قصة رجل مؤمن من أكابر بلخ وكان يحج البيت ويزور النبي وكان يأتي على علي بن الحسين ويزوره ويحمل إليه الهدايا والتحف ، ويأخذ مصالح دينه منه وما قالت له زوجته
ألمجلسي في البحار: رأيت في بعض مؤلفات أصحابنا روي أن رجلا مؤمنا من أكابر بلاد بلخ كان يحج البيت ويزور النبي في أكثر الأعوام ، وكان يأتي علي بن الحسين ويزوره ويحمل إليه الهدايا والتحف ويأخذ مصالح دينه منه ، ثم يرجع إلى بلاده فقالت له زوجته : أراك تهدي تحفا كثيرة ولا أراه يجازيك عنها بشئ ، فقال : إن الرجل الذي نهدي إليه هدايانا هو ملك الدنيا والآخرة وجميع ما في أيدي الناس تحت ملكه لأنه خليفة الله في أرضه ، وحجته على عباده ، وهو ابن رسول الله وإمامنا ، فلما سمعت ذلك منه أمسكت عن ملامته ، ثم إن الرجل تهيأ للحج مرة أخرى في السنة القابلة ، وقصد دار علي بن الحسين فاستأذن عليه ، فأذن له فدخل فسلم عليه وقبل يديه ، ووجد بين يديه طعاما فقربه إليه وأمره بالأكل معه فأكل الرجل ، ثم دعا بطست وإبريق فيه ماء ، فقام الرجل ، وأخذ الإبريق وصب الماء على يدي الإمام فقال : يا شيخ أنت ضيفنا فكيف تصب على يدي الماء ؟ فقال : إني أحب ذلك ، فقال الإمام : لما أحببت ذلك فوالله لأرينك ما تحب وترضى وتقر به عيناك ، فصب الرجل على يديه الماء حتى امتلأ ثلث الطست ، فقال الإمام : للرجل ما هذا ؟ فقال : ماء ، قال الإمام : بل هو ياقوت أحمر ، فنظر الرجل ، فإذا هو قد صار ياقوتا أحمر بإذن الله تعالى .

ثم قال : يا رجل صب الماء فصب حتى امتلأ ثلثا الطست فقال : ما هذا ؟ قال : هذا ماء ، قال : بل هذا زمرد أخضر فنظر الرجل فإذا هو زمرد أخضر ، ثم قال : صب الماء فصبه على يديه حتى امتلأ الطست فقال : ما هذا ؟ فقال : هذا ماء ، قال : بل هذا در أبيض ، فنظر الرجل إليه ، فإذا هو در أبيض ، فامتلأ الطست من ثلاثة ألوان : در وياقوت وزمرد فتعجب الرجل وانكب على يديه عليه السلام يقبلهما ، فقال : يا شيخ لم يكن عندنا شئ نكافيك على هداياك إلينا ، فخذ هذه الجواهر عوضا عن هديتك ، واعتذر لنا عند زوجتك لأنها عتبت علينا ، فأطرق الرجل رأسه وقال : يا سيدي من أنبأك بكلام زوجتي ؟ فلا أشك أنك من أهل بيت النبوة ، ثم إن الرجل ودع الإمام وأخذ الجواهر وسار بها إلى زوجته ، وحدثها بالقصة فسجدت لله شكرا وأقسمت على بعلها بالله العظيم أن يحملها معه إليه فلما تجهز بعلها للحج في السنة القابلة أخذها معه ، فمرضت في الطريق وماتت قريبا من المدينة ، فأتى الرجل الإمام باكيا وأخبره بموتها ، فقام الإمام وصلى ركعتين ودعا الله سبحانه بدعوات ، ثم التفت إلى الرجل ، وقال له : ارجع إلى زوجتك فان الله عز وجل قد أحياها بقدرته وحكمته وهو يحيي العظام وهي رميم ، فقام الرجل مسرعا فلما دخل خيمته وجد زوجته جالسة على حال صحتها ، فقال لها : كيف أحياك الله ؟ قالت : والله لقد جاءني ملك الموت وقبض روحي وهم أن يصعد بها ، فإذا أنا برجل صفته كذا وكذا - وجعلت تعد أوصافه - وبعلها يقول : نعم صدقت هذه صفة سيدي ومولاي علي بن الحسين قالت : فلما رآه ملك الموت مقبلا انكب على قدميه يقبلهما ويقول : السلام عليك يا حجة الله في أرضه ، السلام عليك يا زين العابدين ، فرد ، وقال له : يا ملك الموت أعد روح هذه المرأة إلى جسدها ، فإنها كانت قاصدة إلينا وإني قد سألت ربي أن يبقيها ثلاثين سنة أخرى ويحييها حياة طيبة لقدومها إلينا زائرة لنا ، فقال الملك : سمعا وطاعة لك يا ولي الله ، ثم أعاد روحي إلى جسدي ، وأنا أنظر إلى ملك الموت قد قبل يده وخرج عني ، فأخذ الرجل بيد زوجته وأدخلها إليه وهو ما بين أصحابه ، فانكبت على ركبتيه تقبلهما وهي تقول : هذا والله سيدي ومولاي ، وهذا هو الذي أحياني الله ببركة دعائه ، قال : فلم تزل المرأة مع بعلها مجاورين عند الإمام بقية أعمارهما إلى أن ماتا رحمة الله عليهما .

وروى البرسي في مشارق الأنوار أن رجلا قال : لعلي بن الحسين بماذا فضلنا على أعدائنا وفيهم من هو أجمل منا ؟ فقال له الإمام : أتحب أن ترى فضلك عليهم ؟ فقال : نعم ، فمسح يده على وجهه وقال : انظر فنظر فاضطرب وقال : جعلت فداك ردني إلى ما كنت فاني لم أر في المسجد إلا دبا وقردا وكلبا فمسح يده على وجهه فعاد إلى حاله .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>