في رجل كان من كتاب بني أمية ، فتاب

علي بن أبي حمزة قال : كان لي صديق من كتاب بني أمية فقال لي : استأذن لي على أبي عبد الله فاستأذنت له ، فلما دخل سلم وجلس ثم قال : جعلت فداك إني كنت في ديوان هؤلاء القوم ، فأصبت من دنياهم مالا كثيرا وأغمضت في مطالبه فقال أبو عبد الله : لولا أن بني أمية وجدوا من يكتب لهم ، ويجبي لهم الفئ ويقاتل عنهم ، ويشهد جماعتهم ، لما سلبونا حقنا ، ولو تركهم الناس وما في أيديهم ، ما وجدوا شيئا إلا ما وقع في أيديهم ، فقال الفتى : جعلت فداك فهل لي من مخرج منه ؟ قال : إن قلت لك تفعل ؟ قال : أفعل قال : اخرج من جميع ما كسبت في دواوينهم ، فمن عرفت منهم رددت عليه ماله ، ومن لم تعرف تصدقت به وأنا أضمن لك على الله الجنة ، قال : فأطرق الفتى طويلا فقال : قد فعلت جعلت فداك قال ابن أبي حمزة : فرجع الفتى معنا إلى الكوفة فما ترك شيئا على وجه الأرض إلا خرج منه ، حتى ثيابه التي كانت على بدنه قال : فقسمنا له قسمة واشترينا له ثيابا وبعثنا له بنفقة قال : فما أتى عليه أشهر قلائل حتى مرض ، فكنا نعوده قال .

فدخلت عليه يوما وهو في السياق ففتح عينيه ثم قال : يا علي وفى لي والله صاحبك قال : ثم مات فولينا أمره ، فخرجت حتى دخلت على أبي عبد الله فلما نظر إلي قال : يا علي وفينا والله لصاحبك قال : فقلت : صدقت جعلت فداك هكذا قال لي والله عند موته .

داود الرقي قال : خرج أخوان لي يريدان المزار فعطش أحدهما عطشا شديدا ، حتى سقط من الحمار ، وسقط الاخر في يده ، فقال فصلى ودعا الله ومحمدا وأمير المؤمنين والأئمة كان يدعو واحدا بعد واحد حتى بلغ إلى آخرهم جعفر بن محمد ، فلم يزل يدعوه ويلوذ به ، فإذا هو برجل قد قام عليه وهو يقول : يا هذا ما قصتك فذكر له حاله ، فناوله قطعة عود وقال : ضع هذا بين شفتيه ففعل ذلك فإذا هو قد فتح عينيه واستوى جالسا ، ولا عطش به ، فمضى حتى زار القبر فلما انصرفا إلى الكوفة أتى صاحب الدعاء المدينة فدخل على الصادق فقال له : اجلس ما حال أخيك ؟ أين العود ؟ فقال : يا سيدي إني لما أصبت بأخي اغتممت غما شديدا فلما رد الله عليه روحه نسيت العود من الفرح ، فقال الصادق : أما إنه ساعة صرت إلى غم أخيك أتاني أخي الخضر ، فبعثت إليك على يديه قطعة عود من شجرة طوبى ، ثم التفت إلى خادم له فقال : علي بالسفط فأتى به ، ففتحه وأخرج منه قطعة العود بعينها ، ثم أراها إياه حتى عرفها ، ثم ردها إلى السفط .

داود النيلي قال : خرجت مع أبي عبد الله عليه السلام إلى الحج ، فلما كان أوان الظهر قال لي : يا داود أعدل عن الطريق ، حتى نأخذ أهبة الصلاة ، فقلت : جعلت فداك أو ليس نحن في أرض قفر لا ماء فيها ؟ فقال لي : ما أنت وذاك ! ؟ قال : فسكت وعدلنا عن الطريق ، فنزلنا في أرض قفر لا ماء فيها ، فركضها برجله فنبع لنا عين ماء يسيب كأنه قطع الثلج ، فتوضأ وتوضيت ثم أدينا ما علينا من الفرض ، فلما هممنا بالمسير التفت فإذا بجذع نخر فقال لي : يا داود أتحب أن أطعمك منه رطبا ؟ فقلت : نعم قال : فضرب بيده إلى الجذع فهزه فاخضر من أسفله إلى أعلاه قال : ثم اجتذبه الثانية ، فأطعمنا اثنين وثلاثين نوعا من أنواع الرطب ، ثم مسح بيده عليه فقال : عد نخرا بإذن الله تعالى قال : فعاد كسيرته الأولى .

أمالي أبي المفضل قال أبو حازم عبد الغفار بن الحسن : قدم إبراهيم بن أدهم الكوفة وأنا معه ، وذلك على عهد المنصور ، وقدمها جعفر بن محمد العلوي فخرج جعفر يريد الرجوع إلى المدينة فشيعه العلماء وأهل الفضل من أهل الكوفة ، وكان فيمن شيعه سفيان الثوري ، وإبراهيم بن أدهم ، فتقدم المشيعون له فإذا هم بأسد على الطريق فقال لهم إبراهيم بن أدهم : قفوا حتى يأتي جعفر فننظر ما يصنع فجاء جعفر فذكروا له الأسد ، فأقبل حتى دنا من الأسد فأخذ باذنه فنحاه عن الطريق ، ثم أقبل عليهم ، فقال : أما إن الناس لو أطاعوا الله حق طاعته لحملوا عليه أثقالهم .

وفي كتاب الدلالات بثلاثة طرق عن الحسين بن أبي العلاء ، وعلي بن أبي حمزة ، وأبي بصير قالوا : دخل رجل من أهل خراسان على أبي عبد الله فقال له : جعلت فداك إن فلان بن فلان بعث معي بجارية وأمرني أن أدفعها إليك قال : لا حاجة لي فيها وإنا أهل بيت لا يدخل الدنس بيوتنا فقال له الرجل : والله جعلت فداك لقد أخبرني أنها مولدة بيته ، وأنا ربيبته في حجره قال : إنها قد فسدت عليه قال : لا علم لي بهذا ، فقال أبو عبد الله : ولكني أعلم أن هذا هكذا .

- إعلام الورى * مناقب ابن شهرآشوب : علي بن إسماعيل ، عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله : إن لنا أموالا ونحن نعامل الناس ، وأخاف إن حدث حدث أن تفرق أموالنا قال : فقال : اجمع أموالك في كل شهر ربيع ، فمات إسحاق في شهر ربيع .

- مناقب ابن شهرآشوب * النجوم : باسنادنا إلى الحميري ، في كتاب الدلائل بإسناده عن ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبد الله يقول لي ذات يوم : بقي من أجلي خمس سنين فحسب ذلك فما زاده ولا نقص .

- الغيبة للنعماني : سلامة بن محمد ، عن علي بن عمر المعروف بالحاجي ، عن ابن القاسم العلوي العباسي ، عن جعفر بن محمد الحسني ، عن محمد بن كثير ، عن أبي أحمد بن موسى عن داود بن كثير قال : دخلت على أبي عبد الله بالمدينة فقال لي : ما الذي أبطأ بك يا داود عنا ؟ فقلت : حاجة عرضت بالكوفة فقال : من خلفت بها ؟ فقلت : جعلت فداك خلفت بها عمك زيدا تركته راكبا على فرس متقلدا سيفا ينادي بأعلى صوته : سلوني سلوني قبل أن تفقدوني في جوانحي علم جم قد عرفت الناسخ من المنسوخ ، والمثاني والقرآن العظيم ، وإني العلم بين الله وبينكم ، فقال لي : يا داود ، لقد ذهب بك المذاهب ، ثم نادي يا سماعة بن مهران ائتني بسلة الرطب ، فتناول منها رطبة ، فأكلها واستخرج النواة من فيه ، فغرسها في أرض ، ففلقت وأنبتت وأطلعت وأعذقت ، فضرب بيده إلى بسرة من عذق فشقها ، واستخرج منها رقا أبيض ، ففضه ودفعه إلي وقال : اقرأه فقرأته وإذا فيه سطران السطر الأول : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله والثاني " إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم " : أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، الحسن بن علي ، الحسين بن علي ، علي بن الحسين ، محمد بن علي جعفر بن محمد ، موسى بن جعفر ، علي بن موسى ، محمد بن علي ، علي بن محمد الحسن بن علي ، الخلف الحجة .

ثم قال : يا داود أتدري متى كتب هذا قلت : الله أعلم ورسوله وأنتم ، قال : قبل أن يخلق الله آدم بألفي عام .

- كشف الغمة : عن محمد بن طلحة قال : قال ليث بن سعد : حججت سنة ثلاث عشرة ومائة فأتيت مكة ، فلما صليت العصر رقيت أبا قبيس ، وإذا أنا برجل جالس وهو يدعو فقال : يا رب يا رب ، حتى انقطع نفسه ، ثم قال : رب رب ، حتى انقطع نفسه ثم قال : يا الله يا الله ، حتى انقطع نفسه ثم قال : يا حي يا حي حتى انقطع نفسه ، ثم قال : يا رحيم يا رحيم حتى انقطع نفسه ، ثم قال : يا أرحم الراحمين حتى انقطع نفسه سبع مرات ثم قال : اللهم إني أشتهي من هذا العنب فأطعمنيه ، اللهم وإن بردي قد أخلقا ، قال الليث : فوالله ما استتم كلامه حتى نظرت إلى سلة مملوة عنبا ، وليس على الأرض يومئذ عنب ، وبردين جديدين موضوعين ، فأراد أن يأكل فقلت له : أنا شريكك فقال لي : ولم ؟ فقلت : لأنك كنت تدعو وأنا أؤمن فقال لي : تقدم فكل ولا تخبأ شيئا فتقدمت فأكلت شيئا لم آكل مثله قط وإذا عنب لا عجم له فأكلت حتى شبعت ، والسلة لن تنقص ثم قال لي : خذ أحد البردين إليك ، فقلت : أما البردان فإني غني عنهما فقال لي : توار عني حتى ألبسهما ، فتواريت عنه فاتزر بالواحد ، وارتدى بالآخر ، ثم أخذ البردين اللذين كانا عليه ، فجعلهما على يده ونزل ، فاتبعته ، حتى إذا كان بالمسعى لقيه رجل فقال : اكسني كساك الله ، فدفعهما إليه ، فلحقت الرجل فقلت : من هذا قال : هذا جعفر بن محمد قال الليث : فطلبته لأسمع منه فلم أجده ، فيا لهذه الكرامة ما أسناها ، ويا لهذه المنقبة ما أعظم صورتها ومعناها .

أقول : ثم قال علي بن عيسى : حديث الليث مشهور ، وقد ذكره جماعة من الرواة ، ونقلة الحديث ، وأول ما رأيته في كتبا المستغيثين تأليف الفقيه العالم أبي القاسم خلف بن عبد الملك بن مسعود بن يشكول رحمه الله ، وهذا الكتاب قرأته على الشيخ العدل رشيد الدين أبي عبد الله محمد بن أبي القاسم بن عمر بن أبي القاسم ، وهو قرأه على الشيخ العالم محيي الدين أستاد دار الخلافة أبي محمد يوسف بن الشيخ أبي الفرج بن الجوزي ، وهو يرويه عن مؤلفه إجازة وكانت قراءتي في شعبان من سنة ست وثمانين وستمائة ، بداري المطلة على دجلة ببغداد عمرها الله تعالى ، وقد أورد هذا الحديث جماعة من الأعيان ، وذكره الشيخ الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله في كتابه صفة الصفوة وكلهم يرويه عن الليث ، وكان ثقة معتبرا .

- كشف الغمة : من كتاب الدلائل للحميري عن أبي بصير قال : كنت عند أبي عبد الله ذات يوم جالسا إذا قال : يا أبا محمد هل تعرف إمامك ؟ قلت : إي والله الذي لا إله إلا هو وأنت هو ، ووضعت يدي على ركبته أو فخذه فقال : صدقت قد عرفت فاستمسك به ، قلت : أريد أن تعطيني علامة الإمام قال : يا أبا محمد ليس بعد المعرفة علامة ، قلت : أزداد إيمانا ويقينا قال : يا أبا محمد ترجع إلى الكوفة ، وقد ولد لك عيسى ، ومن بعد عيسى محمد ، ومن بعدهما ابنتان ، واعلم أن ابنيك مكتوبان عندنا في الصحيفة الجامعة مع أسماء شيعتنا ، وأسماء آباءهم وأمهاتهم ، وأجدادهم وأنسابهم ، وما يلدون إلى يوم القيامة ، وأخرجها فإذا هي صفراء مدرجة .

- كشف الغمة : من كتاب الدلائل عن زيد الشحام قال : قال لي أبو عبد الله يا زيد كم أتى لك سنة ؟ قلت : كذا وكذا قال : يا أبا أسامة أبشر فأنت معنا ، وأنت من شيعتنا ، أما ترضى أن تكون معنا ؟ قلت : بلى يا سيدي ، فكيف لي أن أكون معكم ؟ فقال : يا زيد إن الصراط إلينا وإن الميزان إلينا ، وحساب شيعتنا إلينا والله يا زيد إني أرحم بكم من أنفسكم ، والله لكأني أنظر إليك وإلى الحارث بن المغيرة النضري في الجنة ، في درجة واحدة . وعن عبد الحميد بن أبي العلا وكان صديقا لمحمد بن عبد الله بن الحسين وكان به خاصا فأخذه أبو جعفر فحبسه في المضيق زمانا ثم إنه وافى الموسم فلما كان يوم عرفة لقيه أبو عبد الله عليه السلام في الموقف فقال : يا أبا محمد ما فعل صديقك عبد الحميد ؟ فقلت : أخذه أبو جعفر فحبسه في المضيق زمانا ، فرفع أبو عبد الله يده ساعة ثم التفت إلى محمد بن عبد الله فقال : يا محمد قد والله خلي سبيل صاحبك ، قال محمد : فسألت عبد الحميد أي ساعة أخرجك أبو جعفر ؟ قال : أخرجني يوم عرفة بعد العصر .

- كشف الغمة : من الكتاب المذكور قيل : أراد عبد الله بن محمد الخروج مع زيد فنهاه أبو عبد الله ، وعظم عليه ، فأبى إلا الخروج مع زيد فقال له : لكأني والله بك بعد زيد ، وقد خمرت كما يخمر النساء ، وحملت في هودج ، وصنع بك ما يصنع بالنساء ، فلما كان من أمر زيد ما كان ، جمع أصحابنا لعبد الله بن محمد دنانير وتكاروا له ، وأخذوه حتى إذا صاروا به إلى الصحراء وشيعوه ، فتبسم فقالوا له : ما الذي أضحكك ؟ فقال : والله تعجبت من صاحبكم ، إني ذكرت وقد نهاني عن الخروج ، فلم أطعه وأخبرني بهذا الامر الذي أنا فيه وقال : لكأني بك وقد خمرت كما يخمر النساء ، وجعلت في هودج ، فعجبت .

وعن مالك الجهني قال : إني يوما عند أبي عبد الله وأنا أحدث نفسي بفضل الأئمة من أهل البيت ، إذ أقبل علي أبو عبد الله فقال : يا مالك أنتم والله شيعتنا حقا ، لا ترى أنك أفرطت في القول وفي فضلنا ، يا مالك إنه ليس يقدر على صفة الله وكنه قدرته وعظمته ، ولله المثل الأعلى ، وكذلك لا يقدر أحد أن يصف حق المؤمن ويقوم به ، كما أوجب الله له على أخيه المؤمن ، يا مالك إن المؤمنين ليلتقيان فيصافح كل واحد منهما صاحبه ، فلا يزال الله ناظرا إليهما بالمحبة والمغفرة ، وإن الذنوب لتتحات عن وجوههما حتى يفترقا ، فمن يقدر على صفة من هو هكذا عند الله ؟ .

وعن رفاعة بن موسى قال : كنت عند أبي عبد الله ذات يوم جالسا ، فأقبل أبو الحسن إلينا ، فأخذته فوضعته في حجري وقبلت رأسه وضممته إلي ، فقال لي أبو عبد الله : يا رفاعة أما إنه سيصير في يد آل العباس ، ويتخلص منهم ، ثم يأخذونه ثانية فيعطب في أيديهم .

وعن بكر بن أبي بكر الحضرمي قال : حبس أبو جعفر أبي فخرجت إلى أبي عبد الله فأعلمته ذلك فقال : إني مشغول بابني إسماعيل ، ولكن سأدعو له قال : فمكثت أياما بالمدينة فأرسل إلي أن ارحل فإن الله قد كفاك أمر أبيك فأما إسماعيل فقد أبى الله إلا قبضه ، قال : فرحلت وأتيت مدينة ابن هبيرة ، فصادفت أبا جعفر راكبا ، فصحت إليه : أبي أبو بكر الحضرمي شيخ كبير فقال : إن ابنه لا يحفظ لسانه ، خلوا سبيله  .

وعن مرازم قال : قال أبو عبد الله وهو بمكة : يا مرازم لو سمعت رجلا يسبني ما كنت صانعا ؟ قلت : كنت أقتله ، قال : يا مرازم إن سمعت من يسبني فلا تصنع به شيئا قال : فخرجت من مكة عند الزوال في يوم حار ، فألجأني الحر إلى أن عبرت إلى بعض القباب ، وفيها قوم ، فنزلت معهم ، فسمعت بعضهم يسب أبا عبد الله فذكرت قوله ، فلم أقل شيئا ، ولولا ذلك لقتلته .

قال أبو بصير : كان لي جار يتبع السلطان ، فأصاب مالا فاتخذ قيانا ، وكان يجمع الجموع ويشرب المسكر ويؤذيني ، فشكوته إلى نفسه غير مرة ، فلم ينته ، فلما ألححت عليه قال : يا هذا أنا رجل مبتلى ، وأنت رجل معافى ، فلو عرفتني لصاحبك رجوت أن يستنقذني الله بك ، فوقع ذلك في قلبي ، فلما صرت إلى أبي عبد الله ذكرت له حاله ، فقال لي : إذا رجعت إلى الكوفة ، فإنه سيأتيك فقل له : يقول لك جعفر بن محمد : دع ما أنت عليه ، وأضمن لك على الله الجنة ، قال : فلما رجعت إلى الكوفة ، أتاني فيمن أتى فاحتبسته حتى خلا منزلي ، فقلت : يا هذا إني ذكرتك لأبي عبد الله فقال : أقرئه السلام وقل له : يترك ما هو عليه ، وأضمن له على الله الجنة ، فبكى ثم قال : الله قال لك جعفر عليه السلام هذا ؟ قال : فحلفت له أنه قال لي ما قلت لك ، فقال لي : حسبك ومضى فلما كان بعد أيام بعث إلي ودعاني ، فإذا هو خلف باب داره عريان ، فقال : يا أبا بصير ما بقي في منزلي شئ إلا وخرجت عنه ، وأنا كما ترى ، فمشيت إلى إخواني فجمعت له ما كسوته به ، ثم لم يأت عليه إلا أيام يسيرة ، حتى بعث إلي أني عليل فائتني ، فجعلت أختلف إليه وأعالجه حتى نزل به الموت . فكنت عنده جالسا وهو يجود بنفسه ، ثم غشي عليه غشيه ثم أفاق فقال : يا أبا بصير قد وفى صاحبك لنا ، ثم مات ، فحججت فأتيت أبا عبد الله فاستأذنت عليه ، فلما دخلت قال مبتدئا من داخل البيت وإحدى رجلي في الصحن والأخرى في دهليز داره : يا با بصير قد وفينا لصاحبك .

بيان : يتبع السلطان أي يوالي خليفة الجور ، ويتولى من قبله ، والقيان جمع قينة بالفتح ، وهي الأمة المغنية ، وفي القاموس الجمع جماعة الناس ، و الجمع جموع ، يؤذيني أي بالغناء ونحوه ، مبتلى أي ممتحن بالأموال والمناصب مغرور بها ، فتسلط الشيطان علي فلا يمكنني تركها ، أو أني مع تلك الأحوال لا أرجو المغفرة ، فلذا لا أترك لذاتي " الله " بالجر بتقدير حرف القسم ، حسبك أي هذا كاف لك فيما أردت من انتهائي عما كنت فيه ، وفي النهاية يجود بنفسه أي يخرجها ويدفعها ، كما يدفع الانسان ماله يجود به ، والجود الكرم ، يريد به أنه كان في النزع وسياق الموت .

- كشف الغمة : من كتاب الدلائل عن أبي حمزة الثمالي قال : كنت مع أبي عبد الله بين مكة والمدينة إذا التفت عن يساره فرأى كلبا أسود فقال : ما لك قبحك الله ما أشد مسارعتك ، وإذا هو شبيه الطائر ، فقال : هذا عثم بريد الجن ، مات هشام الساعة ، وهو يطير ينعاه في كل بلد .

- كشف الغمة : من كتاب الدلائل ، عن إبراهيم بن عبد الحميد قال : اشتريت من مكة بردة وآليت على نفسي أن لا تخرج عن ملكي حتى تكون كفني فخرجت فيها إلى عرفة ، فوقفت فيها الموقف ، ثم انصرفت إلى جمع ، فقمت إليها في وقت الصلاة ، فرفعتها أو طويتها شفقة مني عليها وقمت لأتوضأ ثم عدت فلم أرها فاغتممت لذلك غما شديدا ، فلما أصبحت وقمت لأتوضأ ، أفضت مع الناس إلى منى ، فاني والله لفي مسجد الخيف إذ أتاني رسول أبي عبد الله فقال لي : يقول لك أبو عبد الله أقبل إلينا الساعة ، فقمت مسرعا حتى دخلت إليه وهو في فسطاط ، فسلمت وجلست ، فالتفت إلي أو رفع رأسه إلي فقال : يا إبراهيم أتحب أن نعطيك بردة تكون كفنك ؟ قال : قلت : والذي يحلف به إبراهيم لقد ضاعت بردتي قال : فنادى غلامه فأتى ببردة فإذا هي والله بردتي بعينها ، وطيي والله بيدي قال : فقال : خذها يا إبراهيم واحمد الله .

وعن هشام بن أحمر قال : كتب أبو عبد الله رقعة في حوائج لأشتريها ، وكنت إذا قرأت الرقعة خرقتها ، فاشتريت الحوائج ، وأخذت الرقعة فأدخلتها في زنفيلجتي وقلت : أتبرك بها قال : وقدمت عليه فقال : يا هشام اشتريت الحوائج ؟ قلت : نعم ، قال : وخرقت الرقعة ؟ قلت : أدخلتها زنفيلجتي وأقفلت عليها الباب ، أطلب البركة ، وهو ذا المفتاح في تكتي قال : فرفع جانب مصلاه وطرحها إلي ، فقال : خرقها فخرقتها ، ورجعت ففتشت الزنفيلجة فلم أجد فيها شيئا .

وعن مالك الجهني قال : كنا بالمدينة حين أجليت الشيعة ، وصاروا فرقا فتنحينا عن المدينة ناحية ثم خلونا فجعلنا نذكر فضائلهم ، وما قالت الشيعة ، إلى أن خطر ببالنا الربوبية ، فما شعرنا بشئ إذا نحن بأبي عبد الله واقف على حمار ، فلم ندر من أين جاء فقال : يا مالك ويا خالد متى أحدثتما الكلام في الربوبية ؟ فقلنا : ما خطر ببالنا إلا الساعة فقال : اعلما أن لنا ربا يكلأنا بالليل والنهار ، نعبده ، يا مالك ويا خالد قولوا ، فينا ما شئتم واجعلونا مخلوقين فكررها علينا مرارا وهو واقف على حماره .

وعن أبي بكر الحضرمي قال : ذكرنا أمر زيد وخروجه عند أبي عبد الله عليه السلام فقال : عمي مقتول ، إن خرج قتل فقروا في بيوتكم ، فوالله ما عليكم بأس ، فقال رجل من القوم : إن شاء الله . وعن داود بن أعين قال : تفكرت في قول الله تعالى " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " . قلت : خلقوا للعبادة ، ويعصون ويعبدون غيره والله لأسألن جعفرا عن هذه الآية ، فأتيت الباب ، فجلست أريد الدخول عليه ، إذ رفع صوته فقرأ : " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " ثم قرأ " لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا " فعرفت أنها منسوخة .

عن عمار السجستاني ، عن أبي عبد الله قال : كنت أجئ فأستأذن عليه فجئت ذات ليلة فجلست في فسطاطه بمنى فاستؤذن لشباب كأنهم رجال زط وخرج علي عيسى شلقان فذكرني له فأذن لي فقال : يا عمار متى جئت ؟ قلت : قبل أولئك الشباب الذين دخلوا عليك وما رأيتهم خرجوا قال : أولئك قوم من الجن سألوا عن مسائل ثم ذهبوا .

وعن يونس بن أبي يعفور ، عن أخيه عبد الله ، عن أبي عبد الله قال : مروان خاتم بني مروان ، وإن خرج محمد بن عبد الله قتل .

رجال الكشي : حمدويه ، عن أبي أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن عاصم بن حميد ، عن سلام بن سعيد الجمحي ، عن أسلم مولى محمد بن الحنفية قال : كنت مع أبي عبد حعفر مسندا ظهري إلى زمزم ، فمر عليها محمد بن عبد الله بن الحسن وهو يطوف بالبيت فقال أبو جعفر : يا أسلم أتعرف هذا الشاب ؟ قلت : نعم ، هذا محمد بن عبد الله بن الحسن ، قال أما إنه سيظهر ويقتل في حال مضيعة ثم قال : يا أسلم لا تحدث بهذا الحديث أحدا فإنه عندك أمانة قال : فحدثت به معروف بن خربوذ وأخذت عليه مثل ما أخذ علي قال : وكنا عند أبي جعفر غدوة وعشية أربعة من أهل مكة فسأله معروف فقال : أخبرني عن هذا الحديث الذي حدثنيه فإني أحب أن أسمعه منك قال : فالتفت إلى أسلم فقال له : يا أسلم فقال له : جعلت فداك إني أخذت عليه مثل الذي أخذته علي قال : فقال أبو جعفر : لو كان الناس كلهم لنا شيعة لكان ثلاثة أرباعهم لنا شكاكا ، والربع الآخر أحمق .

- مناقب ابن شهرآشوب * إعلام الورى : من كتاب نوادر الحكمة ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : دخل شعيب العقرقوفي على أبي عبد الله ومعه صرة فيها دنانير فوضعها بين يديه فقال له أبو عبد الله : أزكاة أم صلة ؟ فسكت ثم قال : زكاة وصلة قال : فلا حاجة لنا في الزكاة قال : فقبض أبو عبد الله قبضة فدفعها إليه ، فلما خرج قال أبو بصير : قلت له : كم كانت الزكاة من هذه ؟ قال : بقدر ما أعطاني والله لم يزد حبة ولم ينقض حبة .

أحمد بن محمد ، عن محمد بن فضيل ، عن شهاب بن عبد ربه قال : قال لي أبو عبد الله : كيف أنت إذا نعاني إليك محمد بن سليمان قال : فلا والله ما عرفت محمد ابن سليمان ، ولا علمت من هو ، قال : ثم كثر مالي وعرضت تجارتي بالكوفة والبصرة ، فاني يوما بالبصرة عند محمد بن سليمان وهو والي البصرة إذ ألقى إلي كتابا وقال لي : يا شهاب أعظم الله أجرك وأجرنا في إمامك جعفر بن محمد قال : فذكرت الكلام فخنقتني العبرة ، فخرجت فأتيت منزلي وجعلت أبكي على أبي عبد الله .

- إعلام الورى : من كتاب نوادر الحكمة بإسناده ، عن عائذ الأحمسي قال : دخلت على أبي عبد الله وأنا أريد أن أسأله عن صلاة الليل ونسيت فقلت : السلام عليك يا ابن رسول الله فقال : أجل والله إنا ولده ، وما نحن بذي قرابة ، من أتى الله بالصلوات الخمس المفروضات لم يسأل عما سوى ذلك ، فاكتفيت بذلك .

علي بن الحكم ، عن عروة بن موسى الجعفي قال : قال لنا يوما ونحن نتحدث : الساعة انفقأت عين هشام في قبره ، قلنا : ومتى مات ؟ قال : اليوم ، الثالث ، قال : فحسبنا موته ، وسألنا عنه فكان كذلك .

بيان : الثالث خبر اليوم .

- رجال الكشي : طاهر بن عيسى ، عن جعفر ، عن الشجاعي ، عن محمد بن الحسين عن سلام بن بشر الرماني ، وعلي بن إبراهيم التميمي ، عن محمد الأصفهاني قال : كنت قاعدا مع معروف بن خربوذ بمكة ونحن جماعة فمر بنا قوم على حمير معتمرون من أهل المدينة فقال لنا معروف : سلوهم هل كان بها خبر ، فسألناهم فقالوا : مات عبد الله بن الحسن ، فأخبرناه بما قالوا قال : فلما جازوا مر بنا قوم آخرون فقال لنا معروف : فسلوهم هل كان بها خبر ، فسألناهم فقالوا : كان عبد الله بن الحسن أصابته غشية وقد أفاق فأخبرناه بما قالوا فقال : ما أدري ما يقول هؤلاء و أولئك ؟ أخبرني ابن المكرمة يعني أبا عبد الله أن قبر عبد الله بن الحسن وأهل بيته على شاطئ الفرات ، قال : فحملهم أبو الدوانيق فقبروا على شاطئ الفرات .

- رجال الكشي : حمدويه وإبراهيم ، عن العبيدي ، عن ابن أبي عمير ، عن إسماعيل البصري ، عن أبي غيلان قال : أتيت الفضيل بن يسار فأخبرته أن محمدا وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن قد خرجنا فقال لي : ليس أمرهما بشئ قال : فصنعت ذلك مرارا كل ذلك يرد علي مثل هذا الرد قال : قلت : رحمك الله قد أتيتك غير مرة أخبرك فتقول : ليس أمرهما بشئ ، أفبرأيك تقول هذا ؟ قال : فقال : لا والله ، ولكن سمعت أبا عبد الله يقول : إن خرجا قتلا .

- رجال الكشي : حمدويه وإبراهيم ابنا نصير ، عن محمد بن عيسى ، عن الوشاء ، عن بشر بن طرخان قال : لما قدم أبو عبد الله أتيته فسألني ، عن صناعتي فقلت : نخاس ، فقال : نخاس الدواب ؟ فقلت : نعم ، وكنت رث الحال فقال : اطلب لي بغلة فضحاء ، بيضاء الأعفاج ، بيضاء البطن فقلت : ما رأيت هذه الصفة قط ، فخرجت من عنده فلقيت غلاما تحته بغلة بهذه الصفة ، فسألته عنها فدلني على مولاه ، فأتيته فلم أبرح حتى اشتريتها ، ثم أتيت أبا عبد الله : فقال : نعم ، هذه الصفة طلبت ثم دعا لي فقال : أنمى الله ولدك ، وكثر مالك ، فرزقت من ذلك ببركة دعائه ، وقنيت من الأولاد ما قصرت عنه الأمنية .

بيان : الأفضح الأبيض لا شديدا ، والأعفاج جمع العفج وهو ما يتنقل إليه الطعام بعد المعدة وقنيت بفتح النون أي اكتسبت وجمعت .

- رجال الكشي : حمدويه وإبراهيم ، عن محمد بن إسماعيل الرازي ، عن أحمد ابن سليمان ، عن داود الرقي قال : دخلت على أبي عبد الله فقلت له : جعلت فداك كم عدة الطهارة ؟ فقال : ما أوجبه الله فواحدة ، وأضاف إليها رسول الله واحدة لضعف الناس ، ومن وضأ ثلاثا ثلاثا فلا صلاة له أنا معه في ذا حتى جاء داود ابن زربي وأخذ زاوية من البيت فسأله عما سألته في عدة الطهارة فقال له : ثلاثا ثلاثا من نقص عنه فلا صلاة له ، قال : فارتعدت فرائصي ، وكاد أن يدخلني الشيطان فأبصر أبو عبد الله إلي وقد تغير لوني فقال : أسكن يا داود ، هذا هو الكفر أو ضرب الأعناق قال : فخرجنا من عنده ، وكان ابن زربي إلى جوار بستان أبي جعفر المنصور ، وكان قد القي إلى أبي جعفر أمر داود بن زربي ، وأنه رافضي يختلف إلى جعفر بن محمد فقال أبو جعفر : إني مطلع على طهارته ، فإن هو توضأ وضوء جعفر بن محمد فاني لأعرف طهارته حققت عليه القول وقتلته ، فاطلع وداود يتهيأ للصلاة من حيث لا يراه ، فأسبغ داود بن زربي الوضوء ثلاثا ثلاثا كما أمره أبو عبد الله فما تم وضوؤه حتى بعث إليه أبو جعفر المنصور فدعاه قال : فقال داود : فلما أن دخلت عليه رحب فقال : يا داود قيل فيك شئ باطل ، وما أنت كذلك قال : اطلعت على طهارتك وليس طهارتك طهارة الرافضة ، فاجعلني في حيل وأمر له بمائة ألف درهم قال : فقال داود الرقي : لقيت أنا داود بن زربي عند أبي عبد الله فقال له داود بن زربي : جعلني الله فداك حقنت دماءنا في دار الدنيا ونرجو أن ندخل بيمنك وبركتك الجنة ، فقال أبو عبد الله : فعل الله ذلك بك وبإخوانك من جميع المؤمنين ، فقال أبو عبد الله : لداود بن زربي : حدث داود الرقي بما مر عليك ، حتى تسكن روعته فقال : فحدثه بالأمر كله فقال : أبو عبد الله : لهذا أفتيته لأنه كان أشرف على القتل من يد هذا العدو ، ثم قال : يا داود بن زربي توضأ مثنى مثنى ولا تزدن عليه فإنك إن زدت عليه فلا صلاة لك .

- رجال الكشي : محمد بن مسعود ، عن علي بن الحسن ، عن محمد بن الوليد عن العباس بن هلال ، عن أبي الحسن قال : ذكر أن مسلم مولى جعفر بن محمد سندي ، وأن جعفرا قال له : أرجو أن أكون قد وافقت الاسم ، وأنه علم القرآن في النوم ، فأصبح وقد علمه .

- رجال الكشي : محمد بن الحسن ، عن الحسن بن خرزاد ، عن موسى بن القاسم عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن عمار السجستاني قال : زاملت أبا بجير عبد الله بن النجاشي من سجستان إلى مكة ، وكان يرى رأي الزيدية ، فدخلت معه على أبي عبد الله فقال له : يا أبا بجير أخبرني حين أصابك الميزاب ، وعليك المصدرة من فراء فدخلت النهر فخرجت ، وتبعك الصبيان يعيطون أي شئ صبرك على هذا ؟ قال : عمار : فالتفت إلي أبو بجير وقال لي : أي شئ كان هذا من الحديث حتى تحدثه أبا عبد الله ؟ ! فقلت : لا والله ما ذكرت له ولا لغيره ، وهذا هو يسمع كلامي فقال له أبو عبد الله : لم يخبرني بشئ يا أبا بجير ، فلما خرجنا من عنده قال لي أبو بجير : يا عمار أشهد أن هذا عالم آل محمد ، وأن الذي كنت عليه باطل ، وأن هذا صاحب الامر .

- رجال الكشي : محمد بن مسعود ، عن علي بن محمد ، عن ابن عيسى ، عن علي ابن الحكم ، عن شهاب بن عبد ربه قال : قال أبو عبد الله : يا شهاب يكثر القتل في أهل بيت من قريش حتى يدعى الرجل منهم إلى الخلافة فيأباها ثم قال : يا شهاب ولا تقل إني عنيت بني عمي هؤلاء ، فقال شهاب : أشهد أنه عناهم .

بيان : بني عمي أي بني الحسن أو بني العباس والأول أظهر .

- فهرست النجاشي : ذكر أحمد بن الحسين أنه وجد في بعض الكتب أن أبا عبد الله قال لسماعة بن مهران سنة خمس وأربعين ومائة : إن رجعت لم ترجع إلينا .

فأقام عنده فمات في تلك السنة .

- الكافي : علي عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن المفضل بن مزيد ، عن أبي عبد الله قال : قلت له - أيام عبد الله بن علي - : قد اختلفت هؤلاء فيما بينهم فقال : دع ذا عنك إنما يجئ فساد أمرهم من حيث بدا صلاحهم .

بيان : أي كما أن أبا مسلم أتى من قبل خراسان وأصلح أمرهم كذلك هلاكو يجئ من تلك الناحية مس وأربعين ومائة : إن رجعت لم ترجع إلينا ، فأقام عنده فمات.

- الكافي : إسماعيل بن عبد الله القرشي قال : أتى إلي أبي عبد الله رجل فقال : يا ابن رسول الله رأيت في منامي كأني خارج من مدينة الكوفة في موضع أعرفه وكأن شبحا من خشب ، أو رجلا منحوتا من خشب ، على فرس من خشب ، يلوح بسيفه وأنا أشاهده ، فزعا مرعوبا فقال له : أنت رجل تريد اغتيال رجل في معيشته ، فاتق الله الذي خلقك ثم يميتك ، فقال الرجل : أشهد أنك قد أوتيت علما ، واستنبطته من معدنه ، أخبرك يا ابن رسول الله عما قد فسرت لي ، إن رجلا من جيراني جاءني وعرض علي ضيعته ، فهممت أن أملكها بوكس كثير ، لما عرفت أنه ليس لها طالب غيري فقال أبو عبد الله : وصاحبك يتوالانا ويبرأ من عدونا ؟ فقال : نعم يا ابن رسول الله لو كان ناصبيا حل لي اغتياله ، فقال : أد الأمانة لمن ائتمنك ، وأراد منك النصيحة ولو إلى قاتل الحسين .

بيان : الوكس : النقص ووكس فلان على المجهول أي خسر .

روى البرسي في مشارق الأنوار عن محمد بن سنان أن رجلا قدم إلى أبي عبد الله من خراسان ومعه صرر من الصدقات ، معدودة مختومة ، وعليها أسماء أصحابها مكتوبة ، فلما دخل الرجل جعل أبو عبد الله يسمي أصحاب الصرر ويقول : أخرج صرة فلان ، فإن فيها كذا وكذا ثم قال : أين صرة المرأة التي بعثتها من غزل يدها ؟ أخرجها فقد قبلناها ثم قال للرجل : أين الكيس الأزرق فيه ألف درهم ؟ وكان الرجل قد فقده في بعض طريقه ، فلما ذكره الإمام استحيى الرجل وقال : يا مولاي في بعض الطريق قد فقدته فقال له الإمام : تعرفه إذا رأيته ؟ فقال : نعم فقال : يا غلام أخرج الكيس الأزرق فأخرجه ، فلما رآه الرجل عرفه فقال له الامام : إنا احتجنا إلى ما فيه ، فأحضرناه قبل وصولك إلينا فقال الرجل يا مولاي إني ألتمس الجواب بوصول ما حملته إلى حضرتك ، فقال له : إن الجواب كتبناه وأنت في الطريق .

قال : وروي أن المنصور يوما دعاه فركب معه إلى بعض النواحي فجلس المنصور على تل هناك ، وإلى جانبه أبو عبد الله فجاء رجل وهم أن يسأل المنصور ثم أعرض عنه وسأل الصادق فحثى له من رمل هناك ملء يده ثلاث مرات ، و قال له : اذهب واغل فقال له بعض حاشية المنصور : أعرضت عن الملك وسألت فقيرا لا يملك شيئا ؟ فقال الرجل - وقد عرق وجهه خجلا مما أعطاه - : إني سألت من أنا واثق بعطائه ثم جاء بالتراب إلى بيته فقالت له زوجته : من أعطاك هذا ؟ فقال : جعفر فقالت : وما قال لك ؟ قال : قال لي اغل ، فقالت : إنه صادق فاذهب بقليل منه إلى أهل المعرفة ، وإني أشم فيه رائحة الغنا ، فأخذ الرجل منه جزءا ومر به إلى بعض اليهود فأعطاه فيما حمل منه إليه عشرة آلاف درهم ، وقال له : ائتني بباقيه على هذه القيمة .

- الخرائج : هارون بن رئاب قال : كان لي أخ جارودي فدخلت على أبي - عبد الله فقال لي : ما فعل أخوك الجارودي ؟ قلت : صالح هو مرضي عند القاضي والجيران في الحالات غير أنه لا يقر بولايتكم ، فقال : ما يمنعه من ذلك ؟ قلت : يزعم أنه يتورع ، قال : فأين كان ورعه ليلة نهر بلخ ؟ ! فقدمت على أخي فقلت له : ثكلتك أمك ، دخلت على أبي عبد الله وسألني عنك ، وأخبرته أنه مرضي عند الجيران في الحالات كلها ، غير أنه لا يقر بولايتكم فقال : ما يمنعه ذلك ؟ قلت : يزعم أنه يتورع ، قال : فأين كان ورعه ليلة نهر بلخ ؟ ! فقال : أخبرك أبو عبد الله بهذا ؟ قلت : نعم قال : أشهد أنه حجة رب العالمين ، قلت : أخبرني عن قصتك قال : أقبلت من وراء نهر بلخ فصحبني رجل معه وصيفة فارهة ، فقال : إما أن تقتبس لنا نارا فأحفظ عليك ، وإما أن أقتبس نارا فتحفظ علي قلت : اذهب واقتبس ، و أحفظ عليك ، فلما ذهب قمت إلى الوصيفة وكان مني إليها ما كان ، والله ما أفشت ولا أفشيت لاحد ، ولم يعلم إلا الله ، فخرجت من السنة الثانية وهو معي فأدخلته على أبي عبد الله عليه السلام فما خرج من عنده حتى قال بإمامته .

- الكافي : علي ، عن أبيه ، عمن ذكره ، عن يونس بن يعقوب قال : كنت عند أبي عبد الله فورد عليه رجل من أهل الشام ، فناظر أصحابه حتى انتهى إلى هشام بن الحكم فقال الشامي : يا هذا من أنظر للخلق ؟ أربهم ؟ أو أنفسهم ؟ فقال هشام : ربهم أنظر لهم منهم لأنفسهم ، قال الشامي : فهل أقام لهم من يجمع لهم كلمتهم ، ويقيم أودهم ، ويخبرهم بحقهم من باطلهم ؟ فقال هشام : هذا القاعد الذي تشد إليه الرحال ، ويخبرنا بأخبار السماء ، وراثة عن أب ، عن جد ، قال الشامي : فكيف لي أن أعلم ذلك ؟ قال هشام : سله عما بدا لك قال الشامي : قطعت عذري فعلي السؤال . فقال أبو عبد الله : يا شامي أخبرك كيف كان سفرك ، وكيف كان طريقك وكان كذا وكان كذا ، فأقبل الشامي يقول : صدقت ، أسلمت لله الساعة فقال أبو عبد الله : بل آمنت بالله الساعة ، إن الاسلام قبل الايمان ، وعليه يتوارثون ويتناكحون ، والايمان عليه يثابون ، فقال الشامي : صدقت فأنا الساعة أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وأنك وصي الأوصياء .

الخبر طويل أوردنا منه موضع الحاجة .

- الكافي : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان ، عن مسمع كردين البصري قال : كنت لا أزيد على أكلة بالليل والنهار ، فربما استأذنت على أبي عبد الله وأجد المائدة قد رفعت ، لعلي لا أراها بين يديه ، فإذا دخلت دعا بها فأصيب معه من الطعام ، ولا أتأذى بذلك ، وإذا أعقبت بالطعام عند غيره لم أقدر على أن أقر ولم أنم من النفخة ، فشكوت ذلك إليه ، وأخبرته بأني إذا أكلت عنده لم أتأذ به فقال : يا أبا سيار إنك تأكل طعام قوم صالحين ، تصافحهم الملائكة على فرشهم قال : قلت : ويظهرون لكم ؟ قال : فمسح يده على بعض صبيانه فقال : هم ألطف بصبياننا منا بهم .

- الكافي : علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن حسان ، عن إبراهيم ابن إسماعيل ، عن رجل ، عن أبي عبد الله قال : كنا ببابه فخرج علينا قوم أشباه الزط ، عليهم أزر وأكسية فسألنا أبا عبد الله عنهم فقال : هؤلاء إخوانكم من الجن .

- الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن يحيى بن إبراهيم بن مهاجر قال : قلت لأبي عبد الله فلان يقرئك السلام ، وفلان ، و فلان ، فقال : وعليهم السلام قلت : يسألونك الدعاء فقال : وما لهم ؟ قلت : حبسهم أبو جعفر ، فقال : وما لهم ؟ وما له ؟ قلت : استعملهم فحبسهم ، فقال : وما لهم ؟ و ما له ؟ ألم أنههم ؟ ألم أنههم ؟ ألم أنههم ؟ هم النار ، هم النار ، هم النار ، ثم قال : اللهم اخدع عنهم سلطانهم قال : فانصرفنا من مكة فسألنا عنهم ، فإذا هم قد اخرجوا بعد الكلام بثلاثة أيام .

- عيون المعجزات المنسوب إلى السيد المرتضى : عن علي بن مهران عن داود بن كثير الرقي قال : كنا في منزل أبي عبد الله ونحن نتذاكر فضائل الأنبياء فقال مجيبا لنا : والله ما خلق الله نبيا إلا ومحمد أفضل منه ، ثم خلع خاتمه ، ووضعه على الأرض ، وتكلم بشئ ، فانصدعت الأرض وانفرجت بقدرة الله عز وجل ، فإذا نحن ببحر عجاج ، في وسطه سفينة خضراء من زبرجدة خضراء في وسطها قبة من درة بيضاء ، حولها دار خضراء مكتوب عليها لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي أمير المؤمنين ، بشر القائم فإنه يقاتل الأعداء ، ويغيث المؤمنين وينصره عز وجل بالملائكة في عدد نجوم السماء ، ثم تكلم بكلام فثار ماء البحر وارتفع مع السفينة ، فقال : ادخلوها ، فدخلنا القبة التي في السفينة فإذا فيها أربعة كراسي من ألوان الجواهر ، فجلس هو على أحدها ، وأجلسني على واحد ، وأجلس موسى وإسماعيل كل واحد منهما على كرسي ، ثم قال للسفينة : سيري بقدرة الله تعالى فسارت في بحر عجاج بين جبال الدر واليواقيت ، ثم أدخل يده في البحر ، وأخرج دررا وياقوتا ،

فقال : يا داود إن كنت تريد الدنيا فخذ حاجتك ، فقلت : يا مولاي لا حاجة لي في الدنيا فرمى به في البحر وغمس يده في البحر وأخرج مسكا وعنبرا ، فشمه وشمني ، وشمم موسى وإسماعيل ، ثم رمى به في البحر وسارت السفينة حتى انتهينا إلى جزيرة عظيمة ، فيما بين ذلك البحر ، وإذا فيها قباب من الدر الأبيض ، مفروشة بالسندس والإستبرق ، عليها ستور الأرجوان ، محفوفة بالملائكة ، فلما نظروا إلينا ، أقبلوا مذعنين له بالطاعة ، مقرين له بالولاية ، فقلت : مولاي لمن هذه القباب ؟ فقال : للأئمة من ذرية محمد ، كلما قبض إمام صار إلى هذا الموضع ، إلى الوقت المعلوم ، الذي ذكره الله تعالى .

ثم قال : قوموا بنا حتى نسلم على أمير المؤمنين فقمنا وقام ووقفنا بباب إحدى القباب المزينة ، وهي أجلها وأعظمها ، وسلمنا على أمير المؤمنين وهو قاعد فيها ، ثم عدل إلى قبة أخرى وعدلنا معه فسلم وسلمنا على الحسن بن علي ، وعدلنا منها إلى قبة بإزائها فسلمنا على الحسين بن علي ثم على علي بن الحسين ، ثم على محمد بن علي كل واحد منهم في قبة مزينة مزخرفة ثم عدل إلى بنية بالجزيرة وعدلنا معه ، وإذا فيها قبة عظيمة من درة بيضاء مزينة بفنون الفرش والستور ، وإذا فيها سرير من ذهب ، مرصع بأنواع الجوهر فقلت : يا مولاي لمن هذه القبة ؟ فقال : للقائم منا أهل البيت ، صاحب الزمان ، ثم أومأ بيده ، وتكلم بشئ وإذا نحن فوق الأرض بالمدينة في منزل أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق وأخرج خاتمه وختم الأرض بين يديه ، فلم أر فيها صدعا ولا فرجة .

أقول : روى أبو الفرج الأصفهاني في كتاب المقاتل بإسناده عن عيسى بن عبد الله قال : حدثتني أمي أم حسين بنت عبد الله بن محمد بن علي بن الحسين قالت : قلت لعمي جعفر بن محمد إني فديتك ما أمر محمد هذا ؟ قال : فتنة ، يقتل محمد عند بيت رومي ، ويقتل أخوه لامه وأبيه بالعراق ، حوافر فرسه في الماء .

وبإسناده عن ابن داحة أن جعفر بن محمد قال لعبد الله بن الحسن : إن هذا الامر والله ليس إليك ، ولا إلى ابنيك ، وإنما هو لهذا - يعني السفاح - ثم لهذا - يعني المنصور - ثم لولده بعده لا يزال فيهم حتى يؤمروا الصبيان ، ويشاوروا النساء ، فقال عبد الله : والله يا جعفر ما أطلعك الله على غيبه ، وما قلت هذا إلا حسدا لابني ، فقال : لا والله ما حسدت ابنيك ، وإن هذا - يعني أبا جعفر - يقتله على أحجار الزيت ثم يقتل أخاه بعده بالطفوف ، وقوائم فرسه في ماء ، ثم قام مغضبا يجر رداءه فتبعه أبو جعفر وقال : أتدري ما قلت يا أبا عبد الله ؟ قال : إي والله أدريه ، وإنه لكائن .

قال : فحدثني من سمع أبا جعفر يقول : فانصرفت لوقتي فرتبت عمالي وميزت أموري ، تمييز مالك لها ، قال : فلما ولي أبو جعفر الخلافة سمى جعفر الصادق ، وكان إذا ذكره قال : قال لي الصادق جعفر بن محمد كذا وكذا ، فبقيت عليه .

أقول : روى محمد بن المشهدي في المزار الكبير بإسناده ، عن سفيان الثوري قال : سمعت الصادق جعفر بن محمد وهو بعرفة يقول : اللهم اجعل خطواتي هذه التي خطوتها في طاعتك كفارة لما خطوتها في معصيتك ، وساق الدعاء إلى قوله : وأنا ضيفك فاجعل قراي الجنة ، وأطعمني عنبا ورطبا ، قال سفيان : فوالله لقد هممت أن أنزل واشتري له تمرا وموزا وأقول له هذا عوض العنب والرطب .

وإذا أنا بسلتين مملوءتين قد وضعتا بين يديه إحداهما رطب والأخرى عنب ، تمام الخبر .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>