من أدعيته في رمضان

- دعاؤه في أول ليلة من رمضان كان الإمام الصادق ، يستقبل شهر رمضان المبارك بسرور بالغ ، ويدعو في أول ليلة منه بهذا الدعاء المبارك : " اللهم إن هذا الشهر المبارك ، الذي أنزلت فيه القرآن ، وجعلته هدى للناس ، وبينات من الهدى والفرقان ، قد حضر فسلمنا فيه ، وسلمنا منه ، وسلمه لنا ، وتسلمه منا في يسر منك وعافية ، يا من أخذ القليل وشكره ، وستر الكثير وغفره ، إغفر لي الكثير من معصيتك ، وأقبل مني اليسير من طاعتك ، اللهم إني أسألك ، أن تجعل لي إلى كل خير سبيلا ، ومن كل ما لا تحب مانعا ، يا أرحم الراحمين ، يا من عفا عني ، وعما خلوت به من السيئات ، يا من لا يؤاخذني بارتكاب المعاصي ، عفوك ، عفوك ، يا كريم ، إلهي وعظتني فلم أتعظ ، وزجرتني عن المعاصي فلم أنزجر ، فما عذري ؟ فاعف عني يا كريم ، عفوك ، عفوك .

اللهم إني أسألك الراحة عند الموت ، والعفو عند الحساب ، عظم الذنب من عبدك ، فليحسن العفو من عندك ، يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة ، عفوك ، عفوك .

اللهم إني عبدك ، وابن عبدك ، وابن أمتك ، ضعيف فقير إلى رحمتك ، وأنت منزل الغنى والبركة على العباد ، قاهر ، قادر ، مقتدر ، أحصيت أعمالهم ، وقسمت أرزاقهم ، وجعلتهم مختلفة ألسنتهم ، وألوانهم خلقا بعد خلق .

اللهم لا يعلم العباد علمك ، ولا يقدر العباد قدرك ، وكلنا فقير إلى رحمتك فلا تصرف وجهك عني ، اجعلني من صالح خلقك ، في العمل والأمل ، والقضاء والقدر . اللهم أبقني خير البقاء ، وأفنني خير الفناء على موالاة أوليائك ، ومعاداة أعدائك ، والرغبة إليك ، والرهبة منك ، والخشوع ، والوقار والتسليم لك ، والتصديق بكتابك ، واتباع سنة رسولك صلواتك عليه وآله .

اللهم ما كان في قلبي من شك ، أو ريبة أو جحود ، أو قنوط أو فرح أو مرح ، أو بذخ ، أو بطر ، أو فخر ، أو خيلاء ، أو رياء ، أو سمعة ، أو شقاق ، أو نفاق ، أو كبر ، أو فسوق ، أو عصيان أو عظمة ، أو شئ لا تحب ، فأسألك يا رب أن تبدلني مكانه إيمانا بوعدك ، ووفاء بعهدك ، ورضا بقضائك ، وزهدا في الدنيا ورغبة فيما عندك ، وأثرة ، وطمأنينة ، وتوبة نصوحا ، أسألك ذلك ، يا رب بمنك ورحمتك يا أرحم الراحمين ، ويا رب العالمين . إلهي : أنت من حلمك تعصى ، فكأنك لم تر ، ومن كرمك وجودك تطاع فكأنك لم تعص ، وأنا ومن لم يعصك من سكان أرضك ، فكن علينا بالفضل جوادا ، وبالخير عوادا ، يا أرحم الراحمين ، وصلى الله على محمد وآله صلاة دائمة لا تحصى ، ولا تعد ، ولا يقدر قدرها غيرك ، يا أرحم الراحمين . . "

وهذا الدعاء الجليل ، من ذخائر أدعية الإمام ، فقد حكى ألطاف الله تعالى الدائمة وفيوضاته المتصلة على عباده ، وعفوه عنهم ، كما حكى ظاهرة من قدرة الله وبدائع صنعه ، وهي اختلاف السنة الناس ، واختلاف ألوانهم فان المليارات منهم لا يشبه بعضهم بعضا ، في الشكل والصورة ، منذ بدء الخليقة حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، وتلك آية من آيات الله ، ومثل من أمثلة توحيده فتبارك الله أحسن الخالقين .

وطلب الإمام ، من الله تعالى ، في هذا الدعاء أن ينزهه من جميع النزعات والصفات الشريرة ، التي خلقت مع الانسان ، وتكونت في دخائل النفوس ، وأعماق القلوب ، من الشك ، والريبة ، والجحود ، والبذخ ، وغير ذلك من الصفات التي تبعد الانسان عن ربه ، طالبا منه تعالى أن تحل مكانها الصفات الخيرة من الايمان والوفاء ، والرضا بقضاء الله ، والزهد في الدنيا ، وغير ذلك من الصفات التي ترفع مستوى الانسان .

- دعاء آخر في الليلة الأولى ومن الأدعية الجليلة ، التي كان يدعو بها الإمام الصادق ، في أول ليلة من شهر رمضان المبارك ، هذا الدعاء العظيم : " اللهم ، رب شهر رمضان منزل القرآن . . هذا شهر رمضان الذي أنزلت فيه القرآن ، وجعلت فيه بينات من الهدى والفرقان ، اللهم ، ارزقنا صيامه ، وأعنا على قيامه ، اللهم سلمه لنا ، وسلمنا فيه وتسلمه منا في يسر منك وعافية ، واجعل فيما تقضي ، وتقدر من الامر الحكيم ، في ليلة القدر من القضاء المبرم ، الذي لا يرد ، ولا يبدل ، أن تكتبني من حجاج بيتك الحرام ، المبرور حجهم ، المشكور سعيهم ، المغفورة ذنوبهم ، المكفر عنهم سيئاتهم ، واجعل فيما تقضي ، وتقدر أن تطيل عمري ، وتوسع علي من الرزق الحلال . " .

طلب الإمام ، في هذا الدعاء من الله تعالى أن يعينه في هذا الشهر المبارك ، على ما يقربه إليه زلفى ، من التمكن من صيامه ، والقدرة على القيام بطاعته ، وأن يكتبه من حجاج بيته الحرام ، المبرور حجهم ، المشكور سعيهم ، المغفورة ذنوبهم ، وهذه الأمور من أهم متطلبات العارفين والمتقين .

- دعاؤه عند الافطار كان الإمام الصادق ، يدعو الله تعالى عند إفطاره ، بهذا الدعاء وقد علمه إلى تلميذه الفقيه العالم أبي بصير ، وهذا نصه : " الحمد لله الذي أعاننا فصمنا ، ورزقنا فأفطرنا ، اللهم تقبله منا ، وأعنا عليه ، وسلمنا فيه ، وتسلمه منا في يسر منك وعافية ، الحمد لله الذي قضى عني يوما من شهر رمضان . . " .

- دعاؤه عند حضور رمضان كان الإمام الصادق ، يدعو في أوائل رمضان ، بهذا الدعاء الجليل ، وهذا نصه : " اللهم ، هذا شهر رمضان المبارك ، الذي أنزلت فيه القرآن ، وجعلته هدى للناس ، وبينات من الهدى والفرقان ، قد حضر فسلمنا فيه ، وسلمه لنا ، وتسلمه منا في يسر منك وعافية ، وأسألك اللهم أن تغفر لي في شهري هذا ، وترحمني فيه ، وتعتق رقبتي من النار ، وتعطيني فيه خير ما أعطيت أحدا من خلقك ، وخير ما أنت معطيه ، ولا تجعله آخر شهر رمضان صمته لك ، منذ أن أسكنتني أرضك إلى يومي هذا ، واجعله على أتمه نعمة ، وأعمه عافية ، وأوسعه رزقا وأجزله وأهنأه .

اللهم ، إني أعوذ بك ، وبوجهك الكريم ، وملكك العظيم ، أن تغرب الشمس من يومي هذا ، أو ينقضي بقية هذا اليوم ، أو يطلع الفجر من ليلتي هذه ، أو يخرج هذا الشهر ولك قبلي معه تبعة ، أو ذنب ، أو خطيئة ، تريد أن تقابلني بها ، أو تؤاخذني ، أو توقفني موقف خزي ، في الدنيا والآخرة ، أو تعذبني بها يوم ألقاك يا أرحم الراحمين .

اللهم ، فكما كان من شأنك ، ما أردتني به من مسألتك ، ورحمتني به من ذكرك ، فليكن من شأنك سيدي الإجابة فيما دعوتك ، والنجاة فيما قد فزعت إليك منه ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وافتح لي من خزائن رحمتك ، رحمة لا تعذبني بعدها أبدا ، في الدنيا والآخرة ، وارزقني من فضلك الواسع ، رزقا حلالا طيبا ، لا تفقرني بعده إلى أحد سواك أبدا ، تزيدني بذلك لك شكرا ، وإليك فاقة وبك عمن سواك غني ، وتعففا .

اللهم ، إني أعوذ بك أن يكون جزاء إحسانك ، الإساءة مني ، اللهم ، إني أعوذ بك أن أصلح عملي فيما بيني وبين الناس ، وأفسده فيما بيني وبينك ، اللهم ، إني أعوذ بك أن تحول سريرتي بيني وبينك أو تكون مخالفة لطاعتك .

اللهم ، إني أعوذ بك أن تكون شئ من الأشياء ، أثر عندي من طاعتك ، اللهم ، إني أعوذ بك أن أعمل عملا من طاعتك قليلا أو كثيرا أريد به أحدا غيرك ، أو أعمل عملا يخالطه رياء ، اللهم ، إني أعوذ بك من هوى يردي من ركبه ، اللهم ، إني أعوذ بك أن أجعل شيئا من شكري في ما أنعمت به علي لغيرك ، أطلب به رضا خلقك ، اللهم ، إني أعوذ بك أن أتعدى حدا من حدودك ، أتزين بذلك للناس وأركن به للدنيا .

اللهم ، إني أعوذ بعفوك ، وأعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ بطاعتك من معصيتك وأعوذ بك منك جل ثناؤك ووجهك ، لا أحصي الثناء عليك ولو حرصت ، وأنت كما أثنيت على نفسك سبحانك وبحمدك . اللهم ، إني أستغفرك ، وأتوب إليك ، من مظالم كثيرة لعبادك عندي ، فأي عبد من عبادك ، أو أمة من إمائك ، كانت له قبلي مظلمة ظلمته إياها في ماله ، أو بدنه ، أو عرضه ، لا أستطيع أداء ذلك إليه ، ولا أتحللها منه ، فصل على محمد وآل محمد ، وأرضه أنت عني بما شئت ، وكيف شئت ، وهبها لي ، وما تصنع يا سيدي بعذابي ، وقد وسعت رحمتك كل شئ ، وما عليك يا رب أن تكرمني برحمتك ، ولا تهينني بعذابك ، ولا ينقصك يا رب أن تفعل بي ما سألتك ، وأنت واجد لكل شئ .

اللهم إني أستغفرك ، وأتوب إليك من كل ذنب تبت إليك منه ، ثم عدت فيه ، ومما ضيعت من فرائضك وأداء حقك من الصلاة ، والزكاة ، والصيام والجهاد ، والحج والعمرة ، وإسباغ الوضوء ، والغسل من الجنابة ، وقيام الليل ، وكثرة الذكر ، وكفارة اليمين ، والاسترجاع في المعصية ، والصدود ، ومن كل شئ قصرت فيه ، من فريضة ، أو سنة فإني أستغفرك ، وأتوب إليك منه ، ومما ركبت من الكبائر ، وأتيت من المعاصي ، وعملت من الذنوب ، واجترحت من السيئات ، وأصبت من الشهوات ، وباشرت من الخطايا مما عملته من ذلك عمدا أو خطأ ، سرا أو علانية ، فإني أتوب إليك منه ، ومن سفك الدم ، وعقوق الوالدين وقطيعة الرحم ، والفرار من الزحف ، وقذف المحصنات ، وأكل أموال اليتامى ، وشهادة الزور ، وكتمان الشهادة ، وأن أشتري بعهدك في نفسي ثمنا قليلا ، وأكل الربا ، والغلول ، والسحت والسحر ، والاكتهان ، والطيرة ، والشرك ، والرياء ، والسرقة وشرب الخمر ، ونقص المكيال ، وبخس الميزان ، والشقاق ، والنفاق ، ونقض العهد ، والفرية والخيانة ، والغدر ، وإخفار الذمة ، والحلف ، والغيبة والنميمة ، والبهتان ، والهمز واللمز ، والتنابز بالألقاب ، وأذى الجار ، ودخول بيت بغير إذن ، والفخر ، والكبر ، والاشراك ، والاصرار ، والاستكبار ، والمشي في الأرض مرحا ، والجور في الحكم ، والاعتداء في الغضب ، وركوب الحمية ، وعضد الظالم ، والعود على الاثم والعدوان ، وقلة العدد في الأهل والولد ، وركوب الظن ، واتباع الهوى ، والعمل بالشهوة ، وعدم الامر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والفساد في الأرض ، وجحود الحق ، والأدلاء إلى الحكام بغير حق ، والمكر والخديعة ، والقول فيما لا أعلم ، وأكل الميتة والدم ، ولحم الخنزير ، وما أهل به لغير الله ، والحسد ، والبغي والدعاء إلى الفاحشة ، والتمني بما فضل الله ، والاعجاب بالنفس ، والمن بالعطية ، وارتكاب الظلم ، وجحود القرآن ، وقهر اليتيم ، وانتهار السائل ، والحنث في الايمان ، وكل يمين كاذبة فاجرة ، وظلم أحد من خلقك في أموالهم ، وأشعارهم ، وأعراضهم وأبشارهم ، وما رآه بصري ، وسمعه سمعي ، ونطق به لساني ، وبسطت إليه يدي ، ونقلت إليه قدمي ، وباشره جلدي وحدثت به نفسي ، مما هو لك معصية ، وكل يمين زور ، ومن كل فاحشة وذنب وخطيئة ، عملتها في سواد الليل وبياض النهار في ملاء أو خلاء ، مما علمته أو لم أعلمه ، ذكرته أم لم أذكره ، سمعته أم لم أسمعه ، عصيتك فيه ربي طرفة عين ، وما سواها ، من حل أو حرام ، تعديت فيه أو قصرت عنه ، منذ يوم خلقتني إلى أن جلست مجلسي هذا ، فإني أتوب إليك منه ، وأنت يا كريم تواب رحيم . اللهم ، يا ذا المن والفضل ، والمحامد التي لا تحصى ، صل على محمد وآل محمد ، واقبل توبتي ، ولا تردها لكثرة ذنوبي ، وما أسرفت على نفسي حتى لا أرجع في ذنب تبت إليك منه ، فاجعلها يا عزيز توبة نصوحا صادقة مبرورة لديك مقبولة ، مرفوعة عندك ، في خزائنك التي ذخرتها لأوليائك حين قبلتها منهم ، ورضيت بها عنهم ، اللهم ، إن هذه النفس نفس عبدك ، وأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تجعلها في حصن حصين منيع لا يصل إليها ذنب ، ولا خطيئة ، ولا يفسدها عيب ولا معصية حتى ألقاك يوم القيامة ، وأنت عني راض ، وأنا مسرور تغبطني ملائكتك ، وأنبياؤك وجميع خلقك ، وقد قبلتني وجعلتني تائبا طاهرا زاكيا عندك من الصادقين . اللهم ، إني أعترف لك بذنوبي ، فصل على محمد وآل محمد ، واجعلها ذنوبا لا تظهرها لاحد من خلقك ، يا غفار الذنوب ، يا أرحم الراحمين ، سبحانك اللهم وبحمدك ، عملت سوءا وظلمت نفسي ، فصل على محمد وآل محمد ، واغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم .

اللهم ، إن كان من عطائك ، وفضلك ، وفي علمك وقضائك ، أن ترزقني التوبة ، فصل على محمد وآله ، واعصمني بقية عمري ، وأحسن معونتي في الجد ، والاجتهاد ، والمسارعة إلى ما تحب وترضى ، والنشاط والفرح والصحة حتى أبلغ في عبادتك ، وطاعتك التي يحق لك علي رضاك ، وأن ترزقني برحمتك ، ما أقيم به حدود دينك ، وحتى أعمل في ذلك بسنن نبيك ، صلواتك عليه وآله ، وافعل ذلك بجميع المؤمنين والمؤمنات في مشارق الأرض ومغاربها . . اللهم إنك تشكر اليسير ، وتغفر الكثير وأنت الغفور الرحيم . . وكان يكرر ذلك ثلاث مرات . اللهم أقسم لي كل ما تطفئ به عني ، نائرة كل جاهل ، وتخمد عني شعلة كل قائل ، وأعطني هدى عن كل ضلالة ، وغنى من كل فقر ، وقوة من كل ضعف ، وعزا من كل ذل ، ورفعة من كل ضعة ، وأمنا من كل خوف ، وعافية من كل بلاء ، اللهم ، ارزقني عملا يفتح لي باب كل يقين ، ويقينا يسد عني باب كل شبهة ، ودعاء تبسط لي فيه الإجابة ، وخوفا يتيسر لي به كل رحمة ، وعصمة تحول بيني وبين الذنوب ، برحمتك يا أرحم الراحمين . " .

ويعتبر هذا الدعاء من أمهات أدعية الإمام الصادق ، وذلك لما حواه من المضامين العظيمة ، والمطالب الجليلة ، التي كان منها عظيم إخلاصه في طاعة الله تعالى ، إخلاصا لا حدود له ، كما حفل هذا الدعاء بالتحذير من اقتراف الجرائم والذنوب ، التي تمسخ الانسان ، وتهبط به إلى مستوى سحيق ما له من قرار ، وقد ذكر سجلا منها ، وحذر كأشد ما يكون التحذير منها ، وبذلك فقد اعطى منهجا متكاملا للحياة الاسلامية المتطورة ، التي تسود بمناهجها الرائعة ، جميع مجتمعات العالم ، حقا لقد كان هذا الدعاء من ذخائر أدعية أئمة أهل البيت عليهم السلام ومن مناجم ثرواتهم الفكرية .

- دعاؤه في ليالي رمضان كان الإمام الصادق ، يدعو في ليالي رمضان بعد صلاة المغرب بهذا الدعاء : " اللهم ، من طلب حاجته إلى أحد من المخلوقين ، فإني لا أطلب حاجتي إلا منك ، أسألك بفضلك ، ورضوانك ، أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تجعل لي من عامي هذا ، إلى بيتك الحرام سبيلا ، حجة مبرورة ، مقبولة زاكية ، خالصة لك تقر بها عيني ، وترفع بها درجتي ، وترزقني أن أغض بصري ، وأن أحفظ فرجي ، وأن أكف عن جميع محارمك ، حتى لا يكون شئ آثر عندي من طاعتك وخشيتك ، والعمل بما أحببت ، والترك لما كرهت ، ونهيت عنه واجعل ذلك في يسر ويسار منك ، وعافية ، وأوزعني شكر ما أنعمت به علي . . اللهم اجعل لي مع الرسول سبيلا . . " .

وكان حقا هذا هو التبتل والاعتصام بالله ، فهو لا يرجو قضاء أي حاجة من حوائجه إلا من الله ، ولا يرجو أي أحد من المخلوقين الذين هم فقراء إلى الله ، وقد كان أعز طلباته منه تعالى هو أن يرزقه حج بيته الحرام ، فإنه من أغلى أمانيه ، كما سأل منه تعالى الكف عن جميع ما لا يرضيه والتوفيق لطاعته وعبادته .

- دعاؤه في أيام رمضان كان الإمام الصادق عليه السلام ، يدعو بهذا الدعاء الجليل ، في أيام شهر رمضان المبارك ، وهذا نصه : " اللهم ، إني أسألك ببهائك ، وجلالك ، وجمالك ، وعظمتك ونورك ، وسعة رحمتك ، وبأسمائك ، وعزتك ، وقدرتك ، ومشيئتك ، ونفاذ أمرك ، ومنتهى رضاك ، وشرفك ، ودوام عزك ، وسلطانك وفخرك ، وعلو شأنك ، وقديم منك ، وعجيب آياتك ، وفضلك وجودك ، وعموم رزقك ، وعطائك وخيرك وإحسانك ، وتفضلك وامتنانك ، وشأنك ، وجبروتك ، وأسألك بجميع مسائلك أن تصلي على محمد وآل محمد ، وتنجيني من النار ، وتمن علي بالجنة ، وتوسع علي من الرزق الحلال الطيب ، وتدرأ عني شر فسقة العرب والعجم ، وتمنع لساني من الكذب ، وقلبي من الحسد ، وعيني من الخيانة ، فأنك تعلم خائنة الأعين ، وما تخفي الصدور ، وترزقني في عامي هذا ، وفي كل عام ، الحج والعمرة ، وتغض بصري وتحصن فرجي ، وتوسع رزقي ، وتعصمني من كل سوء يا أرحم الراحمين . . " .

لقد سأل الإمام الصادق في هذا الدعاء الليل جميع ألوان الخير ، وجميع ما يقربه إلى الله تعالى زلفى .

- دعاؤه في رمضان من أدعية الإمام الصادق ، في شهر رمضان هذا الدعاء ، وكان يدعو به ، بعد أن يصلي ركعتين نافلة : " الحمد لله الذي علا فقهر ، والحمد لله الذي ملك فقدر ، والحمد لله الذي بطن فخبر ، والحمد لله الذي يحيي الموتى ، ويميت الاحياء وهو على كل شئ قدير ، والحمد لله الذي تواضع كل شئ لعظمته ، والحمد لله الذي ذل كل شئ لعزته ، والحمد لله الذي استسلم كل شئ لقدرته ، والحمد لله الذي خضع كل شئ لمملكته ، والحمد لله الذي يفعل ما يشاء ، ولا يفعل ما يشاء غيره ، اللهم ، صل على محمد وآل محمد وأدخلني في كل خير ، أدخلت فيه محمدا وآل محمد وأخرجني من كل سوء ، أخرجت منه محمدا وآل محمد صلى الله عليه وعليهم ، والسلام عليه وعليهم ، ورحمة الله وبركاته ، وسلم تسليما كثيرا . . " .

وأنت ترى في هذا الدعاء مدى تذلل الإمام للخالق العظيم ، وتضرعه إليه وخشيته منه ورجائه له .

- من ادعيته في رمضان ومن أدعية الإمام الصادق ، في شهر رمضان المعظم ، هذا الدعاء وكان يدعو به ، عقب ركعتين من الصلاة ، وهذا نصه : " اللهم إني أسألك بمعاني جميع ما دعاك به عبادك الذين اصطفيتهم لنفسك ، المأمونون على سرك ، المحتجبون بغيبك ، المستترون بدينك المعلنون به ، الواصفون لعظمتك ، المنزهون عن معاصيك ، الداعون إلى سبيلك ، السابقون في علمك ، الفائزون بكرامتك ، أدعوك على مواضع حدودك ، وكمال طاعتك ، وما يدعوك به ولاة أمرك ، أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفعل بي ما أنت أهله ، ولا تفعل بي ما أنا أهله . " .

وتوسل الإمام إلى الله تعالى بعباده الصالحين المتحرجين في دينهم أن يقضي مهامه وحوائجه .

- من أدعيته في رمضان كان الإمام الصادق ، في شهر رمضان المبارك ، يدعو بهذا الدعاء بعد صلاة ركعتين : " يا ذا المن لا يمن عليك ، يا ذا الطول لا إله إلا أنت ، أنت ظهر اللاجئين ، ومأمن الخائفين ، وجار المستجيرين ، إن كان عندك في أم الكتاب ، إني شقي أو محروم ، أو مقتر علي رزقي ، فامح من أم الكتاب شقائي وحرماني ، وإقتار رزقي ، واكتبني عندك سعيدا موفقا للخير ، موسعا علي في رزقك ، فإنك قلت في كتابك المنزل ، على لسان نبيك المرسل صلواتك عليه : " يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " وقلت : " رحمتي وسعت كل شئ " فلتسعني رحمتك يا أرحم الراحمين ، وصل على سيدنا محمد وآل محمد . . "

وكان يدعو بعد هذا الدعاء لنجاح ما أهمه .

- من أدعيته في رمضان من الأدعية الجليلة ، التي كان يدعو بها الإمام الصادق ، في شهر رمضان المبارك ، هذا الدعاء ، وكان يدعو به عقيب صلاة ركعتين : " اللهم إني أسألك بعزائم مغفرتك ، وبواجب رحمتك السلامة من كل إثم ، والغنيمة من كل بر ، والفوز بالجنة ، والنجاة من النار ، اللهم دعاك الداعون ودعوتك وسألك السائلون ، وسألتك ، وطلبك الطالبون ، وطلبتك ، اللهم ، أنت الثقة والرجاء ، وإليك منتهى الرغبة والدعاء ، في الشدة والرخاء ، اللهم فصل على محمد وآل محمد ، واجعل اليقين في قلبي ، والنور في بصري ، والنصيحة في صدري ، وذكرك بالليل والنهار على لساني ، ورزقا واسعا غير ممنوع ولا ممنون ، ولا محظور ، فارزقني ، وبارك لي في ما رزقتني ، واجعل غناي في نفسي ، ورغبتي في ما عندك ، برحمتك يا أرحم الرحمين . " .

لقد علمنا سليل النبوة كيف نسأل الله تعالى نتضرع إليه في قضاء حوائجنا وأعطانا بهذا الدعاء منهجا مشرقا لذلك .

- من ادعيته في رمضان ومن أدعية الإمام الصادق عليه السلام ، هذا الدعاء وقد وجده العلامة ابن طاووس ، بخط شيخ الطائفة ، وزعيمها العظيم الشيخ الطوسي رحمه الله وهذا نصه : " اللهم ، صل على محمد وآل محمد وفرغني لما خلقتني له ، ولا تشغلني بما قد تكفلت لي به ، اللهم إني أسألك إيمانا لا يرتد ، ونعيما لا ينفذ ، ومرافقة نبيك محمد صلواتك عليه وآله في أعلى جنة الخلد . اللهم إني أسألك رزق يوم بيوم ، لا قليلا فأشقى ، ولا كثيرا فأطغى ، اللهم ، صلى على محمد وآل محمد وارزقني من فضلك ، ما ترزقني به الحج والعمرة في عامي هذا ، وتقويني على الصوم ، والصلاة ، فأنت ربي ورجائي ، وعصمتي ليس لي معتصم إلا أنت ، ولا رجاء غيرك ، ولا ملجأ لي ، ولا منجى منك إلا إليك ، فصل على محمد ، وآل محمد وآتني في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقني عذاب النار . . " .

- من أدعيته في رمضان من أدعية الإمام الصادق ، في شهر رمضان المبارك ، هذا الدعاء : " اللهم إني أسألك العافية من جهد البلاء ، وشماتة الأعداء ، وسوء القضاء ، ودرك الشقاء ، ومن الضرر في المعيشة ، وأن لا تبتليني بما لا طاقة لي به ، أو تسلط علي طاغيا ، أو تهتك لي سترا ، أو تبدي لي عورة ، أو تحاسبني يوم القيامة مناقشا ، أحوج ما أكون إلى عفوك ، وتجاوزك عني فيما سلف .

اللهم إني أسألك باسمك الكريم ، وكلماتك التامة أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تجعلني من عتقائك وطلقائك من النار . . " .

لقد طلب الإمام عليه السلام ، في هذا الدعاء من الله تعالى أمورا ، هي أسمى وأجل ما في هذه الحياة ، فقد طلب خير الدنيا وخير الآخرة ، وبذلك فقد علمنا كيف نسأل ونطلب من الخالق العظيم .

- من ادعيته في رمضان كان الإمام الصادق ، يدعو بهذا الدعاء ، في أيام رمضان وهذا نصه : " يا أجود من أعطى ، ويا خير من سئل ، ويا أرحم من استرحم ، يا واحد يا أحد ، يا صمد ، يا من لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، يا من لم يتخذ صاحبة ، ولا ولدا ، يا من يفعل ما يشاء ، ويحكم بما يريد ، ويقضي بما أحب ، يا من يحول بين المرء وقلبه ، يا من هو بالمنظر الاعلى ، يا من ليس كمثله شئ ، يا حكيم ، يا سميع ، يا بصير ، صل على محمد وآله ، وأوسع علي من رزقك الحلال ، ما أكفي به وجهي ، وأؤدي به عني أمانتي ، وأصل به رحمي ، ويكون عونا لي على الحج والعمرة . " .

لقد سأل الإمام ، من الله تعالى في هذا الدعاء ، السعة في حياته الاقتصادية ، ليستعين بها على فعل الخير ، من صلة الرحم ، وحج بيت الله الحرام .

- من أدعيته في رمضان من الأدعية الجليلة ، التي كان يدعو بها سليل النبوة ، ومعدن العلم والحكمة ، في أيام شهر رمضان المبارك ، هذا الدعاء : " يا من أظهر الجميل ، وستر القبيح ، يا من لم يهتك الستر ، ولم يأخذ بالجريرة ، يا عظيم العفو ، يا حسن التجاوز ، يا واسع المغفرة ، يا باسط اليدين بالرحمة ، يا صاحب كل نجوى ، ومنتهى كل شكوى ، يا مقيل العثرات ، يا كريم الصفح ، يا عظيم المن ، يا مبتدئا بالنعم ، قبل استحقاقها ، يا رباه يا سيداه ، يا أملاه ، يا غاية رغبتاه ، أسألك بك يا الله ، لا تشوه خلقي بالنار ، وأن تقضي حوائج آخرتي ، ودنياي ، صل على محمد وآل محمد .

وكان ، بعد هذا الدعاء ، يصلي ركعتين ، ثم يستمر في دعائه قائلا : اللهم ، خلقتني فأمرتني ، ونهيتني ، ورغبتني في ثواب ما به أمرتني ، ورهبتني عقاب ما عنه نهيتني ، وجعلت لي عدوا يكيدني ، وسلطته علي ، على ما لم تسلطني عليه منه ، فأسكنته صدري ، وأجريته مجرى الدم مني ، لا يغفل إن غفلت ، ولا ينسى إن نسيت ، يؤمنني عذابك ، ويخوفني بغيرك ، إن هممت بفاحشة شجعني ، وإن هممت بصالح ثبطني ، ينصب لي بالشهوات ، ويعرض لي بها ، أن وعدني كذبني ، وإن مناني أقنطني ، وإن اتبعت هواه أضلني ، والا تصرف عني كيده يستزلني ، وإلا تفلتني من حبائله يصدني ، وإلا تعصمني منه يفتني ، اللهم ، فصل على محمد وآله ، واقهر سلطانه علي ، بسلطانك عليه ، حتى تحبسه عني بكثرة الدعاء لك مني ، فأفوز في المعصومين منه بك ، ولا حول ولا قوة إلا بك . . " .

حكى المقطع الأول ، من هذا الدعاء ، ألطاف الله التي لا تحصى على عباده ، والتي كان من إظهاره ، وإشاعته لجميل ما يصدر عنهم ، وستره لقبيح أعمالهم ، التي لو شاعت عنهم لسقطوا من أعين الناس ، إلى غير ذلك ، من فيوضاته تعالى عليهم . .

وحكى المقطع الثاني ، من هذا الدعاء الالتجاء إلى الله تعالى ، في الاستعاذة من الشيطان الرجيم ، الذي ينفذ إلى أعماق النفس ، والذي يحبب لها كل معصية وموبقة ، ويبغض لها كل طاعة لله ، فقد استعان به تعالى للوقاية ، من غروره وشروره .

- من أدعيته في رمضان كان الإمام الصادق ، يدعو بهذا الدعاء الجليل ، في شهر رمضان وقد نقله السيد ابن طاووس عن جده لامه شيخ الطائفة ، وزعيمها الاعلى الشيخ الطوسي رحمه الله ، وهذا نصه : اللهم ، بك الحمد كله ، ولك الملك كله ، وبيدك الخير كله ، وإليك يرجع الامر كله ، علانيته وسره ، وأنت منتهى الشأن كله .

اللهم ، إني أسألك من الخير كله ، وأعوذ بك من الشر كله ، اللهم ، صل على محمد وآل محمد وأرضني بقضائك ، وبارك لي في قدرك ، حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت .

اللهم ، وأوسع علي من فضلك ، وارزقني بركتك ، واستعملني في طاعتك ، وتوفني عند انقضاء أجلي على سبيلك ، ولا تول أمري غيرك ، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني ، وهب لي من لدنك رحمة ، إنك أنت الوهاب . . " .

- دعاؤه في كل ليلة من رمضان وأثر عن الإمام الصادق ، هذا الدعاء ، وكان يدعو به في كل ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك : " اللهم ، إني أسألك أن تجعل فيما تقضي ، وتقدر ، من الامر المحتوم ، في الامر الحكيم ، في القضاء الذي لا يرد ، ولا يبدل ، أن تكتبني من حجاج بيتك الحرام المبرور حجهم ، المشكور سعيهم ، المغفورة ذنوبهم ، المكفر عنهم سيئاتهم ، وأن تجعل فيما تقضي ، وتقدر ، أن تطيل عمري ، في خير وعافية ، وتوسع في رزقي ، وتجعلني ممن تنتصر به لدينك ، ولا تستبدل بي غيري . . " .

وحكى هذا الدعاء ، مدى تعلق الإمام عليه السلام بالحج ، ورغبته الملحة في أداء مناسك الحج ، والوقوف بتلك المشاهد الكريمة التي يحبها الله .

- دعاؤه في وداع رمضان كان الإمام الصادق يودع شهر رمضان المبارك ، بالتضرع إلى الله تعالى ، والابتهال إليه ، وكان يدعو أن يجزل الله له المزيد من الاجر ، ويضاعف حسناته ، ويتقبل مبراته ، وإحسانه ، إلى الفقراء ، وكان مما يدعو به هذا الدعاء : " اللهم ، إنك قلت : في كتابك المنزل ، على لسان نبيك المرسل ، صلواتك عليه وآله وقولك حق : " شهر رمضان ، الذي أنزل فيه القرآن ، هدى للناس ، وبينات من الهدى والفرقان " ، وهذا شهر رمضان قد تصرم ، فأسألك بوجهك الكريم ، وكلماتك التامة ، وجمالك وبهائك ، وعلوك وارتفاعك ، فوق عرشك ، أن تصلي على محمد وآل محمد ، وإن كان قد بقي علي ذنب لم تغفره لي ، أو تريد أن تعذبني عليه ، أو تحاسبني عليه ، أو يطلع فجر هذه الليلة ، أو ينصرم هذا الشهر ، إلا وقد غفرته لي يا أرحم الراحمين .

اللهم ، لك الحمد ، بمحامدك كلها ، أولها وآخرها ، ما قلته لنفسك منها ، وما قال لك الخلائق : الحامدون ، المتهجدون ، المعددون ، المؤثرون في ذكرك والشكر لك ، أعنتهم على أداء حقك من أصناف خلقك ، من الملائكة المقربين ، والنبيين ، والمرسلين ، وأصناف الناطقين ، المسبحين لك من جميع العالمين ، على أنك قد بلغتنا شهر رمضان ، وعلينا من نعمك ، وعندنا من قسمك ، وإحسانك ، وتظاهر امتنانك ، فبذلك لك الحمد الخالد ، الدائم ، المخلد ، السرمد ، الذي لا ينفذ طول الأبد ، جل ثناؤك ، وأعنتنا عليه ، حتى قضيت عنا صيامه ، وقيامه ، من صلاة ، وما كان فيه من بر أو شكر ، أو ذكر .

اللهم ، فتقبله منا بأحسن قبولك ، وتجاوزك ، وعفوك ، وصفحك وغفرانك ، وحقيقة رضوانك ، حتى تظفرنا فيه ، بكل خير مطلوب وجزيل عطاء موهوب ، وتؤمننا فيه من كل أمر مرهوب ، وذنب مكسوب .

اللهم ، إني أسألك بعظيم ما سألك أحد ، من خلقك ، من كريم أسمائك ، وجزيل ثنائك ، وخاصة دعائك أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تجعل شهرنا هذا ، أعظم شهر رمضان مر علينا ، منذ أنزلتنا إلى الدنيا ، في عصمة ديني ، وخلاص نفسي ، وقضاء حاجتي ، وتشفعني في مسائلي ، وتمام النعمة علي ، وصرف السوء عني ، ولباس العافية لي ، وأن تجعلني برحمتك ، ممن حزت له ليلة القدر ، وجعلتها له خيرا من ألف شهر ، في أعظم الاجر ، وكرائم الذخر ، وطول العمر ، وحسن الشكر ، ودوام اليسر .

اللهم ، وأسألك برحمتك ، وطولك ، وعفوك ، ونعمائك ، وجلالك وقديم إحسانك ، وامتنانك ، أن لا تجعله آخر العهد منا ، لشهر رمضان ، حتى تبلغنا من قابل على أحسن حال ، وتعرفني هلاله ، مع الناظرين إليه ، والمتعرفين له ، في أعفى عافيتك ، وأتم نعمتك ، وأوسع رحمتك ، وأجزل قسمك ، اللهم ، يا رب الذي ليس لي غيره ، أسألك أن لا يكون هذا الوداع مني ، وداع فناء ، ولا آخر العهد من اللقاء ، حتى ترينيه من قابل في أسبغ النعم ، وأفضل الرخاء ، وأنا لك على أحسن الوفاء ، إنك سميع الدعاء . اللهم اسمع دعائي ، وارحم تضرعي ، وتذللي لك ، واستكانتي لك ، وتوكلي عليك ، وأنا لك سلم لا أرجو نجاحا ، ولا معافاة ، ولا تشريفا ، ولا تبليغا إلا بك وفيك ، فامنن علي جل ثناؤك ، وتقدست أسماؤك ، بتبليغي شهر رمضان ، وأنا معافى من كل مكروه ، ومحذور ومن جميع البوائق . الحمد لله ، الذي أعاننا ، على صيام هذا الشهر وقيامه ، حتى بلغنا آخر ليلة منه ، اللهم ، إني أسألك بأحب ما دعيت به ، وأرضى ما رضيت به عن محمد ، أن تصلي على محمد وآل محمد ، ولا تجعل وداعي شهر رمضان ، وداع خروجي من الدنيا ، ولا وداع آخر عبادتك فيه ، ولا آخر صومي لك ، وأرزقني العود فيه ، ثم العود فيه ، برحمتك يا ولي المؤمنين ، ووفقني فيه لليلة القدر ، واجعلها لي خيرا من ألف شهر ، رب الليل والنهار ، والجبال والبحار ، والظلم والأنوار ، والأرض والسماء ، يا بارئ ، يا مصور ، يا حنان ، يا منان ، يا الله ، يا رحمن يا قيوم ، يا بديع ، لك الأسماء الحسنى ، والكبرياء والآلاء ، أسألك باسمك : بسم الله الرحمن الرحيم ، أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تجعل اسمي ، في هذه الليلة ، في السعداء وروحي مع الشهداء ، وإحساني في عليين ، وإساءتي مغفورة ، وأن تهب لي يقينا تباشر به قلبي ، وإيمانا لا يشوبه شك ، ورضى بما قسمت لي ، وأن تؤتيني ، في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وأن تقيني عذاب النار ، اللهم ، أجعل فيما تقضي وتقدر ، من الامر المحتوم ، وفيما تفرق من الامر الحكيم ، في ليلة القدر ، من القضاء الذي لا يرد ، ولا يبدل ، ولا يغير أن تكتبني من حجاج بيتك الحرام ، المبرور حجهم ، المشكور سعيهم ، المغفورة ذنوبهم ، المكفر عنهم سيئاتهم ، واجعل فيما تقضي وتقدر ، أن تعتق رقبتي من النار يا أرحم الراحمين . اللهم ، إني أسألك ولم يسأل العباد مثلك جودا وكرما ، وأرغب إليك ، ولم يرغب إلى مثلك ، أنت موضع مسألة السائلين ، ومنتهى رغبة الراغبين ، أسألك يا عظيم المسائل كلها ، وأنجحها ، التي ينبغي للعباد أن يسألوك بها ، يا الله ، يا رحمن ، وبأسمائك ما علمت منه ، وما لم أعلم ، وبأسمائك الحسنى ، وأمثالك العليا ، ونعمك التي لا تحصى ، وبأكرم أسمائك عليك ، وأحبها وأشرفها عندك منزلة ، وأقربها منك وسيلة ، وأجز لها منك ثوابا ، وأسرعها لديك إجابة ، وباسمك المكنون المخزون ، الحي ، القيوم ، الأكبر ، الاجل ، الذي تحبه وتهواه ، وترضى عمن دعاك به ، وتستجيب له دعاءه ، وحق عليك يا رب ، أن لا تخيب سائلك ، وأسألك بكل اسم ، هو لك في التوراة ، والإنجيل ، والزبور ، والقرآن ، وبكل اسم دعاك به حملة عرشك ، وملائكة سماواتك ، وجميع الأصناف من خلقك ، من نبي ، أو صديق أو شهيد ، وبحق الراغبين إليك ، القريبين منك ، المتعوذين بك وبحق مجاوري بيتك الحرام ، حجاجا ومعتمرين ، ومقدسين ، والمجاهدين في سبيلك ، وبحق كل عبد متعبد لك في بر أو بحر ، أو سهل أو جبل ، أدعوك دعاء من قد اشتدت فاقته ، وكثرت ذنوبه ، وعظم جرمه ، وضعف كدحه ، دعاء من لا يجد لنفسه سادا ، ولا لضعفه مقويا ، ولا لذنبه غافرا غيرك ، هاربا إليك ، متعوذا بك ، غير مستكبر ولا مستنكف ، خائفا ، بائسا ، فقيرا ، مستجيرا بك ، أسألك بعزتك وعظمتك ، وجبروتك ، وسلطانك ، وبملكك ، وبهائك وجودك ، وكرمك ، وبالآئك وحسنك ، وجمالك ، وبقوتك على ما أردت من خلقك ، أدعوك يا رب خوفا ، وطمعا ، ورهبة ، ورغبة ، وتخشعا ، وتملقا ، وتضرعا ، وإلحاحا ، خاضعا لك لا إله إلا أنت ، وحدك ، لا شريك لك . يا قدوس ، يا قدوس ، يا قدوس . يا الله ، يا الله ، يا الله . يا رحمن ، يا رحمن ، يا رحمن . يا رحيم ، يا رحيم ، يا رحيم .

يا رب ، يا رب ، يا رب . أعوذ بك ، يا الله ، الواحد ، الأحد ، الصمد ، الوتر ، المتكبر ، المتعال .

وأسألك بجميع ما دعوتك به ، وبأسمائك التي تملأ أركانك كلها ، أن تصلي على محمد وآل محمد واغفر لي ذنبي ، وارحمني ، ووسع علي من فضلك العظيم ، وتقبل مني شهر رمضان ، وصيامه ، وقيامه ، وفرضه ، ونوافله ، واغفر لي ، وارحمني ، واعف عني ، ولا تجعله آخر شهر رمضان صمته لك ، وعبدتك فيه ، ولا تجعل وداعي إياه وداع خروجي من الدنيا .

اللهم ، أوجب لي من رحمتك ، ومغفرتك ، ورضوانك ، وخشيتك ، أفضل ما أعطيت أحدا ممن عبدك فيه ، اللهم لا تجعلني آخر من سألك فيه ، واجعلني ممن أعتقته ، في هذا الشهر من النار ، وغفرت له ذنبه ، ما تقدم وما تأخر ، وأوجبت له أفضل ما رجاك وأمله منك يا أرحم الراحمين . اللهم ، ارزقني العود في صيامه لك ، وعبادتك فيه ، واجعلني ممن كتبته ، في هذا الشهر ، من حجاج بيتك الحرام ، المبرور حجهم ، المغفور لهم ذنبهم المتقبل عملهم آمين ، آمين ، آمين ، يا رب العالمين .

اللهم ، لا تدع لي فيه ذنبا إلا غفرته ، ولا خطيئة إلا محوتها ، ولا عثرة إلا أقلتها ، ولا دينا إلا قضيته ، ولا عيلة إلا أغنيتها ، ولا هما إلا فرجته ، ولا فاقة إلا سددتها ، ولا عريانا إلا كسوته ، ولا مريضا إلا شفيته ، ولا داءا إلا أذهبته ، ولا حاجة من حوائج الدنيا ، والآخرة ، إلا قضيتها ، على أفضل أملي ورجائي فيك يا أرحم الراحمين . اللهم ، لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ، ولا تذلنا بعد إذ عززتنا ، ولا تضعنا بعد إذ رفعتنا ، ولا تهنا بعد إذ أكرمتنا ، ولا تفقرنا بعد إذ أغنيتنا ولا تمنعنا بعد إذ أعطيتنا ، ولا تحرمنا بعد إذ رزقتنا ، ولا تغير شيئا من نعمتك علينا ، وإحسانك إلينا ، لشئ كان من ذنوبنا ، ولا لما هو كائن منا ، فإن في كرمك ، وعفوك ، وفضلك ، ومغفرتك ، سعة لمغفرة ذنوبنا ، فاغفر لنا وتجاوز عنا ، ولا تعاقبنا يا أرحم الراحمين . اللهم ، أكرمني في مجلسي هذا ، كرامة لا تهني بعدها أبدا ، وأعزني عزا لا تذلني بعده أبدا ، وعافني عافية لا تبتليني بعدها أبدا ، وارفعني رفعة لا تضعني بعدها أبدا ، واصرف عني شر كل شيطان مريد ، وشر كل جبار عنيد ، وشر كل قريب أو بعيد ، وشر كل صغير أو كبير ، وشر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم . اللهم ، ما كان في قلبي من شك أو ريبة ، أو جحود ، أو قنوط ، أو فرح ، أو مرح ، أو بطر ، أو بذخ ، أو خيلاء ، أو رياء ، أو سعة ، أو شقاق ، أو نفاق أو كفر ، أو فسوق ، أو معصية ، أو شئ لا تحب عليه وليا لك ، فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تمحوه من قلبي ، وتبدلني مكانه إيمانا بوعدك ، ورضا بقضائك ، ووفاء بعهدك ، ووجلا منك ، وزهدا في الدنيا ، ورغبة فيما عندك ، وثقة بك ، وطمأنينة إليك ، وتوبة نصوحا إليك .

اللهم ، إن كنت بلغتناه ، وإلا فأخر آجالنا إلى قابل حتى تبلغناه في يسر منك وعافية ، يا أرحم الراحمين ، وصلى الله على محمد وآله كثيرا ورحمة الله وبركاته ، الحمد لله الذي بلغنا شهر رمضان ، وأعاننا على صيامه وقيامه حتى انقضت آخر ليلة منه ، ولم يبتلنا فيه بارتكاب حرام ، ولا انتهاك حرمة ، ولا بأكل ربا ، ولا بعقوق الوالدين ، ولا قطع رحم ، ولا بشئ من البوائق ، والكبائر ، وأنواع البلايا التي قد بلي بها من هو خير مني .

اللهم ، فلك الحمد شكرا ، على ما عافيتني ، وحسن ما ابتليتني ، إلهي أثني عليك ، أحسن الثناء ، لان بلاءك عندي أحسن البلاء أوقرتني نعما ، وأوقرت نفسي ذنوبا ، كم من نعمة لك يا سيدي ، أسبغتها علي لم أؤد شكرها ، وكم من خطيئة ، أحصيتها علي أستحيي من ذكرها ، وأخاف خزيها ، وأحذر معرتها ، إن لم تعف عني أكن من الخاسرين . إلهي : فإني أعترف لك بذنوبي ، وأذكر لك حاجتي ، وأشكو إليك مسكنتي ، وفاقتي ، وقسوة قلبي ، وميل نفسي ، فإنك قلت : " فما استكانوا لربهم وما يتضرعون " وها أنا : قد استجرت بك ، وقعدت بين يديك مسكينا متضرعا ، راجيا ، لما أريد من الثواب ، بصيامي وصلاتي ، وقد عرفت حاجتي ومسكنتي ، إلى رحمتك والثبات على هداك ، وقد هربت إليك هرب العبد السوء إلى المولى الكريم . يا مولاي ، وتقربت إليك ، فأسألك بوحدانيتك لما صليت على محمد وآل محمد صلاة كثرة ، كريمة ، شريفة ، توجب لي بهذا شفاعتهم ، والقيامة عندك ، وصليت على ملائكتك المقربين ، وأنبيائك المرسلين ، وأسألك بحقك عليهم أجمعين ، لما غفرت لي في هذا اليوم ، مغفرة لا أشقى بعدها أبدا ، إنك على كل شئ قدير ، وصلى الله على محمد وآله كثيرا ، ورحمة الله وبركاته . . " .

وحكى هذا الدعاء ، الشريف عن إنابة الإمام عليه السلام ، لله تعالى ، واعتصامه به ، وقد تجاوز بذلك حدود الزمان والمكان .

لقد ودع الإمام ، بهذا الدعاء ، شهر رمضان المبارك ، وقد ألم بمدى تعظيمه ، وتقديسه ، لهذا الشهر ، الذي هو شهر الطاعة ، وشهر التقوى وشهر الإنابة إلى الله تعالى .

- دعاء أخر في وداع رمضان كان الإمام الصادق عليه السلام ، يودع شهر رمضان ، بهذا الدعاء ، وكان يقرأه في العشر الأواخر منه : " أعوذ بجلال وجهك الكريم ، أن ينقضي عني شهر رمضان ، أو يطلع الفجر من ليلتي هذه ، ولك عندي تبعة ، أو ذنب ، تعذبني عليه يوم ألقاك . . " .

حقا هذا هو التبتل الحقيقي ، إلى الله تعالى الذي هو معقل الرجاء والأمل للعارفين والمتقين . هذه بعض الأدعية ، التي أثرت عن عملاق الفكر الاسلامي ، الإمام الصادق عليه السلام ، في شهر رمضان المبارك ، وبهذا ينتهي بنا الحديث عن أدعية رمضان .

القسم الخامس في أدعية الحج كان الإمام الصادق ، يستقبل السفر إلى حج بيت الله الحرام ، بشوق بالغ ، ورغبة ملحة ، وذلك لما يترتب على هذه العبادة من الثمرات والفوائد ، البالغة الأهمية ، فإن الحج ، أهم مؤتمر إسلامي ، يلتقي فيه المسلمون ، من شتى أقطار الأرض لأداء فريضة الحج ، وعرض قضاياهم المصيرية ، وما ألم بهم من أحداث وشؤون . وكان الإمام الصادق ، بحسب مركزه الروحي ، الزعيم الاعلى للعالم الاسلامي فكانت وفود بيت الله الحرام ، تتشرف بلقياه ، لأنه بقية النبوة والإمامة فتأخذ منه معالم دينها ، ومناسك حجها ، وقد قام عليه السلام بدور إيجابي ، في بيان أكثر مسائل الحج وفروعه ، ويقول الرواة : أنه لولاه ولولا أبو الإمام الباقر من قبل لما عرف المسلمون مناسك حجهم ، وقد دونت تلك المسائل ، في كتب الحديث ، وموسوعات الفقه الاستدلالي ، وبالإضافة لذلك ، فقد قام الإمام بدور مهم في تفسيد وإبطال ، أوهام الملحدين ، الذين كانوا يفدون إلى بيت الله الحرام ، في موسم الحج ، لافساد عقائد المسلمين ، أمثال عبد الكريم بن أبي العوجاء ، وجماعته ، فقد تصدى لهم الامام وأبطل جميع شبههم ، وأوهامهم ، وقد عرضنا إلى تفصيل ذلك كل في بحوث هذا الكتاب .

وعلى أي حال ، فقد أثرت عن الإمام الصادق ، كوكبة مشرقة من الأدعية الجليلة ، في حال سفره من بيته إلى حال فراغه من مناسك الحج ، وفي ما يلي تلك الأدعية .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>