أشعار السيد الحميري رحمه الله تعالى وإيانا ورجوعه إلى الحق

- أمالي الطوسي : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن يحيى بن علي بن عبد الجبار ، عن علي بن الحسين بن أبي حرب ، عن أبيه قال : دخلت على السيد ابن محمد الحميري عائدا في علته التي مات فيها ، فوجدته يساق به ، ووجدت عنده جماعة من جيرانه وكانوا عثمانية ، وكان السيد جميل الوجه ، رجب الجبهة ، عريض ما بين السالفتين فبدت في وجهه نكتة سوداء مثل النقطة من المداد ، ثم لم تزل تزيد وتنمى حتى طبقت وجهه - يعني اسودادا - فاغتم لذلك من حضره من الشيعة ، وظهر من الناصبة سرور وشماتة ، فلم يلبث بذلك الا قليلا حتى بدت في ذلك المكان من وجهه لمعة بيضاء ، فلم تزيد أيضا وتنمى حتى أسفر وجهه وأشرق ، وافتر السيد ضاحكا وأنشأ يقول :
كذب الزاعمون أن عليا   لن ينجي محبه من هنات
قد وربي دخلت جنة عدن   وعفا لي الاله عن سيئاتي
فأبشروا اليوم أولياء علي   وتولوا علي حتى الممات
ثم من بعده تولوا بنيه   واحدا بعد واحد بالصفات

 ثم أتبع قوله هذا : أشهد أن لا إله إلا الله حقا حقا ، أشهد أن محمدا رسول الله حقا حقا ، أشهد أن عليا أمير المؤمنين حقا حقا ، أشهد أن لا إله إلا الله ثم أغمض عينه بنفسه فكأنما كانت روحه ذبالة طفئت ، أو حصاة سقطت ، فانتشر هذا القول في الناس ، فشهد جنازته والله الموافق والمفارق - رجال الكشي : محمد بن رشيد الهروي ، قال حدثني السيد وسماه وذكر أنه خير قال سألته عن الخبر الذي يروى أن السيد اسود وجهه عند موته فقال : الشعر الذي يروى له في ذلك ، حدثني أبو الحسن بن أيوب المروزي ، قال : روي أن السيد ابن محمد الشاعر اسود وجهه عند الموت فقال : هكذا يفعل بأوليائكم يا أمير المؤمنين ! ؟ قال : فابيض وجهه كأنه القمر ليلة البدر ، فأنشأ يقول : " أحب الذي من مات من أهل وده " إلى آخر الأبيات .

- أمالي الطوسي : المفيد ، عن محمد بن عمران المرزباني ، عن محمد بن يحيى ، عن جبلة بن محمد بن جبلة ، عن أبيه قال : اجتمع عندنا السيد ابن محمد الحميري و جعفر بن عفان الطائي فقال له السيد : ويك تقول في آل محمد :

ما بال بيتكم تخرب سقفه   وثيابكم من أرذل الأثواب

فقال جعفر : ما أنكرت من ذلك ؟ فقال له السيد : إذا لم تحسن المدح فاسكت أتوصف آل محمد بمثل هذا ، ولكني أعذرك هذا طبعك وعلمك ومنتهاك ، وقد قلت أمحو عنهم عار مدحك :

أقسم بالله وآلائه   والمرء عما قال مسؤول
إن علي بن أبي طالب   على التقى والبر مجبول
وإنه كان الامام الذي   له على الأمة تفضيل
يقول بالحق ويعني به   ولا تلهيه الأباطيل
كان إذا الحرب مرتها القنا   وأحجمت عنها البهاليل
يمشي إلى القرن وفي كفه   أبيض ماضي الحد مصقول
مشي العفرني بين أشباله   أبرزه للقنص الغيل
ذاك الذي سلم في ليلة   عليه ميكال وجبريل ميكال
في ألف وجبريل في   ألف ويتلوهم سرافيل
ليلة بدر مددا أنزلوا   كأنهم طير أبابيل
فسلموا لما أتوا حذوه   وذاك إعظام وتبجيل

كذا يقال فيه يا جعفر ، وشعرك يقال مثله لأهل الخصاصة والضعف ، فقبل جعفر رأسه وقال : أنت والله الرأس يا أبا هاشم ونحن الأذناب .

ايضاح : قال الفيروزآبادي * البهلول : كسر سور الضحاك ، والسيد الجامع لكل خير ، وأسد عفرني شديد والأشبال جمع الشبل وهو ولد الأسد ، وقال : القنص محركة ابنا معد بن عدنان وإبل أو بقرغيل بضمتين كثيرة أو سمان .

- أمالي الطوسي : المفيد ، عن المرزباني ، قال : وجدت بخط محمد بن القاسم بن مهرويه قال : حدثني الحمدوني الشاعر قال : سمعت الرياشي ينشد للسيد ابن محمد الحميري :

إن امرءا خصمه أبو حسن   لعازب الرأي داحض الحجج
لا يقبل الله منه معذرة   ولا يلقنه حجة الفلج

- إكمال الدين : ابن عبدوس ، عن ابن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان ، عن محمد ابن إسماعيل ، عن حيان السراج قال : سمعت السيد ابن محمد الحميري يقول : كنت أقول بالغلو وأعتقد غيبة محمد بن علي بن الحنفية رضي الله عنه ، قد ضللت في ذلك زمانا ، فمن الله علي بالصادق جعفر بن محمد ، وأنقذني به من النار وهداني إلى سواء الصراط ، فسألته بعد ما صح عندي بالدلائل التي شاهدتها منه أنه حجة الله علي وعلى جميع أهل زمانه ، وأنه الامام الذي فرض الله طاعته وأوجب الاقتداء به .

فقلت له : يا ابن رسول الله قد روي لنا أخبار عن آبائك في الغيبة وصحة كونها فأخبرني بمن يقع ؟ فقال : ستقع بالسادس من ولدي وهو الثاني عشر من الأئمة الهداة بعد رسول الله أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وآخرهم القائم بالحق ، بقية الله في الأرض ، وصاحب الزمان ، والله لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه ، لم يخرج من الدنيا حتى يظهر ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما قال السيد : فلما سمعت ذلك من مولاي الصادق جعفر بن محمد تبت إلى الله تعالى ذكره على يديه ، وقلت قصيدة أولها :

فلما رأيت الناس في الدين قد غووا   تجعفرت باسم الله فيمن تجعفروا
تجعفرت باسم الله والله أكبر   أيقنت أن الله يعفو ويغفر
ودنت بدين غير ما كنت دينا   به ونهاني واحد الناس جعفر
فقلت فهبني قد تهودت برهة   وإلا فديني دين من يتنصر
وإني إلى الرحمان من ذاك تائب   وإني قد أسلمت والله أكبر
فلست بغال ما حييت وراجع   إلى ما عليه كنت أخفي وأظهر
ولا قائلا حي برضوى محمد   وإن عاب جهال مقالي فأكثروا
ولكنه ممن مضى لسبيله   على أفضل الحالات يقفى ويخبر
مع الطيبين الطاهرين الأولى لهم   من المصطفى فرع زكي وعنصر

إلى آخر القصيدة ، وقلت بعد ذلك :

أيا راكبا نحو المدينة حسرة   عذافرة يطوى بها كل سبسب
إذا ما هداك الله عاينت جعفرا   فقل لولي الله وابن المهذب
ألا يا أمين الله وابن أمينه   أتوب إلى الرحمان ثم تأوبي
إليك من الامر الذي كنت مبطنا   أحارب فيه جاهدا كل معرب
وما كان قولي في ابن خولة مطنبا   ومعاندة مني لنسل المطيب
ولكن روينا عن وصي محمد   وما كان فيما قال بالمتكذب
بأن ولي الله يفقد لا يرى   سنين كفعل الخائف المترقب
فتقسم أموال الفقيد كأنما   تغيبه بين الصفيح المنصب
فيمكث حينا ثم ينبع نبعة   كنبعة جدي من الأفق كوكب
يسير بنصر الله من بيت ربه   على سؤدد منه وأمر مسبب
يسير إلى أعدائه بلوائه   فيقتلهم قتلا كجران مغضب
فلما روي أن ابن خولة غائب   صرفنا إليه قولنا لم نكذب
وقلنا هو المهدي والعالم الذي     يعيش به من عدله كل مجدب   

فإذ قلت :

      لا ، فالحق قولك والذي          أمرت فحتم غير ما متعصب
واشهد ربي أن قولك حجة   على الناس طرا من مطيع ومذنب
بأن ولي الأمر والعالم الذي   تطلع نفسي نحوه بتطرب
له غيبة لا بد من أن يغيبها   فصلى عليه الله من متغيب
فيمكث حينا ثم يظهر حينه   فيملا عدلا كل شرق ومغرب
بذاك أدين الله سرا وجهرة   ولست وإن عوتبت فيه بمعتب

وكان حيان السراج الراوي لهذا الحديث من الكيسانية .

- الإرشاد : وفيه يقول السيد الحميري : وقد رجع عن قوله بمذهب الكيسانية لما بلغه إنكار أبي عبد الله مقاله ، ودعاؤه إلى القول بنظام الإمامة ، ثم ذكر الأبيات مع اختصار .

بيان : " العذافرة " العظيمة الشديدة من الإبل ، و " السبسب " المفازة أو الأرض المستوية البعيدة ، وقال الفيروزآبادي :  الصفيح السماء ، ووجه كل شئ عريض ، وهنا يحتمل الوجهين ، وعلى الثاني يكون المراد الحجر الذي يفرش على القبر واللبن التي تنضد على اللحد ، ويقال : جرن جرونا تعود الامر ومرن ، وما في قوله " غير ما متعصب " زائدة ، وقوله طرا أي جميعا .

- الخرائج : روي أن الباقر دعا للكميت لما أراد أعداء آل محمد أخذه وإهلاكه ، وكان متواريا ، فخرج في ظلمة الليل هاربا ، وقد أقعدوا على كل طريق جماعة ، ليأخذوه إذا ما خرج في خفية ، فلما وصل الكميت إلى الفضاء وأراد أن يسلك طريقا ، فجاء أسد منعه من أن يسري منها ، فسلك جانبا آخر فمنعه منه أيضا ، وكأنه أشار إلى الكميت أن يسلك خلفه ، ومضى الأسد في جانب الكميت إلى أن أمن وتخلص من الأعداء ، وكذلك كان حال السيد الحميري دعا له الصادق لما هرب عن أبويه ، وقد حر الإرشاد السلطان عليه لنصبهما ، فدله سبع على طريق ونجا منهما .

- مناقب ابن شهرآشوب : داود الرقي بلغ السيد الحميري أنه ذكر عند الصادق فقال : السيد كافر فأتاه وقال : يا سيدي أنا كافر مع شدة حبي لكم ومعاداتي الناس فيكم ؟ قال : وما ينفعك ذاك وأنت كافر بحجة الدهر والزمان ، ثم أخذ بيده وأدخله بيتا فإذا في البيت قبر فصلى ركعتين ، ثم ضرب بيده على القبر ، فصار القبر قطعا ، فخرج شخص من قبره ينفض التراب عن رأسه ولحيته ، فقال له الصادق : من أنت ؟ قال : أنا محمد بن علي المسمى بابن الحنفية ، فقال : فمن أنا ؟ قال : جعفر بن محمد حجة الدهر والزمان : فخرج السيد يقول : تجعفرت باسم الله فيمن تجعفرا .

- مناقب ابن شهرآشوب : عثمان بن عمر الكواء في خبر أن السيد قال له : اخرج إلى باب الدار تصادف غلاما نوبيا على بغلة شهباء معه حنوط وكفن يدفعها إليك ، قال : فخرجت فإذا بالغلام الموصوف ، فلما رآني قال : يا عثمان إن سيدي جعفر بن محمد يقول لك : ما آن أن ترجع عن كفرك وضلالك ، فان الله عز وجل اطلع عليك فرآك للسيد خادما فانتجبك فخذ في جهازه .

- مناقب ابن شهرآشوب : الأغاني قال عباد بن صهيب : كنت عند جعفر بن محمد فأتاه نعي السيد ، فدعا له وترحم عليه ، فقال له رجل : يا ابن رسول الله وهو يشرب الخمر ويؤمن بالرجعة ؟ ! فقال : حدثني أبي عن جدي أن محبي آل محمد لا يموتون إلا تائبين ، وقد تاب ، ورفع مصلى كان تحته فأخرج كتابا من السيد يعرفه أنه قد تاب ويسأله الدعاء . وفي أخبار السيد أنه ناظر معه مؤمن الطاق في ابن الحنفية فغلبه عليه فقال :

تركت ابن خولة لاعن قلى   وإني لكالكلف الوامق
وإني له حافظ في المغيب   أدين بما دان في الصادق
و الحبر حبر بني هاشم   ونور من الملك الرازق
به ينعش الله جمع العباد   ويجري البلاغة في الناطق
أتاني برهانه معلنا   فدنت ولم أك كالمائق
كمن صد بعد بيان الهدى   إلى حبتر وأبي حامق

فقال الطاقي : أحسنت الآن أتبت رشدك ، وبلغت أشدك ، وتبوأت من الخير موضعا ، ومن الجنة مقعدا .

بيان : يقال كلفت بهذا الامر أي أولعت به ، والوامق المحب ، والموق حمق في غباوة يقال أحمق وامق ، والحبتر وأبو حامق كناية عن عمر وأبي بكر أو كلاهما عن الأول ، وقد مر أن حبتر كثيرا ما يعبر به عن أبي بكر .

- مناقب ابن شهرآشوب : وأنشد فيه :

   امدح أبا عبد الاله       فتى البرية في احتماله
سبط النبي محمد   حبل تفرع من حباله
تغشى العيون الناظرات   إذا سمون إلى جلاله
عذب الموارد بحره   يروي الخلائق من سجاله
بحر أطل على البحور   يمدهن ندى بلاله
سقت العباد يمينه   وسقى البلاد ندى شماله
يحكى السحاب يمينه   والودق يخرج من خلاله
الأرض ميراث له   والناس طرا في عياله
يا حجة الله الجليل   وعينه وزعيم آله
وابن الوصي المصطفى   وشبيه أحمد في كماله
أنت ابن بنت محمد   حذوا خلفت على مثاله
 فضياء نورك نوره   وظلال روحك من ظلاله
فيك الخلاص من الردى   وبك الهداية من ضلاله
اثني ولست ببالغ   عشر الفريدة من خصاله

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>