مناظرة مع رجل من أهل الشام

- رجال الكشي : محمد بن مسعود ، عن علي بن محمد بن يزيد ، عن الأشعري ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن حماد ، عن الحسن بن إبراهيم ، عن يونس بن عبد الرحمان ، عن يونس بن يعقوب ، عن هشام بن سالم قال : كنا عند أبي عبد الله جماعة من أصحابه ، فورد رجل من أهل الشام فاستأذن فأذن له ، فلما دخل سلم فأمره أبو عبد الله بالجلوس .

ثم قال له : ما حاجتك أيها الرجل ؟ قال بلغني أنك عالم بكل ما تسأل عنه فصرت إليك لأناظرك فقال أبو عبد الله فيما ذا ؟ قال : في القرآن وقطعه و إسكانه وخفضه ونصبه ورفعه فقال أبو عبد الله : يا حمران دونك الرجل .

فقال الرجل : إنما أريدك أنت لا حمران فقال أبو عبد الله عليه السلام : إن غلبت حمران فقد غلبتني فأقبل الشامي يسأل حمران حتى ضجر ومل وعرض وحمران يجيبه ، فقال أبو عبد الله : كيف رأيت يا شامي ؟ ! قال : رأيته حاذقا ما سألته عن شئ إلا أجابني فيه ، فقال أبو عبد الله : يا حمران سل الشامي ، فما تركه يكشر فقال الشامي : أرأيت يا أبا عبد الله أناظرك في العربية فالتفت أبو عبد الله فقال : يا أبان بن تغلب ناظره فناظره فما ترك الشامي يكشر ، قال : أريد أن أناظرك في الفقه فقال أبو عبد الله : يا زرارة ناظره فما ترك الشامي يكشر قال : أريد أن أناظرك في الكلام ، فقال : يا مؤمن الطاق ناظره فناظره فسجل الكلام بينهما ، ثم تكلم مؤمن الطاق بكلامه فغلبه به .

فقال : أريد أن أناظرك في الاستطاعة فقال للطيار : كلمه فيها قال : فكلمه فما ترك يكشر ، فقال أريد أناظرك في التوحيد فقال لهشام بن سالم : كلمه فسجل الكلام بينهما ثم خصمه هشام ، فقال أريد أن أتكلم في الإمامة فقال : لهشام بن الحكم كلمه يا أبا الحكم فكلمه ما تركه يرتم ولا يحلي ولا يمر ، قال : فبقي يضحك أبو عبد الله حتى بدت نواجده .

فقال الشامي : كأنك أردت أن تخبرني أن في شيعتك مثل هؤلاء الرجال ؟ قال : هو ذلك ، ثم قال يا أخا أهل الشام أما حمران فحرفك فحرت له فغلبك بلسانه وسألك عن حرف من الحق فلم تعرفه ، وأما أبان بن تغلب فمغث حقا بباطل فغلبك .

وأما زرارة فقاسك فغلب قياسه قياسك ، وأما الطيار فكان كالطير يقع ويقوم وأنت كالطير المقصوص [ لا نهوض لك ] وأما هشام بن سالم قام حبارى يقع ويطير وأما هشام بن الحكم فتكلم بالحق فما سوغك بريقك ، يا أخا أهل الشام إن الله أخذ ضغثا من الحق وضغثا من الباطل فمغثهما ثم أخرجهما إلى الناس ، ثم بعث أنبياء يفرقون بينهما ، فعرفها الأنبياء والأوصياء فبعث الله الأنبياء ليفرقوا ذلك وجعل الأنبياء قبل الأوصياء ليعلم الناس من فضل الله ومن يختص ، ولو كان الحق على حدة والباطل على حدة كل واحد منهما قائم بشأنه ما احتاج الناس إلى نبي ولا وصي ، ولكن الله خلطهما وجعل يفرقهما الأنبياء والأئمة من عباده .

فقال الشامي : قد أفلح من جالسك فقال أبو عبد الله : كان رسول الله يجالسه جبرائيل وميكائيل وإسرافيل يصعد إلى السماء فيأتيه الخبر من عند الجبار ، فإن كان ذلك كذلك فهو كذلك ، فقال الشامي : اجعلني من شيعتك و علمني فقال أبو عبد الله لهشام : علمه فإني أحب أن يكون تلماذا لك .

قال علي بن منصور وأبو مالك الخضرمي : رأينا الشامي عند هشام بعد موت أبي عبد الله ويأتي الشامي بهدايا أهل الشام وهشام يرده هدايا أهل العراق قال علي بن منصور وكان الشامي ذكي القلب .

بيان : قوله عرض أي تعب ووقف من قولهم عرضت الناقة بالكسر ، أي أصابها كسر ، أو عن قولهم عرض الشاء بالكسر أيضا أي انشق من كثرة العشب وكشر عن أسنانه يكشر أبدى ، والكشر التبسم ، وقال الجزري السجل الدلو الملأى ماء ويجمع على سجال ، ومنه الحديث : والحرب بيننا سجال أي مرة لنا ومرة علينا ، وقال : يقال سجلت الماء سجلا إذا صببته صبا متصلا ويقال : ما رتم فلان بكلمة : ما تكلم بها ذكره الجوهري .

وقال : يقال ما أمر ولا أحلى : إذا لم يقل شيئا ، والمغث المرس في الماء والمزج وقوله ما سوغك بريقك أي ما ترك ريقك يسوغ ويدخل حلقك .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>