ومن كلام له كلم به عبد الملك بن مروان

حين دخل عليه ، فاستعظم ما رأى من أثر السجود بين عيني علي بن الحسين فقال : " يا أبا محمد ، لقد بين عليك الاجتهاد ، ولقد سبق لك من الله الحسنى ، وأنت بضعة من رسول الله ، قريب النسب ، وكيد السبب ، وإنك لذو فضل عظيم على أهل بيتك وذوي عصرك ، ولقد أوتيت من الفضل والعلم والدين والورع ما لم يؤته أحد مثلك ولا قبلك ، إلا من مضى من سلفك " ، وأقبل يثني عليه ويطريه .

فقال علي بن الحسين : كلما وصفته وذكرته من فضل الله سبحانه وتأييده وتوفيقه ، فأين شكره على ما أنعم ؟ يا أمير المؤمنين ، كان رسول الله يقف في الصلاة حتى ترم قدماه ، ويظمأ في الصيام حتى يعصب فوه ، فقيل له : يا رسول الله ، ألم يغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فيقول : أفلا أكون عبدا شكورا ! الحمد لله على ما أولى وأبلى ، وله الحمد في الآخرة والأولى ، والله لو تقطعت أعضائي ، وسالت مقلتاي على صدري ، أن أقوم لله جل جلاله ، لم أشكر عشر العشير من نعمة واحدة من جميع نعمه التي لا يحصيها العادون ، ولا يبلغ حد نعمة منها على جميع حمد الحامدين ، لا والله أو يراني الله لا يشغلني شئ عن شكره وذكره في ليل ولا نهار ، ولا سر ولا علانية ، ولولا أن لأهلي علي حقا ، ولسائر الناس من خاصهم وعامهم علي حقوقا - لا يسعني إلا القيام بها حسب الوسع والطاقة ، حتى أؤديها إليهم - لرميت بطرفي إلى السماء ، وبقلبي إلى الله ، ثم لم أردهما حتى يقضي الله على نفسي ، وهو خير الحاكمين . وبكى وبكى عبد الملك وقال : شتان بين عبد طلب الآخرة وسعى لها سعيها ، وبين من طلب الدنيا من أين جاءته ! ما له في الآخرة من خلاق .

قوله : " أو يراني الله " بمعنى : " إلى أن " أو " إلا أن " ، أي : لا والله لا أترك الإجتهاد إلى أن يراني الله على تلك الحال .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>