دعاؤه عند الشدائد

- كان الإمام الصادق ، إذا المت به شدة ، أو محنة فزع إلى الله ، وتضرع إليه ، وكشف عن ذراعيه ، وانتحب باكيا ، ودعا بهذا الدعاء الجليل : " اللهم ، لولا أن ألقي بيدي ، وأعين على نفسي وأخالف كتابك ، وقد قلت : " أدعوني أستجب لكم فإني قريب ، أجيب دعوة الداع إذا دعان " لما انشرح قلبي ولساني لدعائك ، والطلب منك ، وقد علمت من نفسي ، فيما بيني وبينك ما عرفت ، اللهم ، من أعظم جرما مني ، وقد ساورت معصيتك ، التي زجرتني عنها بنهيك إياي ، وكاثرت العظيم منها التي أوجبت النار لمن عملها من خلقك ، وكل ذلك على نفسي جنيت ، وإياها أوبقت ، إلهي فتداركني برحمتك ، التي بها تجمع الخيرات لأوليائك ، وبها تصرف السيئات عن أحبائك .

اللهم ، إني أسألك التوبة النصوح ، فاستجب دعائي ، وارحم عبرتي وأقلني عثرتي ، اللهم ، لولا رجائي لعفوك لصمت عن الدعاء ، ولكنك على كل حال ، يا إلهي غاية الطالبين ، ومنتهى رغبة الراغبين ، واستعاذة العائذين ، اللهم فأنا أستعيذك من غضبك ، وسوء سخطك ، وعقابك ونقمتك ، ومن شر نفسي ، وشر كل ذي شر ، وأستغفرك من جميع الذنوب ، وأسألك الغنيمة فيما بقي من عمري ، بالعافية أبدا ما أبقيتني ، وأسألك الفوز والرحمة إذا توفيتني ، فإنك بذلك لطيف ، وعليه قادر . اللهم ، إني أشكو إليك كل حاجة ، لا يجيرني منها إلا أنت ، يا من هو عدتي في كل عسر ويسر ، يا من هو حسن البلاء عندي ، يا قديم العفو عني ، إنني لا أرجو غيرك ، ولا أدعو سواك ، إذا لم تجبني ، اللهم فلا تحرمني لقلة شكري ، ولا تؤيسني لكثرة ذنوبي ، فإنك أهل التقوى ، وأهل المغفرة . إلهي : أنا من قد عرفت ، بئس العبد أنا ، وخير المولى أنت ، فيا مخشي الانتقام ، ويا مرهوب البطش ، يا معروفا بالمعروف ، إني ليس أخاف منك إلا عدلك ، ولا أرجو الفضل والعفو ، إلا من عندك ، وأنا عبدك ، ولا عبد لك أحق باستيجاب جميع العقوبة مني ، ولكني وسعني عفوك ، وحلمك ، وأخرتني إلى اليوم ، فليت شعري ، يا إلهي لازداد إثما ، أم ليتم رجائي منك ، ويتحقق حسن ظني بك ، فأما بعملي ، فقد أعلمتك ، يا إلهي أنني مستحق ، لجميع عقوبتك ، بذنوبي ، غير أنك أرحم الراحمين ، وأنت بي أعلم من نفسي ، وعندي أنت أرحم الراحمين ، فيا أرحم الراحمين ، لا تشوه خلقي بالنار ، ولا تقطع عصبي بالنار ، يا لله ، ولا تفلق قحف رأسي بالنار ، يا رحمن ، ولا تفرق بين أوصالي بالنار ، يا كريم ، ولا تهشم عظامي بالنار ، يا غفور ، لا تصل شيئا من جسدي بالنار ، يا رحمن عفوك ، عفوك ثم عفوك عفوك ، فإنه لا يقدر على ذلك غيرك ، وأنت على كل شئ قدير ، يا محيطا بملكوت السماوات والأرض ، ومدبر أمورهما ، أولهما وآخرهما ، أصلح لي دنياي وآخرتي ، وأصلح لي نفسي ، وما لي ، وما خولتني ، يا الله خلصني من الخطايا ، يا الله من علي بترك الخطايا ، يا رحيم ، تحنن علي بفضلك ، يا عفو تفضل علي ، يا حنان ، جد علي بسعة عافيتك ، يا منان ، أمنن علي بالعتق من النار ، يا ذا الجلال والاكرام ، أوجب لي الجنة ، التي حشوها رحمتك ، وسكانها ملائكتك ، يا ذا الجلال ، والاكرام ، أكرمني ، ولا تجعل لاحد من خلقك ، علي سبيلا أبدا ، ما أبقيتني ، فإنه لا حول ولا قوة إلا بك ، وأنت على كل شئ قدير ، سبحانك ، لا إله إلا أنت ، رب العرش العظيم ، لك الأسماء الحسنى ، وأنت عليم بذات الصدور .

أرأيتم ، تضرع الإمام ، وتذلله أمام الخالق العظيم ؟ ! أرأيتم ، كيف يذوب الإمام عليه السلام خوفا ورهبة من الله ؟ ! أرأيتم ، كيف اعتصم الامام بالله ، فقد تمسك به ، وألجأ جميع شؤونه وأموره إليه ؟ حقا ، هذا هو جوهر الايمان ، الذي انطبع في قلوب أئمة أهل البيت ، فكانوا معدنه وحقيقته .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>