في القصار من كلمات الإمام علي بن الحسين وفيها حكم ، ومواعظ ، ومحاسن آداب (6)

251 . وقال : لو أنزل الله تعالى كتابا أنه معذب رجلا واحدا ، لخفت أن أكونه ، أو أنه راحم رجلا واحدا ، لرجوت أن أكونه ، أو أنه معذبي لا محالة ، ما ازددت إلا اجتهادا ، لئلا أرجع على نفسي بلائمة .

252 . وقال : لباسي للدنيا التجمل والصبر * ولبسي للأخرى البشاشة والبشر إذا اعترني أمر لجأت إلى العرا * لأني من القوم الذين لهم فخر ألم تر أن العرف قد مات أهله * وأن الندى والجود ضمهما قبر على العرف والجود السلام فما بقي * من العرف إلا الرسم في الناس والذكر وقائلة لما رأتني مسهدا * كأن الحشا مني يلذعها الجمر أباطن داء لو حوى منك ظاهرا * فقلت الذي بي ضاق عن وسعة الصدر تغير أحوال وفقد أحبة * وموت ذوي الأفضال قالت كذا الدهر .

253 . وقال : إن الملائكة إذا سمعوا المؤمن يدعو لأخيه المؤمن بظهر الغيب ، أو يذكره بخير ، قالوا : نعم الأخ أنت لأخيك ، تدعو له بالخير ، وهو غائب عنك ، وتذكره بخير ، قد أعطاك الله عز وجل مثل ما سألت له ، وأثنى عليك مثلي ما أثنيت عليه ، ولك الفضل عليه ، وإذا هم سمعوه يذكر أخاه بسوء ، ويدعو عليه ، قالوا : بئس الأخ أنت لأخيك ! كف أيها المستتر على ذنوبه وعورته ، وارجع على نفسك ، واحمد الله الذي ستر عليك ، واعلم أن الله عز وجل أعلم بعبده منك .

254 . وقال : إن الله تعالى لما خلق الدنيا أعرض منها ، فلم ينظر إليها من هوانها عليه .

255 . وقال : يتزين كل منكم يوم العيد إلى الغسل وإلى الكحل ، وليدع ما بلغ ما استطاع ، ولا يكونن أحدكم أحسن هيئة ، وأرذلكم عملا .

256 . وقال : في تفسير هذه الآية : ( وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنت تجرى من تحتها الأنهر خالدين فيها ومسكن طيبة في جنت عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم ) .

إذا صار أهل الجنة في الجنة ، ودخل ولي الله جناته ومساكنه ، واتكى كل مؤمن منهم على أريكته ، حفته خدامه ، وتهدلت عليه الثمار ، وتفجرت حوله العيون ، وجرت من تحته الأنهار ، وبسطت له الزرابي ، وصففت له الثمار ، وأتته الخدام بما شاءت شهوته من قبل أن يسألهم ذلك .

وقال : ويخرج عليهم الحور العين من الجنان ، فيمكثون بذلك ما شاء الله .

ثم إن الجبار يشرف عليهم فيقول : أوليائي وأهل طاعتي ، وسكان جنتي في جواري ، ألا هل أنبئكم بخير مما أنتم فيه ؟ فيقول : ربنا وأي شئ خير مما نحن فيه ؟ نحن فيما اشتهت أنفسنا ، ولذت أعيننا من النعم في جوار الكريم .

وقال : فيعود عليهم بالقول ، فيقولون : " ربنا نعم يا ربنا ، رضاك علينا ، ومحبتك لنا ، خير لنا وأطيب لأنفسنا " ثم قرأ الآية السابقة .

257 . وقال في قول الله تعالى : ( فاصفح الصفح الجميل ) قال : العفو من غير عتاب .

258 . وخرج يوما وهو يقول : أصبحت والله يا جابر ، محزونا مشغول القلب .

فقلت : - جعلت فداك ! - ما حزنك وشغل قلبك ؟ كل هذا على الدنيا ؟ فقال : لا يا جابر ، ولكن حزن هم الآخرة .

يا جابر ، من دخل قلبه خالص حقيقة الإيمان ، شغل عما في الدنيا من زينتها .

259 . وقال لبنيه : جالسوا أهل الدين والمعرفة ، وإن لم تقدروا عليهم ، فالوحدة آنس وأسلم ، فإن أبيتم إلا مجالسة الناس ، فجالسوا أهل المروءات ؛ فإنهم لا يرفثون في مجالسهم .

260 . وقال في تفسير قوله تعالى : ( ثم أورثنا الكتب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير ) .

قال : نزلت والله فينا أهل البيت - ثلاث مرات - .

قال الراوي : أخبرنا من فيكم الظالم لنفسه ؟ قال : الذي استوت حسناته وسيئاته ، وهو في الجنة .

قال الراوي : والمقتصد ؟ قال : العابد في الله في بيته حق يأتيه واليقين .

قال الراوي : فقلت السابق والخيرات ؟ قال : من شهر سيفه ودعا إلى سبيل ربه .

261 . وعن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسين قال : قلت : قولك مجدوا الله في خمس كلمات ما هي ؟ فقال : إذا قلت : " سبحان الله وبحمده " رفعت الله عما يقول العادلون به .

فإذا قلت : " لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له " ، فهي كلمة الإخلاص التي لا يقولها عبد ، إلا أعتقه الله من النار ، إلا المستكبرين والجبارين .

ومن قال : " لا حول ولا قوة إلا بالله " ، فوض الأمر إلى الله .

ومن قال : " استغفر الله ، وأتوب إليه " ، فليس بمستكبر ولا جبار ، إن المستكبر يصر على الذنب الذي قد غلبه هواه فيه ، وآثر دنياه على آخرته .

ومن قال : " الحمد لله " ، فقد أدى شكر كل نعمة لله عز وجل عليه .

262 . وقال : إن للحمق دولة على العقل ، وللمنكر دولة على المعروف ، وللشر دولة على الخير ، وللجهل دولة على الحلم ، وللجزع دولة على الصبر ، وللخوف دولة على الرفق ، وللبؤس دولة على الخصب ، وللشدة دولة على الرخاء ، وللرغبة دولة على الزهد ، وللبيوت الخبيثة دولة على بيوتات الشرف ، وللأرض السبخة دولة على الأرض العذبة .

263 . وقال : عجبت لطالب فضيلة ترك فريضة ! وليس ذلك إلا لحرمان معرفة الأمر وتعظيمه ، وترك رؤية مشيته ، بما أهله لأمره ، واختاره لهم .

خاتمة في مواضيع مختلفة

264 . سئل منه عن إيمان أبي طالب ؟ فقال : واعجباه ! إن الله تعالى نهى رسوله أن يقر مسلمة على نكاح كافر ، وقد كانت فاطمة بنت أسد السابقات إلى الإسلام ، ولم تزل تحت أبي طالب ، إلى أن ماتت .

وفي رواية أخرى قال : واعجباه ! أيطعنون على أبي طالب ، أو على رسول الله ، وقد نهاه أن تقر مؤمنة مع كافر في غير آية من القرآن ، ولا يشك أحد أن فاطمة بنت أسد من المؤمنات الصادقات ، فإنها لم تزل تحت أبي طالب ، حتى مات أبو طالب .

قلت : وهذا الكلام بيان حاسم من الإمام في عقيدة أبي طالب بالله ورسوله ، ورد لأولئك الأشخاص الذين أعماهم التعصب الذميم ، وراحوا يقولون في أبي طالب كذا وكذا .

وقد ألف في أبي طالب كثير من العلماء الشيعة والسنة في طارف الزمن وتليده ، يثبتون إيمانه ، ويفندون الأقوال الكاذبة التي اتهم بها ، فراجع .

265 . وعن عبد الله البرقي قال : سألت علي بن الحسين عن النبيذ ؟ فقال : قد شربه قوم ، وحرمه قوم صالحون ، فكان شهادة الذين دفعوا بشهادتهم شهواتهم ، أولى بأن تقبل من الذين جروا بشهادتهم شهواتهم .

266 . قال : لئن أدخل السوق ومعي دراهم ، ابتاع به لعيالي لحما ، وقد قرموا إليه ، أحب إلي من أن أعتق نسمة .

267 . وقال : أحبونا حب الإسلام لله عز وجل ، فإنه ما برح بنا حبكم ، حتى صار علينا عابا .

268 . وقال : الإمام منا لا يكون إلا معصوما ، وليست العصمة في ظاهر الخلقة فتعرف بها ، ولذلك لا يكون إلا منصوصا .

269 . وعن الزهري ، قال : دخلت على علي بن الحسين في مرضه الذي توفي فيه ، فقلت : يا بن رسول الله ، إن كان أمر الله مالا بد لنا فيه ، فإلى من نختلف بعدك ؟ فقال : يا أبا عبد الله ، إلى ابني هذا - وأشار إلى محمد الباقر - فإنه وصيي ووارثي ، وعيبة علمي ، هو معدن العلم وباقره .

قلت : يا بن رسول الله ، ما معنى الباقر ؟ قال : سوف يختلف إليه خلاص شيعتي ، ويبقر العلم عليهم بقرا .

قال : ثم أرسل محمدا ابنه في حاجة له إلى السوق ، فلما جاء محمد قلت : هلا أوصيت إلى أكبر ولدك ؟ قال : يا أبا عبد الله ، ليست الإمامة بالكبر والصغر ، هكذا عهد إلينا رسول الله ، وهكذا وجدناه مكتوبا في اللوح والصحيفة .

قلت : يا بن رسول الله ، كم عهد إليكم نبيكم أن يكون الأوصياء بعده ؟ قال : وجدناه في الصحيفة واللوح ، اثنا عشر اسما مكتوبة إمامتهم ، وأسماء آبائهم وأمهاتهم .

ثم قال : يخرج من صلب محمد ابني سبعة من الأوصياء فيهم المهدي .

270 . وكان يقول : إني لأكتم من علمي جواهره * كي لا يرى الحق ذو جهل فيفتتنا وقد تقدم في هذا أبو حسن * إلى الحسين وأوصى قبله الحسنا فرب جوهر علم لو أبوح به * لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا ولاستحل رجال المسلمون دمي * يرون أقبح ما يأتونه حسنا

271 . وأيضا كان يقول : نحن بنو المصطفى ذوو غصص * يجرعها في الأنام كاظمنا عظيمة في الأنام محنتنا * أولنا مبتلى وآخرنا يفرح هذا الورى بعيدهم * ونحن أعيادنا مآتمنا والناس في الأمن والسرور وما * يأمن طول الزمان خائفنا وما خصصنا به من الشرف ال‍ * - طائل بين الأنام آفتنا يحكم فينا والحكم فيه لنا * جاحدنا حقنا وغاصبنا

272 . وعن عبد الصمد بن علي قال : دخل رجل على علي بن الحسين فقال : من أنت ؟ قال : أنا منجم .

قال : فأنت عراف . قال : فنظر إليه ، ثم قال : هل أدلك على رجل قد مر قبل أن دخلت علينا في أربع عشر عالما ، كل عالم أكبر من الدنيا ثلاث مرات ، لم يتحرك من مكانه ؟ قال : من هو ؟ قال : أنا ! وإن شئت أنبأتك بما أكلت وما ادخرت في بيتك .

273 . وقال : للدابة على صاحبها ست خصال : بيده يعلفها إذا نزل ، ويعرض عليها الماء إذا مر به ، ولا يضربها إلا على الحق ، ولا يحملها إلا ما تطيق ، ولا يكلفها من السير إلا طاقتها ، ولا يقف عليها إلا فواقا .

274 . وقال : لا تحتقروا اللؤلؤة النفيسة أن تجتلبها من الكبا الخسيسة ، فإن أبي حدثني قال : سمعت أمير المؤمنين يقول : إن الكلام من الحكمة لتلجلج في صدر المنافق نزاعا إلى مظانها ، حتى يلفظ بها ، فيسمعها المؤمن ، فيكون أحق بها وأهلها ، فيلقفها .

275 . وقال : إن كان الأبوان عظم حقهما على أولادهما لإحسانهما إليهم ، فإحسان محمد وعلي - صلوات الله عليهما وعلى أبنائهما - ، إلى هذه الأمة أجل وأعظم ، فهما أحق بأن يكونا أبويهم .

276 . وقال : من أحبنا لدنيا يصيبها منا ، وعادى عدونا لا لشحناء كانت بينه وبينه ، أتى يوم القيامة مع محمد وعلي وإبراهيم .

277 . وقال : طوبى لشيعتنا المتمسكين بحبلنا في غيبة قائمنا الثابتين على موالاتنا ، والبراءة من أعدائنا ، أولئك منا ونحن منهم ، قد رضوا بنا أئمة ، ورضينا بهم شيعة ، فطوبى لهم ثم طوبى لهم ! هم والله معنا في درجتنا يوم القيامة .

278 . وقال : لا يقدس الله أمة فيها بربط يقعقع ، وناية تفجع .

279 . وقال : من اعتدي عليه في صدقة ماله ، فقاتل وقتل فهو شهيد .

280 . وقال : الأسير إذا أسلم ، حقن دمه ، وصار فيئا .

281 . وقال : من رد عن قوم مسلمين عادية نار أو ماء ، وجبت له الجنة .

282 . وقال : لا تنم قبل طلوع الشمس ، فإن الله يقسم أرزاق العباد في ذلك الوقت ، ويجريها على أيدينا .

283 . وقال : حجوا واعتمروا ، لتصح أبدانكم ، وتتسع أرزاقكم ، وتكفون مؤنات عيالاتكم .

284 . وقال : من كسا مؤمنا كساه الله من الثياب الخضر ، ولا يزال في ضمان الله ما دام عليه سلك .

285 . وقال : بادروا إلى رياض الجنة .

فقيل له : وما رياض الجنة ؟ قال : حلق الذكر .

286 . وقال : تسعة أعشار الرزق في التجارة ، والباقي في الغنم .

287 . وقال : من شقاء المرء أن تكون عنده امرأة يعجب بها ، وهي تخونه في نفسها .

288 . وقال : الحاج مغفور له ، وموجب له الجنة ، ومستأنف له العمل ، ومحفوظ في أهله وماله .

289 . سمع رجلا يسأل الناس يوم عرفة فقال : ويحك ! أغير الله تسأل في هذا المقام ! إنه ليرجى ما في بطون الحبالى أن يكون سعيدا .

وفي رواية أخرى : لما في بطون الجبال أن يكون الجبال سعيدا .

290 . وقال : استبشروا بالحاج إذا قدموا ، وصافحوهم وعظموهم› تشاركوهم في الأجر قبل أن تخالطهم الذنوب .

291 . وقال : لا تنزلوا النساء الغرف ، ولا تعلموهن الكتابة ، وعلموهن الغزل وسورة النور .

292 . وقال : الصواعق تصيب المؤمن وغيره ، ولا تصيب الذاكر لله تعالى .

293 . وقال : تسحروا ولو بجرع من الماء ، فإن لله تعالى ملائكة يصلون على المتسحرين بالأسحار والمستغفرين .

294 . وقال : حدثوا الناس بما يعرفونه ، ولا تحملوهم مالا يطيقون ، فتغرونهم بنا .

295 . وقال : من خلف حاجا في أهله وماله ، كان له كأجره ، حتى كأنه يستلم الأحجار .

296 . وقال : لا يدخل الجنة إلا من خلص من آدم .

297 . وقال : يا معشر قريش ، إنكم تحبون الماشية فأقلوا منها ، فإنكم بأرض يقل فيها المطر ، وأحرثوا فإن الحرث مبارك .

298 . وقال : الخضاب يجلو البصر ، وينبت الشعر ، ويطيب الريح ، ويسكن الزوجة .

299 . وقال : الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة .

300 . وقال : لا تنهكوا للعظام ، فإن للجن فيها نصيبا ، فإن فعلتم ذهب من البيت ما هو خير من ذلك  301 .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>