في رجل نصراني أسلم وما قال له في أبيه وأمه

- الكافي : العدة ، عن البرقي ، عن علي بن الحكم ، عن معاوية وهب ، عن زكريا بن إبراهيم قال : كنت نصرانيا فأسلمت وحججت فدخلت على أبي عبد الله فقلت : إني كنت على النصرانية ، وإني أسلمت فقال : وأي شئ رأيت في الاسلام ؟ قلت : قول الله عز وجل " ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء " فقال : لقد هداك الله ، ثم قال : اللهم اهده ثلاثا ، سل عما شئت يا بني فقلت : إن أبي وأمي على النصرانية ، وأهل بيتي وأمي مكفوفة البصر ، فأكون معهم ، وآكل من آنيتهم فقال : يأكلون لحم الخنزير ؟ فقلت : لا ولا يمسونه فقال : لا بأس ، فانظر أمك فبرها ، فإذا ماتت ، فلا تكلها إلى غيرك ، كن أنت الذي تقوم بشأنها ، ولا تخبرن أحدا أنك أتيتني ، حتى تأتيني بمنى إن شاء الله ، قال : فأتيته بمنى والناس حوله ، كأنه معلم صبيان ، هذا يسأله ، وهذا يسأله ، فلما قدمت الكوفة ، ألطفت لأمي ، وكنت أطعمها وأفلي ثوبها ورأسها وأخدمها ، فقالت لي : يا بني ما كنت تصنع بي هذا ، وأنت على ديني ، فما الذي أرى منك منذ هاجرت ، فدخلت في الحنيفية ؟ فقلت : رجل من ولد نبينا أمرني بهذا ، فقالت : هذا الرجل هو نبي ؟ فقلت : لا ولكنه ابن نبي فقالت : يا بني هذا نبي إن هذه وصايا الأنبياء فقلت يا أم إنه ليس يكون بعد نبينا نبي ولكنه ابنه فقالت : يا بني دينك خير دين ، أعرضه علي فعرضته عليها فدخلت في الاسلام ، وعلمتها فصلت الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء الآخرة ثم عرض بها عارض في الليل فقالت : يا بني أعد علي ما علمتني ، فأعدته عليها فأقرت به وماتت ، فلما أصبحت كان المسلمون الذين غسلوها ، وكنت أنا الذي صليت عليها ونزلت في قبرها .

بيان : أفلي ثوبها أي أنظر فيه لأستخرج قملها .

- الكافي : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط قال : اكتريت بغلا إلى قصر ابن هبيرة ذاهبا وجائيا بكذا وكذا ، وخرجت في طلب غريم لي . فلما صرت قرب قنطرة الكوفة أخبرت أن صاحبي توجه إلى النيل فتوجهت نحو النيل ، فلما أتيت النيل أخبرت أن صاحبي توجه إلى بغداد ، فاتبعته وظفرت به ، وفرغت مما بيني وبينه ، ورجعنا إلى الكوفة ، وكان ذهابي ومجيئي خمسة عشر يوما ، فأخبرت صاحب البغل بعذري ، وأردت أن أتحلل منه مما صنعت وأرضيه ، فبذلت خمسة عشر درهما ، فأبى أن يقبل ، فتراضينا بأبي حنيفة ، فأخبرته بالقصة وأخبره الرجل فقال لي : ما صنعت بالبغل ؟ فقلت : قد دفعته إليه سليما قال : نعم بعد خمسة عشر يوما قال : فما تريد من الرجل ؟ قال : أريد كرى بغلي فقد حبسه علي خمسة عشر يوما فقال : ما أرى لك حقا لأنه اكتراه إلى قصر ابن هبيرة ، فخالف وركبه إلى النيل وإلى بغداد ، فضمن قيمة البغل ، وسقط الكرى فلما رد البغل سليما وقبضته لم يلزمه الكرى ، قال : فخرجنا من عنده ، وجعل صاحب البغل يسترجع ، فرحمته مما أفتى به أبو حنيفة [ فأعطيته شيئا وتحللت منه فحججت تلك السنة ، فأخبرت أبا عبد الله بما أفتى به أبو حنيفة ] فقال لي في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءها ، وتمنع الأرض بركتها قال : فقلت لأبي عبد الله : فما ترى أنت ؟ قال : أرى له عليك مثل كرى بغل ذاهبا من الكوفة إلى النيل ، ومثل كرى بغل راكبا من النيل إلى بغداد ، ومثل كرى بغل من بغداد إلى الكوفة توفيه إياه .

قال : فقلت : جعلت فداك قد علفته بدراهم ، فلي عليه علفه ؟ فقال : لا لأنك غاصب فقلت : أرأيت لو عطب البغل ونفق أليس كان يلزمني ؟ قال : نعم قيمة بغل يوم خالفته قلت : فإن أصاب البغل كسر أو دبر أو غمز ؟ فقال : عليك قيمة ما بين الصحة والعيب ، يوم ترده ، عليه ، قلت : فمن يعرف ذلك ؟ قال : أنت وهو ، إما أن يحلف هو على القيمة ، فيلزمك ، فان رد اليمين عليك فحلفت على القيمة لزمه ذلك أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل حين أكرى كذا وكذا فيلزمك ، قلت : إن كنت أعطيته دراهم ورضي بها وحللني ؟ فقال : إنما رضي بها وحللك حين قضى عليه أبو حنيفة بالجور والظلم ، ولكن ارجع إليه فأخبره بما أفتيتك به ، فان جعلك في حل بعد معرفته فلا شئ عليك بعد ذلك ، قال أبو ولاد : فلما انصرفت من وجهي ذلك لقيت المكاري فأخبرته بما أفتاني به أبو عبد الله وقلت له : قل ما شئت حتى أعطيكه ؟ فقال : قد حببت إلي جعفر بن محمد ووقع في قلبي له التفضيل ، وأنت في حل ، وإن أحببت أن أرد عليك الذي أخذته منك فعلت .

- الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن أبي عمارة الطيار قال : قلت لأبي عبد الله : إني قد ذهب مالي وتفرق ما في يدي ، و عيالي كثير ، فقال له أب وعبد الله : إذا قدمت الكوفة فافتح باب حانوتك وابسط بساطك ، وضع ميزانك ، وتعرض لرزق ربك ، فلما أن قدم الكوفة فتح باب حانوته ، وبسط بساطه ، ووضع ميزانه ، قال : فتعجب من حوله بأن ليس في بيته قليل ولا كثير من المتاع ، ولا عنده شئ قال : فجاءه رجل فقال : اشتر لي ثوبا قال : فاشترى له ، وأخذ ثمنه ، وصار الثمن إليه ، ثم جاءه آخر فقال : اشتر لي ثوبا قال : فجلب له في السوق ، ثم اشترى له ثوبا ، فأخذ ثمنه فصار في يده ، وكذلك يصنع التجار يأخذ بعضهم من بعض .

ثم جاءه رجل آخر فقال له : يا أبا عمارة إن عندي عدلا من كتان فهل تشتريه وأؤخرك بثمنه سنة ؟ فقال : نعم ، أحمله وجئ به قال : فحمله إليه فاشتراه منه بتأخير سنة قال : فقام الرجل فذهب ، ثم أتاه آت من أهل السوق فقال : يا أبا عمارة ما هذا العدل ؟ قال : هذا عدل اشتريته فقال : فتبيعني نصفه و أعجل لك ثمنه ؟ قال : نعم فاشتراه منه وأعطاه نصف المتاع فأخذ نصف الثمن قال : فصار في يده الباقي إلى سنة ، قال : فجعل يشتري بثمنه الثوب والثوبين ويعرض ويشتري ويبيع ، حتى أثرى ، وعرض وجهه ، وأصاب معروفا .

- الكافي : علي عن أبيه ، عن اللؤلؤي ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : كان رجل من أصحابنا بالمدينة فضاق ضيقا شديدا ، واشتدت حاله فقال له أبو عبد الله : اذهب فخذ حانوتا في السوق ، وابسط بساطا ، وليكن عندك جرة من ماء ، والزم باب حانوتك قال : ففعل الرجل فمكث ما شاء الله .

قال : ثم قدمت رفقة من مصر فألقوا متاعهم ، كل رجل منهم عند معرفته ، وعند صديقه ، حتى ملؤا الحوانيت ، وبقي رجل لم يصب حانوتا يلقي فيه متاعه فقال له أهل السوق : ههنا رجل ليس به بأس ، وليس في حانوته متاع ، فلو ألقيت متاعك في حانوته ، فذهب إليه فقال له : القي متاعي في حانوتك ؟ فقال له : نعم ، فألقى متاعه في حانوته ، وجعل يبيع متاعه ، الأول فالأول ، حتى إذا حضر خروج الرفقة بقي عند الرجل شئ يسير من متاعه ، فكره المقام عليه ، فقال لصاحبنا : أخلف هذا المتاع عندك تبيعه وتبعث إلي بثمنه ؟ قال : فقال : نعم ، فخرجت الرفقة وخرج الرجل معهم ، وخلف المتاع عنده ، فباعه صاحبنا ، وبعث بثمنه إليه قال : فلما أن تهيأ خروج رفقة مصر من مصر ، بعث إليه ببضاعة فباعها ، ورد إليه ثمنها ، فلما رأى ذلك منه الرجل أقام بمصر ، وجعل يبعث إليه بالمتاع ويجهز عليه قال : فأصاب وكثر ماله وأثرى .

- كتاب زيد النرسي : قال : لما ظهر أبو الخطاب بالكوفة وادعى في أبي عبد الله ما ادعاه دخلت على أبي عبد الله مع عبيدة بن زرارة فقلت له : جعلت فداك لقد ادعى أبو الخطاب وأصحابه فيك أمرا عظيما ، إنه لبى بلبيك جعفر ، لبيك معراج .

وزعم أصحابه أن أبا الخطاب أسري به إليك ، فلما هبط إلى الأرض دعا إليك ، ولذا لبى بك .

قال : فرأيت أبا عبد الله قد أرسل دمعته من حماليق عينيه وهو يقول : يا رب برئت إليك مما ادعى في الأجدع عبد بني أسد ، خشع لك شعري و بشري ، عبد لك ابن عبد لك ، خاضع ذليل ، ثم أطرق ساعة في الأرض كأنه يناجي شيئا ، ثم رفع رأسه وهو يقول : أجل أجل عبد خاضع خاشع ذليل لربه صاغر راغم من ربه خائف وجل ، لي والله رب أعبده لا أشرك به شيئا ، ما له أخزاه الله وأرعبه ولا آمن روعته يوم القيامة ، ما كانت تلبية الأنبياء هكذا ولا تلبيتي ولا تلبية الرسل ، إنما لبيت بلبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك ، ثم قمنا من عنده فقال : يا زيد إنما قلت لك هذا لاستقر في قبري يا زيد استر ذلك عن الأعداء .

أقول : وجدت في كتاب مزار لبعض قدماء أصحابنا ، وفي كتاب مقتل لبعض متأخريهم خبرا أحببت إيراده ، واللفظ للأول : قال : حدثنا جماعة عن الشيخ المفيد أبي علي الحسن بن علي الطوسي ، وعن الشريف أبي الفضل المنتهى بن أبي زيد بن كيابكي الحسيني ، وعن الشيخ الأمين أبي عبد الله محمد بن شهريار الخازن ، وعن الشيخ الجليل ابن شهرآشوب ، عن المقري عبد الجبار الرازي ، وكلهم يروون عن الشيخ أبي جعفر محمد بن علي الطوسي رضي الله عنه قال : حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي بالمشهد المقدس بالغري على صاحبه السلام في شهر رمضان من سنة ثمان وخمسين وأربعمائة .

قال : حدثنا الشيخ أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضايري قال : حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله السلمي قالوا : وحدثنا الشيخ المفيد أبو علي الحسن بن محمد الطوسي والشيخ الأمين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن شهريار الخازن قالا : جميعا حدثنا الشيخ أبو منصور محمد بن أحمد بن عبد العزيز العكبري المعدل بها في داره ببغداد سنة سبع وستين وأربعمائة .

قال : حدثنا أبو الفضل محمد بن عبد الله الشيباني قال : حدثنا محمد بن يزيد بن أبي الأزهر البوشنجي النحوي قال : حدثنا أبو الصباح محمد بن عبد الله بن زيد النهلي قال : أخبرني أبي قال : حدثنا الشريف زيد بن جعفر العلوي قال : حدثنا محمد بن وهبان الهناتي قال
: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري قال : حدثنا أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد العلوي قال : حدثنا محمد بن جمهور العمي ، عن الهيثم بن عبد الله الناقد عن بشار المكاري قال : دخلت على أبي عبد الله بالكوفة وقد قدم له طبق رطب طبرزد وهو يأكل فقال : يا بشار ادن فكل فقلت : هناك الله ، وجعلني فداك ، قد أخذتني الغيرة من شئ رأيته في طريقي ! أوجع قلبي ، وبلغ مني فقال لي : بحقي لما دنوت فأكلت قال : فدنوت فأكلت فقال لي : حديثك قلت : رأيت جلوازا يضرب رأس امرأة ، ويسوقها إلى الحبس وهي تنادي بأعلا صوتها : المستغاث بالله ورسوله ، ولا يغيثها أحد قال : ولم فعل بها ذلك ؟ قال : سمعت الناس يقولون إنها عثرت فقالت : لعن الله ظالميك يا فاطمة فارتكب منها ما ارتكب .

قال : فقطع الأكل ولم يزل يبكي حتى ابتل منديله ، ولحيته ، وصدره بالدموع ، ثم قال : يا بشار قم بنا إلى مسجد السهلة فندعو الله عز وجل و نسأله خلاص هذه المرأة قال : ووجه بعض الشيعة إلى باب السلطان ، وتقدم إليه بأن لا يبرح إلى أن يأتيه رسوله فان حدث بالمرأة حدث صار إلينا حيث كنا قال : فصرنا إلى مسجد السهلة ، وصلى كل واحد منا ركعتين ، ثم رفع الصادق عليه السلام يده إلى السماء وقال : أنت الله - إلى آخر الدعاء - قال : فخر ساجدا لا أسمع منه إلا النفس ثم رفع رأسه : فقال : قم فقد أطلقت المرأة .

قال : فخرجنا جميعا ، فبينما نحن في بعض الطريق إذ لحق بنا الرجل الذي وجهناه إلى باب السلطان فقال له ما الخبر ؟ قال : قد أطلق عنها قال : كيف كان اخراجها قال : لا أدري ولكنني كنت واقفا على باب السلطان ، إذ خرج حاجب فدعاها وقال لها : ما الذي تكلمت ؟ قالت : عثرت فقلت : لعن الله ظالميك يا فاطمة ، ففعل بي ما فعل قال : فأخرج مائتي درهم وقال : خذي هذه واجعلي الأمير في حل ، فأبت أن تأخذها ، فلما رأى ذلك منها دخل ، وأعلم صاحبه بذلك ثم خرج فقال : انصرفي إلى بيتك فذهبت إلى منزلها .

فقال أبو عبد الله : أبت أن تأخذ المائتي درهم ؟ قال : نعم وهي والله محتاجة إليها قال : فأخرج من جيبه صرة فيها سبعة دنانير وقال : اذهب أنت بهذه إلى منزلها فأقرئها مني السلام وادفع إليها هذه الدنانير قال : فذهبنا جميعا فأقرأناها منه السلام فقالت : بالله أقرأني جعفر بن محمد السلام ؟ فقلت لها : رحمك الله ، والله إن جعفر بن محمد أقرأك السلام ، فشقت جيبها ووقعت مغشية عليها قال : فصبرنا حتى أفاقت ، وقالت : أعدها علي ، فأعدناها عليها حتى فعلت ذلك ثلاثا ثم قلنا لها : خذي ! هذا ما أرسل به إليك ، وأبشري بذلك ، فأخذته منا ، وقالت : سلوه أن يستوهب أمته من الله فما أعرف أحدا توسل به إلى الله أكثر منه ومن آبائه وأجداه .

قال : فرجعنا إلى أبي عبد الله فجعلنا نحدثه بما كان منها ، فجعل يبكي ويدعو لها ، ثم قلت : ليت شعري متى أرى فرج آل محمد ؟ قال : يا بشار إذا توفي ولي الله وهو الرابع من ولدي في أشد البقاع بين شرار العباد ، فعند ذلك يصل إلى ولد بني فلان مصيبة سواء ، فإذا رأيت ذلك التقت حلق البطان ولا مرد لأمر الله .

بيان : المراد ببني فلان بني العباس ، وكان ابتداء وهي دولتهم عند وفات أبي الحسن العسكري والبطان للقتب الحزام الذي يجعل تحت بطن البعير ويقال : التقت حلقتا البطان للامر إذا اشتد .

- التمحيص : عن فرات بن أحنف قال : كنت عند أبي عبد الله إذ دخل عليه رجل من هؤلاء الملاعين فقال : والله لأسوءنه في شيعته فقال : يا أبا عبد الله أقبل إلي فلم يقبل إليه فأعاد ، فلم يقبل إليه ، ثم أعاد الثالثة فقال : ها أنا ذا مقبل فقل ولن تقول خيرا فقال : إن شيعتك يشربون النبيذ فقال : وما بأس بالنبيذ أخبرني أبي عن جابر بن عبد الله أن أصحاب رسول الله كانوا يشربون النبيذ فقال : لست أعنيك النبيذ أعنيك المسكر .

فقال : شيعتنا أزكى وأطهر من أن يجري للشيطان في أمعائهم رسيس ، وإن فعل ذلك المخذول منهم ، فيجد ربا رؤوفا ، ونبيا بالاستغفار له عطوفا ، ووليا له عند الحوض ولوفا ، وتكون وأصحابك ببرهوت عطوفا ، قال : فأفحم الرجل وسكت ، ثم قال : لست أعنيك المسكر إنما أعنيك الخمر فقال أبو عبد الله سلبك الله لسانك ، ما لك تؤذينا في شيعتنا منذ اليوم ، أخبرني أبي ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب ، عن رسول الله ، عن جبرئيل عن الله تعالى أنه قال : يا محمد إنني حظرت الفردوس على جميع النبيين حتى تدخلها أنت وعلي وشيعتكما ، إلا من اقترف منهم كبيرة ، فاني أبلوه في ماله أو بخوف من سلطانه ، حتى تلقاه الملائكة بالروح والريحان ، وأنا عليه غير غضبان فهل عند أصحابك هؤلاء شئ من هذا ؟ ! .

روى البرسي في مشارق الأنوار مثله عن أبي الحسن الثاني .

بيان : الرسيس الشئ الثابت ، وابتداء الحب ، ويقال : ولف البرق إذا تتابع والولوف البرق المتتابع اللمعان ، ولا يبعد أن يكون بالكاف من وكف البيت أي قطر ، قوله عطوفا كذا في النسخة التي عندنا ، وفي مشارق الأنوار مكوفا من الكوف بمعنى الجمع وهو الصواب .

- الاختصاص : من أصحابه عبد الله بن أبي يعفور ، أبان بن تغلب ، بكير ابن أعين ، محمد بن مسلم الثقفي ، محمد بن النعمان .

- الكافي : العدة ، عن سهل ، عن العباس بن عامر ، عن أبي عبد الرحمان المسعودي ، عن حفص بن عمر البجلي قال : شكوت إلى أبي عبد الله حالي ، و انتشار أمري علي قال : فقال لي : إذا قدمت الكوفة فبع وسادة من بيتك بعشرة دراهم ، وادع إخوانك ، وأعد لهم طعاما ، وسلهم يدعون الله لك ، قال : ففعلت ، وما أمكنني ذلك حتى بعت وسادة ، واتخذت طعاما كما أمرني ، وسألتهم أن يدعوا الله لي قال : فوالله ما مكثت إلا قليلا حتى أتاني غريم لي فدق الباب علي وصالحني من مال لي كثير ، كنت أحسبه نحوا من عشرة آلاف درهم قال : ثم أقبلت الأشياء علي .

- الكافي : علي بن محمد بن بندار ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبد الله ابن حماد ، عن علي بن أبي حمزة قال : كان لي صديق من كتاب بني أمية فقال لي : استأذن لي على أبي عبد الله فاستأذنت له ، فأذن له فلما أن دخل سلم وجلس ثم قال : جعلت فداك إني كنت في ديوان هؤلاء القوم ، فأصبت من دنياهم مالا كثيرا ، وأغمضت في مطالبه . فقال أبو عبد الله : لولا أن بني أمية وجدوا من يكتب لهم ، ويجبي لهم الفئ ، ويقاتل عنهم [ ويشهد جماعتهم ] لما سلبونا حقنا ، ولو تركهم الناس وما في أيديهم ، ما وجدوا شيئا إلا ما وقع في أيديهم قال : فقال الفتى : جعلت فداك فهل لي مخرج منه ؟ قال : إن قلت لك تفعل ؟ قال : أفعل قال : فاخرج من جميع ما كسبت في ديوانهم ، فمن عرفت منهم رددت عليه ماله ، ومن لم تعرف تصدقت به ، وأنا أضمن لك على الله الجنة فأطرق الفتى طويلا ، ثم قال له : قد فعلت جعلت فداك .

قال ابن أبي حمزة : فرجع الفتى معنا إلى الكوفة فما ترك شيئا على وجه الأرض إلا خرج منه ، حتى ثيابه التي على بدنه ، قال : فقسمت له قسمة ، واشترينا له ثيابا ، وبعثنا إليه بنفقة قال : فما أتى عليه إلا أشهر قلائل حتى مرض ، فكنا نعوده قال : فدخلت عليه يوما وهو في السوق قال : ففتح عينيه ثم قال : يا علي وفى لي والله صاحبك ، قال : ثم مات ، فتولينا أمره ، فخرجت حتى دخلت على أبي عبد الله فلما نظر إلي قال : يا علي وفينا والله لصاحبك قال : فقلت له : صدقت جعلت فداك ، هكذا والله قال لي عند موته .

- الكافي : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن داود بن زربي ، قال : أخبرني مولى لعلي بن الحسين قال : كنت بالكوفة ، فقدم أبو عبد الله الحيرة ، فأتيته فقلت : جعلت فداك لو كلمت داود بن علي أو بعض هؤلاء فأدخل في بعض هذه الولايات ؟ فقال : ما كنت لأفعل قال : فانصرفت إلى منزلي ، فتفكرت فقلت : ما أحسبه منعني إلا مخافة أن أظلم أو أجور ، والله لآتينه ولأعطينه الطلاق والعتاق والايمان المغلظة أن لا أظلم أحدا ولا أجور ، ولأعدلن قال : فأتيته فقلت : جعلت فداك إني فكرت في إبائك علي فظننت أنك إنما كرهت ذلك مخافة أن أجور أو أظلم ، وإن كل امرأة لي طالق ، وكل مملوك ، لي حر ، وعلي وعلي إن ظلمت أحدا ، أو جرت عليه ، وإن لم أعدل ، قال : كيف قلت ؟ قال : فأعدت عليه الايمان ، فرفع رأسه إلى السماء فقال : تناول السماء أيسر عليك من ذلك .

- الكافي : الحسين بن محمد ، عن محمد بن أحمد النهدي ، عن كثير بن يونس عن عبد الرحمان بن سيابة قال : لما أن هلك أبي سيابة جاء رجل من إخوانه إلي فضرب الباب علي فخرجت إليه فعزاني وقال لي : هل ترك أبوك شيئا ؟ فقلت له : لا ، فدفع إلي كيسا فيه ألف درهم وقال لي : أحسن حفظها وكل فضلها فدخلت إلى أمي وأنا فرح فأخبرتها ، فلما كان بالعشي أتيت صديقا كان لأبي فاشترى لي بضايع سابريا وجلست في حانوت ، فرزق الله عز وجل فيها خيرا وحضر الحج فوقع في قلبي ، فجئت إلى أمي فقلت لها : إنه قد وقع في قلبي أن أخرج إلى مكة فقالت لي : فرد دراهم فلان عليه ، فهيأتها وجئت لها إليه ، فدفعتها إليه ، فكأني وهبتها له ، فقال : لعلك استقللتها ؟ فأزيدك ؟ قلت : لا ولكن وقع في قلبي الحج ، وأحببت أن يكون شيئا عندك ، ثم خرجت فقضيت نسكي ، ثم رجعت إلى المدينة فدخلت مع الناس على أبي عبد الله ، وكان يأذن إذنا عاما فجلست في مواخير الناس ، وكنت حدثا فأخذ الناس يسألونه ويجيبهم . فلما خف الناس عنه أشار إلي فدنوت إليه فقال لي : ألك حاجة ؟ فقلت له : جعلت فداك أنا عبد الرحمان بن سيابة فقال : ما فعل أبوك ؟ فقلت : هلك قال : فتوجع وترحم قال : ثم قال لي : أفترك شيئا ؟ قلت : لا قال : فمن أين حججت قال : فابتدأت فحدثته بقصة الرجل قال : فما تركني أفرغ منها حتى قال لي : فما فعلت الألف ؟ قال : قلت : رددتها على صاحبها قال : فقال لي : قد أحسنت وقال لي : ألا أوصيك ؟ قلت : بلى جعلت فداك ، قال : عليك بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، تشرك الناس في أموالهم ، هكذا ، وجمع بين أصابعه قال : فحفظت ذلك عنه ، فزكيت ثلاثمائة ألف درهم .

- الكافي : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن الحجال ، عن ثعلبة ، عن سعيد ابن عمرو الجعفي قال : خرجت إلى مكة وأنا من أشد الناس حالا ، فشكوت إلى أبي عبد الله فلما خرجت من عنده وجدت على بابه كيسا فيه سبع مائة دينار فرجعت إليه من فوري ذلك فأخبرته فقال : يا سعيد اتق الله وعرفه في المشاهد وكنت رجوت أن يرخص لي فيه ، فخرجت وأنا مغتم فأتيت منى فتنحيت عن الناس وتقصيت حتى أتيت الماروقة .

فنزلت في بيت متنحيا من الناس ثم قلت : من يعرف الكيس قال : فأول صوت صوته إذا رجل على رأسي يقول : أنا صاحب الكيس قال : فقلت في نفسي : أنت فلا كنت ، قلت : ما علامة الكيس ؟ فأخبرني بعلامته فدفعته إليه قال : فتنحى ناحية فعدها فإذا الدنانير على حالها ، ثم عد منها سبعين دينارا فقال : خذها حلالا خير من سبعمائة حراما فأخذتها ثم دخلت على أبي عبد الله فأخبرته كيف تنحيت ، وكيف صنعت ، فقال : أما إنك حين شكوت إلي أمرنا لك بثلاثين دينارا ، يا جارية هاتها ، فأخذتها وأنا من أحسن قومي حالا .

- الكافي : الحسين ، عن أحمد بن هلال ، عن زرعة ، عن سماعة قال : تعرض رجل من ولد عمر بن بن الخطاب بجارية رجل عقيلي فقالت له : إن هذا العمري قد آذاني فقال لها : عديه ، وأدخليه الدهليز ، فأدخلته فشد عليه فقتله وألقاه في الطريق ، فاجتمع البكريون والعمريون والعثمانيون وقالوا : ما لصاحبنا كفو ، لن نقتل به إلا جعفر بن محمد ، وما قتل صاحبنا غيره ، وكان أبو عبد الله قد مضى نحو قبا ، فلقيته بما اجتمع القوم عليه فقال : دعهم قال : فلما جاء ورأوه وثبوا عليه ، وقالوا : ما قتل صاحبنا أحد غيرك ، وما نقتل به أحدا غيرك .

فقال : لتكلمني منكم جماعة ، فاعتزل قوم منهم فأخذ بأيديهم ، فأدخلهم المسجد ، فخرجوا وهم يقولون شيخنا أبو عبد الله جعفر بن محمد ، معاذ الله أن يكون مثله يفعل هذا ، ولا يأمر به انصرفوا . قال : فمضيت معه فقلت : جعلت فداك ما كان أقرب رضاهم من سخط ! ؟ قال : نعم دعوتهم فقلت : أمسكوا وإلا أخرجت الصحيفة فقلت : وما هذه الصحيفة جعلني الله فداك ؟ فقال : أم الخطاب كانت أمة للزبير بن عبد المطلب فسطر بها نفيل فأحبلها فطلبه الزبير ، فخرج هاربا إلى الطائف ، فخرج الزبير خلفه فبصرت به ثقيف فقالوا : يا أبا عبد الله ما تعمل ههنا ؟ قال : جاريتي سطر بها نفيلكم ، فخرج منه إلى الشام ، وخرج الزبير في تجارة له إلى الشام ، فدخل على ملك الدومة فقال له : يا أبا عبد الله لي إليك حاجة قال : وما حاجتك أيها الملك ؟ فقال : رجل من أهلك قد أخذت ولده ، فأحب أن ترده عليه قال : ليظهر لي حتى أعرفه ، فلما أن كان من الغد دخل إلى الملك ، فلما رآه الملك ضحك فقال : ما يضحكك أيها الملك قال : ما أظن هذا الرجل ولدته عربية ، لما رآك قد دخلت لم يملك استه أن جعل يضرط فقال : أيها الملك إذا صرت إلى مكة قضيت حاجتك ، فلما قدم الزبير تحمل ببطون قريش كلها أن يدفع إليه ابنه فأبى ثم تحمل عليه بعبد المطلب فقال : ما بيني وبينه عمل أما علمتم ما فعل في ابني فلان ، ولكن امضوا أنتم إليه فقصدوه وكلموه ، فقال لهم الزبير : إن الشيطان له دولة ، وإن ابن هذا ابن الشيطان ولست آمن أن يترأس علينا ، ولكن أدخلوه من باب المسجد علي على أن أحمي له حديدة ، وأخط في وجهه خطوطا ، وأكتب عليه وعلى ابنه ، أن لا يتصدر في مجلس ولا يتأمر على أولادنا ولا يضرب معنا بسهم ، قال : ففعلوا وخط وجهه بالحديدة وكتب عليه الكتاب ، وذلك الكتاب عندنا ، فقلت لهم : إن أمسكتم وإلا أخرجت الكتاب ، ففيه فضيحتكم فأمسكوا . وتوفي مولى لرسول الله صلى الله عليه وآله لم يخلف وارثا ، فخاصم فيه ولد العباس أبا عبد الله عليه السلام وكان هشام بن عبد الملك قد حج في تلك السنة ، فجلس لهم فقال داود ابن علي : الولاء لنا وقال أبو عبد الله : بل الولاء لي ، فقال داود بن علي : إن أباك قاتل معاوية فقال : إن كان أبي قاتل معاوية ، فقد كان حظ أبيك فيه الأوفر ثم فر بجنايته وقال : والله لأطوقنك غدا طوق الحمامة ، فقال له داود بن علي : كلامك هذا أهون علي من بعرة في وادي الأزرق فقال : أما إنه واد ليس لك ولا لأبيك فيه حق قال : فقال هشام : إذا كان غدا جلست لكم ، فلما أن كان من الغد خرج أبو عبد الله ومعه كتاب في كرباسة ، وجلس لهم هشام ، فوضع أبو عبد الله الكتاب بين يديه ، فلما قرأه قال : ادعوا إلي جندل الخزاعي وعكاشة الضميري ، وكانا شيخين ، قد أدركا الجاهلية ، فرمى الكتاب إليهما فقال : تعرفان هذه الخطوط ؟ قالا : نعم هذا خط العاص بن أمية ، وهذا خط فلان وفلان لفلان من قريش ، وهذا خط حرب بن أمية فقال هشام : يا أبا عبد الله أرى خطوط أجدادي عندكم ؟ فقال : نعم ، قال : قد قضيت بالولاء لك قال : فخرج وهو يقول :

إن عادت العقرب عدنا لها        وكانت النعل لها حاضرة

قال : فقلت : ما هذا الكتاب جعلت فداك ؟ قال : فان نثيلة كانت أمة لام الزبير ولأبي طالب وعبد الله ، فأخذها عبد المطلب فأولدها فلانا فقال له الزبير : هذه الجارية ورثناها من امنا ، وابنك هذا عبد لنا ، فتحمل عليه ببطون قريش قال : فقال : قد أجبتك على خلة ، على أن لا يتصدر ابنك هذا في مجلس ، ولا يضرب معنا بسهم ، فكتب عليه كتابا وأشهد عليه ، فهو هذا الكتاب .

قد مضى شرح الخبر في كتاب الفتن ، وسيأتي أحوال هشام بن الحكم في باب مفرد ، وقد مضى أحوال الهشامين في باب نفي الجسم والصورة ، وأحوال جماعة من أصحابه في باب مكارم أخلاقه .

- الاختصاص : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن ابن أبي عمير أن هشام بن سالم قال له : ما اختلفت أنا وزرارة قط فأتينا محمد بن مسلم فسألناه عن ذلك إلا قال لنا : قال أبو جعفر عليه السلام فيها كذا وكذا وقال أبو عبد الله فيها : كذا وكذا .

- الاختصاص : ابن قولويه عن جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه قال : سألت عبد الله بن محمد بن خالد ، عن محمد بن مسلم قال : كان رجلا شريفا موسرا فقال له أبو جعفر : تواضع يا محمد ، فلما انصرف إلى الكوفة أخذ قوسرة من تمر مع الميزان وجلس على باب مسجد الجامع ، وجعل ينادي عليه ، فأتاه قومه فقالوا له : فضحتنا فقال : إن مولاي أمرني بأمر فلن أخالفه ، ولن أبرح حتى أفرغ من بيع ما في هذه القوسرة ، فقال له قومه : أما إذ أبيت إلا أن تشتغل ببيع وشرى فاقعد في الطحانين فقعد في الطحانين فهيأ رحى وجملا وجعل يطحن ، وذكر أبو محمد عبد الله بن محمد بن خالد البرقي : أنه كان مشهورا في العبادة ، وكان من العباد في زمانه .

- الاختصاص : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد قال : سمعت أبا عبد الله يقول : ما أحد أحيى ذكرنا وأحاديث أبي إلا زرارة وأبو بصير المرادي ، ومحمد بن مسلم ، و بريد بن معاوية ، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هدى ، هؤلاء حفاظ الدين و امناء أبي على حلال الله وحرامه ، وهم السابقون إلينا في الدنيا وفي الآخرة .

- الاختصاص : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد قال : قال أبو عبد الله : رحم الله زرارة بن أعين لولا زرارة لاندرست أحاديث أبي .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>