صورة كتاب وشرط منه والمأمون لذي الرياستين

- عيون أخبار الرضا : وهذه نسخة الكتاب : " بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب وشرط من عبد الله المأمون أمير المؤمنين وولي عهده علي بن موسى لذي الرئاستين الفضل بن سهل في يوم الاثنين لسبع خلون من شهر رمضان ، من سنة إحدى ومائتين ، وهو اليوم الذي تمم الله فيه دولة أمير المؤمنين وعقد لولي عهده ، وألبس الناس اللباس الأخضر ، وبلغ أمله في صلاح وليه ، والظفر بعدوه .

إنا دعوناك إلى ما فيه بعض مكافأتك على ما قمت به من حق الله تبارك و تعالى وحق رسوله وحق أمير المؤمنين وولي عهده علي بن موسى وحق هاشم التي بها يرجى صلاح الدين ، وسلامة ذات البين بين المسلمين ، إلى أن ثبتت النعمة علينا وعلى العامة بذلك ، وبما عاونت عليه أمير المؤمنين من إقامة الدين والسنة وإظهار الدعوة الثانية ، وإيثار الأولى مع قمع الشرك ، وكسر الأصنام ، وقتل العتاة ، و سائر آثارك الممثلة للأمصار في المخلوع .

وفي المتسمي بالأصفر المكنى بأبي السرايا وفي المتسمي بالمهدي محمد بن جعفر الطالبي والترك الخزلجية ، وفي طبرستان وملوكها إلى بندار هرمز بن شروين وفي الديلم وملكها وفي كابل وملكها المهوزين ثم ملكها الاصفهد وفي ابن المبرم وجبال بدار بنده وغرشستان والغور وأصنافها وفي خراسان خاقان وملون صاحب جبل التبت وفي كيمان والتغرغر وفي أرمينية والحجاز وصاحب السرير وصاحب الخزر وفي المغرب وحروبه .

وتفسير ذلك في ديوان السيرة وكان ما دعوناك إليه وهو معونة لك مائة ألف ألف درهم وغلة عشرة ألف ألف درهم جوهرا سوى ما أقطعك أمير المؤمنين قبل ذلك وقيمة مائة ألف ألف درهم جوهرا يسير عندما أنت له مستحق فقد تركت مثل ذلك حين بذله لك المخلوع ، وآثرت الله ودينه ، وإنك شكرت أمير المؤمنين وولي عهده ، وآثرت توفير ذلك كله على المسلمين ، وجدت لهم به .

وسألتنا أن تبلغك الخصلة التي لم تزل إليها تائقا من الزهد والتخلي ليصح عند من شك في سعيك للآخرة دون الدنيا ، تركك الدنيا ، وما عن مثلك يستغنى في حال ، ولا مثلك رد عن طلبته ، ولو أخرجتنا طلبتك عن شطر النعم علينا ، فكيف بأمر رفعت فيه المؤنة ، وأوجبت به الحجة ، على من كان يزعم أن دعاءك إلينا للدنيا لا للآخرة .

وقد أجبناك إلى ما سألت ، وجعلنا ذلك لك مؤكدا بعهد الله وميثاقه الذي لا تبديل له ولا تغيير ، وفوضنا الامر في وقت ذلك إليك ، فما أقمت فعزيز مزاح العلة مدفوع عنك الدخول فيما تكره من الأعمال كائنا ما كان ، نمنعك مما نمنع منه أنفسنا في الحالات كلها وأنا أردت التخلي فمكرم مزاح البدن ، وحق لبدنك الراحة والكرامة .

ثم نعطيك ما تتناوله مما بذلناه لك في هذا الكتاب ، فتركته اليوم ، وجعلنا للحسن بن سهل مثل ما جعلناه لك ، ونصف ما بذلناه من العطية وأهل ذلك هو لك وبما بذل من نفسه في جهاد العتاة ، وفتح العراق مرتين ، وتفريق جموع الشيطان بيديه ، حتى قوي الدين ، وخاض نيران الحروب وفاء وشكرا بنفسه وأهل بيته ومن ساس من أولياء الحق .

وأشهدنا الله وملائكته وخيار خلقه وكل من أعطانا بيعته وصفقة يمينه في هذا اليوم وبعده على ما في هذا الكتاب وجعلنا الله علينا كفيلا وأوجبنا على أنفسنا الوفاء بما شرطنا من غير استثناء بشئ ينقضه في سر وعلانية ، والمؤمنون عند شروطهم ، والعهد فرض مسؤول ، وأولى الناس بالوفاء من طلب من الناس الوفاء ، وكان موضعا للقدرة فان الله تبارك وتعالى يقول ( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون ) .

وكتب الحسن بن سهل توقيع المأمون فيه ( بسم الله الرحمن الرحيم قد أوجب أمير المؤمنين على نفسه جميع ما في هذا الكتاب وأشهد الله تبارك وتعالى وجعله عليه داعيا وكفيلا وكتب بخطه في صفر سنة اثنتين ومائتين تشريفا للحباء وتوكيدا للشريطة .

توقيع الرضا ( بسم الله الرحمن الرحيم قد ألزم علي بن موسى نفسه جميع ما في الكتاب على ما وكد فيه من يومه وغده ، ما دام حيا ، وجعل الله عليه راعيا وكفيلا ، وكفى بالله شهيدا ، وكتب بخطه في هذا الشهر من هذه السنة والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله وسلم وحسبنا الله ونعم الوكيل .

ايضاح ( رأبت الاناء ) أصلحته ، ومنه قولهم اللهم ارأب بينهم أي أصلح و ( الإحن ) بكسر الهمزة وفتح الحاء جمع الإحنة بالكسر وهي الحقد قوله ( وحفظ بلاء المبلين ) البلاء النعمة ، ومنه قول سيد الساجدين وأبلو البلاء الحسن في نصره ، ( والعوز ) القلة والفقر ويقال ( لفته عن رأيه ) أي صرفه ، ويقال أرعد الرجل وأبرق : إذا تهدد وأوعد ، والقصم بالقاف والفاء الكسر .

وقال الجوهري : قال أبو عبيد : النقيبة النفس يقال فلان ميمون النقيبة إذا كان مبارك النفس ، قال ابن السكيت إذا كان ميمون المشورة قوله ( في إزاحة علته ) أي في إزالة موانعه في كل ما دبر ، والغرض تمكينه التام ، قوله ( وذلك ما ليس ) أي هذا التمكين التام مختص به من بين كل من في عنقه بيعة لا يشركه فيه أحد وفي بعض النسخ ( لما ) أي ذلك التمكين لسوابق لم تحصل إلا له ولأخيه .

قوله ( من ملك التخلي ) أي له أن يختار التخلي ويزهد فيما فيه من الامارة وذلك حجة يتحقق بها في قلوب الناس ، أنه إنما سعى في تمكين الخليفة للآخرة لا للدنيا ، ويزول شك من كان في ذلك شاكا ، وقوله ( ما يلزمنا ) معطوف على قوله ( وذلك محيط ) أي منعهما ما نمنع به أنفسنا يشتمل على كل ما يحتاط فيه محتاط في دين أو دنيا فيدل على أنا نراعي فيهما كل ما نراعي في أنفسنا من الحفظ من شرور الدنيا والآخرة . قوله ( وإظهار الدعوة الثانية ) لعلها إشارة إلى البيعة الثانية مع ولاية العهد قوله ( تائقا ) من تاقت نفسه إلى الشئ أي اشتاقت .

- عيون أخبار الرضا : الحسين بن أحمد البيهقي ، عن محمد بن يحيى الصولي ، عن محمد بن يزيد المبرد ، قال : حدثني الحافظ ، عن ثمامة بن أشرس قال : عرض المأمون يوما للرضا بالامتنان عليه بأن ولاه العهد ، فقال له : إن من أخذ برسول الله لخليق أن يعطى به .

- عيون أخبار الرضا : روي أنه قصد الفضل بن سهل مع هشام بن عمرو الرضا عليه السلام فقال له : يا ابن رسول الله جئتك في سر فأخل لي المجلس ، فأخرج الفضل يمينا مكتوبة بالعتق والطلاق ، وما لا كفارة له ، وقالا له : إنا جئناك لنقول كلمة حق وصدق وقد علمنا أن الامرة إمرتكم ، والحق حقكم يا ابن رسول الله ، والذي نقول بألسنتنا عليه ضمائرنا ، وإلا نعتق ما نملك والنساء طوالق ، وعلي ثلاثون حجة راجلا أنا ، على أن نقتل المأمون ، ونخلص لك الامر ، حتى يرجع الحق إليك .

فلم يسمع منهما وشتمهما ولعنهما وقال لهما ، كفرتما النعمة ، فلا تكون لكما سلامة ولا لي إن رضيت بما قلتما . فلما سمع الفضل ذلك منه مع هشام علما أنهما أخطئا فقصدا المأمون بعد أن قالا للرضا عليه السلام : أردنا بما فعلنا أن نجر بك ، فقال لهما الرضا : كذبتما فان قلوبكما على ما أخبرتماني إلا أنكما لم تجداني نحو ما أردتما .

فلما دخلا على المأمون قالا : يا أمير المؤمنين إنا قصدنا الرضا وجربناه وأردنا أن نقف على ما يضمره لك ، فقلنا وقال ، فقال المأمون : وفقتما فلما خرجا من عند المأمون قصده الرضا : وأخليا المجلس وأعلمه ما قالا ، وأمره أن يحفظ نفسه منهما ، فلما سمع ذلك من الرضا علم أن الرضا عليه السلام هو الصادق .

- عيون أخبار الرضا : الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن محمد الحسني قال : بعث المأمون إلى أبي الحسن الرضا جارية فلما أدخلت إليه اشمأزت من الشيب فلما رأى كراهتها ردها إلى المأمون وكتب إليه بهذه الأبيات :

نعى نفسي إلى نفسي المشيب   وعند الشيب يتعظ اللبيب
فقد ولى الشباب إلى مداه   فلست أرى مواضعه تؤوب
سأبكيه وأندبه طويلا   وأدعوه إلي عسى يجيب
وهيهات الذي قد فات منه   تمنيني به النفس الكذوب
وداع الغانيات بياض رأسي   ومن مد البقاء له يشيب
أرى البيض الحسان يحدن عني   وفي هجرانهن لنا نصيب
فان يكن الشباب مضى حبيبا   فان الشيب أيضا لي حبيب
سأصحبه بتقوى الله حتى      يفرق بيننا الاجل القريب   

بيان : قال الجوهري : " الغانية " الجارية التي غنيت بزوجها وقد تكون التي غنيت بحسنها وجمالها .

- عيون أخبار الرضا : حمزة العلوي ، عن علي بن إبراهيم ، عن ياسر الخادم ، قال : كان الرضا إذا خلا جمع حشمه كلهم عنده الصغير والكبير ، فيحدثهم ويأنس بهم ويؤنسهم وكان إذا جلس على المائدة لا يدع صغيرا ولا كبيرا حتى السائس والحجام إلا أقعده معه على مائدته .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>