الرؤيا التي رآها الإمام علي بن موسى الرضا ، ورأي فيها السيد الحميري يقرء قصيدة : لام عمرو باللوي مربع ، عند النبي وعلي وفاطمة و الحسن والحسين

أقول : وجدت في بعض تأليفات أصحابنا أنه روى بإسناده عن سهل بن ذبيان قال : دخلت على الإمام علي بن موسى الرضا في بعض الأيام ، قبل أن يدخل عليه أحد من الناس ، فقال لي : مرحبا بك يا ابن ذبيان ، الساعة أراد رسولنا أن يأتيك لتحضر عندنا ، فقلت : لماذا يا ابن رسول الله ؟ فقال : لمنام رأيته البارحة ، و قد أزعجني وأرقني ، فقلت : خيرا يكون إن شاء الله تعالى فقال : يا ابن ذبيان رأيت كأني قد نصب لي سلم فيه مائة مرقاة ، فصعدت إلى أعلاه ، فقلت : يا مولاي أهنيك بطول العمر ، وربما تعيش مائة سنة لكل مرقاة سنة ، فقال لي : ما شاء الله كان .

ثم قال : يا ابن ذبيان ، فلما صعدت إلى أعلى السلم رأيت كأني دخلت في قبة خضراء يرى ظاهرها من باطنها ، ورأيت جدي رسول الله جالسا فيها ، وإلى يمينه وشماله غلامان حسنان ، يشرق النور من وجوههما ، ورأيت امرأة بهية الخلقة ، ورأيت بين يديه شخصا بهي الخلقة جالسا عنده ورأيت رجلا واقفا بين يديه وهو يقرأ هذه القصيدة : " لام عمرو باللوى مربع " . فلما رآني النبي صلى الله عليه وآله قال لي : مرحبا بك يا ولدي يا علي بن موسى الرضا سلم على أبيك علي ، فسلمت عليه ، ثم قال لي : سلم على أمك فاطمة الزهراء فسلمت عليها ، فقال لي : وسلم على أبويك الحسن والحسين فسلمت عليهما ، ثم قال لي : وسلم على شاعرنا ومادحنا في دار الدنيا السيد إسماعيل الحميري ، فسلمت عليه ، وجلست فالتفت النبي إلى السيد إسماعيل فقال له : عد إلى ما كنا فيه من إنشاد القصيدة ، فأنشد يقول :

لام عمرو باللوى مربع   طامسة أعلامه بلقع

 * فبكى النبي فلما بلغ إلى قوله : " ووجهه كالشمس إذ تطلع " بكى النبي وفاطمة معه ومن معه ، ولما بلغ إلى قوله :

 

قالوا له لو شئت أعلمتنا * إلى من الغاية والمفزع رفع النبي يديه وقال : إلهي أنت الشاهد علي وعليهم أني أعلمتهم أن الغاية والمفزع علي بن أبي طالب ، وأشار بيده إليه ، وهو جالس بين يديه .

قال علي بن موسى الرضا : فلما فرغ السيد إسماعيل الحميري من إنشاد القصيدة التفت النبي إلي وقال لي : يا علي بن موسى احفظ هذه القصيدة ، ومر شيعتنا بحفظها ، وأعلمهم أن من حفظها وأدمن قراءتها ضمنت له الجنة على الله تعالى ، قال الرضا : ولم يزل يكررها علي حتى حفظتها منه ، والقصيدة هذه :

لام عمرو باللوى مربع   طامسة أعلامه بلقع
تروح عنه الطير وحشية   والأسد من خيفته تفزع
برسم دار ما بها مؤنس   إلا صلال في الثرى وقع
رقش يخاف الموت نفثاتها   والسم في أنيابها منقع
لما وقفن العيس في رسمها   والعين من عرفانه تدمع
ذكرت من قد كنت ألهو به   فبت والقلب شج موجع
كأن بالنار لما شفني   من حب أروى كبدي تلذع
عجبت من قوم أتوا أحمدا   بخطة ليس لها موضع

قالوا له :

لو شئت أعلمتنا   إلى من الغاية والمفزع
     إذا توفيت وفارقتنا      وفيهم في الملك من يطمع

فقال :

لو أعلمتكم مفزعا   كنتم عسيتم فيه أن تصنعوا
صنيع أهل العجل إذ فارقوا   هارون فالترك له أودع
وفي الذي قال بيان لمن   كان إذا يعقل أو يسمع
ثم أتته بعد ذا عزمة   من ربه ليس لها مدفع
أبلغ وإلا لم تكن مبلغا   والله منهم عاصم يمنع
فعندها قام النبي الذي   كان بما يأمره يصدع
يخطب مأمورا وفي كفه   كف علي ظاهرا تلمع
رافعها أكرم بكف الذي   يرفع والكف الذي يرفع
يقول والاملاك من حوله   والله فيهم شاهد يسمع
من كنت مولاه فهذا له   مولى فلم يرضوا ولم يقنعوا
فاتهموه وحنت منهم   على خلاف الصادق الأضلع
وضل قوم غاظهم فعله   كأنما آنافهم تجدع
حتى إذا واروه في قبره   وانصرفوا عن دفنه ضيعوا
ما قال بالأمس وأوصى به   واشتروا الضر بما ينفع
 وقطعوا أرحامه بعده   فسوف يجزون بما قطعوا
وأزمعوا غدرا بمولاهم   تبا لما كان به أزمعوا
لا هم عليه يردوا حوضه   غدا ولا هو فيهم يشفع
حوض له ما بين صنعا إلى   أيلة والعرض به أوسع
 ينصب فيه علم للهدى   والحوض من ماء له مترع
يفيض من رحمته كوثر   أبيض كالفضة أو أنصع
حصاه ياقوت ومرجانة   ولؤلؤ لم تجنه إصبع
بطحاؤه مسك وحافاته   يهتز منها مونق مربع
أخضر ما دون الورى ناضر   وفاقع أصفر أو أنصع
فيه أباريق وقد حانه   يذب عنها الرجل الأصلع
يذب عنها ابن أبي طالب    ذبا كجربا إبل شرع
والعطر والريحان أنواعه    زاك وقد هبت به زعزع
ريح من الجنة مأمورة   ذا هبة ليس لها مرجع
إذا دنوا منه لكي يشربوا   قيل لهم : تبا لكم فارجعوا
دونكم فالتمسوا منهلا   يرويكم أو مطعما يشبع
هذا لمن والى بني أحمد   ولم يكن غيرهم يتبع
فالفوز للشارب من حوضه   والويل والذل لمن يمنع
والناس يوم الحشر راياتهم    خمس فمنها هالك أربع
فراية العجل وفرعونها   وسامري الأمة المشنع
وراية يقدمها أدلم   عبد لئيم لكع أكوع
وراية يقدمها حبتر    للزور والبهتان قد أبدعوا
وراية يقدمها نعثل   لا برد الله له مضجع
أربعة في سقر أودعوا   ليس لها من قعرها مطلع
وراية يقدمها حيدر    ووجهه كالشمس إذ تطلع
غدا يلاقي المصطفى حيدر   وراية الحمد له ترفع
مولى له الجنة مأمورة   والنار من إجلاله تفزع
إمام صدق وله شيعة   يرووا من الحوض ولم يمنعوا
بذاك جاء الوحي من ربنا   يا شيعة الحق فلا تجزعوا
الحميري مادحكم لم يزل   ولو يقطع إصبع إصبع
وبعدها صلوا على المصطفى   وصنوه حيدرة الأصلع

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>