قصة غلام من ولد الحسن الذي اخذه المنصور فسلمه إلى البناء وأمره أن يجعله في جوف أسطوانة، وقصة داود (عمل أم داود)

- عيون أخبار الرضا : حدثنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن الحسين البزاز ، قال : حدثنا أبو منصور المطرز قال : سمعت الحاكم أبا أحمد محمد بن محمد بن إسحاق الأنماطي النيسابوري يقول باسناد متصل ذكره محمد : أنه لما بنى المنصور الأبنية ببغداد جعل يطلب العلوية طلبا شديدا ويجعل من ظفر به منهم في الأسطوانات المجوفة المبنية من الجص والأجر ، فظفر ذات يوم بغلام منهم حسن الوجه ، عليه شعر أسود من ولد الحسن بن علي بن أبي طالب فسلمه إلى البناء الذي كان يبني له ، وأمره أن يجعله في جوف أسطوانة ويبني عليه ، ووكل به من ثقاته من يراعي ذلك ، حتى يجعله في جوف أسطوانة بمشهده ، فجعله البناء في جوف أسطوانة ، فدخلته رقة عليه ورحمة له ، فترك في الأسطوانة فرجة يدخل منها الروح وقال للغلام : لا بأس عليك ، فاصبر فاني سأخرجك من جوف هذه الأسطوانة إذا جن الليل .

ولما جن الليل جاء البناء في ظلمته وأخرج ذلك العلوي من جوف تلك الأسطوانة ، وقال له : اتق الله في دمي ودم الفعلة الذين معي ، وغيب شخصك فاني إنما أخرجتك في ظلمة هذه الليلة من جوف هذه الأسطوانة لأني خفت إن تركتك في جوفها أن يكون جدك رسول الله يوم القيامة خصمي بين يدي الله عز وجل ثم أخذ شعره بآلات الجصاصين كما أمكن ، وقال له : غيب شخصك وانج بنفسك ، ولا ترجع إلى أمك قال الغلام : فإن كان هذا هكذا فعرف أمي أني قد نجوت وهربت ، لتطيب نفسها ، ويقل جزعها وبكاؤها إن لم يكن لعودي إليها وجه ، فهرب الغلام ، ولا يدري أين قصد من أرض الله ، ولا إلى أي بلد وقع ، قال ذلك البناء : وقد كان الغلام عرفني مكان أمه ، وأعطاني العلامة شعره ، فانتهيت إليها في الموضع الذي كان دلني عليه ، فسمعت دويا كدوي النحل من البكاء ، فعلمت أنها أمه ، فدنوت منها وعرفتها خبر ابنها ، وأعطيتها شعره ، وانصرفت .

- إقبال الأعمال : إنا روينا دعاء النصف من رجب عن خلق كثير قد تضمن ذكر أسمائهم كتاب الإجازات ، وسوف أذكر كل رواياته ، فمن الروايات في ذلك أن المنصور لما حبس عبد الله بن الحسن وجماعة من آل أبي طالب ، وقتل ولديه محمدا وإبراهيم ، أخذ داود بن الحسن بن الحسن ، وهو ابن داية أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق ، لان أم داود أرضعت الصادق منها بلبن ولدها داود ، وحمله مكبلا بالحديد ، قالت أم داود : فغاب عني حينا بالعراق ، ولم أسمع له خبرا ولم أزل أدعو وأتضرع إلى الله جل اسمه وأسأل إخواني من أهل الديانة ، والجد والاجتهاد ، أن يدعوا الله تعالى ، وأنا في ذلك كله لا أرى في دعائي الإجابة .

فدخلت على أبي عبد الله جعفر بن محمد صلوات عليهما يوما أعوده في علة وجدها فسألته عن حاله ، ودعوت له ، فقال لي : يا أم داود ! وما فعل داود ؟ وكنت قد أرضعته بلبنه فقلت : يا سيدي وأين داود ؟ وقد فارقني منذ مدة طويلة ، وهو محبوس بالعراق ، فقال : وأين أنت عن دعاء الاستفتاح ، وهو الدعاء الذي تفتح له أبواب السماء ، ويلقى صاحبه الإجابة من ساعته ، وليس لصاحبه عند الله تعالى جزاء إلا الجنة ؟ فقلت له : كيف ذلك يا ابن الصادقين ؟ فقال لي : يا أم داود قد دنا الشهر الحرام العظيم شهر رجب ، وهو شهر مسموع فيه الدعاء ، شهر الله الأصم وصومي الثلاثة الأيام البيض ، وهو يوم الثالث عشر ، والرابع عشر ، والخامس عشر ، واغتسلي في يوم الخامس عشر وقت الزوال .

ثم علمها دعاء وعملا مخصوصا سيأتي شرحهما في موضعه .

ثم قال السيد رضي الله عنه : فقالت أم جدنا داود رضوان الله عليه : فكتبت هذا الدعاء وانصرفت ، ودخل شهر رجب وفعلت مثل ما أمرني به - يعني الصادق - ثم رقدت تلك الليلة ، فلما كان في آخر الليل رأيت محمدا وكل من صليت عليهم من الملائكة والنبيين ، ومحمد يقول : يا أم داود أبشري وكل من ترين من إخوانك ، وفي رواية أعوانك وإخوانك ، وكلهم يشفعون لك ويبشرونك بنجح حاجتك ، وابشري فان الله تعالى يحفظك ويحفظ ولدك ، ويرده عليك قالت : فانتبهت ، فما لبثت إلا قدر مسافة الطريق من العراق إلى المدينة للراكب المجد المسرع المعجل ، حتى قدم علي داود ، فسألته عن حاله ، فقال : إني كنت محبوسا في أضيق حبس ، وأثقل حديد ، وفي رواية وأثقل قيد إلى يوم النصف من رجب .

فلما كان الليل رأيت في منامي كأن الأرض قد قبضت لي ، فرأيتك على حصير صلاتك ، وحولك رجال رؤوسهم في السماء ، وأرجلهم في الأرض ، يسبحون الله تعالى حولك ، فقال لي قائل منهم ، حسن الوجه ، نظيف الثوب ، طيب الرائحة خلته جدي رسول الله : أبشر يا ابن العجوزة الصالحة ، فقد استجاب الله لامك فيك دعاءها فانتبهت ، ورسل المنصور على الباب ، فأدخلت عليه في جوف الليل فأمر بفك الحديد عني ، والاحسان إلي ، وأمر لي بعشرة آلاف درهم ، وحملت على نجيب ، وسوقت بأشد السير وأسرعه ، حتى دخلت المدينة ، قالت أم داود : فمضيت به إلى أبي عبد الله فقال : إن المنصور رأى أمير المؤمنين عليا في المنام ، يقول له : أطلق ولدي ، وإلا ألقيك في النار ، ورأي كأن تحت قدميه النار ، فاستيقظ وقد سقط في يديه ، فأطلقك يا داود .

بيان : سقط في يديه على بناء المجهول أي ندم ، ومنه قوله تعالى " ولما سقط في أيديهم " .

- كتاب الاستدراك باسناده إلى الأعمش أن المنصور حيث طلبه ، فتطهر وتكفن وتحنط ، قال له : حدثني بحديث سمعته أنا وأنت من جعفر بن محمد في بني حمان قال : قلت له : أي الأحاديث ؟ قال : حديث أركان جهنم ، قال : قلت : أو تعفيني ؟ قال : ليس إلى ذلك سبيل قال : قلت : حدثنا جعفر بن محمد عن آبائه أن رسول الله قال : لجهنم سبعة أبواب ، وهي الأركان ، لسبعة فراعنة ، ثم ذكر الأعمش : نمرود بن كنعان ، فرعون الخليل ومصعب بن الوليد ، فرعون موسى ، وأبا جهل بن هشام ، والأول ، والثاني ، و السادس يزيد قاتل ولدي ، ثم سكت ، فقال لي : الفرعون السابع ؟ قلت : رجل من ولد العباس يلي الخلافة يلقب بالدوانيقي اسمه المنصور ، قال : فقال لي : صدقت هكذا حدثنا جعفر بن محمد قال : فرفع رأسه ، وإذا على رأسه غلام أمرد ، ما رأيت أحسن وجها منه ، فقال : إن كنت أحد أبواب جهنم ، فلم أستبق هذا ؟ وكان الغلام علويا حسينيا ، فقال له الغلام : سألتك يا أمير المؤمنين بحق آبائي إلا عفوت عني ، فأبي ذلك ، وأمر المرزبان به ، فلما مد يده ، حرك شفتيه بكلام لم أعلمه ، فإذا هو كأنه طير قد طار منه ، قال الأعمش : فمر علي بعد أيام فقلت : أقسمت عليك بحق أمير المؤمنين لما علمتني الكلام فقال : ذاك دعاء المحنة لنا أهل البيت ، وهو الذي دعا به أمير المؤمنين لما نام على فراش رسول الله ، ثم ذكر الدعاء قال الأعمش : وأمر المنصور في رجل بأمر غليظ فجلس في بيت لينفذ فيه أمره ، ثم فتح عنه فلم يوجد ، فقال المنصور : أسمعتموه يقول شيئا ؟ فقال الموكل : سمعته يقول : يا من لا إله غيره فأدعوه ولا رب سواه فأرجوه نجني الساعة ، فقال : والله لقد استغاث بكريم فنجاه .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>