ومن خطبة له لما وصل إلى المدينة فأومأ بيده أن اسكتوا ، فسكنت فورتهم

فقال : الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، بارئ الخلائق أجمعين ، الذي بعد فارتفع في السماوات العلى ، وقرب فشهد النجوى ، نحمده على عظام الأمور ، وفجائع الدهور ، وألم الفجائع ، ومضاضة اللواذع ، وجليل الرزء ، وعظيم المصائب الفاظعة الكاظة ، الفادحة الجائحة .

أيها الناس : أن الله تعالى - وله الحمد - ابتلانا بمصائب جليلة ، وثلمة في الإسلام عظيمة ، قتل أبو عبد الله الحسين وعترته ، وسبي نساؤه وصبيته ، وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان ، وهذه الرزية التي لا مثلها رزية .

أيها الناس ، فأي رجالات منكم يسرون بعد قتله ؟ أم أي فؤاد لا يحزن من أجله ؟ أم أية عين منكم تحبس دمعها وتضن عن انهمالها ؟ فلقد بكت السبع الشداد لقتله ! وبكت البحار بأمواجها ، والسماوات بأركانها ، والأرض بأرجائها ، والأشجار بأغصانها ، والحيتان في لجج البحار ، والملائكة المقربون ، وأهل السماوات أجمعون .

يا أيها الناس ، أي قلب لا ينصدع لقتله ؟ أم أي فؤاد لا يحن إليه ؟ أم أي سمع يسمع هذه الثلمة التي ثلمت في الإسلام ولا يصم ؟ أيها الناس ، أصبحنا مطرودين مشردين مذودين شاسعين عن الأمصار ، كأننا أولاد ترك أو كابل ، من غير جرم اجترمناه ، ولا مكروه ارتكبناه ، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها ، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ، إن هذا إلا اختلاق ، والله لو كان النبي تقدم إليهم في قتالنا ، كما تقدم إليهم في الوصاية بنا ، لما ازدادوا على ما فعلوا بنا ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، من مصيبة ما أعظمها وأوجعها ، وأفجعها وأكظها ، وأفظعها وأمرها وأفدحها ، فعند الله نحتسب فيما أصابنا ، وما بلغ بنا ، فإنه عزيز ذو انتقام .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>