في الإمامة وصفات الامام

- عيون أخبار الرضا : تميم القرشي ، عن أبيه ، عن أحمد بن علي الأنصاري ، عن إسحاق ابن حماد قال : كان المأمون يعقد مجالس النظر ويجمع المخالفين لأهل البيت قال آخر : فما كان الواجب على علي بعد مضي رسول الله ؟ قال : ما فعله ، قال : أفما وجب أن يعلم الناس أنه إمام ؟ فقال : إن الإمامة لا تكون بفعل منه في نفسه ، ولا بفعل من الناس فيه من اختيار أو تفضيل أو غير ذلك ، إنما يكون بفعل من الله عز وجل فيه ، كما قال لإبراهيم : " إني جاعلك للناس إماما " وكما قال عز وجل لداود : " يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض " وكما قال عز وجل للملائكة في آدم " إني جاعل في الأرض خليفة " .

فالامام إنما يكون إماما من قبل الله باختياره إياه في بدئ الصنيعة والتشريف في النسب ، والطهارة في المنشأ ، والعصمة في المستقبل ، ولو كانت بفعل منه في نفسه كان من فعل ذلك الفعل مستحقا للإمامة وإذا عمل خلافها اعتزل فيكون خليفة قبل أفعاله .

وقال آخر : فلم أوجبت الإمامة لعلي بعد الرسول ؟ فقال : لخروجه من الطفولية إلى الايمان كخروج النبي من الطفولية إلى الايمان والبراءة من ضلالة قومه عن الحجة واجتنابه الشرك ، كبراءة النبي من الضلالة واجتنابه الشرك لان الشرك ظلم عظيم .

ولا يكون الظالم إماما ، ولا من عبد وثنا باجماع ومن أشرك فقد حل من الله عز وجل محل أعدائه فالحكم فيه الشهادة عليه بما اجتمعت عليه الأمة حتى يجيئ إجماع آخر مثله ، ولان من حكم عليه مرة فلا يجوز أن يكون حاكما فيكون الحاكم محكوما عليه فلا يكون حينئذ فرق بين الحاكم والمحكوم عليه .

قال آخر : فلم لم يقاتل علي أبا بكر وعمر وعثمان كما قاتل معاوية فقال : المسألة محال لان " لم " اقتضاء ولا يفعل نفي ، والنفي لا يكون له علة إنما العلة للاثبات ، وإنما يجب أن ينظر في أمر علي أمن قبل الله أم من قبل غيره فان صح أنه من قبل الله عز وجل فالشك في تدبيره كفر لقوله عز وجل " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " .

فأفعال الفاعل تبع لأصله ، فإن كان قيامه عن الله عز وجل فأفعاله عنه وعلى الناس الرضا والتسليم ، وقد ترك رسول الله القتال يوم الحديبية يوم صد المشركون هديه عن البيت ، فلما وجد الأعوان وقوي حارب ، كما قال عز وجل في الأول " فاصفح الصفح الجميل " ثم قال عز وجل : " اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد " .

قال آخر : إذا زعمت أن إمامة علي من قبل الله عز وجل وأنه مفترض الطاعة ، فلم لم يجز إلا التبليغ والدعاء كما للأنبياء وجاز لعلي أن يترك ما امر به من دعوة الناس إلى طاعته .

فقال : من قبل أنا لم ندع أن عليا امر بالتبليغ فيكون رسولا ولكنه وضع علما بين الله تعالى وبين خلقه ، فمن تبعه كان مطيعا ، ومن خالفه كان عاصيا ، فان وجد أعوانا يتقوى بهم جاهد وإن لم يجد أعوانا فاللوم عليهم لا عليه ، لأنهم أمروا بطاعته على كل حال ، ولم يؤمر هو بمجاهدتهم إلا بقوة وهو بمنزلة البيت ، على الناس الحج إليه فإذا حجوا أدوا ما عليهم ، وإذا لم يفعلوا كانت للأئمة عليهم ، لا على البيت .

وقال آخر : إذا وجب أنه لا بد من إمام مفترض الطاعة بالاضطرار ، فكيف يجب بالاضطرار أنه علي دون غيره ، فقال من قبل أن الله عز وجل لا يفرض مجهولا ، ولا يكون المفروض ممتنعا إذ المجهول ممتنع ولا بد من دلالة الرسول على الفرض ، ليقطع العذر بين الله عز وجل وبين عباده ، أرأيت لو فرض الله عز وجل على الناس صوم شهر ولم يعلم الناس أي شهر هو ولم يسم ، كان على الناس استخراج ذلك بعقولهم ، حتى يصيبوا ما أراد الله تبارك وتعالى ، فيكون الناس حينئذ مستغنين عن الرسول والمبين لهم ، وعن الامام الناقل خبر الرسول إليهم .

وقال آخر : من أين أوجبت أن عليا كان بالغا حين دعاه النبي فان الناس يزعمون أنه كان صبيا حين دعا ولم يكن جاز عليه الحكم ، ولا بلغ مبلغ الرجال ، فقال : من قبل أنه لا يعرى في ذلك الوقت من أن يكون ممن أرسل إليه النبي ليدعوه ، فإن كان كذلك فهو محتمل للتكليف ، قوي على أداء الفرائض ، وإن كان ممن لم يرسل إليه فقد لزم النبي قول الله عز وجل " ولو تقول علينا بعض الأقاويل لاخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين " وكان مع ذلك قد كلف النبي عباد الله ما لا يطيقون عن الله تبارك وتعالى ، وهذا من المحال الذي يمتنع كونه ، ولا يأمر به حكيم ، ولا يدل عليه الرسول ، تعالى الله عن أن يأمر بالمحال ، وجل الرسول عن أن يأمر بخلاف ما يمكن كونه في حكمة الحكيم ، فسكت القوم عند ذلك جميعا .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>