها قصبا ، وقد شدت وقاية لها حمراء إلى طرفه مكان اللواء ، فهي تقود جيوش القاعة ، وتسوق عساكر الطغام إلى قصر المأمون ومنازل قواده .

فصعدت السطح فلم أر إلا نفوسا تنتزع بالعصا ، وهامات ترضخ بالأحجار ولقد رأيت المأمون متدرعا قد برز من قصر الشاهجان متوجها للهرب ، فما شعرت إلا بشاجرد الحجام قد رمى من بعض أعالي السطوح بلبنة ثقيلة فضرب بها رأس المأمون ، فأسقطت بيضته بعد أن شقت جلدة هامته .

فقال لقاذف اللبنة بعض من عرف المأمون : ويلك أمير المؤمنين فسمعت سمانة تقول : اسكت لا أم لك ليس هذا يوم التميز والمحاباة ، ولا يوم إنزال الناس على طبقاتهم ، فلو كان هذا أمير المؤمنين لما سلط ذكور الفجار على فروج الابكار .

وطرد المأمون وجنوده أسوء طرد بعد إذلال واستخفاف شديد  .

- مناقب ابن شهرآشوب : الهروي مثله ، وزاد في آخره ونهبوا أمواله ، فصلب المأمون أربعين غلاما وأسلا دهقان مرو ، وأمر أن يطول جدرانهم ، وعلم أن ذلك من استخفاف الرضا ، فانصرف ودخل عليه وحلفه أن لا يقوم وقبل رأسه وجلس بين يديه ، وقال : لم تطب نفسي بعد مع هؤلاء فما ترى ؟ فقال الرضا : اتق الله في أمة محمد ، وما ولاك من هذا الامر ، وخصك به ، فإنك قد ضيعت أمور المسلمين وفوضت ذلك إلى غيرك .

إلى آخر ما أوردناه في باب ما جرى بينه وبين المأمون .

بيان : الزبر الزجر والمنع والانتهار .

ويقال : " دمدم عليه " إذا كلمه مغضبا والزعق الصياح ، واستفحل الامر أي تفاقم وعظم ، وقاعة الدار ساحتها ، ولعل المراد أهل الميدان من الأجامرة ، والعثة العجوز والمرأة البذية والحمقاء والرثة بالكسر المرأة الحمقاء ، وفلان رث الهيئة أي سيئ الحال ، وفي مناسبة لفظ السمانة للغباوة والتهتك خفاء إلا أن يقال سمي به لتسمنه من الشر ، ولعله كان سمامة من السم والطغام كسحاب أوغاد الناس ، وأسلا دهقان مرو أي أرضاه وكشف همه .

- عيون أخبار الرضا : البيهقي ، عن الصولي ، عن أحمد بن محمد بن إسحاق الخراساني قال : سمعت علي بن محمد النوفلي يقول : استحلف الزبير بن بكار رجل من الطالبيين على شئ بين القبر والمنبر ، فحلف فبرص وأنا رأيته وبساقيه وقدميه برص كثير وكان أبوه بكار قد ظلم الرضا في شئ فدعا عليه فسقط في وقت دعائه عليه حجر من قصر فاندقت عنقه .

وأما أبوه عبد الله بن مصعب فإنه مزق عهد يحيى بن عبد الله بن الحسن وأمانه بين يدي الرشيد ، وقال : اقتله يا أمير المؤمنين ، فإنه لا أمان له ، فقال يحيى للرشيد إنه خرج مع أخي بالأمس ، وأنشده أشعارا له فأنكرها فحلفه يحيى بالبراءة وتعجيل العقوبة ، فحم من وقته ومات بعد ثلاثة ، وانخسف قبره مرات كثيرة وذكر خبرا طويلا اختصرت منه .

- كشف الغمة : من دلائل الحميري ، عن محمد بن الفضيل ، عيون أخبار الرضا : أبي وابن الوليد معا ، عن سعد ، عن اليقطيني ، عن علي بن الحكم عن محمد بن الفضيل قال : لما كان في السنة التي بطش هارون بآل برمك بدأ بجعفر ابن يحيى ، وحبس يحيى بن خالد ، ونزل بالبرامكة ما نزل ، كان أبو الحسن واقفا بعرفة يدعو ثم طأطأ رأسه ، فسئل عن ذلك ، فقال : إني كنت أدعو الله عز وجل على البرامكة بما فعلوا بأبي فاستجاب الله لي اليوم فيهم فلما انصرف لم يلبث إلا يسيرا حتى بطش بجعفر ويحيى وتغيرت أحوالهم .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>