فيما كتبه الحسن بن سهل إلى أخيه ذي الرياستين في النجوم وأمره أن يدخل الحمام مع الرضا والمأمون ، ونهى عن الدخول ، ودخل الفضل فيه وقتل ، واجتماع الناس على باب المأمون جاءوا بالنيران ليحرقوا الباب

فلما كان بعد ذلك بأيام ونحن في بعض المنازل ، ورد على ذي الرئاستين كتاب من أخيه الحسن بن سهل أني نظرت في تحويل هذه السنة في حساب النجوم ووجدت فيه أنك تذوق في شهر كذا يوم الأربعاء حر الحديد وحر النار ، وأرى أن تدخل أنت والرضا وأمير المؤمنين الحمام في هذا اليوم ، فتحتجم فيه ، وتصب الدم على بدنك ليزول نحسه عنك ، فبعث الفضل إلى المأمون وكتب إليه بذلك وسأله أن يدخل الحمام معه ويسأل أبا الحسن أيضا ذلك ، فكتب المأمون إلى الرضا رقعة في ذلك وسأله ، فكتب إليه أبو الحسن : لست بداخل غدا الحمام ولا أرى لك يا أمير المؤمنين أن تدخل الحمام غدا ولا أرى للفضل أن يدخل الحمام غدا .

فأعاد إليه الرقعة مرتين فكتب إليه أبو الحسن : لست بداخل غدا الحمام فاني رأيت رسول الله في النوم في هذه الليلة يقول لي : يا علي لا تدخل الحمام غدا .

فلا أرى لك يا أمير المؤمنين ولا للفضل أن تدخلا الحمام غدا ، فكتب إليه المأمون صدقت يا سيدي وصدق رسول الله ، لست بداخل غدا الحمام والفضل فهو أعلم وما يفعله .

قال ياسر : فلما أمسينا وغابت الشمس فقال لنا الرضا : قولوا نعوذ بالله من شر ما ينزل في هذه الليلة ، فأقبلنا نقول كذلك فلما صلى الرضا الصبح قال لنا : قولوا نعوذ بالله من شر ما ينزل في هذا اليوم ، فما زلنا نقول ذلك .

فلما كان قريبا من طلوع الشمس قال الرضا اصعد السطح ، فاستمع هل تسمع شيئا ، فلما صعدت سمعت الضجة والنحيب وكثر ذلك ، فإذا المأمون قد دخل من الباب الذي كان إلى داره من دار أبي الحسن يقول : يا سيدي يا أبا الحسن آجرك الله في الفضل ، وكان دخل الحمام فدخل عليه قوم ، بالسيوف فقتلوه واخذ من دخل عليه في الحمام وكانوا ثلاثة نفر أحدهم ابن خالة الفضل ذو القلمين قال : واجتمع القواد والجند ، ومن كان من رجال ذي الرئاستين على باب المأمون فقالوا : اغتاله وقتله فلنطلبن بدمه .

فقال المأمون للرضا : يا سيدي ترى أن تخرج إليهم وتفرقهم ، قال ياسر : فركب الرضا وقال لي اركب فلما خرجنا من الباب نظر الرضا إليهم وقد اجتمعوا وجاؤا بالنيران ليحرقوا الباب ، فصاح بهم وأومأ إليهم بيده : تفرقوا ! فتفرقوا .

قال ياسر : فأقبل الناس والله يقع بعضهم على بعض ، وما أشار إلى أحد إلا ركض ومر ولم يقف له أحد .

- الإرشاد : ابن قولويه ، عن الكليني ، عن علي بن إبراهيم ، عن ياسر الخادم قال : لما عزم المأمون الخروج من خراسان إلى بغداد خرج ، وخرج معه الفضل ابن سهل ذو الرئاستين ، وخرجنا مع أبي الحسن الرضا فورد على الفضل بن سهل كتاب من أخيه الحسن بن سهل ، ونحن في بعض المنازل في الطريق إني نظرت في تحويل السنة ، وذكر مثل ما أوردنا إلى آخر الخبر .

بيان : قوله " يظلمون " على البناء للمجهول " دونك " أي قبل أن يصلوا إليك ، والإل بالكسر : العهد والقرابة ، قوله " مثل العمود " أي في ظهوره للناس وعدم مانع عن الوصول إليه ، وكونه في وسط الممالك ، ويمكن أن يكون المراد بالنوائب العساكر المعدة للنوائب أو أسباب السفر المعدة لها أو العساكر الذين ينتابون في الخدمة أو الطبول المسماة في عرف العجم بالنوبة السلطانية .

- عيون أخبار الرضا : الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن الهروي قال جئت إلى باب الدار التي حبس فيه الرضا بسرخس وقد قيد فاستأذنت عليه السجان ، فقال : لا سبيل لكم إليه فقلت : ولم ؟ قال : لأنه ربما صلى في يومه وليلته ألف ركعة ، وإنما ينفتل من صلاته ساعة في صدر النهار ، وقبل الزوال ، وعند اصفرار الشمس ، فهو في هذه الأوقات قاعد في مصلاه يناجي ربه .

قال : فقلت له : فاطلب لي في هذه الأوقات إذنا عليه فاستأذن لي عليه فدخلت عليه وهو قاعد في مصلاه متفكر ، قال أبو الصلت : فقلت يا بن رسول الله ما شئ يحكيه عنكم الناس ؟ قال : وما هو ؟ قلت : يقولون إنكم تدعون أن الناس لكم عبيد ؟ فقال : اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت شاهد بأني لم أقل ذلك قط ولا سمعت أحدا من آبائي قاله قط ، وأنت العالم بما لنا من المظالم عند هذه الأمة وأن هذه منها . ثم أقبل علي فقال : يا عبد السلام إذا كان الناس كلهم عبيدنا على ما حكوه عنا ، فممن نبيعهم ؟ فقلت : يا ابن رسول الله صدقت .

ثم قال : يا عبد السلام أمنكر أنت لما أوجب الله عز وجل لنا من الولاية كما ينكره غيرك ؟ قلت : معاذ الله بل أنا مقر بولايتكم .

- عيون أخبار الرضا : البيهقي ، عن الصولي ، عن عون بن محمد ، عن محمد بن أبي عبادة قال : لما كان من أمر الفضل بن سهل ما كان وقتل ، دخل المأمون إلى الرضا يبكي وقال له : هذا وقت حاجتي إليك يا أبا الحسن ، فتنظر في الامر وتعينني ، قال له : عليك التدبير يا أمير المؤمنين وعلينا الدعاء فلما خرج المأمون قلت للرضا لم أخرت أعزك الله ما قال لك أمير المؤمنين وأبيته ؟ فقال : ويحك يا با حسن لست من هذا الامر في شئ قال : فرآني قد اغتممت ، فقال : وما لك في هذا لو آل الامر إلى ما تقول وأنت مني كما أنت ما كانت نفقتك إلا في كمك وكنت كواحد من الناس .

بيان : قوله : " ما كانت نفقتك إلا في كمك " كناية عن قلتها بحيث يقدر أن يحملها معه في كمه ، أو عن كونها حاضرة له لا يتعب في تحصيلها ، والأول أظهر .

- كشف الغمة : ومما تلقته الاسماع ونقلته الألسن في بقاع الأصقاع أن الخليفة المأمون وجد في يوم عيد انحراف مزاج أحدث عنده ثقلا عن الخروج إلى الصلاة بالناس ، فقال لأبي الحسن علي الرضا : يا أبا الحسن ! قم وصل بالناس ، فخرج الرضا وعليه قميص قصير أبيض ، وعمامة بيضاء نظيفة ، وهما من قطن ، وفي يده قضيب ، فأقبل ماشيا يؤم المصلى وهو يقول : السلام على أبوي آدم ونوح السلام على أبوي إبراهيم وإسماعيل السلام على أبوي محمد وعلي السلام على عباد الله الصالحين فلما رآه الناس أهرعوا إليه وانثالوا عليه لتقبيل يديه . فأسرع بعض الحاشية إلى الخليفة المأمون فقال : يا أمير المؤمنين تدارك الناس واخرج صل بهم ، وإلا خرجت الخلافة منك الآن ، فحمله على أن خرج بنفسه وجاء مسرعا والرضا بعد من كثرة الزحام عليه لم يخلص إلى المصلى فتقدم المأمون وصلى بالناس .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>