قصة رجل اشتكى إليه أحواله فأعطاه قرصين  فباع بهما سمكة ومقدار ملح  فوجد اللؤلؤتين في جوف السمكة

أمالي الصدوق : المفسر ، عن جعفر بن أحمد ، عن محمد بن عبد الله بن يزيد المقري ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، قال : كنت عند علي بن الحسين فجاءه رجل من أصحابه ، فقال له علي بن الحسين : ما خبرك أيها الرجل ؟ فقال الرجل : خبري يا ابن رسول الله أني أصبحت وعلي أربعمائة دينار دين لا قضاء عندي لها ، ولي عيال ثقال ليس لي ما أعود عليهم به ، قال : فبكى علي بن الحسين بكاءا شديدا ، فقلت له : ما يبكيك يا ابن رسول الله ؟ فقال : وهل يعد البكاء إلا للمصائب والمحن الكبار ؟ ! قالوا : كذلك يا بن رسول الله ، قال : فأية محنة ومصيبة أعظم على حر مؤمن من أن يرى بأخيه المؤمن خلة فلا يمكنه سدها ويشاهده على فاقة فلا يطيق رفعها ، قال : فتفرقوا عن مجلسهم ذلك ، فقال بعض المخالفين - وهو يطعن على علي بن الحسين - : عجبا لهؤلاء يدعون مرة أن السماء والأرض وكل شئ يطيعهم ، وأن الله لا يردهم عن شئ من طلباتهم ، ثم يعترفون أخرى بالعجز عن إصلاح حال خواص إخوانهم ، فاتصل ذلك بالرجل صاحب القصة ، فجاء إلى علي بن الحسين فقال له : يا ابن رسول الله بلغني عن فلان كذا وكذا ، وكان ذلك أغلظ علي من محنتي ، فقال علي بن الحسين : فقد أذن الله في فرجك ، يا فلانة احملي سحوري وفطوري ، فحملت قرصتين ، فقال علي بن الحسين للرجل : خذهما فليس عندنا غيرهما فان الله يكشف عنك بهما وينيلك خيرا واسعا منهما ، فأخذهما الرجل ودخل السوق لا يدري ما يصنع بهما يتفكر في ثقل دينه وسوء حال عياله ويوسوس إليه الشيطان أين موقع هاتين من حاجتك ، فمر بسماك قد بارت عليه سمكة قد أراحت ، فقال له : سمكتك هذه بائرة عليك وإحدى قرصتي هاتين بائرة علي فهل لك أن تعطيني سمكتك البائرة وتأخذ قرصتي هذه البائرة ؟ فقال : نعم ، فأعطاه السمكة وأخذ القرصة ، ثم مر برجل معه ملح قليل مزهود فيه فقال : هل لك أن تعطيني ملحك هذا المزهود فيه بقرصتي هذه المزهود فيها ؟ قال : نعم ففعل فجاء الرجل بالسمكة والملح فقال : أصلح هذه بهذا ، فلما شق بطن السمكة وجد فيه لؤلؤتين فاخرتين فحمد الله عليهما فبينما هو في سروره ذلك ، إذ قرع بابه ، فخرج ينظر من بالباب ، فإذا صاحب السمكة وصاحب الملح قد جاءا يقول كل واحد منهما له : يا عبد الله جهدنا أن نأكل نحن أو أحد من عيالنا هذا القرص فلم تعمل فيه أسناننا ، وما نظنك إلا وقد تناهيت في سوء الحال ومرنت على الشقاء ، قد رددنا إليك هذا الخبز وطيبنا لك ما أخذته منا ، فأخذ القرصتين منهما ، فلما استقر بعد انصرافهما عنه ، قرع بابه ، فإذا رسول علي بن الحسين فدخل فقال : إنه يقول لك : إن الله قد أتاك بالفرج فاردد إلينا طعامنا فإنه لا يأكله غيرنا ، وباع الرجل اللؤلؤتين بمال عظيم قضى منه دينه وحسنت بعد ذلك حاله ، فقال : بعض المخالفين : ما أشد هذا التفاوت ، بينا علي ابن الحسين لا يقدر أن يسد منه فاقة إذا أغناه هذا الغناء العظيم ، كيف يكون هذا ؟ وكيف يعجز عن سد الفاقة من يقدر على هذا الغناء العظيم ؟ فقال علي بن الحسين : هكذا قالت قريش للنبي : كيف يمضي إلى بيت المقدس ويشاهد ما فيه من آثار الأنبياء من مكة ويرجع إليها في ليلة واحدة من لا يقدر أن يبلغ من مكة إلى المدينة إلا في اثني عشر يوما ؟ ! وذلك حين هاجر منها .

ثم قال علي بن الحسين : جهلوا والله أمر الله وأمر أوليائه معه ، إن المراتب الرفيعة لا تنال إلا بالتسليم لله جل ثناؤه ، وترك الاقتراح عليه والرضا بما يدبرهم به ، إن أولياء الله صيروا على المحن والمكاره صبرا لم يساوهم فيه غيرهم فجازاهم الله عز وجل بأن أوجب لهم نجح جميع طلباتهم ، لكنهم مع ذلك لا يريدون منه إلا ما يريده لهم .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>