أدعيته الجامعة

وأثرت عن الإمام الصادق ، كوكبة من الأدعية الجامعة ، وقد حفلت بكل ما يسعد به الانسان المسلم في أمر آخرته ، ودنياه ، وفي ما يلي ذلك :

- الدعاء الجامع من أدعية الإمام الصادق ، هذا الدعاء الجليل ، وقد سماه بالدعاء الجامع وذلك ، لما يحتويه من المضامين ، وجاء فيه بعد البسملة :

" أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، آمنت بالله ، وبجميع رسل الله ، وبجميع ما أتى به جميع رسل الله ، وأن وعد الله حق ، ولقاءه حق ، وصدق الله ، وبلغ المرسلون ، والحمد لله رب العالمين ، وسبحان الله ، كلما سبح الله شئ ، وكما يحب الله أن يسبح ، والحمد لله كلما حمد الله شئ ، وكما يحب الله أن يحمد ، ولا إله إلا الله كلما هلل الله شئ ، وكما يحب الله أن يهلل ، والله أكبر كلما كبر الله شئ ، وكما يحب الله أن يكبر .

اللهم ، إني أسألك مفاتيح الخير وخواتيمه ، سوابغه وفوايده ، وبركاته ، مما بلغ علمه علمي ، وما قصر عن إحصائه حفظي ، اللهم ، صل على محمد وآل محمد ، وانهج لي أسباب معرفته ، وافتح لي أبوابه ، وغشني ببركات رحمتك ، ومن علي بعصمة عن الإزالة عن دينك ، وطهر قلبي من الشك ، ولا تشغل قلبي بدنياي ، وعاجل معاشي عن آجل ثواب آخرتي ، واشغل قلبي ، بحفظ ما لا تقبل مني جهله ، وذلل لكل خير لساني ، وطهر قلبي من الرياء والسمعة ، ولا تجرهما في مفاصلي ، واجعل عملي خالصا لك .

اللهم ، إني أعوذ بك من الشر ، وأنواع الفواحش كلها ظاهرها وباطنها ، وغفلاتها ، وجميع ما يريدني به الشيطان الرجيم ، وما يريدني به السلطان العنيد ، مما أحطت بعلمه ، وأنت القادر على صرفه عني ، اللهم ، إني أعوذ بك من طوارق الجن والإنس ، وزوابعهم ، وبوائقهم ، ومكائدهم ، ومشاهد الفسقة من الجن والإنس ، وأن استزل عن ديني ، فتفسد علي آخرتي ، وأن يكون ذلك ضررا علي في معاشي ، أو تعرض بلاء يصيبني ، ولا صبر لي على إحتماله ، فلا تبتلني يا إلهي ، بمقاساته ، فيمنعني ذلك عن ذكرك ، ويشغلني عن عبادتك ، أنت العاصم ، المانع ، والدافع الواقي من ذلك كله .

أسألك اللهم ، الرفاهية في معيشتي ما أبقيتني ، معيشة أقوى بها على طاعتك ، وأبلغ بها رضوانك ، وأصير بها بمنك إلى دار الحيوان غدا ، ولا ترزقني رزقا يطغيني ، ولا تبتلني بفقر أشقى به ، مضيقا علي ، إعطني حظا وافرا في آخرتي ، ومعاشا واسعا هنيئا مريئا في دنياي ، ولا تجعل الدنيا علي سجنا ، ولا تجعل فراقها علي حزنا ، أجرني من فتنتها سليما ، وأجعل عملي فيها مقبولا ، وسعيي فيها مشكورا . اللهم ، من أرادني بسوء فأرده ، ومن كادني فكده ، واصرف عني هم من أدخل علي همه ، وامكر بمن مكر بي ، فإنك خير الماكرين ، وافقأ عني عيون الكفرة الظلمة ، الطغاة ، الحسدة . اللهم ، صل على محمد وآل محمد ، وانزل علي منك سكينة ، وألبسني درعك الحصينة ، واحفظني بسترك الواقي ، وجللني عافيتك النافعة ، وصدق قولي ، وفعالي ، وبارك لي في أهلي ، ومالي ، وولدي ، وما قدمت ، وما أخرت وما أغفلت ، وما تعمدت ، وما توانيت ، وما أعلنت ، وما أسررت ، فاغفر لي ، يا أرحم الراحمين ، وصل على محمد وآله الطاهرين ، الطيبين ، كما أنت أهله يا ولي المؤمنين . . "

حقا ، لقد كان هذا الدعاء الجليل ، جامعا لما يسمو به الانسان من مكارم الأخلاق ، ومحاسن الصفات ، وملما بما يقرب الانسان من ربه ، وبما يبعده عن نزعات الهوى والغرور .

- دعاؤه الجامع لألطاف الله على أنبيائه من أدعية الإمام الصادق ، هذا الدعاء الجامع ، وقد ذكر فيه ألطاف الله ، على أنبيائه ، ورسله ، كما ذكر فيه النقم التي أنزلها ، على أعداء الحق ، وخصوم الأنبياء ، كما احتوى على الثناء والتعظيم لخالق الكون ، وبيان بعض قدراته اللامتناهية ، وهذا نصه :

" اللهم ، يا رب السماوات السبع ومن فيهن ، ومجري البحار السبع ، ورازق من فيهن ، ومسخر السحاب ، ومجري الفلك ، وجاعل الشمس ضياء ، والقمر نورا ، وخالق آدم ، ومنشئ الأنبياء من ذريته ، وحامل نوح من الغرق ، ومعلم إدريس النجوم ، ورافعه إلى الملكوت ، ومنجي إبراهيم ، وجاعل النار عليه بردا وسلاما ، ومكلم موسى ، وجاعل عصاه ثعبانا ، ومنزل التوراة في الألواح ، وفادي إسماعيل من الذبح ، ومبتلي يعقوب بفقد ابنه ، وراد يوسف عليه بعد ابيضاض عينيه ، ورازق زكريا يحيى بعد اليأس والكبر ، ومخرج الناقة لصالح من صخرة ، ومرسل الريح على قوم هود ، وكاشف البلاء عن أيوب ، ومنزل العذاب على قوم شعيب ، ومنجي لوطا من القوم الفاسقين ، وواهب الحكمة للقمان ، وملين الحديد لداوود ، ومسخر الجن لسليمان ، ومخرج يونس من بطن الحوت ، وملقي روح القدس إلى مريم ، ومخرج عيسى من العذراء البتول ، ومحيي الموتى ، ومرسل محمد صلى الله عليه وآله رحمة للعالمين ، وخاتما للنبيين بدينك القديم ، وملة خليلك إبراهيم ، وإظهار دينه ، وإعلاء كلمته ، وبوصيه ومؤيده ، وسبطيه ، وولديه ، والسجاد والباقر والصادق والكاظم ، والرضا ، والتقي والنقي ، والزكي والمهدي يا ذا الجلال ، والاكرام ، والعزة ، والسلطان ، يا من لا تأخذه سنة ولا نوم ، يا أحد ، يا صمد ، يا من لم يلد ولم يولد ، يا قادر يا ظاهر ، يا ذا الجبروت والكبرياء ، والملكوت ، يا حي لا يموت ، يا علي ، يا وفي يا قريب ، يا مجيب ، يا مبدئ ، يا معيد ، يا فعالا لما يريد ، يا دائم ، يا كريم ، يا رحيم ، يا عظيم ، يا غفور يا شكور ، يا رحمن ، يا حنان ، يا منان ، يا رؤوف ، يا عطوف ، يا منعم ، يا مطعم ، يا شافي ، يا كافي ، يا معافي ، يا عليم ، يا حليم ، يا سميع ، يا بصير ، يا محيي ، يا سلام ، يا مؤمن ، يا مهيمن ، يا عزيز ، يا جبار ، يا متكبر ، يا خالق ، يا باري ، يا مصور ، يا مقتدر ، يا قاهر ، يا أواب ، يا وهاب ، يا خبير يا كبير ، يا ذا الطول ، يا ذا المعارج ، يا من بان من الأشياء ، وبانت الأشياء منه ، بقهره لها ، وخضوعها له ، يا من خلق البحار ، وأجرى الأنهار ، وأنبت الأشجار ، وأخرج منها الثمار ، من البارد والحار ، يا فالق البحار بإذنه ومغرق فرعون عدوه ، ومهلك ثمود ، ومدمر الظالمين ، أسألك باسمك الذي إذا دعيت به ، اهتز له عرشك ، وسرت به ملائكتك ، يا الله ، لا إله إلا أنت ، الواحد القديم ، الفرد ، خالق النسمة ، وبارئ النوى والحبة ، وأسألك باسمك العزيز ، الكبير ، الجليل ، الرفيع ، العظيم ، القوي ، الشديد ، وبالاسم الذي ينفخ به عبدك إسرافيل ، في الصور ، فيقوم به أهل القبور ، للبعث والنشور سراعا ، إلى أمرك ينسلون ، وباسمك الذي رفعت به السماوات بغير عمد ، ودحوت به الأرضين على الماء ، وجعلت الجبال فيها أوتادا ، وبالاسم الذي حبست به الماء ، وأرسلت به الريح ، وباسمك الذي جعلت به الأرضين على الحوت ، وأجريت به الشمس ، والقمر ، كلا في فلك يسبحون ، وبالاسم الذي إذا دعيت به ، أنزلت أرزاق خلقك ، من سكان سماواتك وأراضيك ، والهوام والحيتان ، والطير والدواب ، والجن والانس ، والشياطين ، وكل دابة أنت آخذ بناصيتها ، إنك على كل شئ قدير ، وباسمك الذي جعلت به ، لجعفر جناحين يطير بهما ، مع ملائكتك ، وجعلت الملائكة رسلا ، أولي أجنحة ، مثنى وثلاث ورباع ، يزيد في الخلق ما يشاء ، وبالاسم الذي دعاك به ، عبدك يونس ، فأخرجته من اليم ، وأنبت عليه شجرة من يقطين ، واستجبت له ، وكشفت عنه البلاء . وأنا يا رب عبدك ، وابن عبديك ، ومن عترة نبيك ، وصفيك ونجيك ، الذي باركت عليهم ، ورحمتهم ، وصليت عليهم ، وزكيتهم ، كما صليت ، وباركت ، ورحمت ، وزكيت ، إبراهيم ، وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، أسألك بمجدك ، وجودك ، وسؤددك ، وسخائك ، وبهائك ، وعزك ، وثنائك ، وكرمك ، ووفائك ، وطولك ، وحولك ، وعظمتك ، وقدرتك يا رباه ، يا سيداه ، وبحق محمد ، عبدك ، ورسولك ، وصفيك ، ونجيك ، وخيرتك من خلقك ، وبحقك على نفسك .

وبكلماتك التامات ، وآياتك المرسلات ، وكتبك الطاهرة ، وبحق ملائكتك المقربين ، وأنبيائك المرسلين ، وحملة عرشك المقدسين ، وأوليائك المؤمنين ، إلا صليت على محمد وآله ، وانتقمت لنفسك من عدوك ، وغضبت لنبيك ، ووليك ، الذي افترضت طاعته على عبادك الموحدين . وطهرت أرضك ، من العتاة الظالمين ، الجبابرة المعتدين ، ووليت أرضك ، أفضل عبادك عندك منزلة ، وأشرفهم لديك مزية ، وأعظمهم عندك قدرا ، وأطوعهم لك أمرا ، وأكثرهم لك ذكرا ، وأعملهم في عبادك ، وبلادك بطاعتك ، وطاعة رسولك ، وأقومهم بشرائع دينك ، وآيات كتابك ، يا رب السماوات والأرضين ، ومن فيهما ، يا مدبر الأولين ، والآخرين ، أدعوك دعاء موقن بالإجابة ، مقر بالرحمة ، متوقع للفرج ، راج للفضل ، خائف من العقاب ، وجل من العذاب ، راكن إلى عفوك ، مسلم لقضائك ، راض بحكمك ، مفوض ( أمره ) إليك ، فأجب دعائي ، وحقق أملي ، يا عدتي عند شدتي ، ويا غياثي في كربتي ، ويا ولي نعمتي ، ويا غافر خطيئتي ، ويا كاشف محنتي ، بعزتك وجلالك ، وقدرتك ، وكمالك وعظمتك ، وبهائك ، ونورك ، وسنائك ، إنك فعال لما تريد . . "

 وبعد ما ذكر الإمام ، في هذا الدعاء الشريف ، نعم الله وألطافه على أنبيائه ورسله ، قدم جميع كلمات الثناء ، والتعظيم ، للخالق الحكيم ، سائلا إياه ، أن يطهر الأرض من الحكام المجرمين ، والعتاة الظالمين الذي صادروا حريات الناس ، ونهبوا ثرواتهم ، واستبدوا في أمورهم ، وطلب من الله تعالى ، ان يمن على الأمة بحكام عادلين ، يضعون المصلحة العامة ، فوق الاعتبارات ، ويعملون بكتاب الله ، وسنة نبيه ، لقد كان المقطع الأخير من هذا الدعاء ، سياسيا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى .

- دعاؤه الجامع لمهام الأمور هذه أدعية الإمام الصادق ، الجامعة لمهام الأمور .

هذا الدعاء الجليل ، وقد علمه تلميذه نوحا أبا اليقظان وهذا نصه : اللهم ، إني أسألك برحمتك التي لا تنال منك إلا برضاك ، الخروج من جميع معاصيك ، والدخول في كل ما يرضيك ، والنجاة من كل ورطة ، والمخرج من كل كبيرة ، أتي بها مني عمدا ، وزل بها مني خطأ ، وخطرت بها على خطرات الشيطان ، أسألك خوفا توقفني به على حدودك ، ورضاك ، واشعب به عني كل شهوة خطر بها هواي ، واستزل بها رأيي ، ليجاوز حدود جلالك ، أسألك اللهم الاخذ بأحسن ما تعلم ، وترك سئ كل ما تعلم ، من خطأي حيث لا أعلم ، أو من حيث أعلم ، أسألك السعة في الرزق ، والزهد في الكفاف ، والمخرج بالبيان من كل شبهة ، والصواب في كل حجة ، والصدق في جميع مواطن السخط والرضا ، وترك قليل البغي ، وكثيره ، في القول مني والفعل ، وتمام نعمتك في جميع الأشياء ، والشكر لك عليها ، لكي ترضيني وبعد الرضا ، وأسألك الخيرة في كل ما يكون فيه الخيرة بميسور الأمور كلها ، لا بمعسورها ، يا كريم ، يا كريم ، يا كريم ، وافتح لي باب الأمر الذي فيه ، العافية والفرج ، وافتح لي بابه ، ويسر لي مخرجه ، ومن قدرت له علي مقدرة من خلقك ، فخذ مني بسمعه وبصره ولسانه ويده ، وخذه عن يمينه ، وعن يساره ، ومن خلفه ، ومن قدامه ، وامنعه أن يصل لي بسوء ، عز جارك ، وجل ثناء وجهك ، ولا إله غيرك ، أنت ربي وأنا عبدك .

اللهم ، أنت رجائي في كل كربة ، وأنت ثقتي في كل شدة ، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة ، كم من كرب يضعف عنه الفؤاد ، وتقل فيه الحيلة ، ويشمت فيه العدو ، وتعييني فيه الأمور ، أنزلته بك ، وشكوته إليك ، راغبا فيه إليك ، عمن سواك ، قد فرجته وكفيته ، فأنت ولي كل نعمة وصاحب كل حاجة ، ومنتهى كل رغبة ، فلك الحمد كثيرا ولك المن فاضلا . . "

سأل الإمام ، من الله تعالى في هذا الدعاء الشريف ، أن يوفقه لكل ما يقربه ، إليه زلفى ، وأن يبعده ، عن كل طريق منحرف ، لا يوصله إلى الحق ، ولا إلى طريق مستقيم .

لقد كان هذا الدعاء ، جامعا لمهام أمور الدين والدنيا ، وملما بجميع وسائل الخير .

 - دعاؤه الجامع لوسائل الخير من أدعية الإمام الصادق ، الجامعة لوسائل الخير هذا الدعاء الجليل :

" اللهم ، املأ قلبي حبا لك ، وخشية منك ، وتصديقا وإيمانا بك ، وفرجا منك وشوقا إليك ، يا ذا الجلال والاكرام ، اللهم ، حبب إلي لقاءك ، واجعل لي في لقائك خير الرحمة والبركة ، وألحقني بالصالحين ، ولا تخزني مع الأشرار ، وألحقني بصالح من مضى ، واجعلني من صالح من بقي ، وخذ بي في سبيل الصالحين ، وأعني على نفسي ، بما تعين به الصالحين على أنفسهم ، ولا تردني في سوء استنقذتني منه يا رب العالمين ، أسألك إيمانا لا أجل له دون لقائك ، تحييني وتميتني عليه ، وتبعثني عليه ، إذا بعثتني ، وأبرئ قلبي من الرياء ، والسمعة ، والشك في دينك .

اللهم ، أعطني نصرا في دينك ، وقوة في عبادتك ، وفهما في خلقك ، واكفلني في رحمتك ، وبيض وجهي بنورك ، واجعل رغبتي فيما عندك ، وتوفني في سبيلك على ملتك وملة رسولك . اللهم ، إني أعوذ بك من الكسل والهم ، والجبن ، والبخل ، والقسوة ، والفترة ، والمسكنة ، أعوذ بك يا رب من نفس لا تشبع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن دعاء لا يسمع ، ومن صلاة لا ترفع ، وأعيذ بك نفسي ، وأهلي ، وذريتي ، من الشيطان الرجيم ، اللهم لا يجيرني منك أحد ، ولا أجد من دونك ملتحدا ، فلا تخذلني ولا تردني في هلكة ، ولا تردني بعذاب ، أسألك الثبات على دينك ، والتصديق بكتابك وتقبل مني ، وزدني من فضلك ، إني إليك راغب ، اللهم ، إجعل ثواب منطقي ، وثواب مجلسي ، رضاك عني ، واجعل عملي ، ودعائي خالصا لك ، واجعل ثوابي الجنة برحمتك ، واجمع لي جميع ما سألتك ، وزدني من فضلك إني إليك راغب . اللهم ، غارت النجوم ، ونامت العيون ، وأنت الحي القيوم ، لا يواري منك ليل ساج ، ولا سماء ذات أبراج ، ولا أرض ذات مهاد ، ولا بحر لجي ولا ظلمات بعضها فوق بعض ، تدلج الرحمة على من تشاء من خلقك ، تعلم خائنة الأعين ، وما تخفي الصدور ، أشهد بما شهدت به على نفسك ، وشهدت ملائكتك ، وأولو العلم ، لا إله إلا أنت العزيز الحكيم ، ومن لم يشهد على ما شهدت به على نفسك ، وشهدت ملائكتك وأولو العلم ، فاكتب شهادتي مكان شهادته ، اللهم ، أنت السلام ، ومنك السلام يا ذا الجلال والاكرام أسألك أن تفك رقبتي من النار . "

وحفل هذا الدعاء الجليل ، بجميع وسائل الخير ، التي يسمو بها الانسان ، وترفع مستواه ، إلى أرقي درجات المنيبين والمتقين ، فما من وسيلة من وسائل الخير إلا سألها الإمام ، من الله تعالى ، أن يمنحه إياها ، ويوفقه إلى العمل بها .

- دعاؤه الجامع للخضوع والخشوع لله من أدعية الإمام الصادق ، الجامعة للخضوع والخشوع ، لله تعالى ، هذا الدعاء الجليل ، وقد أعطاه إلى عبد الرحمن بن سيابة ، وهذا نصه :

" الحمد لله ولي الحمد ، وأهله ومنتهاه ومحله ، أخلص من وحده ، واهتدى من عبده ، وفاز من أطاعه ، وأمن المعتصم به . اللهم ، يا ذا الجود والمجد ، والثناء الجميل والحمد ، أسألك مسألة من خضع لك ، برقبته ، ورغم لك أنفه ، وعفر لك وجهه ، وذلل لك نفسه ، وفاضت من خوفك دموعه ، وترددت عبرته ، واعترف لك بذنوبه ، وفضحته عندك خطيئته ، وشانته عندك جريرته ، وضعفت عند ذلك قوته ، وقلت حيلته ، وانقطعت عنه أسباب خدائعه ، واضمحل عنه كل باطل ، وألجأته ذنوبه إلى ذل مقامه بين يديك ، وخضوعه لديك ، وابتهاله إليك ، أسألك اللهم ، سؤال من هو بمنزلته ، أرغب إليك كرغبته وأتضرع إلى كتضرعه ، وابتهل إليك كأشد ابتهاله . اللهم ، فارحم استكانة منطقي ، وذل مقامي ومجلسي ، وخضوعي إليك برقبتي ، أسألك اللهم الهدى من الضلالة ، والبصيرة من العمى ، والرشد من الغواية ، وأسألك اللهم ، أكثر الحمد عند الرضاء ، وأجمل الصبر عند المصيبة ، وأفضل الشكر عند موضع الشكر ، والتسليم عند الشبهات ، وأسألك القوة في طاعتك ، والضعف عن معصيتك ، والهرب إليك منك ، والتقرب إليك ربي لترضى ، والتحري لكل ما يرضيك عني ، في إسخاط خلقك ، التماسا لرضاك ، رب من أرجوه إن لم ترحمني ، أو من يعود علي إن أقصيتني ، أو من ينفعني عفوه إن عاقبتني ، أو من آمل عطاياه إن حرمتني ، أو من يملك كرامتي إن أهنتني ، أو من يضرني هوانه إن أكرمتني ، رب ما أسوأ فعلي ، وأقبح عملي ، وأقسى قلبي ، وأطول أملي ، وأقصر أجلي ، وأجرأني على عصيان من خلقني ، رب ما أحسن بلاءك عندي ، وأظهر نعماءك علي ، كثرت علي منك النعم فما أحصيها ، وقل مني الشكر فيما أوليتنيه ، فبطرت بالنعم ، وتعرضت للنقم ، وسهوت عن الذكر ، وركبت الجهل بعد العلم ، وجزت من العدل إلى الظلم ، وجاوزت البر إلى الاثم ، وصرت إلى الهرب من الخوف والحزن ، فما أصغر حسناتي ، وأقلها في كثرة ذنوبي ، وأعظمها على قدر صغر خلقي ، وضعف ركني ، رب وما أطول أملي في قصر أجلي في بعد أملي ، وما أقبح سريرتي في علانيتي ، رب لا حجة لي إن احتججت ، ولا عذر لي إن اعتذرت ، ولا شكر عندي إن أبليت وأوليت ، إن لم تعني على شكر ما أوليت ، رب ما أخف ميزاني غدا إن لم ترجحه ، وأزل لساني إن لم تثبته ، وأسود وجهي إن لم تبيضه ، رب كيف لي بذنوبي التي سلفت مني ، قد هدت لها أركاني ، رب كيف أطلب شهوات الدنيا ، وأبكي على خيبتي منها ، ولا أبكي وتشتد حسراتي على عصياني ، وتفريطي ، رب دعتني دواعي الدنيا فأجبتها سريعا ، وركنت إليها طائعا ، ودعتني دواعي الآخرة فثبطت عنها ، وأبطأت في الإجابة والمسارعة إليها ، كما سارعت إلى دواعي الدنيا وحطامها الهامد ، وهشيمها البائد وسرابها الذاهب ، رب خوفتني وشوقتني ، واحتججت علي برقي ، وكفلت لي برزقي ، فأمنت من خوفك ، وتثبطت عن تشويقك ، ولم أتكل على ضمانك ، وتهاونت باحتجاجك ، اللهم ، فاجعل أمني منك في هذه الدنيا خوفا ، وحول تثبيطي شوقا ، وتهاوني بحجتك فرقا منك ، ثم إرضني بما قسمت لي من رزقك يا كريم ، أسألك باسمك العظيم رضاك عند السخطة ، والفرجة عند الكربة ، والنور عند الظلمة ، والبصيرة عند تشبيه الفتنة ، رب اجعل جنتي من خطاياي حصينة ، ودرجاتي في الجنان رفيعة ، وأعمالي كلها متقبلة ، وحسناتي مضاعفة زاكية ، أعوذ بك من الفتن كلها ، ما ظهر منها وما بطن ، ومن رفيع المطعم والمشرب ، ومن شر ما أعلم ، ومن شر ما لا أعلم ، وأعوذ بك من أن أشتري الجهل بالعلم ، والجفاء بالحلم ، والجور بالعدل ، والقطيعة بالبر ، والجزع بالصبر ، والهدى بالضلالة ، والكفر بالايمان . "

لقد احتوى هذا الدعاء الجليل على جميع ألوان الخضوع والخشوع ، لله تعالى ، خالق الكون وواهب الحياة ، الذي آمن له كأعظم ما يكون الايمان ، أئمة أهل البيت ، الذين رفعوا مشعل التوحيد ، ونشروا حقيقة الايمان بسلوكهم وأدعيتهم ، ومناجاتهم مع الله .

- دعاؤه الجامع لتوحيد الله من أدعية الإمام الصادق ، هذا الدعاء الجامع ، لتوحيد الله تعالى ، وقد أملاه ، على عمرو بن أبي المقدام ، وهذا نصه : " اللهم ، أنت الله لا إله إلا أنت ، الحليم الكريم ، وأنت الله لا إله إلا أنت ، العزيز الحكيم ، وأنت الله لا إله إلا أنت الواحد القهار ، وأنت الله لا إله إلا أنت ، الملك الجبار ، وأنت الله لا إله إلا أنت ، الرحيم الغفار ، وأنت الله لا إله إلا أنت ، الشديد المحال ، وأنت الله لا إله إلا أنت ، الكبير المتعال ، وأنت الله لا إله إلا أنت ، السميع البصير ، وأنت الله لا إله إلا أنت ، المنيع القدير ، وأنت الله لا إله إلا أنت ، الغفور الشكور ، وأنت الله لا إله إلا أنت ، الحميد المجيد ، وأنت الله ، لا إله إلا أنت ، الغفور الودود ، وأنت الله لا إله إلا أنت الحنان المنان ، وأنت الله لا إله إلا أنت ، الحليم الديان ، وأنت الله ، لا إله إلا أنت ، الجواد الماجد ، وأنت الله ، لا إله إلا أنت ، الواحد الأحد ، وأنت الله لا إله إلا أنت ، الغائب الشاهد ، وأنت الله لا إله إلا أنت ، الظاهر الباطن ، وأنت الله ، لا إله إلا أنت ، بكل شئ عليم . تم نورك فهديت ، وبسطت يدك فأعطيت ، ربنا وجهك أكرم الوجوه ، وجهتك خير الجهات ، وعطيتك أفضل العطايا ، وأهنأها ، تطاع ربنا فتشكر ، وتعصى ربنا فتغفر لمن شئت ، تجيب المضطرين ، وتكشف السوء ، وتقبل التوبة ، وتعفو عن الذنوب ، لا تجاري أياديك ، ولا تحصى نعمك ، ولا يبلغ مدحتك قول قائل . اللهم ، صل على محمد وآل محمد ، وعجل فرجهم ، وروحهم ، وراحتهم ، وسرورهم ، وأذقني طعم فرجهم ، وأهلك أعداءهم من الجن والإنس ، وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، واجعلنا من الذين لا خوف عليهم ، ولا هم يحزنون ، وعلى ربهم يتوكلون ، وثبتني بالقول الثابت ، في الحياة الدنيا ، وفي الآخرة ، وبارك لي في المحيا ، والممات والموقف والنشور والحساب والميزان ، وأهوال يوم القيامة ، وسلمني على الصراط ، وأجزني عليه ، وارزقني علما نافعا ، ويقينا صادقا وتقى وبرا ، وورعا وخوفا منك ، وفرقا يبلغني منك زلفى ، ولا يباعدني منك ، وأحببني ولا تبغضني ، وتولني ، ولا تخذلني ، وأعطني من جميع خير الدنيا والآخرة ، ما علمت منه ، وما لم أعلم ، وأجرني من السوء كله ، بحذافيره ، ما علمت منه وما لم أعلم . "

قدم الإمام ، أجمل عبارات التوحيد ، وأبدعها ، لله تعالى ، الذي خلق جميع الكائنات ، ومما لا شبهة فيه ، إن الإمام ، هو سيد الموحدين ، وإمام المتقين ، فقد رفع كلمة التوحيد ، بإبطاله لشبه الملحدين ، وأوهامهم ، وبهذه الأدعية العظيمة ، التي هي غذاء للمؤمنين والمتقين .

- دعاؤه الجامع في طلب الامن والسلامة من أدعية الإمام الصادق ، الجامعة ، لطلب الامن والسلامة ، وغيرها ، من معالي الأمور ، هذا الدعاء الجليل :

" اللهم ، إني أسألك أمنا وإيمانا ، وسلامة وإسلاما ، ورزقا وغنى ، ومغفرة لا تغادر ذنبا ، اللهم ، إني أسألك الهدى والتقى ، والعفة والغنى ، يا خير من نودي فأجاب ، ويا خير من دعي فاستجاب ويا خير من عبد فأثاب ، يا جليس كل متوحد معك ، ويا أنيس كل متقرب يخلو بك ، يا من الكرم من صفة أفعاله ، والكريم من أجل أسمائه ، أعذني وأجرني يا كريم . اللهم ، أجرني من النار ، وارزقني صحبة الأخيار ، واجعلني يوم القيامة من الأبرار ، إنك واحد قهار ، ملك جبار ، عزيز غفار . اللهم ، إني مستجيرك فأجرني ، ومستعيذك فأعذني ، ومستغيثك فأغثني ، ومستعينك فأعني ، ومستنقذك فأنقذني ، ومستنصرك فانصرني ، ومسترزقك فارزقني ، ومسترشدك فأرشدني ، ومستعصمك فاعصمني ، ومستهديك فاهدني ، ومستكفيك فاكفني ، ومسترحمك فارحمني ، ومستتيبك فتب علي ، ومستغفرك فاغفر لي ذنوبي ، إنه لا يغفر الذنوب ، إلا أنت ، يا من لا تضرك المعصية ، ولا تنقصك المغفرة ، اغفر لي ما لا يضرك ، وهبني لي ما لا ينقصك . "

أرأيتم ، هذا التذلل والتضرع أمام الله ؟ أرأيتم كيف أناب إلى الله تعالى ؟ وكيف سأله ؟ لقد أناب سليل النبوة إلى الله بقلبه وعواطفه ، وسأله خير ما في الدنيا والآخرة .

- دعاؤه الجامع لتمجيد الله من أدعية الإمام الصادق عليه السلام الجامعة ، لتمجيد الله تعالى ، والثناء عليه ، هذا الدعاء : أنت الله ، لا إله إلا أنت رب العالمين ، أنت الله ، لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم ، أنت الله ، لا إله إلا أنت العزيز الكبير ، أنت الله ، لا إله إلا أنت مالك يوم الدين ، أنت الله ، لا إله إلا أنت الغفور الرحيم ، أنت الله ، لا إله إلا أنت العزيز الحكيم ، أنت الله ، لا إله إلا أنت منك بدأ الخلق ، وإليك يعود ، أنت الله لا إله إلا أنت لم تزل ، ولا تزال ، أنت الله ، لا إله إلا أنت خالق الخير والشر ، أنت الله ، لا إله إلا أنت خالق الجنة والنار ، أنت الله ، لا إله إلا أنت أحد ، صمد ، لم يلد ، ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، أنت الله ، لا إله إلا أنت الملك القدوس ، السلام المؤمن ، المهيمن العزيز الجبار ، المتكبر سبحان الله عما يشركون ، هو الله ، الخالق البارئ ، المصور ، له الأسماء الحسنى ، يسبح له ما في السماوات والأرض ، وهو العزيز الحكيم ، لا إله إلا أنت والكبرياء رداؤك . "

وحكى هذا الدعاء ، مدى انطباع حب الله تعالى ، في قلب الإمام ، فقد أخلص في حبه ، وأخلص في توحيده ، وأناب إليه كأعظم ما تكون الإنابة .

- دعاؤه الجامع لأمور الدنيا والآخرة ومن أدعية الإمام الصادق ، الجامعة ، لأمور الدنيا والآخرة ، هذا الدعاء الجليل ، رواه عنه الفقيه أبو بصير ، وهذا نصه :

اللهم ، إني أسألك ثواب الشاكرين ، ومنزلة المقربين ، ومرافقة النبيين ، اللهم ، إني أسألك خوف العاملين لك ، وعمل الخائفين منك ، وخشوع العابدين لك ، ويقين المتوكلين عليك ، وتوكل المؤمنين بك .

اللهم ، إنك بحاجتي عالم غير معلم ، وأنت لها واسع غير متكلف ، أنت الذي لا يحفيك سائل ، ولا ينقصنك نائل ، ولا يبلغ مدحتك قول قائل ، اللهم إجعل لي فرجا قريبا وأجرا عظيما وسترا جميلا .

اللهم ، إنك تعلم أني على ظلمي لنفسي ، واسرافي عليها ، لم أتخذ لك ضدا ، ولا ندا ولا صاحبة ولا ولدا ، يا من لا تغلطه المسائل ، يا من لا يشغله شئ عن شئ ، ولا سمع عن سمع ، ولا بصر عن بصر ، ولا يبرمه إلحاح الملحين ، أسألك أن تفرج عني ، في ساعتي هذه ، من حيث أحتسب ، ومن حيث لا أحتسب ، إنك تحيي العظام وهي رميم ، وإنك على كل شئ قدير ، يا من قل شكري فلم يمرضني ، وعظمت خطيئتي فلم يفضحني ، ورآني على المعاصي فلم يجبهني ، وخلقني للذي خلقني له ، فصنعت غير الذي صنعت له ، فنعم المولى أنت يا سيدي ، وبئس العبد أنا وجدتني ، ونعم الطالب أنت ربي ، وبئس المطلوب أنا ألفيتني ، عبدك ، وابن عبدك ، وابن أمتك ، بين يديك ، ما شئت صنعت بي . اللهم ، هدأت الأصوات ، وسكنت الحركات ، وخلا كل حبيب بحبيبه ، وخلوت بك ، أنت المحبوب ، إلي ، فاجعل خلوتي منك الليلة ، العتق من النار ، يا من ليست لعالم فوقه صفة ، يا من ليس لمخلوق دونه منعة ، يا أول ، قبل كل شئ ، ويا آخر ، بعد كل شئ ، يا من ليس له عنصر ، ويا من يفقه بكل لغة يدعى بها ، ويا من عفوه قديم ، وبطشه شديد ، وملكه مستقيم ، أسألك ، باسمك الذي شافهك به موسى ، يا الله ، يا رحمن ، يا رحيم ، يا لا إله إلا أنت ، اللهم ، أنت الصمد ، أسألك أن تصلي ، على محمد وعلى آل محمد ، وأن تدخلني الجنة برحمتك .

وهذا الدعاء ، من غرر أدعية الإمام الصادق ، وذلك لما حواه من المطالب الجليلة ، والمضامين العالية ، ولو لم يكن له من أدعية ، إلا هذا الدعاء الشريف ، لكفى في التدليل على سمو تراثه الروحي .

- دعاؤه الفلسفي الذي علمه لجابر من الأدعية الفلسفية الجامعة ، للإمام الصادق ، هذا الدعاء الجليل وقد علمه لتلميذه العظيم ، مفخرة الشرق ، جابر بن حيان ، وهو مما يستعان به على تلقي العلوم ، وحفظها ، والابداع فيها ، ولنترك الحديث لجابر فهو يحدثنا عن كيفية هذا الدعاء قال ما نصه :

" إني كنت ألفت سيدي - يعني الإمام الصادق - صلوات الله عليه كثيرا ، وكنت لهجا بالأدعية ، وبخاصة ما كان يدعو به الفلاسفة ، وكنت أعرضه عليه وكان منها ما استحسنه ، ومنها ما يقول عنه : الناس كلهم يدعون بهذا ، وليس فيه خاصية ، فلما كثرت عليه علمني هذا الدعاء ، وهو من جنس دعاء الفلاسفة بل إنه لا فرق بيه ، وبين ما يدعو به الفلاسفة ، فإنه قد اختار من دعاء الفلاسفة ، أجزاء وأضاف إليها أجزاء ، وقال لي : لا يتم لك الامر إلا به ، وعندي أنه لا يتم لاحد ممن قرأ كتبي خاصة به أن أزال صورة الشيطان عن قلبه ، وترك اللجاج ، واستعمل محض الاسلام ، والدين ، والنية الجميلة ، وأما ما دام الشيطان يلعب به ، وينزله قصدا ، فليس ينفعه شئ ، وذلك أن اللجاج ليس هو من الشيطان وحده ، إنما هو من فساد النية ، فاتق الله يا هذا في نفسك ، واعمد إلى ما أوصيك به ، وهذه هي الوصية : إبدأ بالطهر ، بأن تفيض على بدنك ، ماء نظيفا ، في موضع نظيف ، ثم تلبس ثيابا طاهرة ، لا تمسها امرأة حائض ، ثم تستخير الله ألف مرة وتقول في استخارتك : اللهم ، إني أستخيرك في قصدي ، فوفقني ، وأزغ الشيطان عني ، إنك تقدر عليه ، ولا يقدر عليك .

فإذا قلت ذلك ألف مرة ، عمدت إلى موضع طاهر نظيف ، وابتدأت فكبرت الله ، وقرأت الحمد ، وقل هو الله أحد مائة مرة ، وركعت ، وسجدت ، ثم قمت ، وصليت مثل ذلك ، ثم تشهدت ، وسلمت ، ثم قرأت في الركعتين الثانيتين مائة مرة : إذا جاء نصر الله والفتح ، وإذا سلمت أعدت مثل الركعتين الأوليين ، وقرأت : قل هو الله أحد مائة مرة ، ثم أعدت اثنتين بإذا جاء نصر الله والفتح ، ثم صليت ركعتين أخريين ، وهذا تمام العشر ، وقرأت سورة ، سورة ، ثم أتممت صلاتك ، وإياك أن تكلم أحدا في خلال ذلك ، ويشغلك شاغل ، وأحرى المواضع بك ، الصحاري الخالية ، حتى لا يكلمك أحد البتة ، ثم إجلس ، وقل بعد أن تمد يديك إلى الله تعالى : اللهم ، إني قد مددتها إليك طالبا مرضاتك ، وأسألك أن لا تردهما خائبتين ، وتبدأ وتقول :

" اللهم ، أنت ، أنت ، يا من هو هو ، يا من لا يعلم ما هو إلا هو ، اللهم ، أنت خالق الكل ، اللهم ، أنت خالق العقل ، اللهم ، أنت واهب النفس الانسانية ، اللهم ، أنت خالق العلة ، اللهم ، أنت خالق الروح ، اللهم ، أنت قبل الزمان ، والمكان ، وخالقهما ، اللهم ، أنت فاعل الخلق بالحركة والسكون وخالقهما .

اللهم ، إني قصدتك ، فتفضل علي ، بموهبة العقل الرصين ، وإرشادي في مسلكي إلى الصراط المستقيم . اللهم ، بك ، فلا شئ أعظم منك ، نور قلبي ، وأوضح لي سبيل القصد إلى مرضاتك . اللهم ، إني قصدتك ، ونازعتني نفساي : نفسي النفسانية ، نازعتني إليك ، ونفسي الحيوانية ، نازعتني إلى طلب الدنيا .

اللهم ، فيك ، لا أعظم منك ، يا فاعل الكل ، صل على محمد عبدك ورسولك ، وعلى آله وأصحابه المنتجبين ، واهد نفسي النفسانية ، إلى ما أنت أعلم به ، من مرادها منها ، وبلغ نفسي الحيوانية منك غاية آمالها ، فتكون عندك ، إذا بلغتها ذلك ، فقد بلغتها الدنيا والآخرة ، إنه سهل عليك .

اللهم ، إني أعلم أنك لا تخاف خللا ، ولا نقصانا يوهنك ، برحمتك ، وكرمك ، هب لي ما سألتك من الدنيا والآخرة ، اللهم ، يا واهب الكل ، فاجعل ذلك في مرضاتك ، ولا تجعله فيما يسخطك ، اللهم ، واجعل ما ترزقني ، عونا على أداء حقوقك ، وشاهدا لي عندك ، ولا تجعله شاهدا علي ، ولا عونا على طلب ما يعرضك عني . اللهم ، يا خالق الكل ، أنت خلقت قلبي ، وخلقت الشيطان ولعنته ، بما أستحقه ، وأمرتنا أن نلعنه ، فاصرفه عن قلب وليك ، وأعني على ما أقصد له .

" ثم تذكر حاجتك ، فإذا فرغت عن سائر ما تريد ، فعفر خديك على الأرض ، ثم قل في تعفيرك عشر مرات : " خضع وجهي الذليل الفاني لوجهك العزيز الباقي .

" ثم اجلس مليا ، وقم فتوجه ، وكبر ، واقرأ الحمد ، وسورة ألم نشرح لك صدرك ، واقرأها في الركعة الثانية فإذا سلمت قل : " يا سيدي ، ما اهتديت إلا بك ، ولا علمت إلا بك ، ولا قصدت إلا إليك ، ولا أقصد ولا أرجو غيرك ، اللهم ، لا تضيع زمام قصدي ورجائي ، إنك لا تضيع أجر المحسنين ، وانك تقضي ولا يقضى عليك ، قد وعدت الصابرين خير الجزاء منك ، ولأصبرن فيك كما خففت عني ، وصيرتني على امتحانك . اللهم ، إنك قد وعدت بعد العسر يسرا ، اللهم ، فامح أوقات العسر واجعلها زيادة في أوقات اليسر ، واجعل ذلك حظا من الدنيا ، وحظوظا من الآخرة .

اللهم ، إن وسيلتي إليك محمدا ، وصفوة أهل بيته آمين ، آمين ، آمين " قال لي سيدي في ذلك ، : إن الله عز وجل ، أكرم من أن يتوسل إليه إنسان ، بنبيه فيرده خائبا ، فإذا أتممت ذلك ، فتصدق في أثره درهمين وثلثين ، واجعله أربعة أقسام ، كل قسم أربعة دوانق ، فأول من يلقاك ، ممن يقبل الصدقة ، فاعطه ، وكذلك الثاني والثالث والرابع ، فان الله تعالى يحمدك العاقبة في سائر أمورك ، ويزجر الشيطان عن وجهك ، واقصد لما أنت تشتهيه ، فإنك ترى فيه الرشد ، ويرزقك الله قريبا . . "

وعلق الدكتور زكي نجيب محمود على هذا الدعاء ، بقوله : أتريد أن تكون باحثا عالما ؟ فخذ وصية جابر ، فإنها كبيرة النفع ، للسالكين في سبيل العلم ، علم الموازين ، وتركيب الطبائع ، على الجوهر تركيبا ، من شأنه أن ينتج لنا كل ما أردناه من كائنات .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>