فيما كتبه على ولاية العهد ، وقصة صلاة العيد

- عيون أخبار الرضا : ابن الوليد : عن محمد بن زياد القلزمي ، عن محمد بن أبي زياد الجدي ، عن أحمد بن عبد الله العلوي ، عن القاسم بن أيوب العلويف لما أكثر الكلام والخطاب في هذا قال المأمون : فولاية العهد ؟ فأجابه إلى ذلك وقال له : على شروط أسألكها ، فقال المأمون : سل ما شئت ، قالوا : فكتب الرضا : إني أدخل في ولاية العهد على أن لا آمر ولا أنهى ولا أقضي ولا أغير شيئا مما هو قائم ، وتعفيني عن ذلك كله .

فأجابه المأمون إلى ذلك ، وقبلها على كل هذه الشروط ، ودعا المأمون القواد والقضاة والشاكرية وولد العباس إلى ذلك ، فاضطربوا عليه فأخرج أموالا كثيرة وأعطى القواد وأرضاهم إلا ثلاثة نفر من قواده أبوا ذلك : أحدهم الجلودي ، وعلي بن عمران ، وابن مويس فإنهم أبوا أن يدخلوا في بيعة الرضا فحبسهم وبويع للرضا وكتب بذلك إلى البلدان ، وضربت الدنانير والدراهم باسمه ، وخطب له على المنابر وأنفق المأمون على ذلك أموالا كثيرة .

فلما حضر العيد بعث المأمون إلى الرضا يسأله أن يركب ويحضر العيد ويخطب لتطمئن قلوب الناس ، ويعرفوا فضله ، وتقر قلوبهم على هذه الدولة المباركة ، فبعث إليه الرضا وقال : قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في دخولي في هذا الامر ، فقال المأمون : إنما أريد بهذا أن يرسخ في قلوب العامة والجند والشاكرية هذا الامر فتطمئن قلوبهم ويقروا بما فضلك الله تعالى به فلم يزل يراده الكلام في ذلك .

فلما ألح عليه قال : يا أمير المؤمنين إن أعفيتني من ذلك فهو أحب إلي وإن لم تعفني خرجت كما كان يخرج رسول الله كما خرج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال المأمون : اخرج كما تحب .

وأمر المأمون القواد والناس أن يبكروا إلى باب أبي الحسن فقعد الناس لأبي الحسن في الطرقات والسطوح من الرجال والنساء والصبيان واجتمع القواد على باب الرضا .

فلما طلعت الشمس قام الرضا فاغتسل وتعمم بعمامة بيضاء من قطن وألقى طرفا منها على صدره ، وطرفا بين كتفيه وتشمر ثم قال لجميع مواليه : افعلوا مثل ما فعلت ثم أخذ بيده عكازة وخرج ونحن بين يديه ، وهو حاف قد شمر سراويله إلى نصف الساق وعليه ثياب مشمرة .

فلما قام ومشينا بين يديه رفع رأسه إلى السماء وكبر أربع تكبيرات فخيل إلينا أن الهواء والحيطان تجاوبه ، والقواد والناس على الباب قد تزينوا ولبسوا السلاح وتهيؤوا بأحسن هيئة ، فلما طلعنا عليهم بهذه الصورة حفاة قد تشمرنا وطلع الرضا وقف وقفة على الباب وقال : " الله أكبر الله أكبر الله أكبر على ما هدانا الله أكبر علي ما رزقنا من بهيمة الأنعام والحمد لله على ما أبلانا " ورفع بذلك صوته ورفعنا أصواتنا .

فتزعزعت مرو من البكاء والصياح ، فقالها : ثلاث مرات فسقط القواد عن دوابهم ، ورموا بخفافهم ، لما نظروا إلى أبي الحسن وصارت مرو ضجة واحدة ولم يتمالك الناس من البكاء والضجة .

فكان أبو الحسن يمشي ويقف في كل عشرة خطوات وقفة يكبر الله أربع مرات فيتخيل إلينا أن السماء والأرض والحيطان تجاوبه ، وبلغ المأمون ذلك ، فقال له الفضل بن سهل ذو الرئاستين : يا أمير المؤمنين إن بلغ الرضا المصلى على هذا السبيل افتتن به الناس فالرأي أن تسأله أن يرجع ، فبعث إليه المأمون فسأله الرجوع فدعا أبو الحسن بخفه فلبسه ورجع .

الإرشاد : علي بن إبراهيم ، عن ياسر والريان قال : لما حضر العيد وساق الحديث إلى آخره .

بيان : ( العكازة ) بضم العين وتشديد الكاف عصا في أسفلها حديدة " والتزعزع " التحرك الشديد .

- تفسير العياشي : عن الحسن بن موسى ، عيون أخبار الرضا : المظفر العلوي ، عن ابن العياشي ، عن أبيه ، عن محمد بن نصير عن الحسن بن موسى قال : روى أصحابنا ، عن الرضا أنه قال له رجل : أصلحك الله كيف صرت إلى ما صرت إليه من المأمون ؟ وكأنه أنكر ذلك عليه ، فقال له أبو الحسن الرضا : يا هذا أيهما أفضل النبي أو الوصي ؟ قال : لا ، بل النبي قال : فأيهما أفضل مسلم أو مشرك ؟ قال : لا ، بل مسلم ، قال : فان العزيز عزيز مصر كان مشركا وكان يوسف نبيا وإن المأمون مسلم ، وأنا وصي ، ويوسف سأل العزيز أن يوليه حين قال : " اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم " وأنا أجبرت على ذلك .

- الإرشاد ، عيون أخبار الرضا : الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، عن جده يحيى بن الحسن عن موسى بن سلمة قال : كنت بخراسان مع محمد بن جعفر فسمعت أن ذا الرئاستين الفضل بن سهل خرج ذات يوم وهو يقول : واعجبا لقد رأيت عجبا سلوني ما رأيت فقالوا : ما رأيت أصلحك الله ؟ قال : رأيت أمير المؤمنين يقول لعلي بن موسى : قد رأيت أن أقلدك أمر المسلمين ، وأفسخ ما في رقبتي ، وأجعله في رقبتك ، ورأيت علي بن موسى يقول له : الله الله لا طاقة لي بذلك ولا قوة ، فما رأيت خلافة قط كانت أضيع منها ، أمير المؤمنين يتفصي منها ويعرضها على علي بن موسى ، وعلي ابن موسى يرفضها ويأبى .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>